|
المغالطة الذاتية النموذجية _ مغالطة باسكال
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6104 - 2019 / 1 / 4 - 07:21
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
عاطفة الحب ومغالطة باسكال
الإرادة الحرة ظاهرة إنسانية ، وحقيقة يعترف بها الجميع ، لكن بشكل غير مباشر . مختلف قوانين العقوبات في عالمنا الحالي ، الدينية أو المدنية أو العائلية وغيرها بلا استثناء ، تفترض _ بشكل مضمر _ حرية الإرادة والقرار عند الفرد الإنساني أو ستكون العقوبات وبدون استثناء ، نوعا من الجور والتعسف اللاعقلاني يمارسه المجتمع عبر سلطاته المتعددة على فرد ضعيف بسبب سوء حظه فقط ، ... وذلك شكل من الجنون المحض ، والمشترك ! من يوافق على معاقبة حيوان بالحبس أو النفي !؟ ( أليس هذا بالضبط ما فعله الأسلاف ، ونوافق عليه جميعا اليوم ، وسيتكرر غدا ....حين نعتبر العدو والمختلف أدنى من الحيوان ، ونوافق على أشد العقوبات بحقه ونصر على تنفيذها _ فكرة من خارج الموضوع _ لكنها تتصل بقضية حرية الإرادة و" الطبيعة الإنسانية " وبما سيلي أكثر ) . غالبية أنصار الديكتاتوريات الدينية أو السياسية وغيرها ، يتحرجون من التصريح بذلك . وحدهم المرضى النفسيون بشكل صريح ومتطرف ، يتلذذون بتعذيب حيوان أو انسان آخر وضعه حظه العاثر بين أيديهم تحت تسميات مختلفة ...( عدو ، كافر ، خائن ، مجرم ، شاذ ...وغيرها كثير ) . تكمن المغالطة بافتراض ما يتم نكرانه سابقا ، أو عبر التناقض الشهير بين القول والفعل . الخلاصة ...حرية الإرادة عند الانسان بديهية في المستوى الأول ، الاجتماعي والمشترك . ومن المغالطة أن تتحول إلى نوع من الجدل المنطقي والمنفصل عن الحياة الشخصية ، أو ثرثرة جوفاء في جلسات النميمة والسأم.... الغموض والخلط واللبس حول القضية ، مصدره الافتراض القديم ( الموروث ) أن الإرادة شعورية وأحادية الاتجاه والبنية ، مع الرغبة والعاطفة وغيرها . وكان ذلك المنطق الأحادي خلف الكثير من معاناة الانسان القديم ، ...وتستمر آلية المغالطة عبرنا كما كانت قبل ولادتنا . نقطة هامة أيضا في قضية الجريمة والعقاب أو التسامح والمكافأة ، المسؤولية لا تتعارض مع مبدأ التسامح ، بل أعتقد العكس ... موقف التسامح يفترض تحمل المسؤولية الشخصية وتحميل الآخر ( الشريك أو الخصم ) مسؤولية سلوكه بشكل متبادل ، ومتوازن . بعبارة ثانية ، مكافأة المخطئ أو المعتدي ، سلوك خطأ وهو أسوأ من الخطأ الأصلي غالبا ...وهذا موضوع يستحق مناقشة مفصلة أكثر ( المعاقبة بدون اذلال ومع احترام شخصية الذي ارتكب الخطأ _ الجرم السياسي أو الاجتماعي أو الديني ..._ لا تتعارض مع موقف التسامح . كما أن روح قانون العقوبات هدفها إصلاح وتغيير السلوك المنحرف والشاذ ، لا تحقير الشخص والكرامة الإنسانية التي يمثلها كل فرد ، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر سوى كونه إنسانا ) ؟ .... المغالطة خطأ ينطوي على الاحتمالين معا ، الاحتمال الأول أن الخطأ مقصودا ، لتتحول المغالطة حينها إلى ديماغوجيا وخداع بهذه الحالة ، أو العكس ، الخطأ غير مقصود وتتحول إلى غفلة وجهل ، وتتكرر الحلقة المفرغة ، اثنان أحلاهما مر ... لكن يجب توضيح آخر حول كلمة مغالطة ، أتعامل معها _ عبر هذا النص _ على اعتبارها فكرة ( خبرة ) قديمة ، وتبريرها من ضمن السياق الذي حدثت فيه . استخدامي لكلمة مغالطة ، منفصل عن أحكام القيمة المعرفية أو الأخلاقية بعبارة ثانية . .... النية المسبقة عنصر أساسي في مغالطة باسكال ، فهي على المستوى المنطقي _ الصريح والمباشر _ تشجع بالفعل على سوء النية والرغبة المبيتة بالخداع ، حتى على الله . ونعرف في علم النفس الكلاسيكي أيضا ، أن المصداقية عامل أساسي في الصحة العقلية . نية الخداع تكفي لتدمير توازن الشخصية بالفعل ، وهذه خبرة مشتركة يدركها الطفل _ة متوسط درجة الذكاء والحساسية بعد العاشرة . راحة البال مقابل حالة انشغال البال المزمن ، الفارق النوعي بينهما تختصره كلمة مصداقية ، أو راحة الضمير ، وكل مغالطة تدفع إلى النقيض . .... العاطفة ثنائية بطبيعتها ، وتنطوي على نقيضها بشكل حقيقي ودائم . هذه الفكرة _ الخبرة _ والتي كانت معروفة في الفلسفة الكلاسيكية وفي الآداب وخصوصا الشعر منذ العصور القديمة ، تحولت إلى حقيقة اجتماعية خلال القرن العشرين بفضل التحليل النفسي وفرويد على وجه الخصوص . وذلك يزيد من أهمية النية ( الصادقة أو السيئة ) ولا يقلل من دورها . النية والاتجاه النفسي للشخصية لا ينفصلان . النية تتعلق بالقرار والوعي والإرادة ...، بينما الاتجاه الشخصي يرتبط أكثر بالعادة والتكرار حيث التوازن أو التناقض بين الساعتين البيولوجية والموضوعية عبر كل موقف وسلوك . .... المغالطة الذاتية ، عدو ثابت للحب ولحرية الإرادة ....وغيرها . مصادر المغالطة الذاتية متعددة للأسف ، وأعتقد أن حصرها وتحديدها يقارب الاستحالة ، منها الاجتماعي والثقافي أو الديني أو السياسي ، والنتيجة واحدة ...تزييف الواقع . وأتوقف مع حالتين ، أعتقد أنهما نموذجيتان ، الأولى التوتر بين الآباء والأبناء ( الموضوعي ) ، والثانية مثال تطبيقي على حل قضية جدلية ، الرشوة والهدية ... أبدأ من الثانية ، كيف يمكن التمييز بين الرشوة والهدية ؟ لحل معضلة من هذا النوع ، احتاجت البشرية إلى قرون عديدة من الصراع والجدال والتطور والتعاون ، وصارت في أيامنا قضية سهلة وحلها بمتناول طفل _ة في العاشرة . حدث ذلك بفضل الحل التطوري _ الدينامي والمتكامل ، خلال عشرات القرون ... 1 _ في البداية كانت جدليات من نوع ، أحجية الدجاجة والبيضة وغيرها تستعصي على العقل قبل العلمي وتنسب إلى الغيب أو تترك على عهدة المستقبل . الرشوة والهدية أو الغاية والوسيلة ليست منفصلة عن الحياة اليومية ، ليتم تجاوزها بسهولة أو اعتبارها مادة للتسلية من نوع الألعاب الذهنية ... بالنسبة للعلاقة بين الوسيلة والغاية ما تزال نوعا من الترف الفكري ، الفلسفي المشبوه وغير المرغوب اجتماعيا واعلاميا للأسف ، مع أن إمكانية التمييز بينهما تتزايد سهولتها مع تطور التعاملات المالية وميلها إلى البساطة والوضوح يتزايد باضطراد مع سرعة التقدم العلمي والتكنولوجي . مثلا بواسطة السعر أو الثمن ، يمكن بسهولة تمييز نوع التعامل مع قضية معينة : كأداة أو كغاية بالنسبة للأفراد في الحياة اليومية . وعلى المستوى الاجتماعي والسياسي صار بمقدور الأغلبية _ حتى في المجتمعات العربية والإسلامية _ تمييز الاستخدام السياسي للدين أو للوطن ...مع القليل من الانتباه : أولاد الدعاة الدينيين أو السياسيين وحياتهم الشخصية أكثر ، تتناقض مع دعواتهم للموت في سبيل نصرة القدس أو الإسلام ....وغيرها . وأما التمييز بين الرشوة والهدية ، فقد صار متاحا بفضل تقسيم الأجور المتسلسل... وخصوصا ربط أجور الخدمات المتنوعة بالسرعة والزمن ، بالتزامن ، التسارع بتسهيل التعاملات المالية والمصرفية المتنوعة . بعبارة مختصرة ، بحركة متسارعة وتشمل العالم كله ، يجري توحيد القيم بدلالة المال بالتزامن مع تحول الاقتصاد العالمي المتسارع إلى اقتصاد المعرفة ... ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب هو المشكلة وحلها بالتزامن
-
معجزة الحب 2
-
الحب مغالطة أيضا
-
معجزة الحب
-
الصدفة والنسخة الأخيرة
-
المصدر الواقعي والموضوعي للصدفة
-
طبيعة الزمن _ الشيئ أو الموضوع الذي تقيسه الساعة
-
عندما بكى نيتشه للمرة الثالثة
-
احترام داروين ( مع تحية ل ايمان مرسال )
-
احترام داروين _ احترام العقل أيضا
-
عندما بكى نيتشه تتمة
-
عندما بكى نيتشه
-
من هو برنار ليفي
-
نقد الأعداء مديح ، والعكس صحيح أيضا
-
علاقة السبب والصدفة _ خلاصة
-
فن التفكير...2
-
فن التفكير
-
الفكر العلمي الجديد _ المتجدد 2
-
الفكر العلمي الجديد 1
-
للأنثى مثل حظ الذكرين ...
المزيد.....
-
كاميرا ترصد لحظة سقوط حطام صاروخ مشتعل في قطر
-
هل كانت ضربة أمريكا على فوردو بإيران ضرورة أمنية أم مقامرة س
...
-
الحرس الثوري يعلن استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والد
...
-
رئيسة البرلمان الأوروبي عالقة في الشرق الأوسط بعد إغلاق الإم
...
-
ترامب عن الرد الإيراني: -هجوم ضعيف-.. وحان الآن وقت السلام!
...
-
من الإمارات إلى الأردن .. القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط
...
-
دراسة: الصيام المتناوب يتفوق على الحميات التقليدية
-
الرئيس الفلسطيني يعين وزير خارجية جديدا
-
أوروبا عالقة بين الرفض الضمني والقلق المعلن من التصعيد في إي
...
-
دول خليجية تعيد فتح أجوائها بعد إغلاقها لساعات
المزيد.....
-
نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي
...
/ زهير الخويلدي
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
المزيد.....
|