أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جوزيف بشارة - مبارك، العراق وفضيحة الصحافة في مصر














المزيد.....

مبارك، العراق وفضيحة الصحافة في مصر


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 1517 - 2006 / 4 / 11 - 06:19
المحور: الصحافة والاعلام
    


تابعت الأزمة الناشئة عن التصريحات التي أدلى بها الرئيس المصري حسني مبارك لقناة العربية بشأن الأوضاع الراهنة في العراق. لم أصدق في البداية ما تداولته بعض وكالات الأنباء من أن الرئيس المصري اتهم الشيعة العراقيين بالولاء لإيران، فتصريح كهذا - إن كان مقصوداً - من شأنه المساس بالوحدة الوطنية للعراق، وكذا التأثير على الجهود المصرية والعربية والدولية للخروج بالعراق من المأزق الطائفي الحالى. انتظرت حتى تم نشر الحديث الصحفي بمواقع الصحف المصرية الأهرام والجمهورية والأخبار على شبكة الإنترنت، قرأت الحديث مرات ومرات فلم أجد أية إشارة للتصريحات المشار إليها. جن جنوني، إذ كيف تنسب تصريحات لرئيس دولة كحسني مبارك دون أن يقولها. رحت أبحث عن أصول الخبر على شبكة الإنترنت، فقادتني أدوات البحث إلى موقع قناة العربية. هناك عرفت الحقيقة. التصريحات المنسوبة للرئيس صحيحة وسليمة. أدركت على الفور أن الصحف المصرية قد حذفت الفقرة الخاصة بالشيعة من نص الحديث رغم أن صحيفتي الجمهورية والأخبار أوردتا الحديث مسبوقاً بعبارة " وفيما يلي نص حديث الرئيس مبارك لقناة العربية"، بينما تحايلت الأهرام بذكاء على الموقف فذكرت "وهكذا بدأ الحوار".

تفاوتت ردود الفعل العراقية على تصريحات الرئيس مبارك، حيث أبدت الحكومة العراقية استياءها من تصريحات الرئيس مبارك موضحة أن التعلقيات الخاصة بالغالبية الشيعية وإيران " فهمت على أنها تشكيك في وطنيتهم حتى لو كان هذا غير مقصود."، جاء ذلك في الوقت الذي طالبت مرجعيات شيعية عراقية باعتذار مصري صريح، بينما ذهب البعض إلى المطالبة بمقاطعة المنتجات المصرية. ربما شعر العراقيون الشيعة أن من حقهم الحصول على اعتذار أو توضيح من الحكومة المصرية، ولكن القضية تتطلب ما هو أكبر من الإعتذار أو التوضيح، القضية تتطلب حكمة من كل من الحكومة المصرية والقيادة العراقية والمراجع الشيعية والشعب العراقي بمختلف طوائفه، حتى لا تستغل تصريحات الرئيس مبارك كمرجع لاتهام الشيعة في المستقبل في وطنيتهم.

أعتقد - وربما يساندني الكثيرون في ذلك - أن الرئيس المصري ما كان يقصد بتصريحاته الطعن في ولاء وانتماء ووطنية العراقيين الشيعة، فربما كان بالفعل يقصد الولاء الديني للمرجعية الشيعية في طهران، التي تربطها علاقات متوترة مع مصر منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران.إلا أن ذلك لا يعني أن التصريحات لم يجانبها التوفيق من رئيس مخضرم يجيد تماماً اللعبة السياسية والتصريحات الصحفية، ويعرف بدبلوماسيته الشديدة التي مارسها مع العرب أبان فترة القطيعة التي تلت إتفاقات كامب دافيد المصرية الإسرائيلية، وخلال الأزمات السياسية العابرة بين مصر وبعض الدول العربية كالأزمة مع السودان بعد محاولة الإغتيال التي تعرض لها في أديس أبابا بأثيوبيا. لعل هذا ما دفع الجميع إلى فغر فاه من الدهشة المشوبة بالألم لوصف الشيعة بالولاء للعدو السايق للعراق الذي خاض معه حرباً ضروساً دامت ثماني سنوات كان خلالها الشيعة نموذجاً للوطنية والإنتماء والإخلاص لوحدة الوطن العراقي. وربما يزيد من حساسية الموقف أن التصريحات جاءت من رئيس سني في وقت يتعرض له الشيعة لهجمات إرهابية من متطرفين سنة.

لعل الرئيس مبارك نفسه يشعر بالأسى والألم لمردود تلك التصريحات، لذلك سارعت الأبواق الإعلامية الحكومية المصرية للدفاع عنه ونفي الإتهامات عنه بتعمده إهانة العراقيين الشيعة، حيث ذكر مستشاره الصحفي أن مبارك كان يقصد "التعاطف الشيعي مع إيران" وأن تصريحات الرئيس تعكس " قلقه البالغ من استمرار تدهورالوضع الراهن‏,‏ وحرصه علي وحدة العراق وشعبه‏,‏ وعلي استعادة الهدوء والاستقرار‏,‏ وتحقيق الوفاق الوطني بين جميع أبناء الشعب العراقي الواحد الذي تتعامل مصر مع جميع فئاته وأطيافه دون تفرقة أو تمييز‏." كما جاء حذف الفقرة الخاصة بهذة النقطة من نص الحديث المنشور بالصحف الرسمية المصرية في إطار التكتيم عليها حتى لا تتصاعد المشكلة وحتى لا تخلف تداعيات داخلية من قبل الشعب المصري ذاته الذي قد يرفض مثل هذا التصريح.

لكن معالجة الصحف المصرية للقضية، بمحاولة إخفاء الحقيقة، تثير حقاً العجب والتعجب. إنها فضيحة أن تتدخل الأيادي للعبث بنص الحوار المملوك لقناة العربية. لقد كان من الأولى والأفضل أن تنشر تلك الصحف الحوار بالكامل، كجزء من الأمانة الصحفية التي يفترضها شرف مهنة صاحبة الجلالة، مع نشر توضيح المسئولين المصريين بشأنها، أو ألا تنشر نص الحوار من أساسه. لقد تابع العالم حديث الرئيس مبارك وعرف الجميع محتواه وأدرك الجميع الحاجة إلى التعامل مع الموقف بحكمة، لذا لم يعد يجدي أن تخفي الصحف المصرية التصريحات خاصة مع وجود شبكة الإنترنت التي تنقل كافة الأخبار دون حذف أو رقابة. إن قطع جزء من حوار الرئيس يثير من جديد مسألة عدم استقلالية الصحف المصرية والعربية والرقابة الحكومية عليها. لا أعتقد أن الصحف الثلاث الرئيسية في مصر حذفت الفقرة من تلقاء ذاتها باتفاق فيما بينها او بدون اتفاق، ولكن ربما كانت هناك تعليمات من الهيئات المشرفة على الصحافة بحذف تلك الفقرة في خطوة تنم عن غياب حرية الصحافة و انعدام الديمقراطية الحقيقية عن مصر.

إن القضية الحقيقية التي تفجرها تصريحات الرئيس المصري هي قضية مستقبل ووحدة العراق وليست قضية وطنية الشيعة، فتلك مسألة لا مجال للإختلاف عليها. لقد أصبح على العراقيين، بعد مرور ثلاث سنوات على تحريرهم من طغيان صدام حسين، أن يتجاوزوا خلافاتهم وأن يثبتوا للعرب والعالم أن للحرية والديمقراطية تجارب ناجحة في عالمنا المعاصر. لعل في ذلك رد أقوى وأوضح وأمضى من كل سيف ذي حدين على كل تصريح أوتشكيك في وطنية كافة الطوائف العراقية من شيعة وسنة وأكراد وأشوريين وكلدانيين وغيرهم.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مملكة الحق
- العنف وحرب المناصب في مصر
- مثلث التطرف والأمن وحقوق الإنسان بعد 9/11
- ضريبة حرية العقيدة: اللوث العقلي والنفي
- عمرو موسى ودبلوماسية الديمقراطية والتنمية
- دعوة للجهاد ضد المسيحيين العرب؟!
- شرك الديمقراطية في أفغانستان
- عبد الرحمن الأفغاني شهيداً للحرية؟!
- حقوق الإنسان في العالم العربي: قيود... تمييز... وتعذيب...
- صمت الأغلبية ومواجهة التطرف
- إختلاف القيم وصدام الحضارات
- مأزق أقباط المهجر!
- النقد الفكري في الإسلام


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جوزيف بشارة - مبارك، العراق وفضيحة الصحافة في مصر