أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيل الزهاوي - أقصوصة قصيرة ستكتب شيئاً مدهشاً














المزيد.....

أقصوصة قصيرة ستكتب شيئاً مدهشاً


سهيل الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6065 - 2018 / 11 / 26 - 14:44
المحور: الادب والفن
    


ها هي امرأة حسناء لم تتعدّ الأربعين . يتجاوز طولها خمس أقدام ونصف ، ذات شعر أشقر ساطع وعينين زرقاوين . أنثى لا تشبه أيّة أنثى ، ذكية ولمّاحة جدّاً ، قوية وصعبة المنال ، تعاني من التهاب المعدة ،الذي أثّر في مزاجها، لكنها ذات روح دفيئة وحانية يعشقها كل العالم . رغم العراقيل وما توحي بها من غضب وحزن وكآبة ، ظلت مترعة بفيض من الإحساس والشعور المرهفين تجاه الآخرين.
أمضت نصف عمرها في كتابة القصص القصيرة وأبدعت في كتابة الشعر وذاع صيتها في سبعينيات القرن الماضي ، طوال عشرين عاما تتحدى كل شئ إلّا مغالبة الإغتراب في وطنها ومقاومتها . فقد كانت تعي أن العيش في وطن يحكمه الاستبداد والطغيان ؛ يعني الاغتراب بمعناه الحقيقي.
توقفت عن الكتابة منذ سنين. كانت تفكر في حياتها الخاصة أحياناً، لكنّها لمْ تتخلَّ عن أحلامها وطموحاتها الأدبيّة ؛ إذْ كانت تراودها الأفكار بين فترة وأخرى وتقودها الى شئ ما يلبي طموحاتها؛ كأن تكتب رواية لم تُكْتَبُ أبداً ولن تنتهي أبداً ،ربما تسرد قصة حياتها ممزوجة بخيالاتها؛ لذلك كان الخوف والحزن يطغيان عليها!
أحيانا يستطيع الانسان أن يلمح الخوف في عينيها ، وهو خوف ليس ناجماً عن الشعور بالذنب لما تريد القيام به، وإنّما الغضب لما حصل لها؛ حيث كانت تشعر أن أحلامها قد تبددت قبل أعوام .
كان الغروب قد اكتمل ؛ فحلّت ليلة شتوية ، وانقشعت الغيوم الكثيفة، و تلألأت نجوم لسماء ليلة باردة قليلاً تهبّ نسمات عليلة ، ونتف الغيمات تستر وجه القمر كثوب شفّاف يغطّي جسد امرأة جميلة .
كانت تكره الشتاء والليل والنوم. يبدو لي أن كل شئ يستفزها هذه الليلة. بدأت تذرع غرفة المعيشة ذهابا وايابا لفترة طويلة، وفجأة أغلقت الباب وفتحت النافذة ؛ لكي لا يُرى سواها. كان القلق يعتريها وتتألم بصمت شاعرةّ بالإحباط والخيبة.
كنت أتمعّن في وجهها بعمق ؛ فخيّل لي أن خفقان قلبها مضطرب. وكان الحزن يلازمني في هدوئي والصمت يطغى على أعماقي .
أخيرا قررت الجلوس على الأريكة. كانت صامتة ومنكفئة على ذاتها ، وبين فترة وأخرى تحرك رأسها ذات اليمين وذات اليسار، والصمت مطبق على الغرفة ، وكانت كأنما تتفقد أشياء الغرفة أو تبحث عن شئ مفقود وظلت ذاهلة في مكانها والقلم بين أناملها الثلاث وهي غارقة في تأمل الأوراق البيضاء المبعثرة على المنضدة بعيدا عنها ، وهي تنتظر منذ شهور من يملأ ها ؛ كي تدب الحياة فيها .


بعد فترة صمت طويلة سالت الدموع من عينيها ، وعلت منها تَنْهِيدَةٌ مِلْؤُهَا الأَلَمُ . كانت عميقة الخيال، وبدت لي إنها لا تراني . لم تنقطع عن التفكير في احتمال وجود شيء ما يعيقها عن الكتابة .
رفعت رأسها ، ثم وضعت إحدى أناملها على خدها كأنها تفكر في صياغة كلامها . ولم أبرح لحسن الحظ أحتفظ بهدوئي تخالجني مشاعر الرثاء والشفقة نحوها .
كنت أحدّق في قلمها وأتأمّلها في هذه اللحظات العصيبة ، وفجأة استفقت من شرود تأملاتي ، و نظرت مليا الى قلمها ، وإذا به يهمس :
(يمكنني أن أكتب كل ما يساورك من أفكار ، ولن أتوقف لحظة حتى تمتليء الاوراق البيضاء)
وعندها تغيّر الإحساس الغريب الذي أيقظها ، وراحت تتدفق من حنايا جسدها المتوتر.
فشعرت وتيقنت من أنها ستكتب شيثاً مدهشاً ..




#سهيل_الزهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية الآن .. هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى
- في اربعينية المناضل والصحفي والاديب دانا جلال
- صفحات من نضال الشيوعيين في السليمانية معركة ازمر الدفاعية في ...
- قصيدة من الادب العالمي للشاعر النرويجي سيكبيورن اوبستفالد (1 ...
- صفحات من نضال الشيوعيين في السليمانية بعد مرور سبعة وعشرين ع ...
- أمّي الجنينة والنجمة
- قصيدة من الادب العالمي للشاعر النرويجي سيجبيورن اوبستفالد (1 ...
- الالفية الاولى لريكاي كردستان اعادت بي الذكريات الى الماضي ...
- استفيق على حلم
- في رحيل المناضل مام قادر
- الشاعر سيجبيورن اوبستفلدر (01866-190) رائد الحداثة في النروي ...
- يا ربيعاً لا يغيب
- هذه الكلمات من دفتر مفقود
- الخريطة السياسية في كوردستان العراق ما بعد الانتخابات
- عامان على رحيل الرفيق والصديق الدكتور عطا فاضل الخطيب
- ربع قرن على استشهاد ماهر الزهاوي - الحزب الشيوعي العراقي حزب ...
- ربع قرن على ملحمة سويله ميش البطولية – وقائع غير معروفة


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيل الزهاوي - أقصوصة قصيرة ستكتب شيئاً مدهشاً