أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - السُحُب الفارغة!














المزيد.....


السُحُب الفارغة!


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 5966 - 2018 / 8 / 17 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحتفظ مفهوم الأيديولوجية بكامل حقه في جميع حقول المعرفة، وإنها لحقيقة أن من بين أهم أهداف الأديان السماوية المُحترمة تماما؛ هو تهدئة جزع الناس بإجابة كل إمرء منهم على سؤاله ماذا سيحدث لي غدا؟
ورغم أن لواذع الحقائق تتمثل في أن الكثيرين يتفقوا على الإستهزاء بالقاموس الديني برمّته؛ سياسيين كانوا أم من العامة، فالخالق والملائكة والأنبياء والإيمان مساحيق تجميل للدجالين وأدوات لتفكيك الوقائع، في حين أن لغتهم العملية السياسية الأكثر رواجا تستند إلى مسلمات من منجزات الإنتاج الفكري لأباء الكنائس وأئمة المساجد، كالمحبة والسلام والحرّيات العامة وحقوق الإنسان، والتذكير بأهمية جوهر المرء وليس مظهره الخارجي، ولسوف يبدو لنا حينها بأن الخطاب اللاديني مقارنة من الناحية العملية ساذجا أو لنقول بدائيا.
وليس في العودة إلى تسطيح الخطاب الديني والسياسي المعاصر مالا يُمكن تفسيره إذا ما رغبنا حقا في الأخذ بعين الإعتبار افتراضين من وجهتي نظر مختلفتين (الجوهر والمظهر)؛ لكن يُفترض بهما في ذات الوقت السّير بشكل متوازي وإن تقاطعا أحيانا، فلايجوز للمؤمن أن يزني أو يسرق أو يكذب وإن فعل، تلك حقيقة مقبولة في ظاهرها بل ومعقولة، لكن في جوهرها فليس من حاجة لتقديم كشف حساب لما سيكون، فمآل ما هو واقعي سبق وأن ترسّخ بمنطق الأذهان السليمة والبلهاء على حد سواء، مع اختلاف وجهات النظر في كلا الحالتين، ووفقا لفتاوي بعض شيوخ الأنظمة العربية ( الشيخ عبد العزيز الريّس- الرياض2018) يجوز لولي الأمر أن يزني وينهب المال العام علنا ولايجوز للعموم الإعتراض! والخلاصة أن مثالية الجوهر مجرد كذبة عذبة.
يتمثل المنطق السحري للأيديولوجيات الفكرية في التناقض الصارخ بين حماسة التعبير وغمُوض الإثبات، فالجزم يحلّ دوما مكان التوضيح، والإستعارة والتشبيه محل الوصف، ويتجلى سحر الدين العصيّ على الفك في ذلك الّسجل المزدوج للسّببية والنتائج، مما يُتيح تقديم أحكاما (جازمة) فالمزارع الذي يصادف موسما سيئا، يعزي العقاب السماوي (النتائج) لمعصية (السببية) ارتكبها أو تقصير في العبادة أو في تقديم القرابين، وجاره يجنى الملايين (التوضيح) من زراعة الخشخاش ولم يترك معصية إلا وارتكبها، والقرابين الوحيدة الذي يقدمها هي فقط تلك الرشاوي التي يدفعها للمسؤلين لغضّ الطرف عنه.
وأما عن الإستعارة والتشبيه، فالكوليرا تفترض وجود العقاب، والحواسّ وجود المُخبرين، والسّياسة وجود الزعيم، والخلاصة (الوصف) مصحّات عقلية ومعتقلات بدل حرية التعبير، والفكرة المتأخر جدا في وعينا التاريخي تتمثل في تنقل الدين بين حقلي الطب والسّياسة، فما بين طقوس تقديم القرابين وطرد الأرواح إلى إعلان الحروب وارتكاب المجازر الجماعية؛ يرصف الطاعون الفكري طريق الشعوب وسلوكهم.
قد يتردد سؤال في ذهن المرء؛ من أين يتأتّى لأيّ جماعة بشرية أن تجلب لنفسها الأذى؟ ربما يتمثل ذلك الإيحاء الخاص بميثولوجيا أداء الوظائف الإجتماعية بتأثير مباشر من فكرة الخلاص والشقاء الديني، وإلا فما الذي يحمل الشرطي العراقي الشيعي على إطلاق النار على ابن جلدته السُّني، باصقا على جثته؟ إنه لحقا عار المخدوع الذي يأبي اكتشاف الحقيقة، وخزي المُخادع الذي يزوّرها.
إن هوسنا بالمسلمات الدينية المُصنفة بعناية والمزوّرة بدهاء، يتناسب طرديا مع احتقارنا لأنفسنا وانكارنا العجيب لمآسي الشعوب، ورفضنا محاولة إيقافها أو حتى مقاومتها، وإنه لذات السجل المزدوج المستخدم من قبل السياسة للردع الإرهابي والتطرف الديني، ذلك إن أنت حاولت تقديم نقد موضوعي لسياسة الدولة فعليك أن تدير ظهرك للحرية لتواجه الإعتقال والتعذيب، وعمّا قليل ستضطر للصّمت أو الإكتفاء بتسلق الأشجار والقاء الحجارة على الخصوم، وذلك لن ينفع في حل المشكلة أو حتى تخفيف الألم، لكنه يسمح بتأليف رواية (اجتياح العراق2003) بثلاثمائة صفحة من الورق الرخيص، وهذ ما يُسمى بالدور العظيم للحاكم العربي.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإتجاه الجغرافي للتاريخ
- القيمة العلمية للأديان السماوية
- ضجيجُ الموتى!
- المتغيّر والثابت في الوطن العربي!
- الصحافة الرسمية الرائجة
- المعارفُ والقناعات!
- الجمهورية العربية الثالثة!
- العودة المستحلية!
- دول المخاض العربي!
- هوّية الهيمنة الدّينية والسّياسية
- تقنين الفساد المالي والإداري في الدول العربية المعاصرة
- قواعد النّقد السياسي-8
- قواعد النّقد السياسي-7
- قواعد النّقد السياسي-6
- الشباك المثقوبة!
- قواعد النّقد السياسي-5
- قواعد النّقد السياسي-4
- إستثمار الإستعمار
- قواعد النّقد السياسي-3
- الحقيقة العارية


المزيد.....




- لبنان.. إسرائيل تنشر خريطة وتأمر سكان الجنوب عدم العودة لمنا ...
- خطة لـ-تطهير غزة-..ترامب يدعو لنقل الفلسطينيين إلى مصر والأر ...
- بن غفير يعلق على اقتراح ترامب -نقل سكان غزة إلى الدول المجاو ...
- خمسة مرشحين.. انطلاق الانتخابات الرئاسية في بيلاروس
- بوتين يهنئ قيادة الهند بالعيد الوطني
- شيخة قطرية تنتقد -موسم سيلين- السياحي في بلادها
- الديوان الملكي السعودي يعلن وفاة والدة أمير من آل سعود
- لبنان: قتيل وجرحى إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على أشخاص ...
- دورس الألبانية.. عروس الأدرياتيكي التي تسحر زوارها بتنوعها ا ...
- اليوم التالي لنهاية الحرب في السودان.. ماذا ينبغي أن يحدث؟


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - السُحُب الفارغة!