أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - تعلَّم الحريَّة في سبعة أيام














المزيد.....

تعلَّم الحريَّة في سبعة أيام


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 11:33
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لفت نظري في كتاب الباحث العراقي حكمت بشير الأسود الصادر في دمشق تحت عنوان "الرقم سبعة في حضارة بلاد الرافدين" الأعياد التي يُحتفى بها حيث تضمَّنت عيداً طقسياً غريباً يُعرف بعيد "اطلاق الحريَّة لمدة سبعة أيام" يُشارك فيه جميع السكان. سبعة أيام تتوارى أثناءها الطاعة العمياء وتختفي من شوراع وأزقة المدن. وتنطلق الحريَّة لتجوب الآفاق في بلاد ما بين النهرين وتُحرّرالناس من السلطة الطَّاغية حيث يصبح الخدم سادة ويسير الخادم و السيد جنباً إلى جنب في طرقات المدينة, وينام الغني والفقير الواحد جوار الآخر, حيث تعمّ العدالة أركان المدينة, وينهزم الأشرار خارج أسوارها المنيعة, ولا يُظلم اليتيم ولا الأرملة.
يتميز هذا العيد بالغياب الكلي للسلطة حيث ينعم السكان بالحرية المطلقة, فنقرأ في نص سومري من عهد دولة "لكش" أن الحاكم السومري الأمير"جوديا" وبعد الانتهاء من تشيد أحد المعابد جاء وقت الاحتفال: " أعطى أوامره فتبعته المدينة كما يتبع الطفل أمه, ففي هذه الأيام السبعة تُطهَّر المدينة من الرجس حيث بُني المعبد على أرض طاهرة , لا يُضرب أحد بالسوط ,لا يُجلد أحد ,لا يعزف المُغني أغنية حزينة ,لا تُدفن أي جثة في مقبرة المدينة , تصمت النائحات, لا يذهب أحد إلى محكمة لكش, لا يدخل الدائن بيت المدين, لا تُطحن الحبوب سبعة أيام, الأمَة غدت تساوي سيدتها,العبد يمشي جنب سيده ولا يُظلم أحد في مدينتي".
إن عيد الحريَّة هذا نجد له مثيلاً مشابهاً في الدولة البابلية حيث كان يُحتفل به في مدينة بابل سنوياً مع قدوم الربيع ويمثل مناسبة فرح عام كان يتم خلاله تغيير الأدوار ما بين السادة والعبيد إذ يُصدر الخدم الأوامر إلى السادة وعلى السادة الطاعة. وتمعن العامة في تغيير الأدوار حتى تصل إلى الملك الحاكم فتجرده من سلطته وتٌعطيها لأشهر مجنون في المدينة حيث يرتدي ملابس ملكية يحف به صبيان الأزقة والشوارع في مشهد ينم عن سخرية لا يستطيع تحمل مذاقها اللاذع الملوك والرؤساء في عصرنا الحديث.
وقد شاعت مثل هذه الأعياد في العالم الروماني القديم حيث سُمي أحد هذه الأعياد بعيد "الحريَّة والإخاء والمساواة" في ظله تضع الحروب أوزارها وتقفل الحوانيت والمدارس وتُطلق حريَّة القول والنقد. وكان من أهم مظاهر العيد اختفاء الفروقات الاجتماعية, فكان الناس في ذلك الأسبوع على صعيد واحد سواسية كأسنان المشط . وكان العبيد والأرقاء طيلة الأسبوع أسياداً وشرفاء. وكان سيد البيت وسيدته يلبسان ثياب الخدم ويقدمان الطعام والشراب للعبيد الجالسين على الأرائك وأمامهم الموائد العامرة الفاخرة.
إن هذه الوقائع إذ تُشير في جانب منها إلى قدرة حُكَّام الممالك والامبراطوريات القديمة على ايجاد و"تقبُّل" وسائل مبتكرة لاستكمال فرض سيطرتهم ونفوذهم ونمط توزيع الثروة داخل الهرم الاجتماعي في ممالكهم لبقية أسابيع السنة كلها، فإنها تدل في العمق من جانب آخر على أن فكرة الحريَّة والعدالة الاجتماعية والمساواة متجذرة في تراث شعوب الشرق القديم، وإلا لما اضطر هؤلاء لمحاباتهم ولو لبضعة أيام أو لأسبوع واحد من أسابيع السنة الاثنين والخمسين.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية الخروف السوري والدولار الأمريكي
- لا تنشر بيدك غصن الشجرة الذي تجلس عليه
- الحُكّام يأكلون الحصرم
- ثلاثية الكلاب
- علي الشوك وداعاً ... هل كتبتَ روايتكَ الأخيرة؟
- الفلسفة في جذورها اللغوية
- أُفّ من الحُكّام
- أنا لا آكل أحداً
- المعرّي فيلسوفاً
- قضيَّة المرأة الساكتة
- من هي السيدة ديمقراطية؟
- شيوعيون في المساجد
- أنا أحبُّ سقراط
- حاشية من تاريخ مصر الحديث
- أفسحوا الطريق
- إذا قطعتم أصابع كفي سأرسم بأصابع قدمي
- سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - تعلَّم الحريَّة في سبعة أيام