أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - كيف أصبحتُ شيوعياً














المزيد.....

كيف أصبحتُ شيوعياً


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6045 - 2018 / 11 / 5 - 09:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عنوان كتاب الباحث والمفكر والمُترجم والأديب السوري "الشيوعي المزمن" عبدالمُعين الملوحي صادر عن دار المدى للثقافة والفنون. وحين سعيت إليه في حفل توقيع هذا الكتاب عام 2003 كان الرجل قد بلغ السادسة والثمانين من عمره, متوقِّد الذهن, قوي الذاكرة, حاضر البديهة, راسخ الإيمان بالمثل الشيوعية, جريئاً في القول, لا يخاف في الحق لومة لائم. لذلك كله أثار عنوان الكتاب حينذاك ضجَّة لا بأس بها, فقد تناولته العديد من الصحف والمجلات العربية حتى أن مجلة "النور" الشهرية الإسلامية اللبنانية كتبت موضوعاً مطولاً عمَّا جاء في الكتاب.
عبدالمُعين الملوحي من المجاهدين "الأبدال" الذين يُصلحون الأرض بصلاحهم كما كان يسميهم المفكر العراقي الراحل هادي العلوي الذي كان رفيقاً وصديقاً ومُريداً. كان الملوحي يعمل كل يوم عشر ساعات ، لأنه ببساطة يعتقد أنّه لا قيمة للحياة بدون عمل. وكنتُ أبتسم دائماً عندما أنهي قراءة أحدى مقالاته المنشورة في مجلة "الحرية" التي تٌصدرها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ويختمها بتوقيعه المشهورة "شيوعي مزمن". إن وجود هؤلاء الأبدال في الأرض هو بحد ذاته توبيخ من الله لأهل السلطة والمال.
في هذا السياق يخبرنا شيخنا الجليل عبدالقادر الكيلاني المتوفي في بغداد عام 561 من الهجرة أن وظيفة الحكيم هي خدمة الخلق المتعبين, و إيجاد الراحة لهم, وهذا يكون بتوفير الطعام للجياع وأهل السبيل, ليخرجوا من ذل الحاجة. وكان يقول فيما ورد عنه في كتاب قلائد الجواهر: فتشت الأعمال كلها فلم أجد أفضل من إطعام الجياع. أود لو كانت الدنيا في يدي لأطعمها للجياع. وهذا يعني جعل ثروات الأرض مشاعاً للجياع.
أوجعت مشاهد الفقر والجوع على امتداد كوكب الأرض قلب عبدالمُعين الملوحي فكرّس قلمه لنصرة الخَلق أي من أجل الجنس البشري من حيث جوهره الإنساني بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين. وقد أسس مشروعه في مجمل كتبه -التي زادت عن المئة- على وحدتين متعارضتين؛ تتصارعان فيما بينهما حول الإنسان, الأولى تريد أن تشبعه وتكرمه, والثانية تريد أن تُجوِّعه وتذله, والفئة الثانية تتحمل مسؤولية المأساة الإنسانية المتمثلة في الفقر والجوع, لأن تراكم الثروة الاجتماعية لدى فئة الحُكَّام, وفئة الأغنياء, يؤدي بالضرورة إلى حرمان الأكثرية وترف الأقلية, وحرمان الأكثرية يؤدي إلى إفقارها وإذلالها. فالفقر والجوع يمنع الإنسان من حقه الطبيعي في الحياة. والذل يمسخ جوهره البشري. كما أن ترف الأقلية يؤدي إلى فساد المترف, وإفساد غيره. ولذلك تكون السلطة والمال مصدرين أساسيين للطغيان والاستبداد.
عندما تزور منزله في حي الشعلان بمدينة دمشق ستجد على حائط في مكتبه لوحة مؤطرة ببرواز جميل:
"لا أريد لبيتي أن يكون مسوراً من جميع الجهات ولا أريد ان تكون نوافذي مغلقة. أريد أن تهب على بيتي ثقافات كل الأمم بكل ما أمكن من حرية، ولكنني أنكر على أي منها أن تقتلعني من أقدامي . إنَّ مذهبي ليس ديناً مغلقاً، ففيه مجال لأقل مخلوقات الله شأناً، ولكنه يستعصي على الكبرياء العاتية، كبرياء العرق أو الدين أو اللون"
هذه الكلمات للهندي الأشهر المهاتما غاندي ومنها تقدر على القول بأن الملوحي كان يعتبر الشيوعية نمطاً من أنماط الحياة الحرة الكريمة الخالية من كل مظاهر العجرفة والتسلط والاستبداد, لذلك انطلق في بحثه عن المُثل العُليا حراً يتتبع مراحل حياته في طفولته التي عاش فيها ظلم الاقطاعيين وعدائهم، وفي شبابه الذي لمس فيه بؤس الشعوب عامة، والعمال خاصة، في بلده وفي الاقطار التي زارها خارج وطنه.
وهو بدأ حياته أمميا مذ كان طفلا يرضع، فبعد أن انقطع حليب أمه راحت نساء كثيرات ترضعنه منهم أمهات أرمنيات جئن إلى مدينة حمص على نهر العاصي وسط سورية بعد المجازر التركية ضد الأرمن في العقد الثاني من القرن العشرين، ونساء غجريات قادمات من كل مكان، وامرأة مسيحية من مدينة مشتى الحلو في جبال محافظة طرطوس, وهكذا اختلطت في جسده ألبان ودماء نساء كثيرات فإذا هو أممي النشأة من طفولته.
كتاب كيف أصبحتُ شيوعياً يمكننا القول بأنه سيرة ذاتية صاغها عبدالمُعين الملوحي في قالب حكايات وجدانية اعتمد فيها مقولة من كل بستان زهرة وكانت أزهاره كلها حمراء كالراية التي استظل بها حتى وفاته. تاريخ الحكايات والشخصيات والأمكنة والأحداث هي واقعية تماما غير متخيلة فهي وقائع جرت حوادثها في حياة المؤلف الذي تتبدى نزعته الإنسانية الصادقة في كل سطور الكتاب. حيث نظر إلى الإنسان من خلال سلوكه وأعماله ومواقفه لا من خلال ديانته أو لغته أو لونه أو منبته الطبقي.
وما جاء في هوامش الكتاب خاصة نثر فيها المؤلف مقولات فلسفية حيَّة عميقة المعنى تُمجد الحياة الكريمة وتُناصر قضايا الشعوب العادلة وتنتقد القهر والحرمان والظلم أينما كان و تدعو إلى الحب والخير والعدل والجمال وغيرها من القيم النبيلة التي تغلغلت في وجدان الكاتب "كشيوعي مزمن" يؤمن بمدينته الفاضلة على طريقته الخاصة الراسخة التي لم تستطع النيل منها الخيبات والانكسارات والهزائم.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة الأكثر شهرة في العالم
- هل يجلبُ الطَّاغية شوكولاتة إلى أولاده؟
- حَكَمَ فَعَدَلَ
- طائر سوريَّة السَّكران
- هُناك مكان لمن يُصلي
- غسَّان كنفاني ماركسياً
- كلمة حق عند سلطان جائر
- خطابٌ مفتوح إلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة
- قناديل ماركس
- قضية الجورنالجي الشيخ علي يوسف يوم 25 تموز 1904
- كنز الأموال بين الانجيل و القرآن
- رحم الله إيفان شيرفاكوف
- كيف تعرف أن السمك سعيد؟
- الدين النصيحة
- حجارة رجم الزانية سوداء
- مروان بن محمد يمنع لعب الشطرنج في دولته
- خطابٌ إلى الأمةِ الأمريكية
- هامش على سيرة الروائي العراقي علي الشوك
- نصُّ وقصيدة للمفكر العراقي هادي العلوي
- عشرون عاماً على رحيل المفكر العراقي هادي العلوي ...سلامٌ علي ...


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - كيف أصبحتُ شيوعياً