|
التراجيديا الإنسانية 2
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 6049 - 2018 / 11 / 9 - 15:52
المحور:
الادب والفن
المبيدُ للحشراتِ لمْ يكنْ في مكانِهِ المعتادْ أداخني الفراغْ غُ على الرفِّ الجِدَاري فقدتُ توازني خَرَجَتْ يدُ أبي مِنْ قبرِهِ بكفِّها كَثُعْبَانِ الماءْ دَخَلَتْ في حلقي كانتْ حشرةٌ هناكْ وكانَ الموتُ يبحثُ عنْ بابٍ للخروجْ
"أنتَ لا تساعدني على فهمِ حياتي" قلتُ لأبي "انظرْ إلى أخيكَ الميتِ" قالَ لي في المرآةِ كانْ كانَ يُضاجعُ نانسي كالوحشْ كانَ يَفْتَرسُهَا من ساقِهَا ونانسي تهمهمُ غائبةً "آه يا حبيبي!" حَمَلْتُ بطنَهَا الحَسَنَ لِأُنْقِذَهُ لها كانتْ في بطنِهَا كتيبةٌ مِنِ الديدانْ
"كم أنتَ طيبُ القلبِ" قلتُ لأخي الميتْ تِ ونحنُ نتنزهُ في المرآةْ ونحنُ ننظرُ إلى وجوهِ الناسْ سِ والناسُ ينظرونَ إلى بطنِ نانسي الذي يتنزَّهُ معنا سَطْوٌ مُسَلَّحٌ كانَ في دكانْ لم أكنْ أحبُّ الذهبْ لم يكنْ بطنُ نانسي يحبُّ الذهبْ لم يكنْ أخي يحبُّ أيَّ شيءْ الذهبَ أولَ الأشياءْ لم يكنْ يُحِبُّنِي لم يكنْ يحبُّ نانسي ونهدَ نانسي وساقَ نانسي وبطنَ نانسي لم يكنْ يحبُّ أباهْ هُ الذي بكاهْ لم يكنْ يحبُّ أختَنَا الصغيرةْ كانَ يحبُّ أختَنَا الكبيرةَ لِحَلَقٍ ذهبيٍّ اشتراهُ لها لم يكن يحبُّ ثعابينَ الماءْ ولا ثعابينَ العشبْ بِ ولا ثعابينَ الرملْ ولا ثعابينَ العلبِ المحفوظةِ في المتاحفْ ولا ثعابينَ القعودِ في الإليزيهْ والقيامْ لم يكنْ يحبُّ ثعابينَ العالمْ لم يكنْ يحبُّ العالمْ تناولَ حَلَقًا ذهبيًا وزينَ بِهِ الأُذُنَ التي في بطنِ نانسي "أُحِبُّ الآنَ هذا البطنَ" قالْ
في البلبلةِ والفوضى أرتاحْ أَقْلِبُ وجهي وأمشي في الخَوَاءْ أَقْبَلُ الخِدَاعْ أرضى "بالغِشِّي" غِشِّ النفسِ أو غِشِّ الخمرِ على حَدٍ سَواءْ أقنعُ بالاحتيالْ فلا أَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءْ ولا أَصِلُ إلى مَسْعَايْ في الجحيمِ كلُّ الطيورِ مثلي وكلُّ الأنبياءْ ما خلا كَفُّ أبي وبطنُ نانسي وقدمُ أخي وبعضُ الحشراتْ
في شارعِ الشانزلزيهَ تعبرُ السياراتُ مثلَ كُلِّ يومْ في شارعِ الشانزلزيهَ تعبرُ الأقدامُ مثلَ كُلِّ يومْ في شارعِ الشانزلزيهَ تعبرُ الفتريناتُ مثلَ كُلِّ يومْ الفتريناتُ تلحقُ المارّةْ المارَّةُ تلحقُ السياراتْ الجمهوريةُ تلحقُ التاريخْ نابليونُ يلحقُ الحصانْ في شارعِ الشانزلزيهَ بِطْنُ نانسي يستلقي لتدخلَ باريسُ من سُرَّتِهْ هِ إلى العَبَثْ ثِ مِنِ الفجرِ حتى منتصفِ الليلْ أتركُ بطنَ نانسي لمهمتِهِ التاريخيةْ وأذهبُ إلى القبضِ على سكينٍ في الأحلامْ أقطعُ بِهِ كَفَّ أبي الملتصقةَ بخدي أناضلُ مَعَ حزبٍ لا ينامْ أعضاؤُهُ يمارسونَ العادةَ اليساريةْ
في الشانزلزيهَ رجلٌ وثلاثُ نساءْ كالقمرْ الرجلْ والنساءُ بتولاتْ كبطنِ نانسي كفكرتي الأولى عَنِ الغرامْ قَطَعَ الرجلُ فكرتي الأخيرةَ بسكينِهِ وغدا مِخْلَبَا فَرَشَتِ النساءُ بطونَهَا على قضيبِهِ لتعانقَ مِقْعَدَا
رَكَضَتْ كتبي من ورائي وهي تقيءُ كُلَّ ما في جَوْفِهَا مِنْ كلماتْ وهي تُفَكِّكُ حروفي وتنشرُ الكوليرا بينَ الأمواتْ قَتَلَتْ أبي الذي ماتْ فنهضَ مِنْ قبرِهْ بَحَثَ عني فوجدني في أحدِ المستشفياتْ تِ أقيءُ مِثْلَ كتبي الكلماتَ الزرقاءْ "الأزرقُ لونُ الجهلِ" قالَ لي "وأنتَ تبيعُ الجهلَ للقراءْ" في البيوتِ كانَ الأزرقُ لونَ الخبزْ زِ والبَنَدُورِيَّةْ كانَ لونَ الماءْ ءِ والدكتاتوريةْ كانَ لونَ مقدمِ الأخبارِ في التلفزيونْ نَ والحريةْ كانَ لونَ النهارْ كانَ لونَ الليلْ كانَ لونَ بريجيت باردو
في شارعِ الشانزلزيهَ طَعَّنْتُ ظِلالَ الناسْ نَكَّلْتُ بالأعمدة ذَبَّحْتُ الأشجارْ مَزَّقْتُ الفساتينَ التي كانت تبحثُ عَمَّنْ ترتديها قَطَّعْتُ البناطيلَ التي كانت معلقةً على الحبالْ هَدَّمْتُ الكراتينْ نَطَّحْتُ ناطحاتَ الورقِ الصعبةَ المنالْ أُلْقِيَ القبضُ عليّْ يَ بتهمةِ الرقصْ دافعَ عني أجملُ شارعٍ في الدنيا وشَهِدَتْ لصالحي كُلُّ ضحايايْ وبطنُ نانسي
بكيتُ للحريةِ لأني لم أبكِ كثيرًا في حياتي فبكى أبي الميتْ تُ حتى أدمى الدمعُ عينيهْ أراد أن يأخذني إلى السينما كما كانت عادتُهُ معي وأنا صغيرْ أن يشتري ليَ الحامضَ الأزرقْ قَ لأني أُحِبُّ عَصْرَهُ على السردينْ أن يعطيني ألفًا كما كانَ يعطيني مِنِ الدنانيرْ أن يتركني أفعلُ ما أشاءْ كُلَّ ما أشاءْ كُلَّ ما أريدْ قَلْعَ كفِّهِ الملتصقِ بخدي أو قَلْعَ عينِهْ لَمّا كَبَّرْ قبلَ أنْ يقلعَ عينَهُ وَيُقَدِّمَهَا لي
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التراجيديا الإنسانية 1
-
سارة
-
مريم
-
فاطمة
-
عزف منفرد على كمنجة جمال خاشقجي
-
أنا لا أُطاق أنا لا أُحتمل
-
أضواء أوتاوا
-
صلوات سياسية ونصوص متنوعة الكتاب
-
الإخفاقات الذريعة ونصوص متنوعة الكتاب
-
الإخفاق الذريع 15
-
الإخفاق الذريع 14
-
الإخفاق الذريع 13
-
الإخفاق الذريع 12
-
الإخفاق الذريع 11
-
الإخفاق الذريع 10
-
الإخفاق الذريع 9
-
الإخفاق الذريع 8
-
الإخفاق الذريع 7
-
الإخفاق الذريع 6
-
حوار الحضارات يتبعه لندنيات النص الكامل
المزيد.....
-
محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم
...
-
شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
-
موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون
...
-
إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم
...
-
إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم
...
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
-
أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
-
ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري
...
-
الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|