أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أمل دنقل















المزيد.....

أمل دنقل


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6037 - 2018 / 10 / 28 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


أن نتقدم من شعر "أمل دنقل" يعني أن نكتشف عالم الشاعر، فمن يطلع على ما كتبه سيجده شاعرا نبيلا، شاعرا محبا، شاعرا متمردا، شاعرا متألقا ومبدعا، وأن يغادرنا هو في العقد الرابع من عمره فهذا يعني أنه كان شاعرا بكل معنى الكلة، فعندما يستهلك الإنسان جسده قبل أوانه، فهذا يدل على أن الشاعر كان أكبر من جسده الذي لم يقوى على البقاء صامدا كما هو حال شعر الشاعر.
"لا تصالح"
القصيدة الأشهر هي "لا تصالح" وقد قلنا أن وقع فعل الأمر على القارئ فيه شيء من القسوة، لأن من معانيه أن هناك من يصدر لنا الأمر ، وعلينا أن ننفذ، وأن من أصدر الأمر يحمل شيء من الفوقية، لكن "أمل دنقل" يتجاوز هذا الوقع لفعل الأمر من خلال استحضار سيرة الزير سالم" التراثية، فبمجرد أن يدخل القارئ إلى متن القصيدة سيعلم أن الكلام موجه للزير، والذي سيخفف من وقع فعل الأمر الذي قرأه في فاتحة القصيدة
"أمل دنقل" في "لا تصالح" استخدم لغة سهلة وتتوافق تماما مع ما جاء في سيرة الزير، ولكن الجميل فيها أنه وظف الحدث التراثي/تاريخي بشكل يتطابق تماما مع والواقع العربي/المصري، كما أن استخدم صيغة السؤال قصد منها الشاعر استثارة العقل، وطبعا هذا لا ينفي أن يكون بين ثناياه استثارة النخوة والتي هي جزء من تركيبة النفس العربية، والتي تنحاز للإثارة وتتأثر بشكل واضح في طريقة وشكل الخطاب الموجه إليها، لهذا نقول أن قصيدة "لا تصالح" وظف فيها الشاعر حدث تراثي/تاريخي بشكل ينسجم ويتوافق مع الواقع.
"ماريا"
دائما للمرأة أثر إيجابي على المتلقي، فأن يكون عنوان القصيدة اسم امرأة "ماريا" فهي يعني أن هناك تناول لعلاقة ما معها، وأن النص/القصيدة سيكون فيها شيء من الهدوء والنعومة، ويعي أيضا أن الكاتب/الشاعر يحترمها، لهذا جعلها عنوان القصيدة، والجميل أكثر أننا نجده يخاطبها:
"ماريا! يا ساقية المشرب
الليلة عيد" فمثل هذه الفاتحة الشهية تقدم القارئ أكثر من القصيدة، وتجعله يتقدم بسرة أكثر منها، خاصة أذا علمنا أن اسمها "ماريا" وبعد أن ندخل التفاصيل، سنجد هناك نفس متعبة يرهقها الوجع والألم لهذا تريد من يخفف عنها ما تمر به، فكان من خلال "ماريا" ومن خلال المشروب:
"لكنا نخفي جمرات التنهيد!
صبي النشوة نخبا .. نخبا"
وهنا نشعر أن الشاعر يذهب إلى "ماريا" وحانتها لينسى/ليهرب من واقعه، فتحدثه بروح الإنسانة الناعمة والتي تنظر إلى الناس بصورة عادية وبسيطة:
"الناس هنا كالناس في اليونان
بسطاء العيشة، محبوبون"
وكأن الشاعر من خلال إسماعنا صوت "ماريا" أرادنا أن نعرفها أكثر، فطبيعتها بسيطة وخيرة، لهذا تنظر إلى الناس بهذا الشكل الإنساني الذي يتساوى فيه الكل، لكن الشاعر لا يراهم كما تراهم هي:
"لا يا ماريا
الناس هنا ـ في المدن الكبرى ـ ساعات
لا تتخلف
لا تتوقف
لا تتصرف
آلات، آلات، آلات
كفى يا مريا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان"
التباين من وجهتي النظر، تشيران إلى طبيعية كلا من "ماريا والشاعر" إلى الطريقة التفكير والنظر إلى الأشياء، فنجد الشاعر يحاول أن يبتعد عن الواقع من خلال "نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان" والتي يكررها مرتين في القصيدة.
انسجام الشاعر مع القصيدة وتوحده معها جاء من خلال التماثل بين فكرة "النسيان/الهروب" من والواقع عند الشاعر والألفاظ والطريقة تقديم الأفكار التي قُدمت فيها القصيدة، فالقارئ يتأكد أن الشاعر يعمل على أن لا يخوض في الحديث عن الواقع، لهذا هو يحاور امرأة "ماريا" وهي بطبيعتها تمنحه شيء من الهدوء والسكينة، وأيضا طبيعة ماريا" الساقية التي تميل إلى جذب الزبائن وجعلهم يحبون حانتها.
"العشاء"
من اشكال رفض الواقع تقديم المادة الأدبية/القصيدة بشكل فانتازيا، في هذه القصيدة نجد عالم غير عقلاني، عالم يتمرد على العقل والواقع:
"قصدتهم في موعد العشاء
تطالوا لي برهة،
ولم يرد واحد تحية المساء!
... وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة
في طبق الحساء
... ... ...
نظرت في الوعاء:
هتفت: "ويحكم ... دمي
هذا دمي ... فانتبهوا"
.... لم ينتبهوا!
وظلت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة وظلت الشفاه تلعق الدماء!"
فالشاعر يقدم حدث شديد القسوة "ناس تشرب من دمه" لكنه خفف من حدة هذه القسوة من خلال الفانتازيا، وهذا يشير إلى أن الشاعر بطبيعته يميل إلى السلام، لكن وقع الأحداث عليه ـ كشاعر ـ يجعله يقوم بدوره في طرق جدار الخزان، فكان من خلال هذه الطريقة في تقديم فكرة الرفض للواقع.
وإذا ما توقفنا عند النقاط المتقطعة والتي تمنح القارئ مساحة جيدة ليفكر/يتوقف عند تفاصيل الأحداث، يتأكد لنا أن الشاعر يميل إلى استثارة العقل والتفكير وليس التعبئة العاطفية الانفعالية.
العينان الخضروان"
صيغة المثنى تعطي اشارة إلى ميل الكاتب/الشاعر إلى الطرف المرأة، فكأنه من خلال صيغة المثنى يطلبها لتشاركه حالته، ما يمر به من فرح أو حزن، فصيغة المثنى تعني/تشير إلى العلاقة الثنائية بين نظرين، و أن يكون العنوان "العينان الخضروان" فيعني أن هناك تغزل/تغني بجمالهما:
"العينان الخضروان
مروحتان
في أروقة الصيف الحران
أغنيتنان مسافرتان
أبحرتا من نايات الرعيان
بعبير حنان
بعزاء من آلهة النور إلى مدن الأحزان
سنتان"
نجد المثنى في كلا من "مروحتان، اغنيتان، مسافرتان، أبحرتا، سنتان" ونجد أثر المثنى في الفاظ أخرى "الحران، الرعيان، حنان، الأحزان" وكأن حرف النون الذي يشير إلى صيغة المثنى أنعكس على بقية الألفاظ، وهذا يشير إلى أن الشاعر ينحاز إليها.
إذن هناك ميل نحو علاقة ثنائية مع المرأة، وهذا ما وجدناه في:

و أنا أبني زورق حبّ"
يمتد عليه من الشوق شراعان
كي أبحر في العينين الصافيتين
إلى جزر المرجان
ما أحلى أن يضطرب الموج فينسدل الجفنان
و أنا أبحث عن مجداف
عن إيمان" !
" نقلة واضحة نحو الحب، فنجدد اللغة الناعمة والهادئة من خلال "زروق، الحب، الشوق، شراعان، أبحر، العينيين، الصافيتين، المرجان، أحلى، الجفنان، إيمان" فكل هذه الألفاظ جاءت لتؤكد على انحياز الشاعر إليها، إلى تلك التي تنحه كل هذا البياض والجمال، فبدونها سيفتقد هذه اللغة وهذا الصفاء.
وإذا ما أخذنا صيغة المثنى التي جاءت في: "شراعان، العينين، الصافيتين، الجفنان" نكون أمام حالة توحد بين الشاعر والحبية.
القصائد منشورة على الموسوعة العالمية للشعر العربي على هذا الرابط
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=63787



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان فلسطين الوطني للمسرح -مسرحية سراب-
- اللغة والأسلوب عند. اياد شماسنة--
- -حكايا النافذة- فاطمة يوسف عبد الرحيم
- -سلوى الخزرجي-
- اللغة والمضمون عند علي أبو عجمية
- دور الفنان/الكاتب
- السلاسة في قصيدة -القدس أنت- محمد شهاب
- السواد في رواية -سقراط والمرآة- ديما الرجبي
- الفعل الماضي في قصيدة -قد كنت- عبد الكريم موسى
- مناقشة تغريبة خالد ابو خالد في دار الفاروق
- -أمشي إليها- سامح أبو هنود
- الواقع والفانتازيا في رواية -أوبرا القناديل- مشهور البطران
- محطات في -نقش على جدار الزمن- شريف سمحان
- نحن وترامب وسليمان
- حالة الكتابة في -تغريبة خالد أبو خالد-
- سلاسة اللغة في ديوان -حفيد الجن، سيرة شعرية- راشد عيسى
- مناقشة كتاب نقوش من الذاكرة
- الاشتراكية في -رباعية- إسماعيل فهد إسماعيل
- قوة الأفكار وتواضع الأسلوب في رواية -صوت- إبراهيم غرايبة
- الكلمة وأثرها في قصيدة -حقا قامت- سيلمان أحمد العوجي عندما ي ...


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أمل دنقل