أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - الموت هو المكان الطبيعي لجيفارا ...














المزيد.....

الموت هو المكان الطبيعي لجيفارا ...


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 6063 - 2018 / 11 / 24 - 08:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الموت هو المكان الطبيعي لجيفارا ...

مروان صباح / هكذا بدأ ارنيستو جيفارا 1928 واقعة الولادة روساريو الأرجنتين وواقعة الإعدام هيغويرا بوليفيا 1967م ، بدأ حياته الكفاحية بعبارته الشهيرة ، إن طريق البشرية مظلم فإذا لم نحترق أنا وانت فمن سينير الطريق ، وبقوله هذا قد حاول الرجل التشبه إلى حد كبير بأقوال الأنبياء تماماً كما أنه أنهى حياته ايضاً بعبارة أشد وطأة على مسامع البشرية عندما نظر بعيني منفذ حُكم إعدامه وأسمعه بعض الكلمات التى لا تقل بلاغتها عن عِبارته الأولى / كن هادئً فإنك ستقتل رجلاً ، والملفت في صورته المتناقلة بعد الموت ، يجد المدقق لها بأن هناك شيء يتحرك فيها كالريح الذي يعيد الملقى على الأرض إلى المصلوب عيسى المسيح عليه السّلام ، نعم كأنه هو لا سواه ، بالطبع رغم ما شاع عن جيفارا من إلحاد إلا أن المقتنيات التى كانت في حقيبته الشخصية احتوت على قصيدة رثائية ترثي المسيح والملفت أكثر ، عندما أخرجت القوات البولوفية جثته من أجل نقلها ودفنها في مكان مجهول تقدمَ راهب كاثوليك يسكن القرية ذاتها ، مطالباً الجنود بسماح له بتأدية الصلاة عليه فؤذن له ذلك ، هنا يتوجب على المرء احياناً أو في أماكن مماثلة يخيم الصمت عليها أن يكسر برزخ الصمت كي يصل إلى المعاني الخفيفة ، لهذا كيف يفسر الناظر إلى علاقة القس المؤمن والثائر الملحد غير ذلك التفسير الجلي الذي جمع الطرفين على صليب الظلم .

لقد أسس أسد الريف المغربي محمد عبد الكريم الخطابي لثورة الريف المغربية وقد اعتبر المؤرّخون بأن انتصاره على الجنرال سيلفستر الإسباني بعد مهاجمته المحمية العسكرية وقتل أغلب جنودها والسيطرة على مدافع الجيش بأنها أول خسارة يتلقها جنرال غربي يخسر فيها جميع مدافعه دفعة واحدة في شمال افريقيا ، بالفعل ذاع صيت الخطابي ليس فقط في الوطن العربي بل أنتقل أسم محمد الثائر وثورته الريفية إلى الصين وفيتنام وامريكيا اللاتينية والتى لاقت الفكرة شيوعاً واسعاً بين النخب ومنهم كاسترو كوبا والطبيب الارجنتيني جيفارا وتحولت ثورة الريف إلى كراس يتتلمذ عَلَيْه مظاليم العالم الذين أصبحوا فيما بعد شخصيات عالمية .

لقد اعتمد الخطابي على منطق نادر، حين آمنا جازماً بأن هناك ثورة تكمن في داخل كل إنسان لكنها تحتاج إلى فرصة وهذا بالفعل تبين لاحقاً بأن الطبيب جيفارا لم يكن متوافق مع تلك الرفاهية التى أمنها له والديه أو بالآحرى ولدته كونها تنحدر من عائلة استقراطية مَعروفة ، بل كان ينتظر شرارة الانطلاق لكي يفجر طاقاته الكامنة كما أنه أسترجع بأثر رجعي تلك المهدورة وبالتالي قدم للبشرية نموذجاً نقياً في مقارعته للظلم الذي كان قد اوقعه الفكر التوحشي على المزارع والحياة اللاتينية عموماً .

وهنا تجدر الإشارة بأن ارنيستو جيفارا قد خاض تجربة السلطة بل تمتع بسلطة واسعة على الصعيد الداخلي أو تلك الجولات المكوكية التى حظي أثناءها باستقبالات حفوية ، لكن سرعان ما استفاق من أكذوبة السلطة والنهضة الناقصة والتى جعلته الإفاقة أن يعود إلى نفسه مرة أخرى وكانت عودة أبدية ، وبالفعل أشارت رسالة الوداع 1 ابريل 1965م التى سلمها لكاسترو شخصياً بوقائع صلبة والتى تشير عن خلاف صامت بين رجل اكتفى بإدارة دولة حدودها كوبا وآخر ثوري خرج من عباءة الاستقراطية من أجل رفع الظلم عن الإنسان وتوحيد أرض لاتين الجنوبية كما حلم سابقاً سيمون بوليفار بتوحيدها وقد تكون الرسالة التى سجلها التاريخ في صفحاته كشفت عن خلاف مبكر بين الرجلين وحمل الخلاف تأجيلات طويلة حتى وصل إلى نهايته ، بل في مقولته في وقت سابق تعزز عبارته هذا الخلاف الصامت لكنه أشار اليه بحكمة بالغة ، فقدم الفكرة على صداقة الخندق والدماء ، حيث قال ( انا لم أحب فديل لأنه فكر بالمستحيل بل أحببته لأنه حقق المستحيل ) وهنا تكشف العبارة عن حجم وعيه ، أي أن علاقته مع الأخر رهينة للأفعال ومدى إلتزامه بالنهج .

كان الدرس الأول الذي تعلمه جيفارا من محمد عبد الكريم الخطابي انتصاره الَّذِي كان سبب في شهرته ، لهذا كان المبدأ الناظم لديه البحث عن انتصار كبير مماثل ، فجاء بفكرة الهجوم الإنتحاري الى سانتا كلارا وبالفعل حررها وأسقط حاميتها العسكرية الحصينة واعتبرت العملية لاحقاً بالمثال الإعجازي العسكري الذي آثار إنتباه العالم وسُجلت في دفاتر الأعمال الحربية الكبيرة ، بل عندما سئل عن مجازفاته المتعددة وروحه المقدامة ، نظر إلى حقيبته الإسعافية التى كان يحملها على ظهره بجانب بندقيته وقال ، إن هذه الحقيبة قد تسعف شخصاً لكن البندقية تحرر شعباً ، وبهذه العقلية واجه جيفارا مؤسسو الدولة الكوبية ورفاقه الثائرين سابقاً وحاول أن يترجم معنى التساوي بين الذهب والتراب كما تساوُّ عند ابو ذَر الغفاري صحابي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، لكنه اصطدم كالعادة كما اصطدم من قبله وبعده الكثير مع رموز السلطة الجدد وأصبح الرجل عبء ثقيل عليهم الذي دفع الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر أن يطلق مقولته الأشهر بِحرّقة العارف لتكوين ارنيستو الأخلاقي ، لقد كان تشي جيفارا الإنسان الأكثر كمالاً في عصرناً ، وهنا يسأل المرء بصوت حافت ، هل لأرض يعج فوقها الخراب والخيانة أن تتحمل إنساناً كاملاً ، بالطبع الموت أولى به . والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فائض القيمة وناقصين القيمة ...
- السعودية بعد قضية الخاشقجي / لزوم التحرك السريع ..
- هل هو بكاء على عرفات أو على حال الباكي ...
- ثورة البراق اليتيمة وثورة الهيكل المستمرة ..
- كما حضرت عقلنة أمين حزب الله حسن نصرالله في السابق يتوجب حضو ...
- تلبيس الطواقي ...
- ربما سيكون الانتظار طويل ..
- الأنروا عينة اجتراحية من المنظومة العربية ...
- الملك عبدالله الثاني / ملك الأردن مِنْ الأوراق النقاشية إلى ...
- سجال حول احتكار المطبع للتطبيع ...
- مناخ مطاطي ...
- ما بعد الاستعمار ليس سوى الاستئجار ثم الاحتلال
- ذهبوا ضحية توفير بعض النقود
- عبارة هرائية وخواطر اخرى
- التقدير الخاطئ ..
- مهنة المتاعب بين تجارب الماضي وإخفاقات الحاضر
- مهنة المتاعب بين تجارب الماضي وإخفاقات الحاضر .
- الخاشقجي وخواطر اخرى
- نصحتي للرئيسي ترمب / إمبراطور الإمبراطورية الأمريكية
- ازدواجية الإعلام ...


المزيد.....




- رئيس إيران يعلن موقف طهران من التفاوض بشأن برنامجها النووي
- سوريا: إيقاف وسيم الأسد المتهم بالضلوع في تجارة المخدرات خلا ...
- إسرائيل حاولت زعزعة إيران فساعدت في توحيدها
- بانون يعارض الانضمام للحرب على إيران ويوجه تحذيرات لترامب
- سي إن إن: السلطات تراقب التهديدات الإيرانية المحتملة داخل ال ...
- -حتى لو قتلوني-.. شاهد ما قاله الناشط الفلسطيني محمود خليل ب ...
- بعد انتقادات الصدر.. رئيس وزراء العراق يعلق على اختراق إسرائ ...
- فريق CNN يسمع دوي انفجارات قوية شرق طهران في إيران.. شاهد ما ...
- -سنعتبرها أهدافا مشروعة-.. جيش إيران يهدد باستهداف شحنات الأ ...
- الأزمة الدبلوماسية تتصاعد.. الهند تعلن تعليق معاهدة مياه الس ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - الموت هو المكان الطبيعي لجيفارا ...