أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - الراعى وذو القرنين














المزيد.....

الراعى وذو القرنين


محمد عبد المنعم الراوى

الحوار المتمدن-العدد: 6137 - 2019 / 2 / 6 - 16:10
المحور: الادب والفن
    


الراعى و ذو القرنين !

يتبع القطيع الراعى النحيف أينما ذهب إلا ذا القرنين..كثيراً ما يشذ عن القطيع..حيث يحلو له الخروج لينبش بين الصخور عن نبتة..أو يتباطأ ليلعق شيئاً من ذلك الماء البارد..
هكذا يراه صاحبه فحلاً متمرداً..لذا لا يفارق السوط يده..يهش به على القطيع فسرعان ما تطيعه وتتبعه..وينزل به على جسد ذى القرنين ليعود من جديد.
لن ينسى له يوم أن شج ساقه بقرنيه..كان ذلك منذ عام ونصف العام..إلى الآن ما زال الأثر فى الساق..والخطوات لم تعد هى الخطوات..ورغم كل ما أصاب ذا القرنين من عقاب إلا أنه زاد فحولةً وعلا قرناه..وصارت حوافره أكثر صلابة وحدة..كما أنه ما زال يمارس هوايته فى التمرد والخروج عن بقية القطيع..
وكلما كبر ذو القرنين كلما ازداد عطفه على نعاجه وخرافه..وكل القطيع..لم يخطر بباله يوماً أن يؤذى أياً منها..بل كان أحياناً يداعبهم ويمرح معهم..ويشفق كثيراً عليهم من بطش ذلك الراعى الأحمق الذى يضربهم بسبب و دون سبب..رغم طاعتهم العمياء له..وما يصيبهم أحياناً من جوع أو عطش..
اليوم يوم من أيام الشتاء..ورغم الصقيع قرر الراعى الخروج بالقطيع..الشبورة حجبت العين عن الرؤية..فالتصق ذو القرنين بصغار القطيع..اطمأن الراعى حين رآه فى وسطها..السماء بدأت تمطر..الأرض تزداد ضحالةً..الصغار حوافرها ناعمة..لا تقاوم..بدأ بعضها ينزلق..الراعى يضربها ليدفعها دفعاً للنهوض..بينما ذو القرنين ينظر إليه شزراً وهو يغرس حوافره ليعيد رفع بعضها الآخر بقرنيه..ومن ثم يساعدها على النهوض.
لكن نعجة سقطت فى إحدى الحفر..فأسرع ذو القرنين لينقذها..استطاع بالفعل بعد جهد أن يرفعها..فانطلقت لتلحق بالقطيع قبل أن يدرك الراعى غيابها.
أخيراً قرر الراعى أن يعود بالقطيع..ظل يهش ويضرب حتى وصل بها إلى ذلك المكان المعروش..
أخذ يجمع بعض الأخشاب وفروع الشجر..كوّمها..أشعل فيها النار..جلس قريباً منها..مد يديه الباردتين وظل يفركها..شعر بالجوع الشديد..مد بصره نحو القطيع ..قرر أن يذبح إحدى صغارها..
يا للهول أين ذو القرنين؟!
انتفض الرجل..ظل يتفرس القطيع..أسرع خارجاً يلقى النظر هنا وهناك..لكن دون جدوى!
عاد يرتجف..جلس قريباً من النار وهو يشعر بالحسرة على فقده..والندم على عدم ذبحه..
لم يكن الراعى يعلم أن ذا القرنين يقبع الآن فى قاع الحفرة..بعدما جاهد وأنقذ النعجة..ولم يكن يعلم أيضاً أن قدمه السفلى قد انزلقت فى المنحدر فهوى..وأنه يجاهد من أجل الصعود والعودة ليطمئن على باقى القطيع..
أخذ ذو القرنين يحاول ويحاول..وكلما صعد عاد فانزلق..ورغم ذلك لم يستسلم..ظل يضرب بقرنيه فى الصخور والجدران كأنه يريد أن يحفر نفقاً للعبور..انهارت بعض الأحجار الصلبة وسقطت متفتتةً فارتكز عليها بقدميه السفليتين فقفز..أخيراً نجح فى الخروج بعد طول جهد ومثابرة من أجل الصعود.بعدما تكسرت حواف القرون.

فجأة دخل ذو القرنين المكان المعهود..وقد بدت عليه علامات التعب..وقف يتأمل النعاج وباقى القطيع..وعندما رأوه ظلوا يمأمأون معاً كأنهم يحيونه على شجاعته أو يتبادلون التهانى فيما بينهم..لفت صوتهم نظر الراعى..فقفز فرحاً بعودته من جديد..ودون أن يفكر فيما آل إليه الكبش سرعان ما قبض على السكين..فأصابه فى قدمه ليشل حركته..لم يبال ذو القرنين بما يفعله الراعى..حيث ما زال قلبه وعيناه معلقين بالقطيع..توالت الضربات وذو القرنين ما زال واقفاً يتأمل القطيع..أخيراً خارت قواه..فسقط الراعى على رأسه وقبض على قرنيه المكسورتين..رفعهما..ظل يذهب ويجئ على رقبته بالسكين.
حتى صارت الأرض بركةً من دماء.. وساد الصمت كل القطيع..
شعر الراعى بنشوة النصر وظل يسلخ الفرو..ويفصل الرأس ويُخرج الأحشاء ويمزقه..
أمسك الرأس من القرنين..وعلقها..أدخل سيخاً من حديد فى جسد ذى القرنين..ورفعه على الوتد..وظل يلقى بالمزيد من الحطب..وكلما توهجت النيران أدار الجسد..
كانت عين ذى القرنين فى رأسه المعلقة ما زالت تدمع..ليست على ذلك الجسد..لكن على تلك الخراف وذلك المصير المنتظر!

تمت
محمد عبد المنعم الراوى
01140977997



#محمد_عبد_المنعم_الراوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : الخاتم والبطات الثلاث
- قصة قصيرة : بائع العرقسوس
- رحيل
- قصة قصيرة : المنزل المجاور
- قصة قصيرة : تعارف
- قصة قصيرة : مرزانة
- قصة قصيرة : -الغربة مرّة-
- قصة قصيرة : -العصفور الرمادى-
- أوعى تنكزنى جوزى جاى ورايا
- كوب شاى
- محاكمة المعلم ساطور
- قصة قصيرة: -بلوتوث-
- قصة قصيرة: -كلاكيت آخر مرّة-
- طاقية فى العِب
- رهين المحبسين
- -تحيا الوِحدة العربيّة-
- قصة فصيرة
- قصة قصيرة: كل حاجة قديمة للبيع


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - الراعى وذو القرنين