|
فرح أنطون
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 5933 - 2018 / 7 / 14 - 11:04
المحور:
سيرة ذاتية
فرح أنطون الصحافي الروائي، المسرحي والكاتب السياسي والاجتماعي من أبرز المثقفين السياسيين والاجتماعيين العرب في الدولة العثمانية، في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ورائد من راود حركة التنوير. ويذكر موقع طرابلس الالكتروني اذا كان لـ«مدينة العلم والعلماء» أن تفخر بمفكريها ورجالات التنظير السياسي والاجتماعي فإن «فرح أنطون» يكاد أن يكون في مقدمتهم، كيف لا وهو الذي حمل مع مجموعة من المفكرين العرب الآخرين لواء العلمانية والتنوير في عصر كانت فيه أغلب الدول العربية تغرق في سراديب من التخلف لم تستفق منه حتى يومنا هذا، متأثراً بأبن رشد وغيره من أعلام الفلسفة المسلمين وغير المسلمين، كان «فرح أنطون» سابقاً لعصره وزمانه في كثير من الطروحات التي نادى بها والتي لا تزال مثار جدل بين المدارس الفكرية السياسية. ولد فرح أنطون في طرابلس سنة 1874، وتخرج من مدرسة كفتين بالكورة، ثم وفد إلى مصر سنة 1897 فاشتغل بالصحافة والتأليف، أسس مجلة «الجامعة»، وفي عام 1906 رحل إلى الولايات المتحدة لكن عاد إلى مصر ليتابع نشاطه الأدبي والصحفي، وتوفى سنة 1922. تأثر أنطون بأفكار المصلحين الأوروبيين من أمثال روسو وفولتير ورينان ومنتسكو، كان داعية للتسامح الديني والسياسي والاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين، كان يكتب لا كمسيحيٍ أو مسلمٍ بل باسم الانسانية، وتأثر فرح أنطون بالاضافة إلى ابن رشد بابن طفيل، والغزالي، وعمر الخيام وآخرين، وآمن بالاشتراكية واعتبر أنها تحمل الخلاص الانساني. كتب الكاتب المستنير نعيم ناصر: لقد عكست ثقافة فرح أنطون الواسعة انحيازه للانسان، بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه، وفي هذا يقول الدكتور طيب تيزنى في تقديمه لكتاب فرح أنطون (ابن رشد وفلسفته): «إن المفكر المنّور فرح أنطون ينطلق من ان تحرير العقول من التعصب الديني، وضيق الأفق العقلي، يمثل المدخل إلى فهم كيفية تحقيق التقدم في الشرق، ولذلك كان يهدف من ورائها إلى الحث على التفكير العقلي والتسامح الكوني». وقد أثارت كتابات فرح أنطون الجريئة، وأفكاره التنويرية التي تدعو إلى التسامح ونبذ التعصب، واحترام عقول الناس، عدداً من الكتّاب السلفيين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين، فكتبوا منتقدين فكره متهمينه بالإلحاد والعلمانية. وبسبب فلسفته هذه تعرض إلى هجوم لاذع من قبل رجال الدين، وحمل عليه الأب لويس شيخو (1859 - 1927) لأنه ترجم كتاب الفيلسوف الفرنسي آرنست رينان «تاريخ المسيح» قائلاً: «فما كان بأنطون أن يضمن بشرفه ودينه عن نقل سفاسفه، فيعز علينا أن نرى حاملي الأقلام في بلادنا ينشرون بدون تعقل، مبادئهم المستقبحة، فيلقون قراءهم في وهاد الإلحاد وقعر الفساد، وكان بوسعهم أن يهذبوا عقولهم ويرقوا أخلاقهم، ويجعلوهم سنداً لوطنهم». ويشير ناصر في مقاله «فرح أنطون رائد في دعاة العلمانية وفصل الدين عن الدولة» بأن فرح أنطون لم يكن ملحداً ولم يهاجم الأديان، او يدعو لهدمها، ويقول أنطون في هذا الشأن رداً على منتقديه من رجال الدين: «معاذ الله أن نروم هدم الدين، كما تفترون علينا، وإنما نروم هدم الأوهام والخزعبلات في الدين فلماذا تجعلون هذه قسماً منه؟ وأول هذه الخزعبلات قولكم إن الانسان لا يمكن أن يعبد الله، ولا أن يفهم الكتب الدينية، إلا بواسطة كاهن أو شيخ، وبذلك تضعون أنفسكم بين الله، وبين عباده، رفعاً لشأنكم وطلباً للفائدة لكم». تأثر فرح أنطون بأفكار الثورة الفرنسية (1789) مثل الدعوة إلى الحرية والمساواة وحقوق الانسان، ولذلك وقف إلى جانب التيار العلماني في المجتمعات العربية الذي كان قد ظهر في أوروبا، وحمل لواءه الدكتور شبلي الشميّل (1850 - 1917) الذي يلخص شعار: «الدين لله والوطن للجميع» أهم أفكاره وكان منفتحاً على العلم وتعليم المرأة والتحرر من التقاليد البالية، والتوفيق بين العلم والدين، ولذلك سعى إلى تغيير الواقع الاجتماعي العربي إلى واقع آمن بعيداً عن القهر والاستغلال. وفي هذا قال: «نحن نريد بدل هذه الانسانية المضطربة المتشنجة إنسانية هادئة مطمئنة، متمتعة بأمن وسلام، بنعم الأرض والسماء، وهذا لا يتم مع النظام الحاضر والحالة الحاضرة، لأن الانسان لا تهدأ نفسه ويسكن جائشه وتتلطف أخلاقه إلا اذا صار أميناً على رزقه، ولا أمن على الرزق ما دام الأقوياء متروكين على الضعفاء يمصون دماءهم، والضعفاء يزمجرون ويزيدون حسداً وطلباً للنقمة». من طموحات فرح أنطون بأن تتحرر الشعوب في الدول العربية من سلطة التيار الديني وتحقيق مصالحه بين التيارات المختلفة وفق مبادئ العلم والعقل والفلسفة من أجل خلق مجتمع متناسق قادر على حل مشكلاته الكبرى في جو من حرية الفكر والتعبير والنقد العقلاني لأسباب تلك المشكلات. من أبرز أعمال – فرح أنطون – ابن رشد وفلسفته، الحب حتى الموت، الدين والعلم والمال وغيرها، ومن أبرز الكتب التي ترجمها الكوخ الهندي، بولس وفرجيني، اتالا، ابن الشعب.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب ترامب التجارية!
-
فيليتسيا لانغر نصيرة الشعب الفلسطيني وداعًا
-
حديث عن ديمقراطية المواطنة وشرعية الحقوق
-
التربية والتعليم في الدول النامية!
-
قانون التقاعد الجديد!
-
الإخوان وسيلة كل الأنظمة لاغتيال المعارضة!
-
التوتر النفسي والانتاجية!
-
أحمد لطفي السيد
-
الانتخابات العراقية من منظور الصحافة
-
كارل ماركس 200 عام
-
عندما تختلط المفاهيم
-
خمسون عامًا على اغتيال مارتن لوثر كينغ
-
الفساد السياسي
-
حديث حول الرأسمالية!
-
الناقد جابر عصفور.. تقويض نزعة العالمية
-
ترامب وعسكرة الفضاء!
-
عن الصحافة الثقافية!
-
دولة الإمارات نموذجًا للإدارة المالية الرشيدة
-
في ذكرى اغتيال المفكر حسين مروة!
-
محمد مندور
المزيد.....
-
أول رد من ترامب على ما ذكره كتاب عن إجراء اتصالات مع بوتين و
...
-
أبو عبيدة يشعل تفاعل رجلي دين.. وحديثه عن ابن تيمية يثير جدل
...
-
تحليل لغة جسد نائب حسن نصرالله بأحدث ظهور يشعل تفاعلا والجيش
...
-
الداخلية السعودية تكشف ما عثر ضبط بحوزة يمنيين وجريمتهما
-
حزب الله يعلن التصدي لمحاولة القوات الإسرائيلية التقدم إلى م
...
-
هاريس: إحراز بعض التقدم بشأن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار
...
-
روسيا تطور غرف عمليات روبوتية
-
روسيا.. تطوير آلية قمع الإجهاد بمادة من قشرة العنب
-
العلماء يكتشفون مجرة -غريبة- لا تشبه أي شيء رأوه من قبل
-
-ميتا- تعلن عن أداة جديدة لصنع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|