أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - في هذا الشرق الراكد















المزيد.....

في هذا الشرق الراكد


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 1519 - 2006 / 4 / 13 - 11:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد يكون شرقنا الساحر، بفضائه الإنساني على مستويي الحياة، والمجتمع بمساحات معنوية اكثر من عملية محررة، وقد يكون ايضاً مكاناً يشعر بالاطمئنان الرحب على مستوى العلاقات الفردية. وما الاحتفاظ بهذا النمط المعيشي المقنن في أدائه في بلاد الاغتراب، إلا عبر مقارنته ببعض سلبيات المجتمعات الغربية من فردية وقيم أخرى لا يمكن للعقل الشرقي تقبلها بكل اشكالها لعدم استطاعته كسب جولة التباين في الحدود الدنيا في هذه المعادلة الصغيرة فقط.
لكن هذا الفضاء المعنوي الحميمي الضبابي الشرقي الخاص بنا على مستوى عمل الجماعة والمؤسسات والمنظمات والدولة، يسقط في امتحانه التاريخي الصعب، امام دول تعمل على إنتاج مستقبلي كتكنولوجيا النانو، أو الليزر، أو الأبحاث الفضائية، أو التكنولوجيا العالية، التي تراكمت بشكل تجاوزت به مسار سحرنا وشرقنا وأماننا المحلي، الخطر في مثل هذه المقابلات والمواجهات، لذا علينا أن نطرح السؤال تلو الآخر: هل يكفي أن يتقدم العالم بتسارع لا نملك منه معطياته، أمام ضبابية الجمال المعنوي والإنساني المنصهر في جذورنا، كحلم بالماضي أكثر منه في استشراف المستقبل؟ وماذا يمكن للإنسان أن يفعل في بلادنا الراكدة في دوائرها “الغامضة” في برامج مستقبلها، على المستوى السياسي والاقتصادي “الحقيقي” والتكنولوجي، والتوسعي في تصدير كل الخبرات المعقولة إلى تلك العوالم الأخرى، التي لايهمها من امر العالم إلا تقدمها وتطورها ومصالحها ونوعية ادائها على أي مستوى يساعد في رفاهية شعوبها، سلماً، أو حرباً، أو قسراً، أياً كان الذي يدفع الثمن، عالمنا الشرقي أو غيره.
مؤسف جدّاً أن الأمان ورخاء العيش الاستهلاكي البسيط يدعوان إلى استقرار وركود لا علاقة لهما بالتطور والتقدم إلا من إذياله. وحزين جدّاً أن العالم الذي كان وراءنا في كثير من حكايات التاريخ، من الممكن ان يتجاوزنا، لا بسبب تراثه وتجربته وماضيه، بل لأن العبء التاريخي والثقافي على مستويي السياسة والدولة، بتأثيره على مسيرة تطور تلك الشعوب، لا يقارن، مع حملنا المعنوي والثقافي والإيديولوجي “بالولادة”، الذي لم تبدأ مراكز إبحاث حقيقية بالتساؤل عنه، وحصره، بسبب إهمال مؤسسات الدول لمستوى أدائها العادي جدّاً، على مستوى الباحثين الإفراد خارج بلادهم، بسبب غيوم وضبابية وعدم وضوح معايير معينة، أو بسبب القيود الطبيعية التي قرر المجتمع عبر تاريخه الثقيل، تبنيها وكأنها أسس ومقدسات، قد لا تكون للدين علاقة بها، لكنها ثابتة كالصخور في كل قرنة أو زاوية من طبيعة تفكيرنا وحياتنا، اليومية أو المستقبلية.
ومابين تكنولوجيا النانو، وتكنولوجيا الفضاء، والاختراعات التي لم ولن ترى النور إلا في بلاد أخرى، يحق للإنسان أن يضعف ويتهاون، كأنه أمام مجموعة من السدود الضخمة، عليه أن يواجهها كأفراد من دون أي وسائل، إلا الكلمة المحاصرة، والكلمة التي لا مساحات لها إذا خرجت عن الخطوط السوداء في ليل أكثر سواداً.
ومع كل هذا يجتاح الفضاء الصدى المسجل على أوراق ماضيه وحاضره، ويجتاح الفضاء المعرفي المقنن بنتائج متواضعة، أو نتائج لاقيمة لها في بعض السياقات المعرفية بمعايير العلم الحقيقي، يجتاح كل هذا بعض الضجيج الكبير، متكرراً ومعاداً كل يوم وكل ساعة، وكل تاريخ.
اسئلة كثيرة تخاطب المجهول في عدمية الأجوبة المنظورة والقلقة من كل هذا التراجع على أي صعيد. وحزن يتخطى مرات، الذات الفردية والجماعية عندما تدور الحوارات وتنتهي آنياً بفشل تتلوه انكسارات واكتئاب في أي بقعة، تسمح الروح لذاتها بالخروج من إطار التقليد والعادة.
كيف نغير معنى العمل السياسي، إذا كان الكبار “بالأسماء الرنانة”، يعالجون الآفاق التي لم تقدم إلا عودة بخفي حنين، أو أنهم غير قادرين على إضفاء بعض النقاط، بعضها فقط على طرق المعالجة والتفكير بأشياء أخرى؟ كيف نغير معنى الحوار بخطاب يردد مئات، لا بل آلاف المرات، وعند أي مواجهة لتطبيقه، يتم تجاوزه، وكأن العملية لا علاقة لها بالعقل أو الفكر أو المكتسب، بل تنحو، من دون معايير علمية أو مخبرية طبية، إلى نحو بيولوجي غريب.
وما بين الأفراد والدول التي حاصرنا أنفسنا بها، بنينا أكثر من دولة في فضائنا الساحر الشرقي، فأصبحنا، دولا فردية تتمنطق، بمبادئ صاخبة الأصداء، لكنها على مستوى مسيرة اليوميات، تتحدد بكتاب شاعري، من الممكن تجاوز حرمات مثاليته عبر ضرورات الفرد، غير الراغب بالعطاء، إلا عطاء ضمن منظومة التجمع الصغير المدى العملي لتفريغ طاقات الحزن والسعادة والفرح.
مأساة، ان يفكر الإنسان، أن بلاده عمرها قديم جدّاً في التاريخ، وعمرها المعرفي كان أهم بكثير من جهلها في الحاضر، ومحبط جداً، لمن يعلم أولاده الفخر بأصله وتاريخه وتراثه، محبط جدّاً عندما يأتي ابناء الجيل الجديد كل مساء ليناقشوا معنويات الحياة الشرقية بمسيرها اليومي، بحجج اكتسبها قسراً أو إرادة، من مجتمعه المعرفي الجديد في بلاد الغرب، كيف يمكن مواجهة الحقيقة بعقل جديد والدفاع عن اللامدافع عنه إلا بالعاطفة الجياشة، من دون منطق؟ وكيف يمكن أن تحرم هذه البراعم من حق الإبداع وعبور بعض الجدران التي حاصرت اجيالنا واحداً تلو الآخر، كيف يمكن أن نسمح لتكّتل أورامنا السلبية بأن يغزو عقولاً بريئة في مساحات الحرية عملياً والفكرية غير المقيدة بأي شيء تقريباً.
يحلو لنا أن نكرر تنهدات أنفسنا في فرح نسبي، ونحيي الأمل “الهابط” دائماً، ببعض المحاولات المستمرة على مستوى أفراد وقرّاء وليس أكثر، لكن كيف يمكن لأي منا أن يغير ويختزل حجم الغول المهيمن من مكان بعيد لا يملك حق وسلطة القرار الحاسم في العديد من الأشياء، خاصة أن تلك الغيلان الفردية أو المتجمعة، التي لم تتغير لا تزال تحاول في بلادها أو في مجتمعات هجرتها الغربية والشرقية، البقاء في قوارير كهوفها التي لا تعرف الكثير عن معنى الحرية إلا من خلال اجترارها للكلمة، أو الديمقراطية، إلا من خلال مركزيتها “او فرضها” لتلك المركزية.
قد لا يقتصر الأمر على الفعل السياسي والعمل الجماعي وطبيعة بناء مؤسسات خاصة أو عامة على المستوى الأفضل عالمياً، بل قد يكون الأمر بحاجة إلى تساؤل جماعي جذري وجدي، قد يكون الأمر بحاجة للعودة إلى الطفولة في براءة التفكير، وقد يكون الأمر بحاجة إلى إعادة دراسة الحساب بأبسط قواعده المعرفية، اجتماعياً وسياسياً ومؤسسات دول، لكي يحق لمن فهم واستوعب ونظم احزابا وجمعيات ولمن أصبح مسؤولاً سياسياً القيام بنهوض جماعي في لحظة تاريخية قد لا تكون قادمة بسهولة إلى عالم يحيطه ضباب مخيم.
في هذا الأمل غير المنظور يمكن للمرء أن يتساءل بحق عن صوت واضح من الممكن أن يسمع، ولعقل غير مقيد أن يستوعب، ولقلب محروق في هواجسه وماضيه وحاضره، في قلق من مستقبل دائم مشؤوم، أن يشعر بمعنى السعادة الواسعة، غير المخضبة في سحر الماضي، وضبابية الاستمرار الهامشي، وصبابة اللحظة المغسولة بمياه نتنة، في عيش مستمر، يملكه كل إنسان ولد على هذه الأرض بشكل أو بآخر.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في زمن التحولات والركود الأصعب
- موقف الإغتراب السوري سياسياً
- من اجل بناء وطن سوري للجميع
- إلى المبدعين السوريين، أين مهرجانكم الخاص بكمزز!!
- من أجل بناء وطن سوري للجميع
- الخروج من تجني الزمن
- انقذوا سورية قبل أن يفوت الأوان
- سريالية بدون عاطفة
- كندا وطن الإنسان
- سعادة السفير الجديد
- احباط أخر الليل
- عندما تحرقنا الشموع
- المشهد السوري - أول التفكير
- المشهد السوري - المعارضة
- المشهد السوري - تحولات تاريخية عالمية وركود محلي
- المشهد السوري - المشاكل
- المشهد السوري - المقدمة
- تساؤلات سورية
- في هذا الزمن المتناثر
- حكايات واقعية من بلاد الأغتراب 2 فنزويلا


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - في هذا الشرق الراكد