|
محمد مندور
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 5797 - 2018 / 2 / 24 - 08:53
المحور:
سيرة ذاتية
كتب الكثير عن الناقد محمد مندور (1965 - 1907) الذي مازال النقاد العرب يعتبرونه شيخ النقد العربي الحديث، وهو أول من استحق صفة «ناقد أدبي ثقافي» لاعتبار أنه نقل النقد العربي من الانطباع إلى التحليل العلمي المنهجي.
ويرى كثيرون - كما يوضح الكاتب جهاد فاضل - ان محمد مندور لم يكن مجرد ناقد كبير، وانما كان بالاضافة إلى ذلك نموذجاً «للمثقف العضوي» المتفاعل مع قضايا شعبه ومجتمعه، فكتاباته الاجتماعية والسياسية، ومواقفه، يمكن اعتبارها بمثابة انعكاس مبدع لصفوة مثقفة كانت تبحث عن ذاتها عبر خليط من الاختبارات والامكانات. وكان جزءاً كبيراً من الرهان خلال هذه الفترة التاريخية يتمثل قبل كل شيء في بلورة وعي يسمح للحركة الوطنية الاجتماعية في مصر بإرساء دعائم تفكير متحرر من الظلامية الماضوية ومن الاستلاب الاستعماري.
وينقلنا فاضل إلى أحد كتبه النقدية «ميزان جديد» قائلاً: في البداية كان مندور امتداداً لمدرسة طه حسين التذوقية، تأثر بمدرسة لانسون ودوركهايم ودراساته الاكاديمية في السربون. إلا أنه سرعان ما انتقل إلى المدرسة النقدية المرتبطة بممارساته السياسية والاجتماعية، من مرحلة الأدب والدراسة النصية الموضوعية للأدب، إلى مرحلة أعمق من التحليل والتفسير، متبيناً أكثر فأكثر، الرؤية الاجتماعية للأدب، دون إغفال الخصوصية الفنية الجمالية.
هذا ما عبَّر عنه مندور في كتاباته الأخيرة «النقد الايديولوجي» كانت تعبيراً صريحاً عنده عن انتهاء فكري ومنهجي.
وفي هذه الكتابات يعترف بأن زيارته للاتحاد السوفياتي وبلدان أوروبا الشرقية قد جعلته يتبين حقيقة هذا العالم وما يضطرب فيه من نظريات كانت غامضة في ذهنه اشد الغموض «ومن بين هذه النظريات الواقعية الاشتراكية بهذا المعنى الجديد الذي كان يلوح لي منافياً أو على الأقل مجانباً لحقائق الناس والأشياء».
ويذكر لنا انه خاض معارك فكرية ونقدية بينه وبين الكتاب والنقاد مثل عباس محمود العقاد، والشيخ أمين الخولي، ومحمد أحمد خلف الله، وسيد قطب، ورشاد رشدي وسواهم. وتكاد هذه المعارك جميعاً ان تتلخص في رفض مندور قصر النقد الأدبي على التحليل اللغوي، أو التحليل النفسي، او التحليل الفني الخالص الخالي من الدلالة الاجتماعية أو الرؤية غير التاريخية للتراث الأدبي والنزعة العرقية القومية الضيقة.
ثمة دراسة للناقد د. فتحي عبدالفتاح نشرها المجلس الأعلى للثقافة في مصر ضمن كتاب تذكري عن الناقد الراحل مندور تحت عنوان «بطل الياذة الديمقراطية النقدي» يقول فيها: إن د. محمد مندور يشكل مع د. لويس عوض وعبدالرحمن الشرقاوي هرم التنوير في مصر. أما هرم التنوير الأول يضم كلاً من محمد عبده، وطه حسين، وأحمد لطفي السيد. ويقول أيضاً: كان مندور دائماً البطل الأسطوري - اجاكس - المدافع عن مصر الديمقراطية، مصر العدالة الاجتماعية، مصر الحضارة الثقافية وحرية الإبداع، وقد تجلت مواقفه هذه في أكثر من عهد سواء النقد في مرحلة الازدهار الليبرالي والثقافي والزخم الرائع التي جاءت به ثورة 1919 الجماهيرية، أو بعد ثورة يوليو 1952 التي رفعت شعارات رائعة، لكنها في الوقت نفسه أجهضت كل الأحلام التي كانت قابلة للتحقيق وقتها.
وفي هذا الكتاب - عرض صبري جلال - في صحيفة اليوم المصرية بمناسبة مرور أربعين عاماً على رحيله – يجزم الباحث أحمد شمس الدين الحجاجي في دراسته «محمد مندور والفن المسرحي» إن مندور، قد لعب دوراً أساسياً في الحركة النقدية المسرحية بما يجعل منه خطوة متقدمة على طريق تطور النقد المسرحي، ويقول الحجاجي: يعد مندور بحق واحداً من أهم نقاد الحركة المسرحية منذ نشأتها حتى وفاته عام 1965 فقد كان أحد دعائم معهد الفنون المسرحية عام 1944 وقام فيه بدور مهم وهو تعليم طلابه نظريات المسرح النقدي وقت لم يكن فيه باحث واحد متمرس بالدراسة النظرية لهذا الفن، كما عمل استاذاً للنقد الأدبي والمسرحي النقدي في معهد الدراسات العربية.
في حين يقول الكاتب والناقد فتحي العشر في دراسته «محمد مندور وفلسفة النقد» إن فكر مندور الناضج نتيجة لدراساته الفرنسية والعربية هو الذي أهداه إلى المزج بين الفكر الغربي المتقدم والفكر السياسي التراث، على أساس الإفادة قدر الامكان من الغرب، دون الابتعاد عن فكرنا السياسي، وقد آمن في الوقت نفسه بأن الفكر السياسي لا يتوقف عند القدامى، لكنه ممتد عند الحداثيين. وقد اهتم بالمسرح وبالشعر خصوصاً الشعر المسرحي أو المسرح الشعري، ومن هنا جاءت دراساته المستفيضة للشعر التفعيلي والمسرح الواقعي.
ويعد د. محمد مندور واحداً من أبرز النقاد في مصر والعالم العربي، وأحد رموز التيار التنويري والدعوة العقلانية في القرن العشرين.
وقد تميز بالقدرة على الجمع بين العقلانية والوطنية والرؤية الاجتماعية والإنسانية المتقدمة.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منتدى دافوس.. الحفاظ على مصالح الدول الكبرى!
-
الثقافة حرية وتحرر وتنمية
-
علوي شبر
-
عن الأزمات والضرائب!
-
حديث حول تآكل الطبقة الوسطى!
-
لماذا انتفض الفقراء في إيران؟
-
صلاح عيسى.. حياة مليئة بالنضال والإبداع
-
الظاهرة الصوتية!
-
بطالة الشباب في الدول العربية!
-
كيفية مواجهة الفساد!
-
متحف للمرأة الإماراتية
-
تلاعب صندوق النقد الدولي.. اليونان أنموذجاً!
-
إنهم يهزون الأرض
-
حول العدالة الاجتماعية!
-
نقمة النفط!
-
طه حسين
-
حول الوضع الداخلي الإيراني!
-
هنيئاً للمرأة السعودية
-
شبه الجزيرة الكورية والمصالح الأمريكية!
-
تحديات اقتصادية وسياسية!
المزيد.....
-
نانسي بيلوسي تخضع لعملية استبدال ورك بعد سقوطها على الدرج..
...
-
الصفدي في ختام اجتماعات العقبة: لا نريد للإرهاب أن يعود في س
...
-
-تجاوزت خطوط الاشتباك-.. ماذا قال الجولاني عن إسرائيل بعد سي
...
-
أنقرة تفتح سفارتها رسميا بدمشق
-
استخراج جثمانين مجهولين الهوية من مقبرة جماعية جنوب ترهونة
-
عبروا عن يأسهم.. عائلات رهائن إسرائيليين: لا ينبغي أن تكون ل
...
-
انقسام إسرائيلي حول صفقة محتملة بغزة
-
نعيم قاسم: الشعب السوري صاحب القرار وأحداث سوريا لن تؤثر على
...
-
بلينكن يؤكد: أجرينا -اتصالا مباشرا- مع هيئة تحرير الشام
-
هاليفي: لا نتدخل في الشأن السوري وانتشارنا كان لمنع تموضع ال
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|