أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - قصة قصيرة: -كلاكيت آخر مرّة-














المزيد.....

قصة قصيرة: -كلاكيت آخر مرّة-


محمد عبد المنعم الراوى

الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 17:55
المحور: الادب والفن
    



ليلة طويلة لا أعرف متى ستنتهى!. إنها أول مرة أقضى فيها ليلة كهذه بمفردى!. الكل سافر، زوجتى وأبنائى. لا أعرف كيف وافقت على سفرهم؟! لا أتذكر بالضبط الساعة التى سافروا فيها!، لم يخبرنى أحدهم أين سيذهبون!. هذا أمر لم يحدث لى من قبل!. آه. صداع شديد يعصر رأسى، أشعر أنى أنا الذى سافرت وليس هم!.
حاولت الاتصال بصديق، أعطانى مشغول؟!. فتحت النافذة، كل النوافذ مغلقة !. فكّرت فى أن أنزل من البيت لأجلس على مقهى. عقارب الساعة كانت كمن يخرج لسانها لى، الوقت لا يسمح. حاولت أن أستعين بكل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة لعلها تعوضنى شيئاً عن شعورى بالوحدة، لكن دون جدوى حيث لا جديد تحت الشمس، أقصد القمر. أغلقتها جميعاً.

جلست أمام شاشة الكمبيوتر. لأتواصل مع أحد من البشر الذين يواصلون الليل بالنهار. يا للحظ! انفصل التيار الكهربىّ! ما كل هذا؟! صمت.. سكون.. وحدة.. ظلام.. ملل.. ضيق.. اكتئاب.

لا يزال خيطٌ من شعاع يأتينى، لا أعرف من أين؟! من الداخل! من الخارج! لا يهم، إنها فرصة لأمارس هوايتى فى الكتابة. فالهدوء بالفعل مغرٍ، وذلك الصمت لا يُعوض. الأفكار تتكالب على عقلى، والخواطر تنساب على نفسى. سرعان ما جمعت كل الأوراق الفارغة البيضاء. قبضت على القلم، وما إن شرعت لأخطّ به حتى وجدته فارغاً كليلتى، لتظل الصفحات البيضاء ناصعة، تذكرنى بيوم ولادتى، كأنّها تخشى مما كنت سأخطه على سطورها المستقيمة. لكنّى كنت سأشكو لها شعورى بالفقد، وقسوة تلك الليلة الغريبة على نفسى. كنت سأسجل كل ما عجزت أن أعبر عنه صراحةً من قبل.

إنى أحبكم جميعاً يا أبنائى. ما ارتكبت فى حقكم غير خطيئة، ارتكبها أبى فى حقى من قبل، لا أقدر على أن أغفرها له، فهل يستطيع أحدكم أن يملك صك الغفران لى وله حين يجلس منفرداً تحوطه ليلة كليلتى تلك، أتمنى ذلك، رغم أنى لا أثق فى أحدٍ منكم! الخطيئة مغرية. لا تستثىنى، ولا ترحم! إنى عشقتك زوجتى رغم الخطيئة!، وسأظل أعشقك لكن دون أن أكرر الخطيئة، فليلتى لم تعد تسمح لى، لقد أيقنت أنك الحقيقة، وأنّ وجودك سر وجودى. و... آه. أشعر بالصداع ولا أجد رأسى!


لم أعد أملك الآن غير بقايا من عقل يجول بى بلا هوادة، يحملنى كبساط الريح عبر كل الأماكن المظلمة وغير المظلمة. عبر كل الأزمان القريبة وغير القريبة. يطلعنى على كل الأفعال الماضية المبنيّة للمعلوم والمجهول لدىّ، وكل الأسماء المعرفة والنكرة فى قاموس حياتى، وكل حروف العطف والتوكيد والنفى والنهى فى علاقاتى. لقد رفعنى بساط الريح ونصبنى وجرّنى دون إرادتى!

أخيراً استقرَّ بى فى قاعة عرض لأشاهد فيلماً سينمائيّاً بعنوان "كلاكيت آخر مرّة". أُطفأت كل الأنوار. رُفِع الستار. بدأ الفيلم. لم ألحظ متى بدأ، ولا أعرف متى سينتهى!. لكن كيف أكون أنا بطل العمل ومخرجه ومنتجه والمُشاهد الوحيد له!. الفيلم ملوّن بألوان لا أعرفها، تتخلّله مشاهد كثيرة بالأبيض والأسود. فيه الكوميديا والتراجيديا. الواقع والخيال. بدون رقابة ولا مونتاج، صورة واضحة لا تكذب ولا تتجمّل. خطفنى الفيلم كأنّى لم أشاهد أفلاماً من قبل ولن أشاهد، لأنى لم أعد أشعر بالمكان ولا الزمان!

أسمع الآن خطوات ودقات، إنّها زوجتى وأبنائى، نعم هُم!. أسمعهم يصرخون وينادون علىّ. أنا لا أملك الخروج إليهم! لماذا لا يدخلون؟!. لا ليتهم لا يدخلون!. الفيلم طويل وأظنه لن ينتهى إلاّ مع انتهاء تلك الليلة.. إذا انتهت!



#محمد_عبد_المنعم_الراوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاقية فى العِب
- رهين المحبسين
- -تحيا الوِحدة العربيّة-
- قصة فصيرة
- قصة قصيرة: كل حاجة قديمة للبيع


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - قصة قصيرة: -كلاكيت آخر مرّة-