أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - عولمة.. فوضى ونفايات















المزيد.....

عولمة.. فوضى ونفايات


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6011 - 2018 / 10 / 2 - 19:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وديع العبيدي
عولمة.. فوضى ونفايات..
(انت بلا عذر، يا أيها الانسان!)*
عندي صديق اكاشفه بأرائي الغريبة عندما نلتقي.. يستمع لي على مضض، يخالفني ويحبطني غالبا، وعندما يقتنع نوعا ما برأيي، يضيق عينيه ويقول بحكمة عميقة: ألا تعتقد أن هذا جزء من التطور؟!.. أي أن العولمة جزء من التطور، واسفاف الرأسمالية وسياسات الغزو والتدمير والاستعباد الشامل هي جزء من التطور.. عندها اراقب عناده الأدبي وأرد عليه بحكمة أعمق: هل هو تطور طبيعي، أم تطور اصطناعي؟!.
هيجل الالماني الذي كان رأس الفلسفة حتى القرن العشرين، قبل ان يتقدمه- بشكل غير متوقع- جملة فلاسفة ومفكرين انجليز واميركان، وبعض القليل من المان وفرنجه متأمركين بعد الحرب الأوربية الثانية. من هيجل [1770- 1831م] اقتبس هنا مقولتين ستراتيجيتين في تصنيع الراهن العالمي..
1- ان الدين صناعة الشرق، فلتكن لنا صناعتنا الغربية الخاصة بنا، وهذه هي الفلسفة!.
2- ان لكل عصر روحه الديناميكة الخاصة، وبالالمانية (Zeitgeist)= (روح العصر)!.
النقطة الأولى هي مشروع الغرب الفكري والعسكري وما انتهى الى سيادة العالم منذ القرن السابع عشر، مقابل تراجعنا السريع والمريع في العقل والأداء. والنقطة الثانية، تتمثل في اهتمام الغرب بالدراسة العقلية والتحليل والتشخيص والتصنيف المدرسي، بحيث ينتظم الفكر والحياة اليومية تحت عناوين وأبواب ومصطلحات مفهومية زمنية، تلم بكل جوانب الفكرة او المقطع السلوكي، وهذه وظيفة العقل الفلسفي، الذي كان لانتباذه دور رئيسي في بلوغ العرب والمسلمين ما بلغوه.
روح العصر الهيغلية تتضمن اقرارا بحركة الفكر وتطور الحياة والمفاهيم، وقد خرج من عباءة هيغل ثلاثة تيارات فكرية واجتماعية رئيسة، وما عصر العولمة وما بعد الحداثة إلا روح عصر جديد، هو عصر الفوضى وتدمير القواعد والأسس، وذلك بحسب نظام الدورات الزمنية المستمرة والمتغيرة بين الذروة العليا والدنيا، وذلك كل خمسمائة عام أو ألف عام، وما يكون كل قرن أو عقد من السنين.
كثيرون لا يريدون ان يعرفوا اننا نعيش اليوم نهاية دورة زمنية مقدارها خمسمائة عام، تضمنت النهضة والحداثة والتنوير والتمدين الأوربية. وقد ترفقت مع مرور الفيتين على ظهور السيد المسيح أو المسيحية البولسية. فلكل ألفية (روح)، ولثنائيتها روح، ولكل خمسمائة عام روح. وقد سبق أن كتبت عن ترافق ثلاثة مناسبات في العام (2017م)، الذكرى الالفينية الثانية للمسيح، الذكرى نصف الالفينية لحركة مارتن لوثر/ (1517م)، والذكرى المئوية الاولة للثورة الاشتراكية في روسيا/(1917م). الزمن ليس اعتبار في العقل العربي، والاهتمام به ثيمة عقلية فلسفية وليس من باب الشعوذة.
في الكتب القديمة، كان الهنود والفرس واليهود ينتظرون نبيا أو حدثا اعجازيا كل مائة سنة أو كل خمسمائة سنة، وهوذه هي قاعدة التصنيف الزمني لظهور الانبياء والديانات في التقويم المعمول به اليوم. فما بين بوذا والمسيح خمسمائة عام، وما بين المسيح ومحمد خمسمائة عام، ظهر موسى في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وظهر مارتن لوثر في القرن الخامس عشر بعد الميلاد. في عام (2000) قبل الميلاد كانت سومر تنهار ويظهر من بين دخانها وخرابها بابل، وفي (2000) الميلادية سقط العراق والدولة العراقية والمدنية العراقية، في انتظار قيامة الروح العراقية للزمن الجديد.
لكن خراب العراق وفوضاه، ارتبط بفلسفة ما بعد الحداثة الأوربية وعصر الفوضى الأميركية. فما علاقة واشنطن ببغداد، وما وجه الصلة للمجتمع الأميركي/ (وهو آخر دولة ومجتمع تشكلت في اواخر القرن السابع عشر على اساس بروتستانتي ورأسمالي)، بالمجتمع العراقي الذي يعتبر امتدا لأول مدنية في التاريخ البشري؟.. هل هي نظرية قتل الأب، افتراس الطوطم، غيرة وحسد، عقدة نقص، هزيمة روحية وعجز. أم انها كل هذا وذاك، في استعادة دونكيشوتية لريادة وادي الرافدين الماقبل تاريخية في انتاج (المدنية والدين)، لتعادلها صدارة أميركية ما بعد تاريخية في انتاج (مجتمع سيبرنطيقا وديانة بروتستانتية) عالمية جديدة.
وما الصلة بين اميركا وايران في عرابة خراب العراق ودماره قديما وطريفا، بحيث تحالفت طهران وواشنطن على غزو العراق وقلب عاليه سافله. هاته الأسئلة وغيرها كثيرا، قد يساعد في فهم ما يجري من انقلاب عالمي شامل، ربما كان في بدايته أو بداياته، وما زال كثيرون لا يلحظون/ يهتمون، بمتوالية انقلاب اللغة والمعاني والدلالات والقيم الاجتماعية والمفاهيم الثقافية والسياسية والدينية وجملة الشعارات والمنظومات التي صارت في الارشيف العالمي، وخرج روادها القدماء للرقص في كرنفال العولمة والاحتفاء بالخراب الشامل.
كيف نقيس التطور من منظور شمولي، في عهد الملكية أم عهد الجمهورية، ايام عبد الناصر أم ايام السادات، أم ايام مبارك. هل نقيم اوضاع مصر بين [1920- 1981م]، بحالة تطور أم تطرطر؟.. وما هو الفرق بين محمد مرسي وعبد الفتاح السيسي من جهة، والفرق بينهما وبين ارث السادات/ مبارك في رهن البلاد في منزغ الغرب؟!
لا يتفق الفلاسفة حتى اليوم على موت الحداثة أو بلوغها الغاية والذروة، بل لا يرون في مصطلح (ما بعد الحداثة) مفهوما نقضيا لمشروع الحداثة، كما يسوغه الفكر الأمريكي. ولا يعتبر (العولمة) الرائجة، هي (أمركة) إلا بالمعنى السلبي والسيء. العولمة هي (أمركة) ولكن بالمعنى السيء والهادم، وليس الايجابي والبناء. الغزو البرتغالي والهولندي سعة لنشر المسيحية، كونها هويتها الحضارية، وحاول الغزاة الانجليز والفرنجة ترويج الحداثة ومنتجات الحضارة وامكتشفات العلمية وبناء السكك والمدن والدول، كونها هوية حضارية لأوربا المدنية الصاعدة، ويعمل الامريكان على اشاعة الخراب والفوضى ومنظومات الفساد ومافيات الجريمة والقتل وتقويض هيبة الدولة والقانون، باعتبارها النموذج الاميركي للحياة الجديدة ومفاهيم الحرية والفردية والبقاء للأقوى.
الكثيرون لا يعرفون الكثير عن الداخل الأميركي، والأميركان على شاكلة الانجليز يتحدثون عن الآخرين كثيرا ولا يتحدثون عن أنفسهم، ولا يسمحون للغير بالنيل منهم. ورغم أن أكبر موجات النقد والهجوم ضد العرب والمسلمين تنطلق من الداخل الأميركي وجماعات المهجر الأميركي، فهؤلاء لا يجرؤون على كشف حقيقة الحياة الاميركية العارية، أو يعترفوا بحقيقة أحوالهم وظروفهم، دون ذكر (المال)، لأن الحياة الاميركية تسوغ كل شيء من أجل المال، وهو ما تسعى لتسويغه انجلتره وبعض بلدان أوربا، مما يجعل الفساد الاداري والاقنصادي والمجتمعي بالنتيجة، ضرورة حتمية لترجيح كفة المرابي وتاجر العملة، ويحل البنك محل المعبد في مجتمع سيبرنطيقا.
الفساد والفوضى لا يقتصر على صور نفايات الشوارع والارصفة والساحات والحدائق التي تروجها العواصف لتحلق فوق الرؤوس وتعم روائحها الارجاء. صورة الشارع والرصيف انعكاس لحال الحكومات والنخب السياسية والاقتصادية الحاكمة. الفساد والفوشى ليست ظاهرة عامة أو تقصير اداري، وانما حضارة وثقافة اجتماعية. أكثر من ذلك، هي آفة عقلية، حسب قول ايمانويل كانت أن كل شيء يبدأ بالعقل، الحسن والقبيح، السامي ومبتذل، والفوضى والفساد واللابالية تبدأ بالعقل قبل تحولها ألى سلوك وظاهرة بشرية.
الفساد والفوضى يقرنان عادة بالتخلف والجهل. مقابلهما هو (النظافة والنظام). من خصائص الحداثة انها دعمت أبواب المحاسن والفضائل والمنافع، بما فيها الموروثة من عهدود وثقافات سابقة. ومن رموز الحداثة كما فلاسفة الاغريق القدماء، من زارو الهند والسند وتوقفوا في مراكز الحضارات القديمة، وضمنوها طروحاتهم الفكرية عن التحديث وتحسين طرز المعيشة والتفكير والعلاقات.
كما نددوا بالمساوئ والمعايب والمضار، ووضعوا لها قواعد وتشريعات ازالتها من المجتمع. العولمة الاميركية، ثقافة المسخ والهجنة واضطراب الهوية والطبائع غير السوية، هي المقابل المقلوب للحداثة. حاول البعض تسميتها ما بعد الحداثة/(postmodernism)، وعندما حصل جدل حول الاصطلاح، تبنى بعضهم مصطلح (مابعد ما بعد الحداثة)، وهو مجرد هراء لغوي للتغطية على الشيء ومنحه بعدا نظريا فلسفيا. متى كان التخلف والفساد والجريمة فلسفة، إلا في عقول الاميركان!.
ظاهرة النفايات العولمية ارتبطت بعاملين واضحين:
1- الحروب الدونكيشوتية والازمات المسلحة التي تدور على محور فارغ وتنتهي كما بدأت، من غير طعم أو معنى، غير صرفيات الاسلحة وفواتير الخسائر والدمار.
2- الاصلاحات الاقتصادية والسياسية التي بدأت رائحتها عربيا من انفتاح السادات وتمثلت اقتصاديا في فتح الاسواق والحدود الجمركية وسياسيا بالدمقراطية والشفافية والتبعية المباشرة للبيت الأبيض.
المثال الاول لحروب دونكيخوته كانت لبنان، قبل أن تتكرر وتنتقل من بلد لبلد. وقد تعرضت لبنان لكل أنوع التفكك والخلخلة والاضطراب النفسي والشخصي والاجتماعي والديني والطائفي والسياسي والحكومي. ولكن ما الذي تغير في هيئة لبنان الخارجية، لا شيء تقريبا. ولكنها فقدت محتواها وهويتها وكنوزها القيمية من الداخل. وما يصدق على لبنان يصدق على العراق، بلد بلا سيادة وانسان بلا كرامة وثقافة بلا معنى.
في نفس الوقت، تطورت حالة الفوضى التي اشاعتها حرب طويلة ومن غير هدف، لكي تلتهم وتشمل كل شيء، في الدولة والمجتمع، في الحكومة والعائلة، في النظام والاخلاق والأطماع والعلاقات. وإذا كان النظام بالمنظور الفلسفي دالة نمو وسمو، فالفوضى دالة انحطاط وابتذال. وباجتماع نتائج التطور العكسي، ظهرت النفايات واللاابالية وموت الضمير العام ومظاهر الكراهية والانتقام من (الآخر) مجتمعا أو دولة أو العالم. ان عناية الفرد ببيئته هو جزء من العناية بنفسه، وعنايته بالظاهر جزء من عنايته بنظافة داخله. وهذا ينقلنا الى موضوع كراهة الذات، من مسائل علم النفس الاجتماعي، ويقتضي معالجة خاصة.
المثال الثاني كان ريادته مصرية، وصدارته ساداتية. وصف الاعلام العراقي يومها السادات بأبي رغال، أي عراب الاحتلال والغزو، ولا أدري لماذا لم تصفه بابن العلقمي الذي باع الدولة والناس للمغول. والسادات عقد في حينه صفقة ثلاثية، كل منها بمعل (180)درجة، واللفظ الادق لها هو الانفتاح الساداتي/ وهو انفتاح كامل على الامريكان، انفتاح كامل على دولة اسرائيل، انفتاح كامل على الدولة السعودية وصادراتها الوهابية يومذاك.
الانفتاح الساداتي حوّل بلاد وادي النيل إلى سوق حرة مفتوحة بغير قيود أو شروط، طالما ينسجم مع الاملاءات الاميركية الاسرائيلية السعودية. للآن، لم يقل أحد، ان ابا رغال او علقمة باع مصر للغزاة. لكن توقيع اتفاقية كامب ديفيد/(1977م) هو بداية تاريخ مصر الحديث، ولا يمكن فهم ظاهرة مصرية بغير تضنيفها زمنيا، قبل السادات أو بعده، قبل كامبديفيد أو بعده. وفي العموم، فأن الصورة الراهنة لمصر والمصريين هي منتوج ساداتي.
الصورة السادتية المصرية تتمثل بحالة تطبيع الفوضى والفساد والجريمة، وذلك في أعمق وأرسخ نماذجها. ادور المزدوج لمؤسسات الدولة في تمثيل دورين (جلاد وضحية) سبق رسمها الفرد فرج [1929- 2005م] في مسرحيته الشهيرة (عسكر وحرامية)/(1969م). ولم يكن ذلك غير تمهد نفسي، لكسر الوازع النفسي للمواطن تجاه الدولة، وصولا الى نقل الظاهرة/ الحالة، من المؤسسة إلى الفرد/ المواطن. وذلك بتمثل الفرد لشخصيتين متناقضتين في وقت واحد، ودون شعور بالازدواجية والفصام.
الحصيلة الاجمالية المشوهة للمنجز الساداتي، هي ان الدولة تزداد قوة ورسوخا/(خاصة في الجانب الامني والعسكري)، والفرد يزداد ترفا معيشيا من ثمار الفساد العام، ولكن المجتمع يراوح في مكانه أو يتراجع ويزداد تمزقا وانحطاطا. ان اكبر مجموعة من تيار العبث والقرف والتمرد الفكري في العالم ليست في اوربا، انما في مصر. وعلامات امثال احمد فؤاد نجم وشيخ امام ونجيب سرور وصلاح جاهين وأمل دنقل وأحمد عفيفي مطر، وكثيرين غيرهم، ممن رأوا قلب الواقع المصري، عندما صار الواقع المصري مقلوب المنطق والقاعدة.
فلبنان ومصر دخلوا العولمة من طريقين مختلفين، وبحكم ريادتهما، تكررت صورهم في المحيط الاقليمي خلال أقل من نصف قرن.
ولبنان ومصر أول بلدين تسللت اليهما جمعات التنصير الانجليزية والاميركية، ونشرت فيهما سلسلة مؤسسات وجمعيات اجتماعية وثقافية من الخارج، وأول جامعتين أمريكيتين في المنطقة، لترويج الافكار وبرامج الغزو الفكري والديني، بما يحرف ولاء الفرد للغرب والمرجعية الغربية ثقافيا ودينيا، على حساب الانتماء الوطني والثقافة المحلية والهوية الوطنية. واليوم يتسابق العرب افرادا وحكومات، للتعلق بقطار العولمة وتبني المظاهر الغربية.
ربما شهدت لبنان ومصر، ربيعا ذهبيا محدودا في النصف الأول من القرن والعشرين، ولكن الثمن المدفوع بالمقابل أكثر من الكثير. ودون اعتبار لظروف لبنان وخصائصه السكانية والجغرافية، في المقارنة مع مصر. ولم تحرك فرنسا التي تبنت لبنان منذ القرن الثامن عشر ساكنا ازاء النشاط الانجليزي والاميركي الجامع بين التنصير والتجسس وتغيير الولاءات، مما يضع المصداقية الفرنسية في الميزان، من جهة، ويتطلب كشف الصلة بين حقيقة النشاط التنصيري الثقافي ومظاهر الفساد والتحلل والفوضى وسيادة مناظر الاوساخ والنفايات في مقدمات المدن والاحياء والساحات الرئيسة.
في العام (2008م) عقدت ندوة حول الابادة الجماعية في العراق، كان بين المتحدثين شخص وصف بأنه رئيس لجنة النزاهة حسب عناوين الوضع الجديد، ومما قاله، ان وجود الجثث والاعضاء المبتورة وبرك الدم في الشوارع والأرصفة منظر عادي ومألوف في بغداد اليوم، وكل من يمر بالشارع في طريقه للعمل أو المدرسة، يصادفه يوميا، قبل أن تحضر عربات البلدية في وقت متأخر وترفع الجثث.
لماذا يصر الأمريكان في كل بلد يقع تحت ايديهم، أن يشيعوا فيه أتعس مظاهر الانحطاط الخلقي ولسقوط الاجتماعي، وأبسع ما يمكن تصوره من جرائم وذلك بين متلازمتين، السبب غامض والفاعل مجهول. كم من الجرائم والدماء والحروب والأزمات والفوضى والانحطاط عمت العالم منذ نهاية الباردة حتى أمد مجهول. أين هو دور الفرد/ الدولة/ الحزب، النخبة المثقفة أو البرجوازية، المحلية أو العالمية في مقابل ذلك.
اين نشاط منظمات حقوق الانسان والعفو اتلدولية ومختلف المنظمات الحقوقية غير اليمينية اليوم مما تنشره السياسة الأميركية، وتستبدل مصطلح (حظائر أمريكية) إلى (مزابل عولمة).
الوسخ والفوضى، النظافة والنظام، ليست سلطة رسمية، وانما وعيا ذاتيا وتربية عائلية. والطفل الذي يتعلم النظافة والنظام، غير الطفل الذي يتعلم الوسخ والفوضى ويجعلها سمة لشخصيته. الصيني القديم كان يتكفل بحصته من تنظيف بيته ومحيطه/(الصين أيضا دخلتها السموم الأمريكية في عهد ريغان). وأختم هذا الموضوع بمبدأ (الوجود المنسجم).
الكون وجود منسجم. عندما تنظر الى السماء، عندما تنظر إلى الطبيعة.,ز أو اي منظر طبيعي.. مشهد قرية أو نهر عن بعد.. تشعر بالانسجام الطبيعي. الانسام القديم وأسلافنا كانوا يعيشون في انسجام مع الطبيعة وأنماط الحياة السائدة. كانوا يتمتون بطمأنينة نفسية وامن اجتماعي وسلام روحي وووحدة عائلية وبيئية. هذه تكاد تندثر اليوم.
مناظر الفوضى والفساد والوسخ، سواء كانت في أميركا أو المجتمعات التابعة والمحتذية طرزها، وصولا لطبيعة الحكم والنظام الاقتصادي، تحقق حالة انسجام مع بعضها. الوسخ ينسجم مع الفساد، والفساد ينسجم مع الفوضى، والفوضى تنسجم مع التخلف، والتخلف مع الانحطاط، والانحطاط مع غياب القيم أو مقلوبها، هذا هو الانسجام المتكامل. عندما تذبل زهرة واحدة في حديقة جميلة منتظمة، يسرع البستاني لتشذيبها.
قطعة الوسخ على رقعة سجادة فاخرة تسوه منظرها، فيسرع من يصادفها لرفع (النشاز)، والدفاع عن شروط جمالية المكان. ان صورة المكان، صورة الحياة، ينبغي ان تنسجم لدى كل شخص، مع ما يخطر في ذهنه. الذهن المنظم النظيف المنسجم، يؤسس واقعا وبيئة تناسب رؤيته الذهنية. العكس بالعكس. فلانسان جزء من بيئته، والبيئة جزء من تكوين الشخص. أين تضع نفسك في هذا المشهد، أنت بريء بالتأكيد. الأخرون هم الجحيم)، وأنت مضظر لأجل العيش، و(المضطر لا حرج). هل لديك أقوال أخرى.
اخر الكلام.. أنت غير مضطر للمسايرة. انت غير مضطر للتعامل مع الشبكة. انت غير مضطر لتعمل انستغرام وفيسبوك وتويتر وتستهل عجينة مخك في السيرف والسيرج..
ذلك كنت تشعر بالثقة في نفسك، والانسجام مع ذاتك، والتكامل في داخل شخصيتك. قيمة الانسان ليست في تلوثه بنجاسات العالم، انما في تعففه في المبذول. هل عرفت لماذا يغسلون الميت قبل دفنه.. يدفن الانسان طبعا في التراب، تحت الأرض،وحكمة المعري [973- 1057م] تقول:
غير مجد في ملتي واعتقادي.. نوح باك ولا ترنم شادِ
خفف الوطءَ ما أظنّ أديم هذه الأرض إلا من الاجسادِ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
• (رو 2: 1)



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكذب تضحك لك الدنيا!..
- عن اليتم والبصرة والشارع الوطني..
- القرصنة الثقافية وتهجين العقل
- المكان هو اليوتوبيا
- كاموك- رواية- (78- 84)- الاخيرة
- كاموك- رواية- (71- 77)
- كاموك- رواية- (64- 70)
- كاموك- رواية- (57- 63)
- كاموك- رواية- (50- 56)
- كاموك- رواية- (43- 49)
- كاموك- رواية- (36- 42)
- كاموك- رواية- (29- 35)
- كاموك- رواية- (22- 28)
- كاموك- رواية- (15 -21)
- كاموك- رواية- (8- 14)
- كاموك- رواية- (1- 7)
- في علم اجتماع الجماعة- ج2
- في علم اجتماع الجماعة- خمسون حديثا عن الانسان والانتماء والا ...
- انتبهْ!.. الوطنُ لا يُباعُ وَلا يُستبدَلُ.. وَلا يُطرَحُ للإ ...
- ما بعد الحداثة/ ما بعد الانسان..


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - عولمة.. فوضى ونفايات