|
التراجيديا الإنسانية 3
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 6050 - 2018 / 11 / 10 - 14:53
المحور:
الادب والفن
أطفأتُ حُلْمِي في الصباحِ الباكرْ كنتُ قد صرتُ في البَعْدْ قبلَ أن أسحبَ الستائرْ اقتربنا بالبُعْدِ مِنَّا بعدَ أنْ صِرْتُ وصِرْنَا في الطريقِ إلى العملْ لِ وفي الحدائقْ في عقاربِ الساعةْ ةِ وفي الدقائقْ في حاسوباتِ الباعةْ ةِ وفي النوافذْ في كَنَبَاتِ القاعةْ ةِ وفي الفِراشْ فينا على ظهورِ الفَرَاشْ السمارتفونُ يفعلْ لُ والعنكبوتُ شبكتُهُ من ألماسْ سٍ تخنقُنَا من معاصِمِنَا أحبُّ هذا أعبدُ هذا أموتُ بهذا إحساسي سكينْ نٌ أطعنُ بِهِ فأتلاشى
كلَّ يومٍ أنظفُ أسنانَ سمارتفوني بالفرشاةِ مرتينْ مرةً بعدَ تناولِهِ طعامَ الإفطارْ ومرةً قبلَ دخولِهِ في سريري لينامْ مَ ومني يرتاحْ كما يرتاحُ من أبي المتكاسلْ لِ في قبرِهْ تلفونُهُ النَّقَّالْ من كلامِهِ مَعَ العِظامْ من صفقاتِهِ مَعَ النحلاتِ التي "أبليكيشِناتها" هي العالمُ المتماثلْ
عندما يكونُ الطقسُ جميلا والشمسُ تشرقُ في الكتابِ القَيِّمْ تذهبُ سمارتفوناتُ كلِّ البشرِ إلى العملِ مشيًا على أقدامِهَا ما عدا سمارتفونُ أبي المَيِّتْ كي لا تذبلَ في المقابرِ أزهارُهَا كانَ عليهِ أن يساعدَهُ في تنظيفِ قبرِهْ وكانَ عليهِ أن يمسحَ الغبارَ عنْ صُوَرِ أمي وَضَبَّاتِهَا وكانَ عليهِ أن يطبخَ لأبي الذي لا يحسنُ الطبخَ بطريقةٍ تُرضي أسنانَهُ هي من بعضِ سرِّهْ خطأُ أمي التي دللتْهُ كثيرًا في حياتِهَا وكانَ عليهِ أن يلعبَ الشَّدَّةَ معَ الديدانْ نِ ليسلِّيِهَا فأبي كانَ يفضلُ أن يشربَ كأسًا من الشايْ وأن يشتمَ العالمْ مَ لأنهُ ماتْ ولمْ يَعُدْ يَهُمُّهُ أيُّ شيءْ
وأنا ونانسي والسمارتفونُ في الفراشِ تشتمُ نانسي الدنيا كأبي "العالمُ قحبةْ! العالمُ قبحةْ! العالمُ جنونْ!" "لماذا خلقتَنِي يا ربي؟" تتساءلْ "في بنسلفانيا كُلُّنَا كبذورِ زهرةِ عُبَّادِ الشمسِ!" تقولْ أتجاهلْ تقومْ في المرآةِ تدخلُ بحثًا عن أخي الميتْ تِ أخي المَهُولْ وفي سريري أبقى أنا وصديقي الوحشُ المُهَوِّلُ أبقى أنا وبشار أسدْ
العالمُ قوقعةُ الحلزونْ الإنسانيةُ تتثاءبُ بكسلْ كالكركدنْ تتحادثُ بمللْ كالتماسيحْ تُغْمِضُ عينيها المثقلتينِ بالنومِ على الجثثِ في حربِ اليمنْ وتفتحُهَا نصفَ فتحةٍ على ما يسلي سمارتفونَها من حواديتْ الأطفالُ الجوعى في أفريقيا والبنوكُ المفلسةُ في المريخْ الإنسانيةُ المجرمةٌ في حقِّ نفسِهَا والإنسانيةُ الفَسِيخْ الأشرارُ لا يُعَيِّرُ بعضُهُمْ بعضا والأخيارُ قِناعُهُمِ ستوكهولمْ
نفعلُ نفسَ الشيءْ ولنا نفسُ اللامبالاةْ نفسُ الفُتُورْ كالطاووسِ الأقرعْ عِ تَمَاثُلُنَا كَبَصْقِ الثلوجْ كالكسوفْ كصورِنَا الدميمةِ في الفيسبوكْ كالوجوهِ المقلوبةِ على قفاها كالقرودْ حَمَلْتُ وجهَ نانسي وأردتُ تمزيقَهُ تمزيقي ورقَ عدمِ الاكتراثْ عضني الوجهُ هُ وهاجمتني الكلابْ كانتِ الطبيعةُ في تماثُلِهَا كانتِ الإنسانيةْ كانتِ الأمواتْ تُ وكيفَ عليها أن تكونَ للصديقِ ذئبًا أو نعلاً للحذاءْ كانتِ البربريةْ أصبحَ أبي الميتُ ألدَّ أعدائي كانَ قبرًا وصارَ قبورَ العراقْ لمْ يعدْ يعرفُنِي لم يعدْ يتعرَفْ على كَفِّهِ الملتصقِ بعمري نزعتُهُ وهو يصرخُ مِنِ الوجعْ كانَ وجعُهُ وجعَ دجلةَ والفراتْ كانَ حبورَ أمي التي مدتْ يدَهَا مِنِ الغيمْ وقرصتْ نانسي مِنْ خدِّها
ضائعونَ في المكانْ لا ليسَ الذنبُ ذنبَ البنوكْ الذنبُ ذنبُنَا هل نفتكُ بالزمانْ؟ باحثونَ عنِ الحيوانْ لا ليسَ الذنبُ ذنبَ الملوكْ الذنبُ ذنبُنَا هل نرضخُ للإنسانْ؟ قاطنونَ على الأغصانْ لا ليسَ الذنبُ ذنبَ الطيورْ الذنبُ ذنبُنَا البندُقُ ذنبُنَا واللوزْ زُ والمِدَقْ الفستقُ ذنبُنَا هل نغردُ للأشجانْ؟ قلتُ للموتِ "أبي عندكمْ" قالَ الموتُ لي "الإنسانيةُ عندنا"
أنا الحاكمُ والمحكمةْ كلُّ هذا القتلِ وليسَ هناكَ قاتلٌ أحاكمُهْ كلُّ هذا الصيدِ وليسّ هناكَ صائدٌ يعلمني القتلَ في الطيورْ كلُّ هذا الرقصِ وليسَ هناكَ راقصٌ يجعلُ مني ترافولتا العربي "سأقتلُكَ يا أبي" قلتُ لأبي "تقتلُنِي وأنا القتيلُ" قالَ أبي "سأقتلُ أخي" "تقتُلُهُ وهو القتيلُ" "ساقتلُ نهدَ نانسي بطنَ نانسي ساقَ نانسي ربَّ نانسي دينَ نانسي إنترنتَّ نانسي" "اقتلْهَا" قالَ لي
هربَ الجنونُ من معتقلِ السمارتفونْ نِ وأتاني قالَ لي "أنتَ حريتي" فأجبتُهُ "أخطأتَ الطريق" وبكلّ جنوني قتلتَهْ هُ نتفتُ ريشَهْ هُ وشويتُهْ هُ كالفَرُّوُجِ السمينْ وعلى بسطةٍ للإنسانيةِ في بيروتْ قَطَّعْتُهُ شُقُفا وأخذتُ أبيعُهُ للعقلاءْ ءِ مِنِ الهائمينْ نَ على وجوهِهِمْ واحدًا واحدا واحدًا واحدا واحدًا واحدا واحدًا واحدا ويا للغرابةْ! كانوا الإنسانيةْ ةَ التي تشمعتْ في الرتابةْ لم تكنْ نظرتُنَا إلى الأشياءِ التي تختلفُ مِنْ واحدٍ إلى آخرْ كانت هي الأشياءْ تشمعتِ الأشياءُ في سوقِ التِّقَانَةْ وجهُ نانسي تشمعَ كنهدِهَا كبطنِهَا كقدمِهَا تشمعتْ فساتينُهَا تشمعتْ كلاسينُهَا تشمعتْ جواربُهَا تشمعتْ صنادلُهَا تشمعتْ أحلامُهَا تشمعتْ أوهامُهَا تشمعتْ هاريسبرجُ عاصمتُهَا تشمعتْ بنسلفانياها تشمعتْ أمريكاها تشمعتْ دولُ العالمِ كلُّهَا وبعودِ كبريت أشعلتُهُ فيها جعلتُهَا تذوبْ سالَ وجهُ نانسي ونهدُهَا وبطنُهَا وقدمُهَا سالتْ كلُّهَا وكلُّ أشيائِهَا سالتْ وسالتْ عاصمتُهَا بمساكنِهَا وحدائقِهَا وشوارعِهَا ودكاكينِهَا وسالتْ ولايتُهَا بمزارعِهَا وأنهارِهَا ووديانِهَا وجبالِهَا وسالتْ أمريكاها بأنيابِهَا وأسنانِهَا وأظافرِهَا ومخالبِهَا بِرُقِيِّهَا وقوتِهَا وسحرِهَا وعظمتِهَا وسالت الدولُ الأخرى بما لها وما عليها ماجَ الشمعُ وهاجْ والشمعُ يلتهمُ الدنيا والدنيا قَلَمُ حُمْرَةْ
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التراجيديا الإنسانية 2
-
التراجيديا الإنسانية 1
-
سارة
-
مريم
-
فاطمة
-
عزف منفرد على كمنجة جمال خاشقجي
-
أنا لا أُطاق أنا لا أُحتمل
-
أضواء أوتاوا
-
صلوات سياسية ونصوص متنوعة الكتاب
-
الإخفاقات الذريعة ونصوص متنوعة الكتاب
-
الإخفاق الذريع 15
-
الإخفاق الذريع 14
-
الإخفاق الذريع 13
-
الإخفاق الذريع 12
-
الإخفاق الذريع 11
-
الإخفاق الذريع 10
-
الإخفاق الذريع 9
-
الإخفاق الذريع 8
-
الإخفاق الذريع 7
-
الإخفاق الذريع 6
المزيد.....
-
غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
-
السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو
...
-
-مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف
...
-
السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا
...
-
المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات
...
-
وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط
...
-
ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
-
عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح
...
-
بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا
...
-
ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه
...
المزيد.....
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
المزيد.....
|