أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد المجيد - رصاصة الرحمة على خط الدفاع المصري!














المزيد.....

رصاصة الرحمة على خط الدفاع المصري!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 22:52
المحور: المجتمع المدني
    


إذا عجز الاستعمارُ الثقافي عن غزو أمةٍ دارَ حولها ودخل من بابِ لغتـــِــها القومية، فأضعفها، وأهانها، وسخر منها!
في مصر حاول الاستعمارُ طوال مئات السنوات أنْ يُسْقــِط مصرَ من ضادِها، ويُضعِف هويتـــَــها من حروفــِــها، ويفصل بين أبنائـِـها وبين لغتهم لعله يستطيع فرْنَجة
ألسنةٌ كانت معبرة عن عصر النهضة بلغةٍ عربية فُصحىَ يذوب فيها الغزاةُ، ويحتمي فيها المقاومون.
في الجزائر اكتشف الفرنسيون أنَّ اللسانَ العربي إذا قطعوه، وفرْنـَـسوه سقطتْ اللغةُ مع الشهداء. فجعلوا فرنسيتـــَـهم أعلىَ من عربيةِ المهزومين فلما استقلتْ الجزائر، استعاد الجزائريون العزيمةَ لطردِ آخر فلول الاستعمار من ألسنتِهم، فبدأتْ عملياتُ التعريب منذ عام 1962 وما تزال تقاوم.
في لبنان جاء حينٌ من الوقت غضب اللبنانيون، وهم الأكثر تأَثرًا بالأم الحنون .. فرنسا، حينما اشتدّ داعمو سعيد عقل للانحياز للعامية، والمعركة ما تزال قائمةً منذ أكثر من خمسين عاما لولا وجود مئات من دور النشر التي تسرق الكتابَ وتُعيد نشرَه لانهزم اللصُّ الشريفُ أمام الليسيين!
في مصر كانت اللغةُ العربية خطَّ الدفاع الأول عن الوطن رغم قوتها في العراق وسوريا واليمن وموريتانيا وفلسطين مع حركة ثقافية واسعة في بلد ( عالم الفكر ) و( العربي ) و( البيان ) و( الفكر المعاصر ).. أعني الكويت.
في السنوات الأخيرة بعد نجاح ثورة 25 يناير الشبابية ثم سرقتها ،دينيا ويونيفورميا، كان الاستعمارُ لمصر بالمرصاد، فهذه الدولةُ لن تنهزم قبل أنْ يُقطــَــع لسانُ فُصْحَتــِــها.
في أقل من ثمان سنوات كان الهجومُ عليها يأتي من كل مكان: تجهيل مُدْرَسي، احتقار للكتاب، تعيين مسؤولين بينهم وبين الكتابِ كراهية مقيتة، اختيار قضاة القضايا الكبرى من أجهل ما أخرجت فصول محو الأمية، محامون يترافعون فيرفعون المنصوب إذا لم يجروه من حروفه.
ثم جاءتْ مرحلة اللامبالاة وعدم الاكتراث في كل مؤسسات الدولة ولم يعد هناك مسؤولٌ، إلا القليل، يلقي كلمةً في محفل أو خطابــًـا أمام مرؤوسيه إلا وكان يمسك معْوَل الهدم فتلمح شيطانَ الاستعمار الفكري يُخرج لك لسانــَـه الذي لم يستطع أنْ يستخدمه.
وجاءتْ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بلغةٍ عربية تتلوى، وتتألم، وتبكي فلا أحد ينصت لصراخِها من رئيس الدولة إلى رئيس البرلمان، ومن مستشار قضية القرن إلى إعلاميين تهافتوا على وسائل إعلام تكاد تشترط عليهم البصقَ على اللغة الفصحىَ قبل الحديث بها.
منذ عدة أشهر بدأتْ المرحلة الاستعمارية الجديدة لتركيع مصر ثقافية وفكريا وكتابيا وأثيريا وديجيتاليا وورقيا وحواريا، فإذا بالشعب كله أو أكثره لا ينتبه إلى أنَّ نشرات الأخبار تُسمعه اللغةَ العامية بحجة أنها سهلةٌ وأنَّ الكبارَ يخاطبون الصغارَ بلغة الأطفال.
إنها مرحلةُ تدمير أمةٍ بهزيمةِ حروفــــِـها، ففيها التاريخ والجغرافيا والتراث والشـِـعْر والأدب والخطاب الكلاسيكي الراقي وقصائد خالدة، فالهدف أنْ لا تمر سنوات قليلة حتى تركع مصر ولا يفهم أهلــُـها الفصحىَ.
إنه ليس الجهل أو المصادفة أو انهيار التعليم؛ هي خطة محكمة ودقيقة تضرب كلَّ العصافير بحجر واحد، فالمصري النهضوي والحالم بمستقبل مشرق والحامل إرثا عربيا يمتد من مسقط إلى نواكشوط، ومن عربستان إلى غدامس ومن أم درمان إلى اللاذقية لن يفهم اللغة الفصحىَ، وبالتالي فكلُّ تراثنا اللغوي الجميل يمكن التخلص معه أو سدّ الأذن عنه فهو لوغارتمات غامضة بعد جيل أو.. جيلين.
التلفزيون المصري يحمل لواءَ الهزيمة اللغوية، وإعوجاج ألسنة مذيعيه جاءتْ باختيار عبري خارج من رحم سايكس بيكو الجديدة لضرب الوطن في مقتل.
مصر تقع فريسة الهزيمة اللغوية بلسان عامي يصنع المسافة بين أهلنا هناك وبين تاريخهم وآدابهم وتراثهم المحفوظ عربيا سواء كان إسلاميا أو قبطيا أو يهوديا أو شِعريا أو سياسيا...
لأول مرة أشعر بأن الوجوه التي أراها على الشاشة الصغيرة تحمل في ألسنتها سمومــًـا قاتلة، وفي فكرِها صورة العدوان الثلاثي على مصر، وفي أحلامــِها نصوصا عبرية خارجة من رحم الموساد.
توجيهات علىَ أعلى المستويات في مصر باخراج المصريين عنوة من لغة طه حسين والعقاد والمتنبي وأبي تمام والأخطل والبابا شنودة وميشيل عفلق والشيخ محمد عبده ومي زيادة ومصطفى صادق الرافعي وجبران خليل جبران وخليل مطران وحافظ ابراهيم ومريان مراش والمنفلوطي وفدوى طوقان وأحمد حسن الزيات وأحمد مطر وفيروز ومئات الآلاف من العرب المسلمين والمسيحيين والمستعربين وعاشقي لغة العشق، فالاستعمار تكاتف لاطلاق رصاصة الرحمة على خط الدفاع الأول عن العالم العربي قبل أن يقتسم ترامب ونتنياهو والغرب والشرق والطابور الخامس بقايا أمة لم تحافظ على لغتها حفاظ الفرسان.
توجيهات للقصر والإعلام والقضاء والصحف والمدارس والجامعات بأنْ يقوموا بتعيين خصوم العربية وجهلائها وأمييها وكارهيها في مناصب القيادة للتعجيل في ركوع مصر.
إذا لم تركع مصر ببيع أرضها ومياهها وحدودها وثقافتها وجُزُرها فإن هزيمتها اللسانية واللغوية هي الضربة القاضية.
لم تكن هناك مشكلة في فهم المواطن البسيط لخطبة الجمعة أو نشرة الأخبار أو قصائد كلاسيكية طوال مئات الأعوام، فخرج الاستعمار وبقيت اللغة العربية.
الآن وجد السيكسبيكيون الجُدد الطريق ممهدًا، والاستعداد الشعبي لقبول هزيمة اللغة الفصحى مربوطا بقرار القصر والمنبر والمدرسة والجامعة والشارع.
أبحث عمن يشاركني البكاء!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السخرية اليتيمة تعمل لصالح الطاغية!
- أمة ترفض الشفاء وتستمتع بالمرض!
- فاطمة ناعوت و .. عُش الدابير!
- لهذه الأسباب أدعو محمد بن سلمان للانتحار!
- تجديد جواز سفري النرويجي!
- رسالة مفتوحة إلى النائبة الكويتية صفاء الهاشم!
- أعتذر للملك محمد السادس فالساخرون جاهلون!
- هكذا تبصق المصريةُ على خمسة آلاف عام!
- الخطأ الذي وقعت فيه فاطمة ناعوت!
- لا يصدّق المصريون أن اللهَ نفخ فيهم من روحه!
- هجاء الحب في مفردات لغة متغربة بين أهلها!
- عقْلنة التَدَيُّن!
- الموتٌ يحكم الحياة في الجزائر!
- رسالة لي من مؤيد لتغطية وجه المرأة!
- دمعة حُزْن واحدة تكفي!
- مستنقع الإعلام المصري في عهد السيسي!
- ثقافة الصورة وكوارثها!
- قراءة في مبادرة السفير معصوم لإنقاذ مصر!
- الجماهير ليست صاحبة حسم أخلاقي كرودريجو الفيلبيني!
- رسالة مفتوحة إلىَ رئيسٍ مَيّتٍ!


المزيد.....




- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد المجيد - رصاصة الرحمة على خط الدفاع المصري!