أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة: رُقعَة حَمْرَاء














المزيد.....

قصة قصيرة: رُقعَة حَمْرَاء


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6005 - 2018 / 9 / 26 - 14:16
المحور: الادب والفن
    


قـصــة قصـيــرة: رُقــعَـــة حَـــمْـــرَاء
بقلم: إدريس الواغيش
كان قـدري أن أتحمل عِـبْءَ قدَمين ضَخمتين، مُـدَرَّبتين بشكل جَـيّـد على اقتحام الحُـقـول المُحيطة بالأشـواك الإفرنجية التي لم تكن ترحَـم أقدام الأطفال الحُـفاة، لكني لم أعـي بأنهما كبيرتان أكثر من اللازم بـل فاضحتان، إلا بعد انتهاء صَيْحة سراويل "البَـنطيـلـيـفـون-pantalon à pattes d’ éléphant" الواسعة من الأسفل، واقتحام صَيحة بديلة في عالم السراويل“قَـَـجّْ“ ضيِّـقة أكثر من اللازم من الأسفل، صيحة “البَنطيليفُـون“ كان لها فضل سَتْـر حَجْـم حـذائي وضخامة قَـدَميّ، ولم أنتبه إلى ذلك إلا مُصادفة، كانتا تقفان عقبة أمام التحاقي المُبَـكر بهذه المُوضة، لأننا كنا نفقـد كأطفال بُـدَاة رشاقة أجسامنا في باقي الفصول، نأكل كثيرا ونتحـرك قليلا عَـكـس فصل الصيف، حيث تكثـر فيه حرَكتنا، نجـري من دون توقف ونسبـح طول النهار في غُـدْرَان وادي "وَرْغَـة"، الذي لم يكن يبعد عن “ أيلة“ إلا بكيلومترات قليلة، وهكذا تقلصت أحلامي في فترة من الفترات، حتى أصبح حُـلمي الوحيد عندما انتقلت إلى المدينة، أن تكون لي قدمان صغيرتان فقط.
يا لتفاهتي، وتفاهة أحلامي...‼.
لم أتمالك نفسي ذلك اليوم أو أن أبقى واقفا أشاهد أقراني يلعبون الكرة، فانخرطت معهم في اللعب دون رَغبة مني بحذاء مُـقطَّـع أصلا، زاد من قُـبْحِه ثُـقب في الجانب الأيمن، باغتني اتساع هذا الثقب اللعين في الحذاء الوحيد الذي كنت أملكه، فلم يَعُـد أمامي بُـدٌّ من رَتقه بأي ثمن وعند أقرب إسكافي لستر عَـوْرَته، لكن ما زاد من سوء حظي أن هذا الإسكافي، رغم شُـهرته وحرفيته وطيبة أخلاقه في جوانب أخرى من المُـعاملات اليومية، لم يكـن يَـرضى أن يصلح حـذاء واحدًا في حينه لأي زبون ولو كان من أحب سكان الحي إلى قلبه، لأسباب كان يحتفظ بها لنفسه، إذ كان يلزمه بعض الوقت كباقي الناس، وكـان سكان الحي صغارا وكبارا يحترمون فيه هذه الخاصية.
أصبحت أمامي عقبة جديدة في الوصول إلى الـثانوية بهذا الحذاء، وكان علي أن تجاوزها بأي شكل من الأشكال، لتفادي الغياب عن الدراسة أولا وغمزات ونظرات أصدقائي ثانيا، وهو أمـر يضيف لي متاعب أخرى كنت في غنى عنها، لكن الأهم من كل هذا، هي نظرات البنات اللواتي كن يدرسن معي في نفس الفصل، كان يستحيل علي الـدخول إذن إلى الثانوية بحذاء يطل منه أصبع قدمي الكبير بشكل يثير الضحك. فطن أحد أصدقائي إلى الأمر، فتبين أنه يلزم تدخل أحد آخر من أحد أصدقائنا المشتركين ممن تربطه علاقة قرابة بهذا الإسكافي، لكن لم ينفعه استجداؤه، الأمر الذي وضعناه في حالة شجار مع الإسكافي، فتعقدت الأمور أكثر، استنجد صديقنا الطالب بأحد معارفه ممن لهم علاقة بالسلطة كان مارًّا بالصدفة، شرحنا له الوضع، فطمأننا خيرا شريطة أن نترك له المجال ليتكلم مع الإسكافي على طريقته، وهو ما حصل. جاء عندنا الرجل، وطلب منا أن نسلمه الحذاء، وهو أمر كان أكثر إيلاما من ثقب الحذاء نفسه، إذ كانت تصدر عن الحذاء رائحة كريهة ومُـزعجة، خفتُ أن تـُسبِّـب لي إحراجا مع الرجل، لكن همسة من صاحبي جعلت الرجل يتفهم الوضع، سبقنا إلى محل الإسكافي وجاءنا بحذاء بلاستيكي في انتظار إصلاح الحذاء. لم يطل انتظارنا كثيرًا، وإذا بالرجل ينادي على صاحبي بأن الحذاء جاهز، مُوحيا لنا بأن ثمن الإصلاح مدفوعٌ مُـسَبَّـقا، لكن علينا إرجاع الحذاء البلاستيكي إلى الإسكافي.
حين قصدنا الإسكافي وجدنا الحذاء قد تم إصلاحُه فعلا، لكن الثقب تم تغطيته بقطعة جلد أحمر، فيما الحذاء كان أسودا...‼
لم يكن أمامي المزيد من المساومات، وقد رَنَّ الجرس الأخير للدخول إلى حصة الما بعد الزوال، لبست الحذاء في قدمي وقصدت الباب الرئيسي ونظرات الشماتة تلبسني من أقصى إلى أقصى، خصوصا نظرات البنات.
تمنيت لو أنني كنت قد مـت ُّ من قبلُ، وأصبحت نسْيـًا مَنسِيـًا، أو تشـَظـَّيْتُ دون ذلك...‼



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حوار مع الشاعر محمد السّرغيني: القَابضُ على جَمْر الشعر م ...
- مَفاتِنُ الحُروف
- لا صُبَّارَ من حَولي!
- الدّار البَيضاء، كمَا رَأيتُها... !
- بين انتشاء كُوليندَا بالانتصار الكرواتي وانتشاء العَرب بصُوَ ...
- المُمَاطلة في أمُور حَيَويّة وَمُسْتَعْجَلة: حَامِلو الشهادا ...
- -عُزلة تُقاسِمُني صَبْري- جديد الشاعر إدريس الواغيش
- يُونس مُجاهد وطارق المَالكي في ندوة بفاس: أي نمُوذج تنمَوي ن ...
- قوات الأمن المغربي تتدخل بعنف في الرباط لتفريق مسيرة للشغيلة ...
- -أعرَاسُ المَيادين- جَديد الشاعر إدريس الملياني
- قصة قصيرة: أوهام طين
- -ملتقى المغرب الشعري- بفاس يطفئ شمعته الثانية
- حاملو الشواهد العليا لوزارة التربية الوطنية يعودون للاحتجاج ...
- الشاعر عبد الرحيم المرس يفوز بالنسخة الثالثة من ” تجارب شعري ...
- قصص قصيرة جدا: بَذرَةُ خَشخَاش
- حَاملو شواهد المَاسْتر بفاس يُطالبون أمزازي بإنصافهم ويُهدِّ ...
- حَمَلةُ الشواهد العُليا لمُوَظفي وزارة التربية الوطنية في ال ...
- كتابات: القصة من أبوابها...!
- عُزلة تقاسمُني صَبري
- هي الشمس


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة: رُقعَة حَمْرَاء