أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - ما دامت مصر ولاّدة














المزيد.....

ما دامت مصر ولاّدة


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 11:20
المحور: الادب والفن
    


مصر هذه، "أمّ الدنيا" بحقّ كما يحلو لأشقائنا المصريين أن يردّدوا، لا يلوح انها ستتوقف في أيّ يوم عن فتح باطنها العامر العريق الولاّد، لإهداء أبنائها المزيد من كنوز الذاكرة. ومؤخراً، وخلال أسابيع معدودات، أُضيفت الوقائع التالية إلى سفر العطاء الزاخر هذا:
ـ اكتشفت بعثة جامعة ممفيس الأمريكية خبيئة جديدة لمومياوات فرعونية على بعد خمسة امتار من مقبرة الملك توت عنخ آمون، في وادي الملوك بالأقصر. وقال د. زاهي حواس، الرجل الذي يزهو وجهه ويطفح بشراً كلما زفّ إلى الإنسانية بشرى جديدة كهذه، إنّ هذا الكشف هو الأوّل من نوعه بعد 84 عاماً أعقبت اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وهذه هي الخبيئة الثانية في وادي الملوك بعد خبيئة أمنحتب الثاني عام 1898، والخبيئة الرابعة في الأقصر بعد خبيئتَي الدير البحري وكهنة آمون.
ـ د. حواس ذاته بشّرنا بالعثور على المومياء الأقدم عهداً في سلسلة المومياءات التي تؤكد وجود عمليات تحنيط فرعونية مبكّرة تماماً، تعود إلى الأسرة الأولى (3200 قبل الميلاد). وأوضح حواس البديعة التي ظهرت عليها المومياء: "مثل هيكل عظمي ملفوف بالكتان، دُفن على شاكلة الجنين في بطن أمه".
ـ البعثة الفرنسية عثرت من جانبها على مقبرة"رع حاتي"، كاتب كنوز المعبد الآتوني في مدينة منف، والتي ترجع إلى القرن الرابع عشر ق. م.، في عصر الملك أخناتون والأسرة الثامنة عشرة. أهمية هذا الاكتشاف أنه من الحالات القليلة التي أتاحت العثور على مقبرة ترجع لعصر العمارنة في سقارة، وتمثّل في الآن ذاته الأسلوب الفني الذي ميّز عهد أخناتون.
هذه كشوفات تاريخية ـ آثارية بالطبع، ولكنّ تثمينها وطنياً (في مصر أوّلاً بالطبع، ثمّ في أيّ مهد لأية حضارة متوسطية ثانياً) أمر واجب حيوي يتجاوز الأركيولوجيا إلى الثقافة، ثمّ إلى السياسة كذلك... لكي لا نقول: السياسة بامتياز! وثمة مثال فريد بالغ المغزى، جرى في فرنسا سنة 1997، حين حرص الرئيس الفرنسي جاك شيراك أن يدشّن بنفسه الجناح المصري في متحف اللوفر، بعد إعادة تصميمه وتوسيعه وكشف النقاب عن وجود قطع نفيسة جديدة أضيفت إلى المخزون النفيس القديم. لكنّ التجديد لم يكن دون مناسبة، بل الأحرى القول إنه تمّ في مناسبة قد يصحّ اعتبارها أمّ المناسبات في العلاقات التاريخية بين البلدين: الاحتفالات الفرنسية ـ المصرية (المشتركة!) بالذكرى المئوية الثانية لوصول أساطيل نابليون بونابرت إلى الشواطىء المصرية. وإذا كانت الأوساط الثقافية الرسمية في البلدين قد اختارت لتلك الاحتفالات تسمية مهذّبة مبتكرة هي «آفاق مشتركة»، فإن تبييض الفصل المصري من كتاب الكولونيالية الفرنسية انطوى بالضرورة على درجة ما من الشجار بمفعول رجعي حول أمرين: ملكية الأوابد: هل هي ملك البلد الأصلي (وحقّ متاحفه الوطنية)، أم ملك الإنسانية جمعاء (وحقّ مشروع لـ "اللوفر"، سواء تحقق جرّاء استعمار أو سواه)؛ وأسرار الأوابد: مَن يحتكرها، ولماذا؟
والحال أنه ما من شجارات معاصرة في ميدان الأركيولوجيا أشدّ ضراوة من تلك التي تدور حول حضارات وادي النيل، وبلاد الرافدين، والساحل السوري، وفلسطين الكنعانية. وليس في وسع المرء أن يعثر بسهولة على أيّ نوع من الإجماع المتقدّم حول هذه المئوية أو تلك من عمر الإنسانية في تلك الأحقاب، فكيف بأعمار حضارات بأسرها. ولا يمرّ شهر دون أن يصدر كتاب جديد يأخذ هيئة القنبلة، لأنه ببساطة يضعف أو حتى ينسف ثوابتتاريخية راسخة كالجبال الرواسي، لسبب جوهريّ أوّل هو أنه لا بدّ أن يتقاطع مع أكاذيب (قبل حقائق) أرشيف «تاريخي» فريد من نوعه هو التوراة.
وثمة، في المقابل، خيار آخر أشدّ إثارة للعجب من نشوب الشجارات بمفعول رجعي، هو تعليق كلّ وأيّ شجار، أو تجميده، أو تأجيل النظر فيه إلى أجل غير مسمّى. المثال الأبرز هو ما جرى، أو بالأحرى ما لم يجرِ حتى اليوم، بصدد مدينة إيبلا التاريخية السورية، الواقعة في تل مرديخ جنوب مدينة حلب. ففي عام 1974 تمّ العثور على أولى النماذج من 1400 مخطوط على هيئة رُقَم فخارية، مكتوبة بلغة مسمارية قريبة من السومرية القديمة، تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وتبرهن على وجود حضارة سورية قديمة كانت تنافس مصر وسومر وبابل. الألواح هذه هي المكتبة الملكية لتلك الحضارة، لكنها ظلّت دون ترجمة شاملة (أي دون قراءة، عملياً) حتى يومنا هذا، بذريعة أنّ أبجدية اللغة الإيبلائية معقدة وغير معروفة لدى الباحثين تارة، أو أنها تحتاج إلى وقت طويل (أكثر من 32 سنة!) طوراً. أمّا حقيقة الأمر فهي أنّ هذه الألواح قد تنسف الكثير من التاريخ العبراني كما تزعم التوراة تدوينه، خصوصاً في سورية، ومن الخير أن تبقى طيّ المجهول.
وفي العودة إلى مصر، هذه التي تظلّ أمّ الدنيا ما دامت "ولاّدة/ وفيها الطلق والعادة" كما يقول أحمد فؤاد نجم، أذكر شخصياً أنني ـ قبل أسابيع قليلة فقط، وبلسان الروائي المصري صنع الله ابراهيم أثناء ندوة أدبية هنا في باريس ـ اكتشفت حقيقة بسيطة لعلّنا كلّنا نعرفها على سبيل البداهة، ولا ننتبه إلى دلالتها العميقة: أنّ جمال عبد الناصر كان أوّل مصري يحكم مصر... منذ زمن الفراعنة!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تشتغل الطواحين بمياه -إيباك- وأحمدي نجاد، سواء بسواء
- العتب على تروتسكي
- بوش في شبه القارة الهندية: الكيل بمكيال -غوانتانامو الصغرى-
- عشب القصيدة
- تصدير الديمقراطية: كيف للسفن أن تمخر بحر الظلمات؟
- ثروة ثروت عكاشة
- الوزارة السورية الجديدة: رجال لا في العير ولا في النفير
- عن ملوك أمريكا
- لقاء البيانوني خدّام: طيران فوق عشّ الوقواق؟
- الدانمرك أم النظام العربي؟
- ما خلا فلسطين، ديمقراطيات -بلاد بوش- على قدم وساق
- فتّشْ عن الشعر
- العراق: فواتير ديمقراطية ال -بزنس- المضرّجة بالدولار
- ذاكرة -ربيع دمشق-: ما تزال البنية عصيّة على الإصلاح
- غوانتانامو في العام الخامس: وصمة عار أم عدالة أمريكية الطراز ...
- برابرة عيد الأضحى
- غياب شارون: مفاعيل مشهد عابر للحدود والأقاليم
- سورية في 2006: القادم أعظم... هذه السنة أيضاً
- ديمقراطية أمريكا المعاصرة: أين جورج أورويل من جورج بوش
- النابغة والجولان


المزيد.....




- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - ما دامت مصر ولاّدة