أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرزاق دحنون - أنا أحبُّ سقراط














المزيد.....

أنا أحبُّ سقراط


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6093 - 2018 / 12 / 24 - 12:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بين التماثيل النصفية التي وصلتنا من عهد أثينا القديمة تمثال شهير، لرأس ضخم، في وجهه جهامة، صفحة الوجه كبيرة مستديرة كأنها الشمس، عينان عميقتان تنظران بفراسة إلى الأفق البعيد، أنف كبير عريض، شفتان غليظتان. من يتمعَّن في رأس الرجل يحسبه عتالاً يعمل في ساحة بازار المدينة، أو حجّاراً في مقلع حجر. وحين تمعن النظر وتتفحصه بدقة أكبر، ترى في التمثال دماثة ولطافة إنسانية قلَّ نظيرها، هذه السمات الشخصية الفريدة هي مكونات رأس أعظم فيلسوف عرفته البشرية، إنه سقراط ابن حجَّار في مقلع حجر. وعن أبيه ورث تلك الرأس الفذة.
ولد سقراط في أثينا سنة 470 قبل الميلاد. وإذا صدَّقنا ما يرويه أفلاطون فإن طريق سقراط قد حُدِّد من قبل آلهة دلفي. فقد ذهب صديق سقراط المدعو قيريفون إلى العرافة بيتي في معبدها يسألها عمَّا إذا كان هناك رجل أحكم من سقراط فأجابته: إنه ما من إنسان أحكم منه. وفسَّر سقراط الجواب التفسير التالي: يعتقد الناس أنهم يعرفون كل شيء، في حين أنهم لا يعرفون شيئاً، فأنا لا أعرف سوى شيء واحد هو أنني لا أعرف شيئاً.
من الصعب أن نعرف كيف عاش سقراط ، الذي يمكننا تسميته بحق أحكم وأعدل وأفضل جميع الرجال الذين قد نتعرف عليهم في حياتنا. فهو لم يعمل في حياته قط، ولم يهتم بالغد، وكان كسولاً في نظر زوجته، لا يصلح لشيء، ولكنها أحبَّت الحديث معه، ولم تقو على رؤيته يموت عندما تجرع كأس السم، مع أنه تجاوز السبعين من عمره. الظاهر أن سقراط في سعيه نحو العدالة اتجه إلى سبر غور الروح الإنسانية، فكان يسأل بهدوء ما هي العدالة في نظركم؟ وماذا تعنون بهذه الكلمة المجردة التي تحلون بها، بمثل هذه السهولة، مشاكل الحياة والموت؟ وماذا تعنون بكلمة الشرف والفضيلة والأخلاق الوطنية؟
لقد عانى البعض من طريقة سقراط في السؤال والبحث التي تحتاج إلى تعريف وتحديد محكم صحيح وتفكير جليّ وتحليل واضح. وقد اعترض هذا البعض على طريقته هذه وقالوا إنه يسال أكثر مما يُجيب ويترك عقول الرجال أكثر اضطراباً مما كانت عليه قبل المحاورة والنقاش أو الحديث ومع ذلك فقد قدم إلى الفلسفة جوابين ثابتين لسؤالين تناولا مشكلتين من أكثر مشاكلنا المعاصرة تعقيداً:
ما هو معنى القيم والأخلاق والفضيلة الإنسانية؟ وما هو أفضل شكل للسلطة التي تحكم الناس؟ إن سقراط يجد طريقة سهلة لتدمير التعاريف الشائعة في الحياة ويسأل ماذا تقصدون بكلمة العدالة؟ ولأنه يعلم أن لا شيء أشد في فحص الصفاء العقلي من محاولة تعريف الأشياء وتحديد المقصود منها، كان يمعن في طرح الأسئلة. وكثيراً ما كان أحد الحاضرين الأقل صبراً ينفجر صارخاً:
ما هذه السخافة يا سقراط؟ وما بالكم أيها الشباب تسقطون جميعاً أمامه في الامتحان الواحد تلو الآخر بهذه الطريقة الماكرة؟ لأني أقول إنك إذا كنت تريد أن تعرف ما هي العدالة يجب عليك أن تًجيب لا أن تسأل ولا تفخر، لأنك تدحض ما يقوله الآخرون لأن الكثير من الناس يقدرون على السؤال ولكنهم لا يقوون على الجواب.
ولكن سقراط يسأل من جديد: أليس من السخف أن يقوم على حكم الشعب الخطباء الذين يضيعون وقتهم في خطبهم الطويلة كالأوعية النحاسية التي إذا دقت وقرعت تستمر في الدق والقرع إلى أن تضع يدك عليها وتوقف دقها؟ لا جدال في أن إدارة الدولة مسألة تحتاج إلى أفكار أعظم العقول وأحسنها إذ كيف يمكن إنقاذ مجتمع أو جعله قوياً إلا إذا تولى أمر هذا المجتمع أحكم رجاله وأعقلهم؟



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاشية من تاريخ مصر الحديث
- أفسحوا الطريق
- إذا قطعتم أصابع كفي سأرسم بأصابع قدمي
- سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين
- عن ذلك الحصير في القصر الجمهوري
- كيف أصبحتُ شيوعياً


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرزاق دحنون - أنا أحبُّ سقراط