أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عادل سمارة - نعم، لم تبذل البشرية بعد دماً يضمن الحرية















المزيد.....

نعم، لم تبذل البشرية بعد دماً يضمن الحرية


عادل سمارة

الحوار المتمدن-العدد: 435 - 2003 / 3 / 25 - 17:42
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


 

رام الله  المحتلة

مرة أخرى يكرر التاريخ درسه الاساسي بأن حرية الامم تُنزع بدماء الشعوب وتضحياتها وسيبقى الامر هكذا الى ان تنتصر الشعوب على أعداء الانسانية من نيرون الى هولاكو الى هتلر فترومان فبوش وشارون . وحرية الأمم كما الزرع والشجر، لا تغذيها مقاومة قليلة، دماء قليلة، كما لا يكفي الشجر مطر قليل. هناك مستوىً من التضحية لا بد للأمم ان ترقى إليه، وإلا بقيت في الوسط مطية لمن يمتطي،قد تُبدي تمنُّعاً، لكنها تُمتطى في النهاية. لم يأتي راس المال الى اية أمة من الأمم ليستعمرها بالتشاور والنقاش، بل يأتي وهو يقطر دماً ويتعطش للدم.

أما الغزو الاميريكي البريطاني الصهيوني للعراق فله معنى جديد. (نعم الصهيوني، فمن يصدق ان اسرائيل لا تشارك في العدوان ونحن في الارض المحتلة نلاحظ كثافة طيرانها الحربي، ناهيك عن انها تسوق الجيش الامريكي للحرب سوقا بالتحريض للعدوان ضد العراق). انه مشروع لاعادة استعمار العالم عبر بوابة العالم، الوطن العربي. وبهذا المعنى لم يعد لاستقلال اي بلد في العالم من ضمان. ان نضالات العالم باسره عرضة لعودة الاستعمار في إهاب العولمة. فإذا لم تتحد شعوب الارض ضد رأس المال، فإن تضحيات الجزائر وفيتنام وجنوب افريقيا وغيرها، ستصبح بلا قيمة ولا معنى.  وهكذا تأتي جيوش راس المال الامريكي-البريطاني-الصهيوني الى العراق في ولع للدم وفي النهاية للربح . لذا، ما زلنا أمام احد خيارين: فإما مقاومة تليق بالحرية، أو خنوعا يليق بمحبي الحياة لمجرد الحياة، اية حياة!

من الطبيعي ان يتساءل الانسان العادي، ولكن لماذا على البشرية ان تدفع هذا الثمن؟. سؤال انساني حقاً، ولكن ليس هذا تفكير راس المال. ان جزءاً من البشرية، طبقة من الغرب انتجت الرأسمالية والنازية والفاشية والصهيونية واليهو-سيحية، وإن على بقية البشرية ان تدفع ثمنا باهظاً كي تتخلص من هذا الوباء.

الى جانب العدوان هناك رِدّة حكام العالم الثالث على شعوبهم ولا سيما في الوطن العربي. فلم يخرج الاستعمار الراسمالي من أي بلد في العالم بمقاومة الجيوش بل بحرب الشعوب. ان حروب الشعوب هي التي حررت المستعمرات. وبعد التحرير اقامت بلدانها جيوشاً ودولاً. واتضح بعد ذلك ان كثيرا من هذه الجيوش لم تكن هناك حاجة محلية لها، إلا بقدر حاجة الحكام لقمع الشعوب التي حررت نفسها من الاستعمار الغربي الراسمالي. فطالما أعادت حكومات دول كثيرة بعد الاستعمار الالتفاف لتحول جيوشها الى عدو للشعب وحليف للاستعمار كما هو حال الدول القطرية العربية. اذن، فالبشرية، ولا سيما العرب، في مواجهة تحالف رأس المال الغربي والمحلي في كل بلد الى جانب الكيان الصهيوني، تحالف على صعيد عالمي ضدالشعوب بأجمعها، وخاصة الشعب العربي.

تأتي هذه الموجة العالمية المعولة من العدوان بعد ان إنزاح قطار التاريخ عن سكته. كان هذا القطار قد عاد الى سكته بانتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية في روسيا 1917. حققن ثورة اكتوبر قطعاً لمسار تاريخ راس المال أدى الى تحول هائل لصالح شعوب المستعمرات في التخلص من الاستعمار الراسمالي الغربي. كان حصول هذه الثورة وتبلور دولتها العظمى مثابة كابح للتغوُّل الراسمالي المفتوح في الانقضاض على كافة شعوب الارض. كانت خطوة واسعة باتجاه وصول البشرية الى ملكوت الحرية. وبالمقابل، أدت بقرطة الدولة السوفييتيتة، ولاحقا تفككها الى إطلاق العنان ثانية للوحش الراسمالي الغربي كي يعود الى حقبة ما قبل الثورة الاشتراكية، حقبة الاستعمار، ولكن ضمن مناخ العولمة، اي هيمنة دولة واحدة عظمى على العالم. في هذه الحقبة، لم تعد هناك مجموعة من ضواري الامبريالية المتعددة. بل هناك امبراطورية عالمية تستعيد (وحدها ولنفسها) عصر الاستعمار. أما ضواري الامبريالية العتاق، فتقف على الرصيف كوحوش عجائز تنظر الى الوحش الاقوى وهو يتلذذ وحده بالفريسة. صحيح انها تكشرعن انيابها، وتثير اصواتا ملؤها الغضب بل الفزع والقهر، ولكنها لا تقوى على التقدم. هذا حال فرنسا والمانيا وروسيا على الاقل.
 
لا بد من التذكير بأن ليست ثورة اكتوبر وحدها التي كانت أقل من المطلوب، بل في معظم بلدان المحيط وخاصة البلدان العربية، لم تحصل حرب تحرير حقيقية، ولذا لم تتمرس الشعوب العربية في عملية تحرير نفسها إلا بمستوى ضئيل لم يُعلِّمها الشيىء الكثير. لقد سبق الاستعمار الغربي الراسمالي حركة التحرر الوطني العربية فخلق كيانات وسيطة وسطية هي الدولة القطرية التي وقفت بين الشعب وبين عدوه القومي، ولم نكتشف إلا متاخرين ان هذه الانظمة كانت مثابة جيش للعدو ضد الامة العربية. ومع ذلك، وربما لهذا السبب يعود الاستعمار مجددا الى الوطن العربي بدءاً من العراق ليفتح ملف حرب شعبية عارمة، لا مناص من دخولها.

عاد الاستعمار المعولم، وربما من قبيل المفارقة التذكير بأنه يستخدم بعضا من أهم شعارات حركة التحرر العربية، نفس الشعارات التي استخدمتها حركة الثورة العربية. فقد تربينا منذ الخمسينات والستينات على شعار: "الطريق الى القدس يجب ان يمر بالعواصم العربية" . وها هي قوى العدوان الانجلو-ساكسون تستخدم نفس الشعار في وصولها الى فرض تصفية للقضية الفلسطينية حيث ترى الامر ممكناً فقط عبر بغداد ومنها الى القدس. نعم ان القضية واحدة مترابطة بغض النظر فيما اذا استخدم الشعار اهل الوطن أم العدو.

ان استخدام الشعار صحيح من جانبنا وجانب العدو، كل حسب مشروعه. فالوطن واحد ولكنه منقسم الى معسكرين، الحكام العرب، والطبقات الشعبية العربية. عدوان في نفس المكان، وحدة وصراع الاضداد. هذاما يؤكده العدوان الجاري على العراق الآن، ان علينا كعرب قراءة شعارنا هذا جيدا ومن جديد،  فقد اشرنا في اكثر من مقال في هذه النشرة الالكترونية بأن الحرب ضد العراق هي اساساً من الانظمة العربية. فلولا الارض العربية لما وجد العدو مكاناً يقف عليه، ينام فيه، يتزود فيه بالوقود والطعام، ويقيم فيه المستشفيات. لقد امتدت اراضي الامبراطورية الى العربية السعودية والبحرين والكويت والامارات...الخ هذه حقيقة الامر. وهي حرب من الراسماليات التابعة، وإلا، فما معنى ارسال استراليا وهولندا وبولندا واسبانيا بقطعان صغيرة من كلابها لتنهش لحم العراق؟.
لا بل ان الامر ابعد من هذا. لقد افرزت الدولة العربية القطرية في علاقتها بالمراكز الامبريالية ومركز العولمة مؤخراً جيوشا من المثقفين العرب الذين احاطوا هذه الانظمة وانظمة العدو الغربي الراسمالي بالكثير من المديح والترويج. وليس الكتاب والمثقفين العرب الذين ايدوا عدوان 1991 على العراق، وايدوا اتفاق أوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة و 17 ايار في لبنان... ليسوا سوى جزء قليل من جيش المثقفين والاكاديميين وقادة المنظمات غير الحكومية الذين يقبضون من سفارات الغرب الراسمالي ليلا ويختلطون بالمتظاهرين نهاراً. لذا، ليس غريباً ان نجد هؤلاء المثقفين وهذه الانظمة وهم يترنحون طربا على تدمير العراق اليوم. فالانظمة تشارك، والمثقفين، ربما لا يعلنون، وربما يتظاهر بعضهم بالشجب، ولكن دخيلتهم  تتراقص غبطة واغتباطاً.

ان مواقف هؤلاء المثقفين مثابة خيانة قومية، اشبه، ولكنها اكثر انحطاطاً من الخيانة الطبقية التي مارستها الاحزاب الاشتراكية الاوروبية التي ايدت حكومات بلدانها في الحرب العالمية الاولى كحرب استعمارية. ان خيانة مثقفينا وأحزابنا أكثر خطورة لأنها خيانة قومية، بدأت علناً في تاييد عدوان 1991 على العراق.

بعد ضرب العراق، سيعلن هؤلاء المثقفون وتلك الانظمة مواقفهم وارتباطاتهم بوضوح اكثر، (تماماً كما اعلن مثقفون فلسطينيون غربيو الاتجاه اغتباطهم باتفاق أوسلو) معتقدين ان هذه نهاية التاريخ العربي. وهذا يعود بالطبع الى عجزهم عن فهم التاريخ، لأن دروس التاريخ مثل معارك الامم طويلة، ومعركة الامة العربية قد تكون الاطول في التاريخ.

ان معركة الطبقات الشعبية العربية هي مع جيوشها وطبقاتها الحاكمة، قبل ان تكون مع جنود امريكا وبريطانيا. وها نحن نرى ان معركة تدور في العالم باسره ضد راس لمال، وستصبح بلا مواربة ضد شرطة دولها وجنودها. انها معركة كافة الامم ضد رأس المال.

لعل الحكمة المستفادة تاريخياً بعد الخيانة الطبقية والعقائدية التي اودت بثورة اكتوبر الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفييتي ان على البشرية ان تنتج ثورة اكثر جذرية من ثورة اكتوبر، وأن هذه الثورة يجب ان تكون شعبية شاملة على صعيد العالم باسره.   ان كافة الطبقات الشعبية في العالم مطالبة بنهضة أممية ضد رأس المال. كل انسان مطالب بالدفاع عن العراق لأن حرية كل انسان مهددة من قبل راس المال. لم يعد المطلوب تضامناً مع العراق بل قتالاً طبقياً في كل العالم ضد رأس المال.

************

كنعان



#عادل_سمارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دجلة بالاحمر...والعدوان عربي
- حق العودة بين الاممية والعولمة
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (6) الآثارعلى القوى ...
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (5) الاثر الاجتماعي ...
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (4) الاثر الثقافي ل ...
- الإثر السياسي للعدوان على العراق: حتمية -الاصلاح
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (2) الآثار المتعلقة ...
- اثر العدوان على العراق إقتصاديا على الارض المحتلة
- بصراحة: إما اميركي أو عروبي
- من سِرِيَّة المقاومة الى محاورة المخابرات
- شراكة والشريك غائب والموظفون مثقفونا!
- من دولة سايكس- بيكو الى دولة الكانتون والقاعدة
- إسبانيا: دولة تشتغل عند دولة أخرى
- انتخاباتنا: بين العصا والجزرة...ما الذي سيختاره رافضو التسوي ...


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عادل سمارة - نعم، لم تبذل البشرية بعد دماً يضمن الحرية