عبدالله عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 5971 - 2018 / 8 / 22 - 23:48
المحور:
الادب والفن
الشاعر الفلسطيني عبدالله عيسى يكتب : ذاك هو الحب
هادئٌ مثل هدنةِ ما بعد حربينِ ،
يفرُكُ بين أصابعهِ غدنا ، والمسافةَ بيني وبينك ِ .
لا ينبغي أن نعودَ إلى أمسِنا
قبل أن نتأكّدَ من دفن ِ أشلاءِ ذاكرتينا ،
وأوصافَ أبطالِنا في الأساطيرِ ،
بل يجبُ الانتظارُ على حافّةِ الأبدِالمتعجّلِ سيرتَنا
في حديث ِالرواةِ ،
ومقتنصي الشائعات ِ،
لئلا نذكّرَ حين نقصُّ رؤانا على أحدٍ ما بما سوفَ يبقى .
وما سوفَ يبقى ، سيبقى
كرائحةِ الموتِ تلكَ َ التي تتنفّسُ تحت ثيابِ الأراملِ ، أعمى
الكلام ُ الذي قد تقولان ، أعمى
الكلامُ الذي لم تقولا . يقولُ .
بسيطٌ كحنكةِ مقصلةٍ في مخيّلةِ الإمبراطور
يعدّ عليّ خطايايَ .
ما كنتُ عبداً لسيدةٍ كي أصير لها سيّداً ،
لم أنم في سريري سوى كي أردّ الكوابيسَ عنها ،
وما عدتُ من جسدي
، بأنيني الذي ما يزالُ يذكّرُ بي وهو ينمو على جنباتِ المنافي ، وفي ظلماتِ الزنازينِ ،
إلا لأروي لها ما تبقّيتُ منّيَ من أجلها .
عاشقاً كسروا نايَهُ في مظاهرةٍ ،
ذبلت ْ في يديه الورودُ التي انتظرت سهمَ عودتِها ،
بالصليب ِ وشوك جبيني لكي ترثَ الملكوت ، وأشقى .
رحيمٌ كما طلقة الاغتيالِ الأخيرة ،
يجلسُ بيني وبينكِ .
يأوي إلى سيرتي ويؤرّقُ قتلايَ .
قد تعشقُ امرأةٌ لاجئاً في الرواياتِ مثلكَ
حتّى يصيرَ لها وطناً في المنافي ،
وقد تصبحُ امرأةٌ لك منفى ،
ولا وطنٌ لكَ فيها سوى صوتِها إذ تنادي عليكَ ، وقد لا تجيءُ.
ستنتظرُ الحربَ
، حتى إذا انتهتِ الحربُ ، حتّى تلمّ بقاياك َ ،
قد تطمئنّ ، كما ينبغي، في الطريق إليهاعلى حالِ مفتاحِ بيتِ السلالةِ ، ذاك الذي في فلسطينَ ، ما عاد بيتَ السلالةِ مذ جاءه الغرباء بأسلحةٍ ومزامير عمياءَ ،
قد تتأخّرُ أكثرَ في طردِ سربِ الخفافيش عن سور مقبرة الشهداء . يقول ،
وما جئتُ حتى أصير سواي َ، ولكنني لا أموت كغيري ،
وأرقى
بمعجزتي كلّما خانني أحدٌ ما
وآمنَ بي أحدٌ كلما قمتُ بين المقابر.
لا يغفرُ الميّتون فقط .
واضحٌ كوصيّةِ كاهنةٍ في جنازةِ قتلى جماعيّة ٍ
لا تصدّقْ سوى ما يقولُ لها قلبُها .
إن قلبَ المحبّ الدليلُ
، يقولُ ،
ودربكَ من ألمٍ كان يجري إلى ألمٍ بك يجري .
سيشبهُكَ الماءُ في زهرةِ اللوتسِ بين يدَيْ كليوبترا ،
وما لم يسرّ به العاشقونَ الذين إذا قنطوا ذكَروكَ ،
وآلهةُ الحبّ في الأدبِ الأغريقيّ ،
ويتبعكَ النجمُ في فطنةِ الغجرِ الراحلينَ إلى الشرقِ ،
والغافرون خطايا المحبّين ،
واليائسون من الحبّ ،
والعارفون بأسمائه ،
ونشيدُ المغنّي الطويلُ .
كمن يتفقّد عينيّ بين مراياكِ
يجلس بيني وبينكِ
ذاكَ هو َ الحبّ .
يا حبّ رفقاً بنا .
أيها الحبّ
رِفقا
#عبدالله_عيسى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟