أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - الصليب والمياه














المزيد.....

الصليب والمياه


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


سردنة التمثلات في الذاكرة الشعبية العراقية

الورقة المشاركة في مؤتمر السرد الثالث / دورة الروائي سعد محمد رحيم
عنوان المحور( السرد العراقي وتمثلات الذاكرة الشعبية) يحيلني الى النقد الثقافي بنسبة عالية، وفي هذه الحالة يتعطل التلاسن النقدي عن مهارات السرد ، إلاّ فيما ندر، لأن الأشتغال سيتراكم على التمثلات / الموضوعات وليس على آليات اشتغالها ولكنني سأحاول جهدا مع ما بعد ليس ..
(*)
تشتغل قراءة ورقتي على مسردتين :
* الصليب : رواية فهد الأسدي
*مستعمرة المياه : جاسم عاصي

(*)
تكتنز رواية (الصليب) بمغريات حراثة مفاهيم نقدية كثيرة، لكن قراءتي المنتجة ستتوقف عن مصدات اللون وملاحقته في حياتنا اليومية، تتوقف لتتجاوزه وصولا الى ما يفرزه اللون من مؤثرية فلكلورية فسواد البشرة لا يكتفي بالبشرة بل يخترقه نحو المؤثر الغيبي إذ تشتغل المخيلة الجمعية في تسريد جهويتها حول شبح الرجل الأسود الذي هو (حلب بن غريبة) الجالس قرب موقد نار القهوة، فهو يتحول من البشري الى الخرافي (جنيا من صنوف الجن التي يتحدثون عنها بالأساطير ويقولون أنها تجوس من خلال ليل الخائفين تسد طرق الخلاص على العباد 17) وخلافا لهذا التجني المتعالي على البشرة السوداء، فأن هذه البشرة تحاول خلاصا فرديا من عبودية بياض المجتمع المتعالي، وخلاصها الجواني يتجسد بمعاقبة الذات سرا، فالأم تحذّر ابنها حلب من طعام الشيوخ، وحين يخبرها (أكلتُ ماتبقى من فضلة ضيوف الشيوخ) جواب حلب استفز كرامة الأم السوداء.لكنها لم تزجره بل عنّفت جسدها هي (انحنى رأسها بيأس ثم نهضت كالملسوعة. تناولت السلسلة الحديدية المعلقة على الجدار وراحت تدق على ظهرها 32)..هذا الطقس البدائي، سيفكك شفرته حلب ويخبرنا به (آه. لقد عاودتها طقوس النوبان ) ثم يكمل لنا السارد العليم (مارست طقسها فترة. ثم سقطت بغيبوبة )

(*)
هل جلد الذات هو الطريق المثلى لتحرير العبد من ذل العبودية ؟ لنتوقف عن هذا المشهد: يسألها حلب كيف يكون حرا؟ لاتجيب بلسانها بل بفعلها (اطفأت سيكارتها،ثم شبت متعلقة، تناولت سلسلتي حديد معلقتين على الجدار ناولت حلبا وأمسكت بالثانية / 72) ثم تبدأ الأم بالتحلق حول الموقد، ويدور ولدها خلفها، يدوران حول نقطة النار / الموقد، يغذيان النار بنيرانهما الجوانية، أنفاسهما المقهورة / المكتظة بعذابات لاحد لها. ..لكن الأم أفضل حالا من ولدها فهي مازالت تحلم بالحرية التي كانتها في طفولتها أما ابنها فقد ولدت عبدا ذليلا، هذا ما يؤكد التحاور بينهما :
(- مَن أين تجيئين يا أمي بهذه الأحلام؟ عالم لا اعرف عنه شيئا ابدا..
أجابته بألم : أنا أشكله من جديد لأني عشته يوما. أما أنت..أما أنت فيا لشقائك ..)
وليس بالدق وحده تحاول حرية ً لها ولحلب . أن الأم تستعمل الحلم أجنحة للخلاص (74- 75) لكن حلب يفارق أمه في طريق تحرير نفسه من عبودية البشرة البيضاء، من خلال إنهمام المرأة الأرملة البيضاء وتجري المحاورة بين حلب وأمه، ويرفض حلب العلاج المازوخي بجلد الجسد بالحديد، وعلى حد قول أمه غريبة (دق ..دق الى أن تنقطع السلسلة ويروح الرق/ 74) .. المرأة البيضاء تستعمل من حلب فحولته، وحين تنالها منه ، تعامل بكل ما فيها من خسة :
(هيه صخل! قم أيها الفحل اياك أن تخبر أحداً/ 126) والعبد حلب يصلح لعدة استعمالات مثل أي آلة، فالأسياد يجردون من كل سمات الإنسان ويتعاملون مع كشيء..
(*)
المشترك الاتصالي بين صليب فهد الأسدي وبيت السودان لمحمد حياوي يتجسد من خلال ثلاث مجسرات
*الأولى هو سواد البشرة
*الثانية الرقص
*النهاية العنيفة للسواد الراقص.

(*)
في رواية جاسم عاصي (مستعمرة المياه) يتمازجان الميداني الريفي والحكاية الشعبية بنكهة الأسطوري..(فلكي لايغلبنا حفيظ، علينا أن لا تأخذنا حدة توهجه. ومن أجل أن لا نخسر كل شيء دوما، ينبغي الأغتراف من لالئه /44) وبشهادة مردان وهو يخاطب زليخا( عن ماذا احدثك يازليخة ..؟ حفيظ لعنة كبيرة احتوانا جميعاً واستحوذ علينا حد الدمار51) .. لكن روح المغامرة واختراق كوت حفيظ لم تتوقف (فكوت حفيظ نار مستعرة، لا يخرج منها جسد حي..ولكن هل نتوب عن دخول هذا الخضّم..؟ أقول : كلا.93).. وبشهادة السارد( لمردان حكايته.. سجل ما كان يراه وما كان قد منه موقع التجربة والخوض13) ومردان ينتسب لعشيرة المكاصيص ستكون لها البطولة المطلقة في الرواية وكأن هذه العشيرة سدنة كوت حفيظ بشهادة السارد الضمني..(يا أيها المكاصيص ابشروا فإن مآلكم هذا الوهج، ومكانكم كوت أحفيظ كنز الآباء والأجداد24) وبشهادة سارد آخر: المكاصيص هم (ممن ابتلو بسحر الوهج في عرض الهور/33) وترد مفردة العشيرة على لسان مردان(يضاف الى عشيرتنا طموح كوت حفيظ38) ( ما الذي حصدتم من ابحاركم الدائم أيها المكاصيص غير الضحايا والضياع في بحر لاتطاله العين /91) ومردان تعرض لتجربة شرسة أثناء مغامرته/ ص31. وهنا يمتزجان الواقع اليومي بالحكائي،الذي يصل تخوم الخرافي كما في توصيف مردان لكوت حفيظ( أن له فم حوت،وأطراف حيوان كبير،وله بريق واسع تركز في نواته/ 109)،كما أن كوت حفيظ (بحر يقود الى سحر) (خلوة ومهرجان /123)(كوت حفيظ يبهرك نوره،فكلما زادت حلكة الليل ازداد إشعاعه/ 125)(حفيظ كنز أبائنا وأجددنا ) (وهو حوت ذو أسنان لؤلؤية،وفم واسع،يسع العالم وله أذرع متعددة) (والمكاصيص من يملأ فمه عاجلا أو آجلا)..سامح سيكمل طريق أبيه مع كوت حفيظ، وهذا يعني عليه أن يقصد قرية الشويعرية حيث تقطنها عشيرة المكاصيص ولكن لن يتفرد بالمغامرة الأقتحامية بل سيجعلها جماعية فقد أصطحب المكاصيص..
(*)
نلاحظ أن الذاكرة الشعبية في مسردة الروايتين : تبدأ بالوتر : حلب / سامح ثم تنتهي الذاكرة الشعبية صعود إلى نسق المتعدد في الواحد
*فهد الأسدي/ الصليب / دار الشؤون الثقافية/ بغداد/ 2008
*جاسم عاصي/ مستعمرة المياه/ دار الشؤون الثقافية/ بغداد / 2004



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياء الدين أحمد : شجر المعارف
- أمسية ينيرها المطر
- نزهة قصيرة في (لم أكن نبيا) للقاص خلدون السراي
- غازي فيصل حمود : في ذمة النور
- ملائكة البصرة الآبقين من دخان الحروب/ عبد الكريم العبيدي في ...
- يا علي العضب
- قم للمعلّم
- رسالة مفتوحة، بتوقيت غياب مؤقت
- يا .. باسم محمد حسين
- الصلصال روح الأزهار/ مي منسىّ في (تماثيل مصدّعة)
- الحدبة : علي عبد الأمير صالح / ميسلون هادي
- نوارس إسماعيل : مظلة السبيليات
- روائيات البصرة : يتحكمن بالمد والجزر
- تراتبيات السرد في(نساء ماهر الخيالي) للروائي ياسين شامل
- الموازنة بين العوالم / (جبل الزمرد) للروائية منصورة عزالدين
- الصرخة : بصرة
- تأنيث الأستعمار.. الروائي شاكر نوري / في (خاتون بغداد)
- أرباض ..مقداد مسعود والتحليق خارج التجنيس الأدبي / بقلم الكا ...
- حافة كوب أزرق / الأشياء بمرتبة الكائن / بقلم الناقد جبار الن ...
- التشكيل والإشكال.. في مفهوم الأدب النسوي


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - الصليب والمياه