أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - ومضة النفس الأردنية














المزيد.....

ومضة النفس الأردنية


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1510 - 2006 / 4 / 4 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


في موقع وزارة الثقافة الأردنية على الإنترنيت، وضمن باب خاص اسمه "أدب المرأة"، تحصي ثريا كرم صالح 87 شاعرة و60 قاصة و32 روائية، كلهنّ أصدرن مؤلفات تتراوح بين كتاب واحد و16 (هذا الرقم القياسي يذهب إلى الشاعرة أمينة العدوان)، وأبكر الإصدارات تعود إلى مطالع الخمسينيات. هذه ارقام لا يستهان بها، من حيث الكمّ بادىء ذي بدء، ثمّ من حيث السويّة والنوعية والنضج. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ بعض الأسماء راسخ مكين ليس في تاريخ الإبداع الأردني (والأردنيّ ـ الفلسطينيّ كما يتوجّب التنويه) فحسب، بل على صعيد الإبداع العربيّ إجمالاً، كما في مثال الدور الرائد الذي لعبته قصيدة ثريا ملحس في إطلاق أحد أنضج النماذج النسائية في قصيدة النثر العربية.
ورغم أنّ عدد الشاعرات يظلّ مدهشاً بالقياس إلى ما نعرف في أقطار عربية أخرى لا تُقارن مع الأردن من حيث عدد السكان والتاريخ الثقافي والإبداعيّ، فإنّ ما يدهشني شخصياً هو عدد كاتبات القصّة القصيرة. ومنذ أن قرأت أوّل نموذج من هذه القصة القصيرة، وكانت – لحسن الحظّ حتماً – بتوقيع الرائدة السبعينية هند أبو الشعر، وأنا لا أكفّ عن طرح عدد من الأسئلة، النقدية والجمالية والمنهجية، ولكن السوسيولوجية أيضاً، حول هذه الظاهرة: ما الذي يجعل هذا النوع الكتابيّ الفريد والمنفرد، الآخذ في الإنحسار والإنكماش كما يتوجب أن نعترف، متطوراً إلى هذا الحدّ في الأردن، وناضجاً على هذا النحو، مزدهراً في الكمّ والنوع؟ وإذا صحّ أنّ الخلاصة هذه تنطبق على مشهد القصة القصيرة الإجمالي في الأردن، أي كما يكتبه الرجال والنساء على حدّ سواء، فلماذا تبدو حصة المرأة في صناعة هذا المشهد وكأنها أكثر من مجرّد "قسط" طبيعي؟ ولماذا يلوح، أيضاً، وكأنها "بصمة" وعلامة فارقة، خصوصاً إذا جاز القول إنّ القصة القصيرة التي يكتبها الرجال تندرج بهذا القدر أو ذاك في التيارات الأعرض للقصة القصيرة العربية، ولا تميل إلى عكس انفرادات أسلوبية أو جمالية كبرى، ما خلا خصوصية الموضوعات المحلية بالطبع؟
وحتى تتاح، لسواي أو لي شخصياً، فرصة الانكباب المعمّق على تفصّي ودراسة الأسباب الجمالية، المثيرة تماماً في تقديري، أقول مبدئياً إنني أقبل تفسيراً سوسيولوجياً يفيد التالي، باختصار شديد يفرضه المقام: لعلّ ضيق رقعة المناطق الريفية في الأردن، وربما غياب أو شبه غياب الريف الزراعي الحقيقي بمعنى علاقات وقوى الإنتاج، وبالقياس إلى المناخات الكلاسيكية التاريخية والجغرافية والإجتماعية والثقافية التي نعرفها في مصر والعراق والمغرب وسورية على سبيل الأمثلة، يفسّر ازدهار القصة القصيرة بوصفها جنساً كتابياً مدينياً بامتياز. وإذا كان هذا البُعد السوسيولوجي يسري على الرجل مثل المرأة، فإنه في ما يخصّ الكاتبة المرأة أكثر اكتنازاً بالدلالات والبواعث والقِيَم التعبيرية، لأسباب عديدة ذات صلة بموقع المرأة في المجتمع، وحقوقها المنتقَصة، وحرّياتها المنتهَكة.
وفي الشطر الإبداعي من هذا البُعد الذي يخصّ علم اجتماع المرأة الكاتبة، من نافل القول إنّ الكتابة إجمالاً هي فعل انعتاق، بامتياز، وعلى النحو العلني الأكثر جسارة وجدوى وخطورة ربما. لكنّ مستويات ـ بل وشدّة أو نطاق أو موضوعات ـ تجسيد فعل الانعتاق هذا في الأدب، تختلف بين نوع أدبي مثل الشعر (أخذ ينأى، عموماً، عن ملامسة الاجتماع الإنساني مقابل المزيد من الغوص في الذات والشعور)، وآخر مثل السرد الروائي (الذي يندر أن يتحرّر من المشهد العريض والاجتماع الزاخر و"كابوس التاريخ" في تعبير جيمس جويس)، وثالث أكثر مشقة ومرونة ومثوبة في آن، هو القصة القصيرة (حيث اللقطة الخاطفة، حين تلتمع ومضة النفس في فضاء اجتماعي صغير منتقى، لكنه كثيف مركّز مركّب)...
وقبل سنوات طرحتُ بعض هذه الأسئلة على الصديق الروائي والقاصّ الأردني الياس فركوح، فوجدت عنده الكثير من الإجابات، و... الكثير من الأسئلة الأخرى أيضاً! ولأنني كنت أزوره في مكتبه الأنيق، وهو الفنّان، حيث دار النشر "أزمنة" في عمّان، فإنّ حسّ الناشر الجادّ توحّد عنده مع شغف الأديب والناقد، فبادرني على الفور: ما رأيك في كتاب عن هذا الموضوع بالذات، أي المرأة والقصة القصيرة في الأردن؟ وبالطبع، أجبته دون تردّد: موضوع مثير، جديد، وفاتن... توكّل على الله! لكن الياس لم يكن ينوي توريط نفسه في هذا المشروع، بل توريطي أنا، فردّ عليّ ضاحكاً: بل أنت الذي سيتوكّل على الله! وأعترفُ أنه أقنعني، وأثار حماسي، قبل أن يستجمع على عجل كلّ ما في منشورات الدار من مجموعات قصصية نسائية، ويبدأ معي في استعراض الأسماء... على الورق!
وأياً كان حجم ما أنجزتُه في سياق ذلك المشروع، من كتابة وتخطيطات وتقميش واستبيانات، فإنّ المادّة ظلّت حبيسة الكومبيوتر بعد أن أزاحتها جانباً انشغالات أخرى ذات طابع آنيّ أكثر إلحاحاً. واليوم، إذْ تقودني مصادفة عابرة إلى موقع وزارة الثقافة الأردنية وببليوغرافيا أدب المرأة، أدرك أكثر من ذي قبل أنّ الياس فركوح كان على حقّ آنذاك، وهو اليوم على حقّ أيضاً؛ وأنّني ـ كعادتي في الانحياز للدراسة المنفردة أكثر من حماسي لتأليف كتاب ـ كنت، من جديد، أرتكب الخطأ ذاته!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرنقة والكازينو: ديمقراطيات النقض... ونقض النقض
- اللكمة المضادة
- بوش في سنة الغزو الثالثة: المياه الراكدة، أم غليان الأعماق؟
- حلبٌ قَصْدُنا
- عملية أريحا وسلطة محمود عباس: جريمة مَن التي لا تُغتفر؟
- ما دامت مصر ولاّدة
- حين تشتغل الطواحين بمياه -إيباك- وأحمدي نجاد، سواء بسواء
- العتب على تروتسكي
- بوش في شبه القارة الهندية: الكيل بمكيال -غوانتانامو الصغرى-
- عشب القصيدة
- تصدير الديمقراطية: كيف للسفن أن تمخر بحر الظلمات؟
- ثروة ثروت عكاشة
- الوزارة السورية الجديدة: رجال لا في العير ولا في النفير
- عن ملوك أمريكا
- لقاء البيانوني خدّام: طيران فوق عشّ الوقواق؟
- الدانمرك أم النظام العربي؟
- ما خلا فلسطين، ديمقراطيات -بلاد بوش- على قدم وساق
- فتّشْ عن الشعر
- العراق: فواتير ديمقراطية ال -بزنس- المضرّجة بالدولار
- ذاكرة -ربيع دمشق-: ما تزال البنية عصيّة على الإصلاح


المزيد.....




- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - ومضة النفس الأردنية