أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد بطاح - هل يمكن أن نصرخ قائلين: أنقذوا الرواية العربية؟















المزيد.....

هل يمكن أن نصرخ قائلين: أنقذوا الرواية العربية؟


أحمد بطاح

الحوار المتمدن-العدد: 6097 - 2018 / 12 / 28 - 21:25
المحور: الادب والفن
    


يتفق أغلب النقاد والأدباء على أن رواية "زينب" للأديب محمد حسين هيكل التي صدرت سنة 1914 هي أول عمل روائي عربي متكامل يحمل جينات روائية موروثة عن الرواية الغربية الأم، ومبني على أسس تقنية حديثة. ومنذ ذلك التاريخ إلى حد الآن، أي حوالي قرن من الزمن، تتابعت الانتاجات الروائية على مراحل، لكن الساحة الروائية العربية، ظلت إلى حدود التسعينات من القرن الماضي تنتشي بأعمال روائية لكتاب كبار أمثال نجيب محفوظ وعبد الرحمان منيف وغيرهما، ولم يكن يزاحمهم إلا نفر قليل من الكتاب المغمورين، إلا أنه بدخولنا الألفية الثالثة، بدأ سيل من الروايات في الانحدار، يدفعه ثلة من الكتاب الذين اقتحموا عالم الرواية، إن بوعي أو بدون وعي بأبجدياته وفنونه وتقنياته، وقد تمخض عن ذلك، إلى حدود اليوم، آلاف الروايات التي لم يعد النقد قادرا على مسايرتها. ومن هذا المنطلق بات من الضروري أن نطرح السؤال: هل هذا الانفجار الروائي يشكل قيمة مضافة للرواية العربية أم أنه أفرغها من مضمونها وإرثها التقني والفني والجمالي؟
إن البحث في هذا السؤال، يجرنا إلى إشكالية تتعلق بالكم والكيف. فحينما كنا نتحدث عن القرن الماضي، كنا نتحدث عن عدد محدود من الروايات، كانت في مجملها تحترم أساليب وفنيات الرواية، مما سهل المسايرة النقدية لها، فكانت الأعمال الروائية آنذاك تمر من مشرحة النقد، على الأقل حينما كان يقدم كخدمة أساسية لدور النشر. ذلك أن الرواية تحتاج - على الأقل في نظري- إلى المتابعة النقدية، حتى لا تخرج عن سكتها الصحيحة، بداعي أنها عمل إبداعي يجب أن لا يركن لشروط معينة أو تحكمه ضوابط وتقنيات. وعلى هذا الأساس نجحت الرواية العربية، إلى حد ما، في القرن العشرين، في رصد التطورات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية والسياسة للشعوب العربية في تلك الحقبة، كما أنها سايرت المحطات الكبرى للأمة، خاصة النكبة والنكسة، وأنجبت تلك الحقبة أيضا روايات متميزة ما تزال إلى اليوم مرجع العديد من النقاد والأدباء، لتتوج في أواخر القرن بجائزة نوبل مع نجيب محفوظ سنة 1984.
لكن الحقل الروائي اليوم، منذ الألفية الثالثة، أصبح يشهد غزوا منقطع النظير، فظهر جيل جديد من الكتاب الشباب، الذين طرقوا باب الرواية، سواء من باب الهواية أو من باب اكتشاف هذا العالم والإحاطة بخباياه، وتضاعف هذا الاقتحام خاصة بعد شيوع الشبكة العنكبوتية وظهور ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي شكلت نقلة كبرى في عالم الكتابة والنشر، فأصبحنا نشهد صدور عشرات الروايات بشكل يومي، هذه الروايات التي تتأرجح بين الحرفية والتطفل على هذا الميدان. إلا أننا لا نستطيع الحسم في ذلك، خاصة مع تراجع دور المدرسة النقدية، نظرا لانفلات الرواية من النقد، حيث إن كم الروايات الهائل، لن يستطيع النقد الذي يحتاج إلى الوقت والجهد إلى مسايرته. هذا بالإضافة إلى تقلص عدد النقاد بالمقارنة بعدد كتاب الرواية. وعلى هذا الأساس فإن حكمي لن يكون حكم ناقد، بل أنه حكم قارئ كون انطباعا أوليا، من خلال ما قرأه من روايات تخص هذا الرعيل الجديد من الكتاب. لقد أصبحت الساحة الروائية العربية ميدانا لكن من هب ودب، بحيث نجد الكثير من الأعمال الروائية لا ترق حتى إلى وصفها بأنها كذلك، وذلك لكونها تفتقر إلى المكونات الفنية والجمالية للرواية، وكذا التقنيات التي يجب أن يتسلح بها كل روائي، ولعل هذا الطرح يجد انتقادا لاذعا من طرف الكثير، بدعوى أن الكتابة الروائية هي نوع من الإبداع الذي لا يحتاج إلى قواعد ولا تحكمه أصول محددة، لكن هذه الحجة ما هي إلا محاولة للتملص من الاعتراف بعدم الإلمام بالتقنيات الروائية أو عدم الرغبة في ذلك. فإن نحن تركنا ميدان الرواية لكل من سولت له نفسه أنه سيصبح كاتبا عظيما لمجرد أنه قام بكتابة خاطرة أو قرأ رواية أو روايتين أو حتى حضر لمحاضرة عن الكتابة الروائية، نكون قد فتحنا النار على الرواية. هذه الأخيرة التي يجب أن تحكمها شروط معينة، حتى لا نحسب كل خربشة هي عمل روائي. ولعل المطلع على العديد من الأعمال الروائية الجديدة سيصدمه حجم الأخطاء التي تشوب هذه الأعمال، ليس فقط على المستوى التقني والفني، بل حتى على المستوي اللغوي، فبعد أن تملصت دور النشر من دورها في التنقيح اللغوي، أصبح الكثير من الكتاب لا يعيرون اهتماما لهذا الأمر، فلا تكاد تجد صفحة من رواياتهم إلا وهي مطلية بالأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية. بالإضافة إلى ذلك، فقد فهم الكثير من الكتاب مسألة أن الرواية إبداع في الاتجاه الخطأ الذي لا ينبغي فهم معنى الإبداع فيه، إذ هناك من يظن أن الإبداع هو الكتابة بالشكل الذي يحلو للذات، وبالطريقة الذي يريد الكاتب، بعيدا عن بعض الضوابط الأساسية، ولذلك نجد أن أغلب الروايات الحديثة تفتقر إلى الحرفية، ويغلب عليها طابع قصص الأطفال، بل أحيانا تجد الأحداث متناقضة ولا يحكمها أي تماسك منطقي.
إن هذا الفهم لمسألة الإبداع هو تمييع للرواية، وجعلها ملجأ للفاشلين أدبيا، والذين لا يفكرون إلا في الشهرة السريعة أو غير ذلك ولو على حساب الأدب الروائي. وكثير من كتاب اليوم من الشباب تجدهم يفكرون في نشر بواكير أعمالهم حتى قبل الانتهاء منها، بل إن الأغلبية يؤرقهم سؤال النشر أكثر مما يؤرقهم سؤال الكتابة. وأعتقد أن في ذلك وبال عليهم، ذلك أن الروائي الذي يود أن يصبح روائيا ناجحا، يجب أن يتصف أولا بالصبر، خاصة مع العمل الأول، الذي يحتاج إلى القراءة والتنقيح وإعادة القراءة، بل وعرضه على من لهم تجربة في الميدان، سواء من الناحية اللغوية والناحية التقنية. وكلما اتخذ العمل الأول وقتا طويلا كلما خرج بصورة شبه مكتملة. ونحن نعلم أن الكثير من الروائيين الذين اعتراهم الندم على نشر العمل الأول، بعد وقت من نشره، بل إن هناك الكثير منهم من تمنى أن يسحب عمله ليعيده بصورة جديدة بعد ما ظهر له حجم الخلل الذي كان مخفيا تحت الوهم بأنه سيصبح كاتبا عظيما حالما ينشر ذلك العمل. أضف إلى ذلك أن العمل الأول هو بمثابة الانطباع الأول الذي يعترينا حالما نتعرف إلى إنسان جديد، بحيث يصعب التخلي عنه أو كسره، فكذلك حال القراء مع العمل الأول، إما أنه يفتح للكاتب باب النجاح، أو يلقيه في يم الفشل والضياع.
بناء على ما سبق يتضح لي أن هذا الانفجار الروائي للرواية العربية قد لا يشكل سوى عقبة أمام هذا النوع من الأدب، ذلك لأن التحولات الاجتماعية والاقتصادية وشيوع الانترنت وغير ذلك من الأسباب فتح الباب أمام الكل لغزو الكتابة الروائية، وهو أمر وإن بدا للوهلة الأولى جيدا إلا أنه يخفي في أعماقه مفتاح فشل الرواية العربية وتمييعها وجعلها تفتقد إلى الحرفية والقيم الفنية والجمالية. بل الأكثر من ذلك أن اقتحام الرواية من أشخاص لا يفقهون في الرواية إلا الاسم انعكس على الذائقة الفنية للقراء، فشاعت الكثير من الروايات التي تفتقد إلى أدبيات الرواية وتقنياتها، في مقابل تراجع الكثير من الأعمال الروائية التي كتبت بحرفية عالية، وهذا يبين أن النقد لا يصلح الأعمال الروائية فقط، بل إنه يهذب الذوق ويرقيه، ويجعله لا يقبل إلا الأعمال التي تستحق بالفعل أن تكون أعمالا روائية مقروءة. وليس في هذا تنقيص من قيمة الكتاب الجدد، بقدر ما هو رسالة لحثهم على الإحاطة والتعمق في المجال الذي اختاروه، وألا يعتبروه مجالا للسياحة الأدبية فقط، بل فن له أساليبه وطرقه وتقنياته التي يجب عليهم على الأقل الإحاطة بها، آنذاك يمكن نقدها وتجاوزها، أي تقديم بديل عن وعي، وليس فقط التنقيص من قيمتها والحكم عليها قيميا.



#أحمد_بطاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية الصحراوية والمدينة
- المجتمع الصحراوي... في الحاجة إلى الفلسفة
- قراءة في رواية كولومينا
- معيقات التحول الحداثي في المجتمع الصحراوي
- الرواية والاعتراف
- نحو رؤية جديدة للكتابة في الصحراء
- الرواية عند البيضان
- الرواية الصحراوية... هل هي صرخة وعي؟
- الذات العربية من أزمة الوعي إلى الوعي بالأزمة


المزيد.....




- الجزائر.. قضية الفنانة جميلة وسلاح -المادة 87 مكرر-
- بمشاركة قطرية.. افتتاح منتدى BRICS+ Fashion Summit الدولي لل ...
- معرض الرياض للكتاب يناقش إشكالات المؤلفين وهمومهم
- الرئيس الايراني: نأمل ان نشهد تعزيز العلاقات الثقافية والسيا ...
- -الآداب المرتحلة- في الرباط بمشاركة 40 كاتبا من 16 دولة
- جوامع الجزائر.. فن معماري وإرث ديني خالد
- -قيامة ليّام تقترب-.. الصور الأولى من الفيلم السعودي -هوبال- ...
- الدوحة.. إسدال الستار على ملتقى السرد الخليجي الخامس وتكريم ...
- فنانون عرب يطلقون مبادرات لدعم اللبنانيين المتضررين من العدو ...
- عمرو دياب يعلن اعتزال الغناء في الأفراح بعد أشهر من واقعة -ا ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد بطاح - هل يمكن أن نصرخ قائلين: أنقذوا الرواية العربية؟