أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - الفساد البنيوي














المزيد.....

الفساد البنيوي


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 6064 - 2018 / 11 / 25 - 12:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك فساد منتشر على نطاق واسع في المؤسسات المختلفة من غزة لرام الله -يعني قصدنا استحضار أغنية قديمة تقول: ومن غزة لرام الله راح نزرعها فدائيين- وهذا ما يدور الكلام عنه معظم الوقت. لكن هذا -على أهميته- يظل قليل الأهمية، لأنه فساد بالمفرق. الفساد الأهم هو الفساد في "البنية" أو الفساد الهيكلي أو الفساد بالجملة. ونريد أن نتحدث عن ذلك باختصار ودون تعقيد.
يشمل الفساد أشكالاً متعددة، ونرجو من القارئ العربي، والفلسطيني على وجه أخص، أن يفكر في الأشكال الغائبة باعتبار أن الحاضرة تشكل غالبية ساحقة على الأرجح في أي دولة عربية. إذن يشمل الفساد الرشوة والابتزاز والمحسوبية، ومحاباة الأهل والمعارف والعشيرة السياسية أو الطائفية، وإساءة استخدام النفوذ، وانفاق المال على الأتباع والموالين، والكسب غير المشروع ، والاختلاس. ويمكن له أن ييسر العمل الإجرامي مثل الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والاتجار بالبشر . أخيراً يعد استخدام قوة أجهزة الدولة لأغراض أخرى غير تطبيق القانون وحماية حدود الوطن، مثل قمع المعارضين السياسيين ووحشية الشرطة فسادًا سياسيًا أيضًا. خطر ببالنا ذلك كله ونحن نشاهد "فيديو" على يوتيوب يتحدث بإسهاب عن تهريب آثار من منطقة دورا في الخليل في صفقات قدرت بمئات الملايين من الدولارات. من الواضح أن هذا الرقم مثلما يوضح الفيديو يشير إلى تورط أجهزة مختلفة وافراداً عديدين. في دولة "القانون" تثير مثل هذه الوقائع موجات كبيرة من الفضائح والتحقيقات التي تسقط الحكومة في السياق الرأاسمالي لسيادة القانون والنزاهة...الخ بالطبع عندنا تمر الأحداث بعد أيام قليلة من التندر الاجتماعي الذي يحتل الفيس بوك دوراً كبيراً فيه منذ بعض الوقت.
إذن دعونا نعرف الفساد بشكل مبسط بأنه حصول الفرد على منافع أو أموال ما بسبب وجوده في موقع أو وظيفة عمومية، دون أن يقدم عملاً نظير ذلك. ونقصد بالعمل هنا أي نشاط مدر للدخل في سياق الاقتصاد الرأسمالي المعتاد من قبيل الوظيفة أو التجارة..الخ. لكن الأمر الأخطر بمقدار كبير في السياق الفلسطيني هو الفساد المؤسسي أو الفساد البنيوي أو ما نحب تسميته بالفساد بالجملة.
هنا يواجهنا فساد ينخر في أساس وجود بعض المؤسسات السياسية أو الاجتماعية الكبرى من قبيل السلطة الفلسطينية ومنظمات "المجتمع المدني".
فالسلطة تتلقى تمويلاً لا بأس به من جهات دولية مانحة دون أن تقدم نظير ذلك أية خدمة اقتصادية "بيزنس" أو أية سلعة مادية واضحة. لذلك لا مناص من القول بأن المانحين الدوليين إنما يعطونها المال لقاء الموقف السياسي. هذا ريع سياسي، وهو فساد بامتياز: حصول على المال بفضل الموقع الذي يحتله الفرد أو المؤسسة والذي يؤهله للقيام بأمور يرضى عنها المانح الأجنبي. بالطبع يسمح ذلك لنا بالاستتاج بأن السلطة ليست في وضع يسمح لها ب "محاربة الفساد".
وهذا ينطبق على منظمات المجتمع المدني التي تتلقى التمويل الأجنبي دون استثناء: إنها لا تعمل للممول شيئاً في بلده، وإنما تعمل في مجتمعنا المحلي وفق أجندات الممول، فهي إذن تقدم موقفها ثمناً للتمويل. ومثل السلطة لا يسمح وضع "المجتمع المدني" من ناحية طريقه حصوله على المال مبدئياً بأن يحارب الفساد.
من هنا لا يمكن القول إن الرئيس الرسي فيلادمير بوتين قد كان مبالغاً عندما اعتبر الحصول على التمويل الأجنبي من قبل أية مؤسسة روسية فساداً من ناحية و"خيانة" للأمة والدولة من ناحية أخرى. لذلك قام الرجل منذ عقد من الزمن على وجه التقريب بإخراج تلك الأنشطة من دائرة النشاط القانوني المسموح. ولكن الحق يقتضينا القول إن روسيا في وضع أفضل منا بكثير. ذلك أن البلاد النامية أو "الأطراف" لا تمتلك اقتصاداً قوياً أنتاجياً يسمح للطبقة البرجوازية بانتزاع "فضل القيمة" منه. وهكذا تولد تلك الطبقة في الأطراف في معظم الأحيان عن طريق الفساد اكثر من أي طريقة أخرى. ومن ذلك الاحتكارات غير المسوغة لسلع مهمة وأساسية من قبيل الماء والكهرباء والاتصالات والوقود التي يتمكن من يضع يده عليها من تحقيق الثراء المضمون بشكل لا يختلف عمن يضع يده على ثروات النفط أو الذهب في البلاد التي تعتمد على ريع استخراج المعادن فقط لا غير وهو حال دول الخليج التي تعيش على الريع المتأتي من الثروات الطبيعية.
في سياقنا الفلسطيني يمكننا بهذا الشكل أن نتحدث عن محاربة الفساد الى الأبد، تماماً مثلما نعالج أنواع السرطان الشديدة دون أن ننجح في تحسين حالة المريض على نحو جدي أبداً. الفساد جزء أساس من وجود مؤسساتنا، ولا تستطيع أن توجد بدونه. وليس صعباً التحقق من ذلك عن طريق السؤال التالي: "هل تستطيع المؤسسة الفلانية أن تبقى على قيد الحياة وتقوم بأنشطتها الأساس بدون التمويل الأجنبي؟" إذا كان الجواب هو لا، فذلك يعني أن اساس وجودها قائم على الفساد المنطلق من حصولها على أموال الداعمين الدوليين الذي لا يأتي بداهة بدون التنازل عن الموقف السياسي أو الفكري وصولاً إلى ترويج أيديولوجيا الممول وتنفيذ مآربه السياسية التي لا نتوقع أن تكون متفقة مع مصلحة الشعب الفلسطيني أو الأمة العربية.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا: السياسة وسيرك الديمقراطية
- صراعات أسطورية
- حماس وأحلامها السياسية
- في السنة الأولى بعد مئوية بلفور
- الضمان الاجتماعي وتدني التحصيل في مدارس الوكالة
- التبادل اللامتكافئ للدم وزيت الزيتون
- الطوشة ليست حول عهد التميمي
- إعصار أمريكا يلفظ أنفاسه وهو يدمر الحقوق العربية
- مفهوم الديمقراطية وسيرورتها في إسرائيل
- استعصاء التفكير في زمن التحريم
- أمنستي والهجوم الاستعماري على سوريا
- العودة إلى المعتقلات التعليمية
- قائد الجبهة الشعبية وحل الدولة الواحدة
- أزمة الاقتصاد التركي
- منتخب فلسطين 1934
- جرائم الحرب المغفورة في غزة واليمن
- الخلاص من إرث -أوسلو- شرط لاستنهاض المقاومة الفلسطينية
- خالد جمال فراج في ضوء الاحتفالات بعهد التميمي
- نخب النفط وجدلية الصراع مع المشرق واليمن
- نظام الأسد الخائن وتحرير الجولان


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - الفساد البنيوي