أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - وكرٌ من قش!..














المزيد.....

وكرٌ من قش!..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5920 - 2018 / 7 / 1 - 01:21
المحور: الادب والفن
    



هي ذاتها، هي، عندما دخلت غرفتي في منتصف الليلة الفائتة، دون استئذان.
كانت شديدة الحماسة والحساسية، وهي تمنح نفسها شيئاً من الاحتفالية الرمزية. لهذا استرسلت في الكلام، مشبعة بالإخلاص والتأثر، وكأنها تلقي عن كاهلها حملا ثقيلا:
ــ " كان يريدني أن أُصلح له فوضاه " !.
كيف لي أن أتكهن ما يدور في خلدها؟. لهذا بقيت ساكنا وبلا شعور متوافق أو معارض.
ومن جديد استرسلت :
ــ " أنت، وهو، لا تعرفان، كيف أودعتني أمي يوما، التي لا اعرف من هي، عند باب مركز إيواء الاطفال مجهولي النسب والمفقودين. المهم أنني عشت هناك اعواما حتى بلغت سن الفقد الدائم.
المركز في مدينة، لو بحثت عنه في أطلس الجغرافيا، أو على كرة الخارطة الارضية المفترضة، لتعرف أين يقع، فأنك ستفشل لا محالة، وسيصيبك الصداع والاحباط.
والمدينة، هي مجرد مدينة من مدن العالم التي على وشك الاضمحلال تماما من الذاكرة.
" تذكر أني قلت لك كان يريد مني أن أصلح له فوضاه. ونسي أنني جزء من فوضى العالم المعزول والمتروك بعيدا حتى عن ابسط دالة عليه، أو طريق معلوم إليه "!
في تلك اللحظات، ربما غرفتي، بضوئها الشاحب، كانت قد نطقت بثمة كلام، على خلاف ما كنت عليه أنا الذي لم أنطق بكلمة.
نعم، كنت تحت تأثيرٍ ليس متطابق بالكامل مع تلك المرأة، لكني كنت على ثقة بأني لابد أن أشعرها، بشيء من الأمن والفرصة الطيبة، وشيء من التنسيق الوجداني، بطيبة خاطر. لهذا كان عليها أن تعود لثقب الفكرة التي خرجت منها:
ـــ " عندما زارني في حجرة نومي، في مثل هذه الساعة ماذا تتصور، هل من المناسب أن أرد عليه وأنا فقط بنصف ملابس نومي؟.
ألا تتصور معي ، أنها كانت فرصة غير سارة؟ وأنني كنت وقتها غير أنيقة، ولا اشعر بأي تقليد يمكن أن يجعلني مشفقة عليه أو على نفسي، أو حتى أتلمس طريقي بعناية "؟
أنا لم أعرف كم من الوقت مرّ وأنا مثل جدار من أطوار غريبة، أستمع أمام صرامتها التي لا تلين، دون أن أنطق بكلمة واحدة.
شعرت بأنها كانت تعيش في الوكر المصنوع من القش والتحلل المليء بالذكريات وبعض ضوء من شمس صغيرة مزينة بالقديفة الحمراء، بلا نوافذ أو باب واضحة. وأنها كانت ترى الليل من خلال ستارة لها صوت خفيض لحظة تنفتح أو تنسدل.
في تلك اللحظة الوثيرة، وضعت راحة يدها على صدري قائلة برقة:
ــ " أرجوك أجلس. سأكشف لك سرا أكثر إثارة "
لا اتذكر أنني رضخت لرجائها أو أنني ما زلت على وقفتي المندهشة. كل ما حصل أنني ألقيت لها سمعي كلية.
ــ " ستتعجب، كيف سمحت له أن يدخل غرفتي في تلك الساعة وأنا نصف عارية. في كل جملة وتفصيلا، كان يشبهك تماما. لا شيء فيه ولا علاقة إلا وكانت فيك أنت. المهم أني كنت استمع لك وليس له. لهذا صبرت كل ذلك الوقت".
لم يطرأ أي جديد عليها بعد تلك المعلومة المثيرة. بقيت كما هي منسدلة كما ستارة مصنوعة من الدانتيلا الزرقاء، غير أن صوتها كان يتغنج في تلك اللحظات.
ــ " أيها المفاجئ، مثل طفل وسيم ومدلل، هل سأفصح لك إن لا شيء بقي بقلبي من تلك المدينة، ولا عن ذلك الميتم الفقير، غير هو انتظاري الدائم لدخوله ولا خروج منه/ الشيء المطهر الوديع الذي يشبهك، والذي يجعلني أرتعد من شدة الخجل واللذة/ وأنه الأمر السيء عندما يدخل نطلب خروجه منا./ ذلك الحب، الشبيه بمثلث برمودا.. الفوهة التي تأخذنا للرقة. وهي تبتلعنا لا نريد أن نتشبث بأي نتوء للخلاص منها/ هو القدر العظيم الذي لا مناص لنا من حركته الرشيقة ".
كان قلبها كريما. لم تحدثني عن الرحلات أو الاسفار. سوى أنها كانت حسنة الهندام، أنيقة القامة، مرنة الحركة وهي تؤدي رقصة ألوان الخليط. في كل ثنية من ثنايا جسدها، مرح الاطفال وعشق الكبار الناعم.
لكن يا الله، لماذا حين غادرت، نسيت اسمها؟!



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيءٌ من عباراتٍ مبهمة!..
- إلى أقصاه الآدميُ!..
- لهجة العطر ..
- لِما هو أبعد!..
- العائلة الحمراء..
- مخطئٌ إن لم تتألم!
- لا شيء حَذِرٌ، البتة!..
- مفاصلٌ تبحثُ عن مشاج!
- التآخي لا يرهق الحياة!
- ... وعمَ يتساءلون؟!
- الملامحُ، على أفقٍ أوسع!..
- لوجهٍ كما عبّادُ الشمس!..
- ما يُخففُ عن الطفلِ الحيوانيّ !..
- لو لم تكن، لكانت...!
- سككٌ مجهولةُ النهايات!
- التحليق ابتهالاً!..
- أنوثة شعاع..
- حزنٌ مضافٌ، دائماً !..
- بين ارتكاسٍ وطفو !..
- وللحب غناء..


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - وكرٌ من قش!..