أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - في زمن التحولات والركود الأصعب















المزيد.....

في زمن التحولات والركود الأصعب


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 1513 - 2006 / 4 / 7 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نندفع كثيراً بالإهتمام بما سيحدث في سورية والوطن العربي، مع أننا نعرف أن جل ماحدث وماسيحدث لن يخرج عن طور التغيير في مرحلة زمنية قاربت على الختام بالنسبة للعالم العربي. عالم عربي زرع في عقول اجيال وأجيال معنوياً، لكنه لم يكن على صعيد الواقع إلا عالماً يدعو وعبر سياسييه ومخترعيه ومنظريه، إلى استفزاز المشاعر، أملاً وفرحاً، حزناً وكأبة، أملا بالنصر، واحباط في النتائج بشكل شبه دائم.
ولا أدري ماهو السر، الذي دعى إلى بدء مرحلة التحول في القرن الماضي منذ بداياته تقريباً، كما هو حاصل اليوم بالنسبة لعالمنا العربي "اليوم"، الذي كان تابعاً للدولة العثمانية منذ قرون عدة في بعض اجزائه.
لقد تشبث العرب ومفكريهم كثيراً بعروبتهم وما زالوا، بعد إنفصال بلادهم بشكلها الحالي عن اطار الخلافة والدولة الإسلامية. وكانت محاولات للقيام بنهضة، لكنها تعثرت، ومازالت تتعثر. لابل انتكست بشكل يدعو إلى التساؤل الكبير، لماذا؟ لماذا لم يستطع قرن من الزمن دفع الإنسان إلى الخروج من فضاءات مازالت في طروحاتها غير واضحة المعالم، واكثر من ضبابية في اسقاطاتها العملية. وغير جاهزة للتعامل مع عصرها الحاضر، إلا من خلال شعارات، أكثر من خلبية على صعيد التطبيق والواقع. هل الإنسان العربي غير قادر على الخروج من حصاره الذاتي؟ وطروحاته المفصلة على مقاييسه؟ أم أن المسألة اعمق؟

اليوم قد يحتار البعض في ما قد تؤول إليه بعض هذه الدول، في حكمها أو جغرافيتها، أو طبيعة أنظمتها. التي يصرّ البعض على بقائها في شكلها الحالي مع بعض التعديلات الديموقراطية، أو تأويل البعض الأخر في تحولها إلى جغرافيات جديدة، عندما تدفن مقولات التعايش السلمي بين أبناء الوطن، بسبب الديموقراطيات ومناخاتها السهلة والصعبة لشعوب مازالت تحمل في قلوبها وعقولها قضايا الفصل عبر الدين والمذهب والعرق والقومية. كعوامل اساسية في السلوك السياسي والإجتماعي، وإن كانت كل الشعارات تنادي بغير ذلك.
ولإن الواقع مقارب للحقيقة أكثر من تمنيات واحلام السياسيين أو المفكرين التقليديين في مساحات الشعارات، المتداولة للأحزاب السياسية العربية، فإن المخططات الخارجية لمصالح الدول الكبرى في المنطقة مناخات واقعية للتنفيذ والتطبيق بشكل مناسب لها، وبشكل عملي أكبر من طموحات الساسة العرب أواحلامهم. لا بسبب قوة وقدرة الدول الكبرى عسكرياً أو غير ذلك. بل بسبب طبيعة المناخ الردئ الذي أفرز انظمة لم تحسن الأداء بحق شعوبها، انظمة تعاقبت نتيجة طروحات غير واقعية للأحزاب العربية، ونتيجة تاريخية لطبيعة الحكم العربي أو الإسلامي، الذي لم تتم تجربة غيره.

هذا الأمر حصل في الماضي، مرات متتالية في أزمان تاريخية متفرقة، وقد يحدث اليوم وغداً وبعد غد، مالم يحدث تغيير جذري في مايمكن أن اسميه "جغرافية العقل العربي"، الثابتة وغير القادرة على التحرر من رسوبات تاريخية تلعب بنواجذه ومشاعره وامكاناته الكبيرة المسخرة لخدمة قضايا الفصل، والفردية في مفهوم الجماعة أو القبيلة أو المذهب أو القومية، أو نحن والأخر، أبن الوطن، المختلف في معايير الفصل المتداولة، بشكل عرفي، أو إيديولوجي، ديني أو دينوي.

نعم، إن المستنقع الكبير المستعصي على الحل يكمن في جغرافية العقل المكتسبة ثقافياً ومنذ عهد الطفولة، المبنية على مبادئ الفصل بين المواطن والمواطن الأخر، أبناء الوطن الواحد. حيث لا يمكن لهذه المياه الصدئة أن تتحرر من ركودها، مالم يقبل الجميع وبدون إستثناء، بتجاوزها أي تحريرها، وحلها بشكل نهائي وإلى الأبد.
لذا، مازالت معظم القضايا السياسية والإقتصادية، في عديد من الدول العربية محاصرة بسجن "الإنسان العربي وجغرافية معقدة" ، غير قادرة، على البدء من نقطة سليمة في التفكير وطرح منهجيات عملية، لمفهوم الدولة الحديثة بكل مكوناتها.
ومازال وبسبب هذا النوع من التفكير المرافق لحياة المواطن العربي منذ عهد الطفولة، وهو الفصل الإجتماعي عبر المذهب والعشيرة والقومية، اساس لكل عمل سياسي أو إجتماعي احياناً، يخص الدولة وتطورها ونموها في أي صيغة أو هيكل معين.
ومع ترسخ مثل هذه الحقيقة وما يتلوها من تداعيات تاريخية حديثة مازالت ماثلة أمامنا في عديد من الدول العربية، كلبنان مثلاً أو العراق أخيراً، يحاول البعض تغطية هذه المسألة بالشعار الأجتماعي والسياسي المهذب. يحاول البعض تكرار ذلك في أي مكان وزمان، أن المواطنين أبناء بلد واحد، وأنهم متساوون، وأنهم لا يفرقون بين هذا وذاك. وفي الواقع، مازال الفصل في العمق الإنساني مزروعاً، وبقوة يعمل. صورته الكلام أولاً، والتخطيط ثانياً، وإن اقتضى الأمر، فالعنف ثالثاً. أما شعار التعايش والحقوق المتساوية لأبناء الوطن، فإنها كغيرها "ومن طبيعة الكلام" تبقى شعارات للإستهلاك، تشبه الشعر، لإفراغ المشاعر أمام الجمع أو لكتابة الذاكرة بشكل مهذب.

أما العمل باستراتيجيات حقيقية، لبناء وطن أو أوطان، فهو غائب كلياً عن عديد من النخب السياسية والفكرية والإجتماعية. والسبب أن العامل التاريخي في مفهوم تداول الحكم في المنطقة العربية، لم يتغير إلى يومنا هذا. إذ بقى كما كان عليه في الماضي، وإن أخرج بإشكال ظاهرياً حديثة. فمازالت السلطة تعني التحكم بالقرار على مستوى الوطن، والملكية الإقتصادية الغير مشرعة، والتحكم بالمواطن عبر أجهزة الدولة والأمن أو العسكر.

لذا، وبما أن السلطة في العالم العربي، مستمرة في كيانها، كتراث للقوة والعنفوان، فإن عديد من المطالبين بالتغيير، والتطوير، قد يكونون غير معنيين عملياً "إلا ماندر منهم كمنهجيات"، بطرح قضية الحل الإستراتيجي لمفهوم السلطة السياسية، وحق المواطنة والقدرة على تجاوز منطق الفصل المبني على القبيلة والمذهب والقومية والجنس. وإن حاول البعض الطرح الجزئي في شعارات فقط لتجاوز هذا الفصل، فإن الواقع العملي، لا بد أن ينحو تدرجياً، تحت وطأة المصالح "الخاصة" إلى عودة ظافرة، للحالات التقليدية في مفهوم الحكم العربي، إن لم يكن، في مناخ مايسمى بالديموقراطيات، كلياً ، فعلى الأقل جزئياً، من حيث الإستفادة الإقتصادية "الغير شرعية" من نتائج التربع على سدة منصب سياسي ما.

ما أسهل المناداة واطلاق شعارات مثل: العدل، والديموقراطية، والحرية، والمساواة " المجزئة غالباً". وما أصعب التفكير وبجدية في بناء وطن بمنهجيات بحلول نهائية للعيش المسالم لأبناء الوطن، بدون قطارات شعارات أو غيرها.

كيف يتم بناء احزاب سياسية حقيقية، تدعو عملياً من خلال منهجيات واقعية، إلى حلول إستراتيجية تشترك معها كافة الأحزاب الأخرى في البلاد العربية، قضية صعبة جداً، حاضراً ومستقبلاً.
كيف يمكن لشعب ما، سوري اليوم، وغداّ غيره، أن يقاوم أي مشروع غربي لا يصب في مصالحه، أيضاً مسألة اصعب في ظروف حكم شمولي تحكمه عقليات القوة والأمن.

قد تتغير المنطقة العربية مستقبلاً إلى تحولات جغرافية قد تفاجئنا جميعنا، أو قد تبقى على حالها، مشابهة لما كان عليه ملوك الطوائف في الأندلس. لكن من يستطيع أن يبنى الإنسان القادر على تملك الوعي الإنساني في وطن حقيقي، فإنه سيكون قادراً على مقاومة أي تخلف واي مصادرة لحقوقه. مهما كان مصدر المصادرة ومنشئها، من الداخل أو من الخارج.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الإغتراب السوري سياسياً
- من اجل بناء وطن سوري للجميع
- إلى المبدعين السوريين، أين مهرجانكم الخاص بكمزز!!
- من أجل بناء وطن سوري للجميع
- الخروج من تجني الزمن
- انقذوا سورية قبل أن يفوت الأوان
- سريالية بدون عاطفة
- كندا وطن الإنسان
- سعادة السفير الجديد
- احباط أخر الليل
- عندما تحرقنا الشموع
- المشهد السوري - أول التفكير
- المشهد السوري - المعارضة
- المشهد السوري - تحولات تاريخية عالمية وركود محلي
- المشهد السوري - المشاكل
- المشهد السوري - المقدمة
- تساؤلات سورية
- في هذا الزمن المتناثر
- حكايات واقعية من بلاد الأغتراب 2 فنزويلا
- أكبر من الحكاية


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - في زمن التحولات والركود الأصعب