أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - ابتسمْ قبل أن تُطلق النار!














المزيد.....

ابتسمْ قبل أن تُطلق النار!


سلام محمد المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 6043 - 2018 / 11 / 3 - 01:24
المحور: الادب والفن
    


أغلب اللوحاتُ لقت إعجاب النقاد، تكهنوا لي بمستقبل مشرق وشدوا على يديّ.. ورجليّ..
سررتُ بما قالوا، لكني انتظرتُ أكثر حول لوحةٍ أخذت مني الكثير وأودعتُها الحقيقة كما أراها.. انتظرتُ أن تُفهم، لكن ذلك لم يحصل.. تساءلت يومها لمن أرسم؟ إذا كان النقاد لم يفهموا فكيف لغير المختصين أن يروا ما لم يستطع رؤيته المختصون؟
رسمتُ تلك اللوحة بعد قطع رأس أحد رُعاة الغنم، في منطقة من المناطق المُفَقَّرة في بلدي، منطقة لا تنتمي إلى "من بنزرت إلى بن ڤردان".. من علم التاريخ الحقيقي يعرف أن المستعمرين طوال تاريخنا قطنوا الشريط الساحلي عكس أجدادنا أهل البلد الذين قطنوا بقية البلد، أما من جهله فسيردد أقوال الغرباء عن البلد الذين صاروا أهل البلد ولم يكتفوا بذلك بل ألبسوا البلد ومن فيه هوية غريبة عنه أجنبية حتى صار البلد أجنبيا عن البلد الذي أعرف والذي أحب والذي له رسمت تلك اللوحة..
رجل يقف أمام البحر ناظرا إلى الأفق البعيد الذي تلوح منه صورة لخريطة البلد، الخريطة كلها صفراء وفي الباكڤراوند شفتا امرأة.. الابتسامة المرسومة على الشفتين، فُهمت أنها ابتسامة أمل في مستقبل أفضل يُستبدل فيه اللون الأصفر لون الصحراء والموت بلون أخضر فتعود المياه إلى مجاريها، وتعود الجميلةُ خضراءَ كما سمُّوها و "بالأمن والأمان يحيا هنا الإنسان" كما كانت تُغنّي المُغنية.... الابتسامة لم تكن ابتسامة أمل، رسمتُ ابتسامة حقيقية لشفتين حقيقيتين، ابتسامة سخرية واحتقار كتلك التي تسبق إطلاق النار على حقير لا يستحق الحياة.. مجرم اقترف أشنع الجرائم، يُنفّذ فيه حكم الإعدام.
صاحبة الابتسامة كانت الوحيدة التي تغطي شعرها من بين كل من عرفتُ، وكانت تنتمي إلى عائلة اخوانجية.. عادة ما يكون حكمي عند وجود تلك الخاصيات الشنيعة، الورقة الحمراء مباشرة ودون تفكير.. لكني في تلك المرة، قُمت بالاستثناء.. في لحظة أمل، رأيتُ تلك الفتاة "بلدًا" وبيئتها الموبوءةَ "شعبًا"؛ قلت أُحرِّر البلد من براثن الشعب، قلت أعيشُ وحدي مع البلد وليذهب ذلك الشعب إلى الجحيم..
استمرت لحظة الأمل تلك عدة أشهر: قمتُ بكل ما يجب فعله مع تلك الفتاة، كانت خريجةَ علوم إنسانية ومهتمة بالنفس وعلومها.. وصلتْ إلى قناعة أنّ الدينَ مشكلٌ دون أن تتخذ بشأنه القرار، لكنها لم تستطع فهم حقيقة الصحراء وأهلها.. ولذلك وبعد كل العمل الذي به قمتُ، فهمت -وكانت على يقين- أن هدفي معها كان التأثير عليها وإبهارها لأتمكن من مواقعتها!
كانت "شريفة" و "ابنة أصل" كما قالت عن نفسها، ولذلك "فشلت" مخططاتي معها.. يوم أعلمتني بحكمها، ابتسمتْ تلك الابتسامة التي رسمتُها في لوحتي، على خريطة بلدي..
فهم النقاد وغيرهم أن الرسم يتكلم عن أمل، لكن اللوحة كانت تقول: "لا أمل لا خيار! ابتسمْ تلك الابتسامة وأطلق النار!".



#سلام_محمد_المزوغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمفونية المايسترو العربيّْ (1)
- أنشودة الموت
- قلوب وأكباد
- موسم العودة إلى الريف
- وشكرا.
- السر وراء إسم أبي (علي)؟
- (صغيرتي) الجميلة
- مرحى بالعهر
- شَاشِيَّة
- ملكتي، امرأتي، حبّي.
- كَهِينَا (10)
- حبيبتي اسمعي لِيّْ *
- أحبكِ (ملاكي)
- (صداقة) خطرة (3)
- (صداقة) خطرة (2)
- (صداقة) خطرة (1)
- حبيبتي متى ستستيقظينْ؟ (فل وياسمين!)
- كَهِينَا (9)
- حبيبتي متى ستستيقظينْ؟
- كَهِينَا (8)


المزيد.....




- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - ابتسمْ قبل أن تُطلق النار!