طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 6094 - 2018 / 12 / 25 - 16:08
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
علق الصديق العزيز فؤاد النمري على مقالتي المعنونة
عام أيتماتوف: من هو الشيوعي الحقيقي!؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=622196&fbclid=IwAR16-MNbhv4lVqLPWMl8Kg8c-UIuYrxTTUJr_PYQNp8VEU0CacjGxU1PCNs
ومقالتي هذه هي رد اولي على تعليقاته ولربما يستدعي مني المزيد من الكتابة, لاحقا ولكني اكتفي بهذا القدر من الرد الآن.
و النمري يعتبرني صديقا وليس رفيقا. طبعا اني اعتز كثيرا بهذه الصداقة, وان كنت لا اعلم هل ان الصداقة ارفع او اعلى شأنا بعرف الحركة الشيوعية, او ما تبقى منها, من الرفاقية! ولكني اعلم ان البعض من الاحزاب الشيوعية تكسب اعضائها اولا كاصدقاء غير منتمين الى الحزب ومن ثم اذا اصبحوا بعرف الحزب, مؤهلين ل "شرف" حمل عضوية الحزب فيتم ترشيحهم لفترة تسعة اشهر, تقل او تزيد, ولا ادري هل لهذه الفترة علاقة بفترة الحمل وتكون الجنين, فاذا كانت هذه الفترة كافية لتكون الجنين فلا بد انها او اية فترة مقاربة لها كافية ايضا لاختبار صلاحية المنتمي الى الحزب او اهليته. فاذا اثبت الشخص اهليته يتم قبوله كعضو في الحزب وبذلك يدخل جنة الله الموعودة التي يحكمها النظام الداخلي اوهكذا يٌزعم. الشد بين الصداقة والرفاقية يبقى, برأيي, امرا غير محلولا وليس هنالك من داعي لاستعمال القسر الفكري في وضع حدود فاصلة بين الصداقة والرفاقية, على الاقل فيما يتعلق بالحياة العامة وليس الحياة التنظيمية. ولكن المشكلة, وهي مشكلة نفسية اجتماعية ترتدي رداء التنظيم, تتلخص بالسؤال: هل الرفيق الحزبي اعلى مكانة من الصديق او اي انسان آخر؟ اعتقد ان الاجابة على ذلك هي "نعم" بعرف الحزب. وهذه ال "نعم" قضية خطرة لا ينبغي الاستخفاف بها ولا ينبغي التعامل بها من خلال الركون الى المسلمات. فحسب نظرية الفوضى, فان حدثا صغيرا جدا, وهذا الامر ليس صغيرا, قد يسبب تغييرا شاسعا او كوارثا هائلة, فمثلا, خفقان جناحي الفراشة في افريقيا قد يسبب في انفجار بركان في امريكا الجنوبية.
Understanding the Butterfly Effect
https://www.americanscientist.org/article/understanding-the-butterfly-effect
وكما قلت في مكانات اخرى ان الاحزاب الشيوعية, في منطقتنا على الاقل, احزاب غير حداثوية او احزاب ما قبل الحداثة. ولذا انها احزاب من الصعب اعتبارها احزابا ماركسية لأن الماركسية نظرية حداثوية او وليدة عصر الحداثة.
الصديق النمري يسميني صديقا وينكر على تسميتي كرفيق. الشرط في ان ادخل الجنة الموعودة واصبح رفيقا, يقرره الملائكة الحارسة لبوابات الجنة, اي في ان انصاع لما يريده مني, ان احيل نفسي الى ببغاء, ولا يهم هنا حداثوية الببغاء او ما قبل حداثتها, لان الببغاء لا تفكر بضرورة التكرار او مغزاه. فهي تجد نفسها محكومة بقانون ازلي, تركيبة فسيولوجية-تشريحية متوالفة مع تركيبتها الجينية, تدفعها الى تكرار الاصوات المسموعة. الببغاء لا تعترف بنظرية المعلومات, حسب شانون Shannon او غيره, ولذا فهي لا تفرق بين ما يسمى ضوضاء وما يسمى معلومات. والتفريق ممكن تحديده رياضياتا ومعرفيا.
Without Claude Shannon s information theory there would have been no internet
https://www.theguardian.com/science/2014/jun/22/shannon-information-theory
فحين نتكلم عن الابداع فاننا نتكلم عن اضافة معلومات جديدة الى جسم المعرفة وليس عن التكرار. والببغاء لا تهدف الى الابداع, ونحن نعرف كيف يميز ماركس الانسان عن الحيوان. وهذا لا يعني مطلقا اني ابخس قدر الحيوان, فعقله يهدف الى تحقيق بقاء النوع, ولربما هو اذكى من الانسان الذي يستطيع ان يفتك بالبشرية في لمح البصر من خلال استخدامه القنابل الذرية, بغض النظر عن واقعية استخدامه هذه الامكانية من عدمها. لكن هذا لا ينفي اختلاف الانسان عن الحيوان في موضوعات الوعي وتطوير المعرفة والاختراعات. والاختلافات ليست دوما في مصلحة الانسان.
ولذا ان التكرار الصوتي لدى الببغاء لا يتماشى مع فكرة الحرية او مفهوم الاختيار. فالانسان المجبور على التكرار فهو اما يسلك سلوك الببغاء وينفي بذلك انسانيته -ويحقق اغترابه ماركسيا, او لكونه يعتقد انه بسلوكه هذا يحقق سعادته. فالسعادة ليست موضوعة فكرية. انها قضية شعورية او وجدانية, هذا اذا اتفقنا بوجود السعادة اصلا والهروب فيها ليس بحد ذاته هو نوع من العصاب.
وحزب كالحزب الشيوعي العراقي يتكلم عن "شعب سعيد" ويرفعه كشعار وبذلك يحيل البشر الى ببغاوات. فالتفكير لا يحقق السعادة وليس هذا من مهماته. التفكير يهدف الى الوصول الى الحقيقة وليس تحقيق السعادة, وهذه فكرة قديمة تعود الى الفلسفة الاغريقية, لا ادخل في تفاصيلها هنا, ولكنها اكتسبت زخما اكبر من خلال اعظم فيلسوف شهده عصر.الحداثة, عمانوئيل كانط- وهذا يستدعي تفصيلا مطولا قد اتوفرعليه لاحقا. وماركس لم يكن بالطبع من السذاجة, فلسفيا, ليختلف مع كانط ويعتقد حتى ولو للحظة واحدة ان هدف الشيوعية هو تحقيق السعادة. السعادة, كما ذكرت مرارا من قبل, ليست هدفا سياسيا, وتعريف الشيوعية كصنو للسعادة قد ادى الى اساءة استخدام الطب النفسي في الاتحاد السوفيتي السابق والدول التابعة, كما فصلت ذلك من قبل. هدف الشيوعية هو اشباع الحاجات الروحية والمادية, كما نص على ذلك, مثلا, دستورهنغاريا الاشتراكية سابقا. و اعلان استقلال الولايات المتحدة نفسه ينص على ان احد اهدافه هو تحقيق السعادة.
Declaration of Independence,” the statement
the statement announcing that, in 1776, the 13 American colonies were now independent and no longer under British rule. The full phrase contains the following words: “We hold these truths to be self-evident, that all men are created equal, that they are endowed by their Creator with certain unalienable Rights, that among these are Life, Liberty and the pursuit of Happiness.”
Life, Liberty and the Pursuit of Meaning
https://www.psychologytoday.com/us/blog/the-meaningful-life/201802/life-liberty-and-the-pursuit-meaning
وتحقيق السعادة قد يكون بطرق مختلفة. والمقصود عموما بتحقيق السعادة حسب الدستور الامريكي هو تحقيق الحلم الامريكي بجمع الثروات المالية والامعان في الاستهلاك, والا كيف يمكن تصريف المنتجات وتحقيق الارباح اذا لم يتم استهلاكها؟ ولكن الحلم الامريكي بتحقيق السعادة يعني, كما يقول الكاتب والفيلسوف البريطاني الدوس هكسلي Aldous Huxley في كتابه Brave New World
"إن الديكتاتورية المثالية (او الكاملة) ستحظى بمظهر الديموقراطية عندما تكون سجنا بلا جدران ولا يحلم فيه السجناء بالفرار. وهو نظام عبودية, ولكن من خلال الاستهلاك والترفيه يعشق العبيد عبوديتهم"
Brave New World
https://www.amazon.de/Brave-New-World-Aldous-Huxley/dp/0099477467/ref=sr_1_1?s=books-intl-de&ie=UTF8&qid=1545732449&sr=1-1&keywords=aldous+huxley+-+brave+new+world
والستالينيون, والحزب الشيوعي العراقي بضمنهم, يعتقدون ان هدف الشيوعية هو تحقيق السعادة. وهنا علينا ان نتسائل ما الغاية من وجود حزب شيوعي يهدف الى تحقيق السعادة اذا كانت الرأسمالية, كما يجسدها مثلا دستور الولايات المتحدة او اعلان استقلالها يهدف هو الاخر الى تحقيق السعادة؟
وهنا قد يقول البعض ان السعادة بعرف الحلم الامركي ليست سعادة حقيقية, انها وهم. فكلما زاد استهلاك الشخص للبضاعة كلما ازدادت عبوديته لها واغترابه عن نفسه. وهذا صحيح. فماركس تكلم عن هدف الشيوعية في ازالة الاغتراب البشري باعتبار ان تحرر البروليتاريا هو تحرر للانسانية باكملها.
و لكن الصديق النمري ينفي وجود الرأسمالية الآن وبذلك لا بد له ان ينفي وجود الاغتراب البشري. ولكن استنتاجه هذا سيصطدم بحقيقة تعاظم الروح الاستهلاكية وهذه بدورها لا تزيد فقط من الاغتراب ولكن ايضا تزيد من تلوث البيئة وتضع البشرية البشرية جمعاء على حافة فناءها باكملها. ولكن الستالينيين لا يعيرون اهمية للبيئة. انهم لا يفكرون عضويا. الانسان جزء من الطبيعة فقط اذا كان قادرا على تدميرها وافناءها!ا انهم يضعون انفسهم في مصاف الآلهة. فالآلهة لا تكترث بتاتا لفناء البشرية او بقاءها. ونحن نعلم ان الدول الاشتراكية السابقة, مثلا المانيا الديموقراطية, كانت تتميز بتعاظم نسبة التلوث البيئي فيها وكان الوعي البيئي لا يعتبر جزءا متمما للوعي الطبقي. الوعي البيئي, كان ولا يزال, موضوعة هامشية لدى اغلب الاحزاب الشيوعية في المنطقة. وقد يتعلل البعض ان غياب الصناعة يحول دون تلوث البيئة! ونح نرد بالقول ان العراق من اسوء الدول في تلوث البيئة برغم ان الصناعة معطلة تقريبا بالكامل بفضل بريمر وحكوماته. فقد قام بريمر بغلق آلاف المصانع والقى بما يقرب من نصف مليون عامل على قارعة الطريق. والحزب الشيوعي العراقي لم يؤيد قرارات بريمر سعيا الى بيئة نظيفة. انه ايد قرارات بريمر لانه سعى الى ان يسبح مع التيار ويعتنق فلسفة السعادة بمفهوم الحلم الامريكي, بمنطق النيوليبرالية واخلاقياتها او بالاحرى لا اخلاقياتها. فاللااخلاقية مثل الغش والفساد, كما ذكرت في المقالة آنفة الذكر, متأصلة في النظام النيوليبرالي ولا يمكن التحدث عن انهاء الفساد بتاتا بدون الغاء النظام النيوليبرالي في العراق, اي بدون الغاء قرارات بريمر التي تتحكم في الدستور والعملية السياسية, وهذا ما لا يدعو اليه الحزب الشيوعي لسبب بسيط لان دعوته الى الغاء الدستور ستكون مناقضة اساسا لتبنيه له مسبقا, كما انها ستضعه خارج اطار العملية السياسية وهذا ما يرفضه الحزب لانه حسب احد قادته السابقين تخلى عن اللينينية وديكتاتوريتها (!) كمدخل لتسهيل دخوله الى العملية السياسية. اي ان الحزب اعتبر ان اللينينية كانت عائقا امام تحوله الى حزب رأسمالي, بمعنى ان السعادة التي يهدف الى تحقيقها, على الاقل على مستوى الشعار, هي ما يسعى اليه الدستور الامريكي وحق المواطن في السعادة. ولربما بعرف الحزب ان احتلال العراق شكل ولادته, ولادة العراق الجديد, كما شكل اعلان استقلال الولايات المتحدة ولادتها كدولة. ودولة رأسمالية, كالامارات العربية المتحدة التي هي اكثر رأسمالية من الولايات المتحدة حسب بعض المقاييس, قد انشأت وزارة خاصة للسعادة, اقتداءً برأسمالية الولايات المتحدة او انها اصبحت قدوة لها.
وزيرة السعادة الإماراتية: نعمل على تحقيق السعادة للجميع
https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/2016/03/20/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7-%D9%8A%D8%B4%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9.html
وفي جنة السعادة الموعودة للحزب الشيوعي العراقي يوضع العضو امام خيارين, الموت او السعادة. واهزوجة الحزب معروفة: "اللي يمشي بطريقنا شيشوف موت لو سعادة؟!" ولربما الكلمات تتغير بعض الشئ ولكن المحتوى هو نفسه ومفاده ان من ينتمي للحزب امامه خياران لا غير, خيار الموت او خيار السعادة!. وقد يستغرب البعض لماذا يختار انسان سيلم العقل الموت على السعادة. فهل ان شهداء الحزب بالآلاف استعذبوا الموت و فضلوه على الحياة, ناهيك عن السعادة؟ الجواب هو ان الخيارلم يكن خيارا بتاتا. فالظروف هي التي حتمت حياة الاعضاء اواستشهادهم. الشعار, الذي يكتسب شكل الاهزوجة, هو فقط لتبرئة المسؤولين عن سياساتهم الخاطئة والتي ساهمت في استشهاد الآلاف او اكثر. انها تلذذ بمازوخية لا تعادلها سوى سادية السلطة باعتبار ان الاثنتين وجهان لمرآة واحدة.
والنمري, الصديق او الرفيق, يتحدث عن عصرنا بكونه عصر الهروب من الاشتراكية وموت الرأسمالية بقرار في رامبويه في عام 1975 وماركس يوبخ هودسكين ويشبهه بالمغفل لانه اعتفد ان الثورات تصنعها القوانين, كما ورد في كتابه .
"The Natural and Artificial Rights of Property Contrasted" London 1832, P. 98-99
مختارات من كتاب -رأس المال
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=3102&nm=1
اذن مقولة النمري ليست ماركسية على الاقل بعرف ماركس نفسه او انسجاما مع منطقه اعلاه!
ويمكننا بالطبع اعتبار مقولات النمري اعلاه اجتهادات فكرية وهذا امر بالطبع مقبول وينبغي تشجيعه سواء اتفقنا معه ام لم نتفق.
ولكن الطامة الكبرى هي ان النمري يدعو الى التخلي عن النضال ضد الرأسمالية لانها بعرفه قد قبرت, قانونيا وواقعا, وبذلك لا معنى للنضال ضدها لان هكذا نضال سيكون نضالا دونكيشوتيا, او نضالا لا معنى له. طبعا دون كيشوت ناضل ضد او صارع السلطات الاقطاعية ولم يكن نضالا بهدف النضال فقط. النمري يقترح انه ليس علينا سوى الانتظار, فالشيوعية سيبزغ قمرها حتما (ميكانيكية نيوتن!) في ليلة سعيدة وتعم عندها الافراح والمسرات ويسود السلام والوئام! ونحن نبخس تأثير افلام هوليوود او بوليوود والتي نظريات ما بعد الحداثة تعتبر تأثيرها اكثر من تأثيرالواقع نفسه hyperreality, بدليل ان الفقراء الهنود يحققون سعادتهم بالهروب من وضعهم المزري في مشاهدة الافلام السينمائية التي تحقق الحلم الهندي, الذي هو الصنو, رأسماليا او نيوليبراليا على الاقل, للحلم الامريكي. فالهند تعتبر الآن دولة نيوليبرالية بعرف العديد من الدراسات. ولا ندري هل ستقفل سينما هوليوود او بوليوود ابوابها اذا توقفت الناس عن هربهم في الحلم الامريكي او الهروب من العصر الاشتراكي؟ لا استطيع الاجابة على هذا السؤال, ولكن الصديق النمري قد يسعفنا بجواب!
ستالين حنط لينين واحاله كرمز ثوري كبير الى جثة هامدة لتسلية زوار المتحف المحليين او الاجانب. انه الآن مصدر عملة صعبة. لينين يتحول الى بضاعة. ولكن الذين يزورون المتحف ليتأملوا جثة لينين ويوجهوا انظارهم اليها لا يسلكون سلوك العلماء الذين يوجهون انظارهم نحو جسم ما لاكتشاف الحقائق كما مثلا في الطب العدلي او الباحث المايكروسكوبي او في فيزياء الفضاء او في خلافها من العلوم. النظر اوالتحديق gaze لدى العالم مقترن باكتشاف الحقائق وزيادة كمية المعرفة, اما زوار المتحف فهم يوجهون انظارهم الى جثة لينين او جسده كنوع من الاضطراب النفسي-جنسي الذي لا يفقد سايكوباثولوجيته بسبب عدد الزوار الهائل. ستالين, بتحنيطه لينين, حنط الماركسية واحالها الى جثة معرفية.
والحزب الشيوعي العراقي تخلى عن لينين او اللينينية, وتخليه هو صنو لتحنيط ستالين للينين. ولكن الحزب الشيوعي العراقي فعل ما هو اشنع. فقد تخلى عن اللينينية, بزعمه, من اجل التخلي عن الستالينية! اي انه تخلص من لينين كي يتخلص من ستالين او الستالينية. ولكنه بتخليه عن لينين فانه حنط لينين كما حنطه ىستالين. والحزب الشيوعي العراقي بذلك يؤكد تعاظم ستالينيته بالفعل اكثر واكثر وليس العكس.
النمري يدعو الى وقف النضال ضد الرأسمالية لانها ماتت. والحزب الشيوعي العراقي يتبنى النيوليبرالية لان الاشتراكية قد ماتت ووصل التاريخ الى نهايته كما زعم البعض. طبعا ليس هناك من داع للمجاهرة, فكلما كانت الرسالة مشفرة اكثر كلما زاد تأثيرها وكما تثبت ذلك دراسات علوم الدعاية وفنون اقناع او خداع الجماهير وعلم النفس الاجتماعي.
اني, وهذا ما لم يستطع النمري التقاطه, افرق بين الستالينية وستالين. الحزب الشيوعي العراقي حزب ستاليني, على الاقل تنظيميا, برغم زعمه التخلي عن الستالينية من خلال تخليه عن اللينينية. البعض ممن اسميهم "الستالينيين الجدد" ينتقدون ستالين بسبب برامج قناة روسيا الحرة وليس بسبب اجتهاد فكري وهم يغلقون التعليق على مقالاتهم ويتعاملون بسلطوية مع الآخر. وهم في واقعهم ستالينيون برغم عدائهم الشكلي لستالين!
ما لم يدركه النمري اني انتقدت ايتماتوف لكونه انتقد الساسة ولم ينتقد النظام. فلقد اتنقد ايتماتوف ستالين ولكنه لم ينتقد موضوعة ان جهاز امن لوريا اوغيره كان اقوى واعلى شأنا من جهاز الدولة والحزب ومستقلا عنهما. وبذلك سهل ذلك للنظام في ان يغتال بيريا ستالين. ان الستالينية معادية لستالين نفسه والا لما اغتالته. ستالين لفظ انفاسه منذ عشرات السنين, ولكن الستالينية, باشكالها العديدة,لا زالت حية ترزق , بل في احسن حال.
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟