أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله المدني - صاحب مصطلح «زراعة النفط»















المزيد.....

صاحب مصطلح «زراعة النفط»


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 5911 - 2018 / 6 / 22 - 11:03
المحور: سيرة ذاتية
    


تعيش المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجيات اليوم حقبة ترتيب أحوالها الاقتصادية بما يتلاءم مع انخفاض دخولها المتأتية أساسا من النفط. وبعبارة أخرى فإنها تسعى في ظل انخفاض أسعار البترول إلى تنويع اقتصادها وعدم الاعتماد كليا على مورد وحيد متمثل في النفط.

كان هذا ضمن ما طالب به مبكرا المرحوم يوسف أحمد الشيراوي وزير التنمية البحريني، وذلك حينما حذر في الكويت في يناير عام 2000 أمام الملتقى الثقافي الرابع الذي نظمه مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة الكويت بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الكويت، من شيء من هذا القبيل، فكان كمن يقرأ الغيب، ويتنبأ بما ستحمله الأيام لوطنه الخليجي الكبير من تحديات. وقتها قال الشيراوي: «إن دول الخليج مطالبة باتباع مجموعة من السياسات الجديدة لمواجهة الألفية الثالثة وذلك بالمحافظة على ثرواتها الطبيعية وضمان مستقبل الأجيال المقبلة والتفكير في توفير احتياجات المنطقة من الغذاء والماء». وأضاف قائلا: «إن على دول الخليج أن تضع استراتيجية للتكامل فيما بينها واضعة في الاعتبار ما سوف تكون عليه الأوضاع في عام 2010 او 2015»، موضحا «أن الارقام تشير إلى أن دول الخليج في هذه الفترة سوف تصدر حوالي 20 مليون برميل من النفط يوميا مع ارتفاع كبير في عجوزات موازناتها العامة في الوقت الذي يتوقع أنْ يدخل فيه نحو مليون شخص سوق العمل بحثا عن فرص وظيفية جديدة».

مثل هذا القول كرره أيضا، قبل الشيراوي، رجل آخر من رجلات الخليج الموهوبين في عالم الاقتصاد هو المرحوم الدكتور «محسون بهجت جلال» الذي لُقب بـ «زارع النفط» أو صاحب وصفة «زراعة النفط» لأنه أدرك مبكرا أن الاعتماد المفرط على النفط سوف يؤدي إلى نتائج وخيمة، فقال ما مفاده أن النفط ثروة مستهلكة لكننا نستطيع زراعته مرة أخرى من خلال التنمية، ولاسيما التنمية الصناعية، التي كان هو أحد روادها البارزين في المملكة العربية السعودية، بل كانت خياره الوطني وهمه اليومي. وبكلام آخر دعا الرجل ــ من خلال كتابه «زراعة النفط» الذي تزامن ظهوره مع الطفرة النفطية الأولى، والذي قدم له صديقه ورفيقه الدكتور غازي القصيبي ــ إلى الاستفادة بطريقة مثلى من مداخيل البترول الضخمة عبر تحويلها إلى مؤسسات تابعة للدولة بهدف استثمارها في خلق صناعات متنوعة وجديدة مدرة للدخل وخالقة لفرص العمل أمام الشباب. وخلال معظم سنوات حياته ظل مقتنعا بخيار التصنيع، متمسكا به كمبدأ للنهوض بالاقتصاد السعودي وتنويعه وتقليل اعتماده على البترول.

اعتبرته مجلة الاقتصاد الصادرة عن غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية (8/‏1/‏2018) حالة استثنائية لأنه من النادر أن تجد شخصا مثله «يجمع بين القول والعمل، ويقرن أفكاره بحركته وممارسته وواقعه اليومي وسلوكه»، فقد «اهتم دائما بالوطن، شؤونه ومشكلاته وهمومه، تطلعاته وآماله وطموحه، وحاول ــ ما كلفه الله وما وسعته طاقته ــ أنْ يضع ما يؤمن به من أفكار وقيم ومبادئ في خدمة وطنه ومجتمعه وناسه وفي تطوير حياتهم وواقعهم».

نعم، هكذا كان محسون جلال، الرجل الذي أبصر النور بمكة المكرمة في عام 1936 لأب كان يملك محلا لتصليح أجهزة الراديو والتسجيل (رغم قلة عددها في تلك الأيام) ويتفاخر بمهنته النادرة أمام مواطنيه المكيين. وبعد وفاة والده رباه زوج أمه المهندس عبدالسلام حداد الذي ظل محسون يخاطبه طيلة حياته بـ «والدي» من باب الاحترام والاعتراف بالجميل.

تلقى محسون جلال تعليمه الابتدائي بمدرسة الرحمانية (واحدة من مدارس مكة القديمة التي تأسست في عهد الأشراف وأطلق عليها الملك عبدالعزيز عندما زارها اسم الرحمانية تيمنا باسم والده الامام عبدالرحمن الفيصل آل سعود). وبالمثل تلقى تعليمه المتوسط والثانوي في مسقط رأسه، حيث كان واحدا من الطلبة المتفوقين في سائر سنواته الدراسية. وهذا التفوق كان وراء حصوله في سنة 1956على بعثة إلى مصر لدراسة الطب بجامعة القاهرة، لكنه بعد عام واحد غيّر تخصصه، والتحق بكلية التجارة لدراسة الاقتصاد. وفي عام 1961 تخرج من جامعة القاهرة، حاصلا على درجة البكالوريوس في الاقتصاد بمرتبة الشرف، ومتفوقا بالمركز الأول على أكثر من ألف طالب كانوا يدرسون معه.

خطوته التالية كانت العودة إلى بلاده لخدمتها، فعاد من مصر وتم تعيينه معيدا في كلية التجارة بجامعة الملك سعود. وبعد فترة من الزمن ابتعثته الجامعة إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراسته العليا، فالتحق بجامعة روتجرز بولاية نيوجيرسي الأمريكية التي تخرج منها في عام 1967 حاملا درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد، وهو ما أهله ليكون أستاذا لمادة الاقتصاد في كلية التجارة بجامعة الملك سعود ما بين عامي 1967 ــ 1975، حيث تخرجت على يده أجيال من الطلاب الذين برزوا على الساحة الأكاديمية وفي قطاعي العمل الحكومي والخاص. هذا علما بأن الرجل، أثناء عمله الأكاديمي أسس أول مكتب للاستشارات الاقتصادية والتسويقية، وعمل مستشارًا غير متفرغ لدى مركز الأبحاث والتنمية الصناعية.

ولأنه كان متمسكا بشعار «ان أعلى الشهادات لا تصنع وحدها المعرفة ما لم تسندها الممارسة العملية» فقد غادر العمل الأكاديمي ليشغل مواقع وظيفية متنوعة، فمثلا شغل في عام 1975 منصب نائب رئيس ومدير عام الصندوق السعودي للتنمية، وفيما بين عامي 1978 ــ 1981 مثّل بلاده في صندوق النقد الدولي. واختير أيضا عضوًا باللجنة الفنية بالهيئة العليا للنفط، وترأس مجلس ادارة مؤسسة الاستشارات السعودية لمدة خمسة أعوام، وتمتع بعضوية مجلس ادارة البنك السعودي الدولي والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك).

لم يكتف الرجل بالتنظير واطلاق الدعوات والتصريحات لجهة ضرورة تنويع مصادر الدخل القومي في السعودية، وهو ما كان يردده منذ السبعينات، وانما قام بالتطبيق العملي لما آمن به، وذلك في عام 1984 حينما قام بتأسيس شركة التصنيع الوطنية، وتولى رئاسة مجلس ادارتها وشغل موقع العضو المنتدب حتى 1993، وحينما تولى رئاسة شركات صناعية وعقارية وخدمية عديدة أخرى، كان فيها مثالا ونموذجا للرئيس المؤمن بالعمل الجماعي والمرتبط مع مرؤوسيه بعلاقات ود واحترام.

لقد كانت فكرة تأسيس شركة التصنيع الوطنية فكرة تحيط بها الصعوبات وتشكل تحديا كبيرا في ظل السوق المفتوحة للاستيراد من كل العالم دون قيود، لكن محسون جلال قبل التحدي، وفي الوقت نفسه لم يصدر عنه ما يشير إلى فقدان ايمانه باقتصاد السوق الحر. فقد ظل، في كل كتاباته وأحاديثه ومؤلفاته، يدافع عن القطاع الخاص. وفي هذا السياق نقلت مجلة الاقتصاد (مصدر سابق) على لسان أحد تلامذته وهو الدكتور أنور عبدالمجيد الجبرتي: «كان محسون جلال ليبراليًا اقتصاديًا عندما كان هذا الأمر يُعد خيانة قومية وانسانية في العالم العربي وبقي محسون ليبراليًا اقتصاديًا حتى النهاية». ومن جانب آخر كان محسون جلال مؤمنا بالتخطيط الاقتصادي المؤدي إلى تنويع مصادر الدخل ورفع مستوى معيشة المواطن كخيار للنهوض بالاقتصاد السعودي، وكان رافعا لشعار «خيار التصنيع» على اعتبار أنه الخيار الأفضل للسعودية من أجل بناء قاعدة اقتصادية وانتاجية متنوعة، لكنه لم يكن يعني بالتخطيط الاقتصادي ذلك التخطيط الاشتراكي الذي تتحكم من خلاله الدولة بمفاصل الاقتصاد، وتلغي دور المبادرة الفردية، وانما التخطيط الذي «يحفز الوحدات والقطاعات الاقتصادية المختلفة، للوصول إلى أقصى ما يمكنُ تحقيقُه في ظل نظام اقتصادي حر يستجيبُ لقوى السوق ومؤشراته».

على أن الرجل، رغم ما سبق ذكره، لم يتردد في مناسبات كثيرة من توجيه النقد للقطاع الخاص واقتصاد السوق والاشارة إلى جوانب القصور فيهما. فمن الأمثلة التي أوردتها مجلة الاقتصاد (مصدر سابق) في هذا السياق قيامه، حينما كان رئيسًا لمجلس ادارة البنك السعودي التجاري المتحد بتوجيه النقد لبعض البنوك بسبب تباطئها في توظيف السعوديين آنذاك قائلًا: «لست راضيًا.. وقد ذكرتُ في أكثر من مناسبة عن السعودة في بعض البنوك، انهم اما يُبْعِدوا السعوديين عن النشاطات المهمة، أو انهم يضعونهم في مراكز شكلية ولا يوفرون لهم التدريب اللازم». ومن هذا المثال نستنبط أن محسون جلال اهتم مبكرا بالقضايا التي تؤرق مجتمعه وبقية المجتمعات الخليجية اليوم، وعلى رأسها البطالة وتوطين الوظائف. ففي دراسة أجراها عام 1970 حول العامل السعودي في المصنع وما يقال عن انخفاض انتاجيته «ربط انتاجيةَ العامل الصناعي بالأجر الذي يحصل عليه وببيئة العمل» موضحا: «ان المشكلة في رأيي هي المصنعُ نفسُه، فالأجور منخفضة، وظروف العمل ليست ملائمة في عدد كبير من المصانع، ولا يشعر العامل بعلاقة قوية مرتبطة بالمصنع».

أحد الذين عاصروه وتلقوا العلم على يده منذ عام 1962 حينما كان معيدا بالجامعة، وهو الدكتور أسامة عبدالرحمن، قال في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط (26/‏7/‏2002): إنه لمس في الرجل «الصدق، والصراحة، والموضوعية، والعفوية، وحسن السجية، وحسن السريرة، وطهارة النفس» وتمنى على كل الذين درسهم ألا ينسوا فضله وألا ينكروا جميله «فقد كان مخلصا في عمله، مخلصا في أداء رسالته على أكمل وجه». وأشار الدكتور عبدالرحمن إلى أن الدكتور محسون كان محبا للتنقل من عمل إلى آخر من باب الرغبة في خوض تحديات متنوعة، مضيفا أنه «اعتمد اللامركزية من خلال تفويض زملاء العمل باداء مسؤوليات واعطائهم فرصة المشاركة في صنع القرار، وهو ما اسيء فهمه من قبل البعض، الذين اعتبروا هذا الاسلوب تفريطا بينما يعد في الحقيقة تعزيزا لمشاركتهم في صنع القرار في المؤسسة أو الشركة».

أما الدكتور عثمان الرواف، وهو أيضا أحد الذين درسهم محسون جلال في جامعة الملك سعود فقد تحدث في مقال له بجريدة الشرق الأوسط (9/‏12/‏2002) عن أسلوب الرجل في التدريس فقال ما مفاده إنه حينما دخل عليهم الصف لأول مرة بادرهم بالسؤال عن «الاقتصاد» بدلا من أن يشرح لهم كما جرت العادة لأنه «كان دائما يسعى لكي يدفعنا نحو التفكير. كان يتهمنا بصراحة بالاعتماد على أسلوب التلقين والحفظ وعدم الاهتمام بالفهم والتفكير. بعض الطلاب كانوا يجدون صعوبة في التكيف مع أسلوب الدكتور محسون في التدريس، ويعتقدون بأنه أسلوب غير جيد، ولكنهم تعلموا منه في نهاية الأمر أفضل ما يمكن أن يتعلموه في حياتهم الدراسية». وأضاف الرواف: «سألنا ذات مرة عن رأينا في قول الشاعر: ونحن أناس لا توسط بيننا... لنا الصدر دون العالمين أو القبر، فقلنا له أنه بيت شعر عظيم يؤكد فيه الشاعر أن العرب هم أسياد العالم، فقال إن معنى البيت يمثل مشكلة في السياسة ومشكلة في الاقتصاد، وبما أن القدرات الاقتصادية للدول النامية محدودة فمصير الدول النامية وفق هذا البيت من الشعر هو الموت المحتوم». كما تطرق الرواف إلى قضية ناقشتها جامعة الملك سعود في تلك الأيام وانقسم فيها أساتذتها ما بين مؤيد ومعارض، وهي قضية الانتساب إلى الجامعة، فكان رأي الدكتور محسون مؤيدا لنظام الانتساب في التعليم الجامعي وذلك انطلاقا من حرصه على ضرورة اتاحة الفرصة أمام الموظفين للحصول على الدرجات الجامعية.

آخرون تحدثوا عن جوانب جميلة أخرى في شخصيته الفريدة مثل الصراحة والابتعاد عن الدبلوماسية والمجاملة، والحضور الآسر، وسرعة البديهة، والجرأة في طرح الأفكار، والنقد الساخر، حيث لمسوا كل أو بعض هذه الصفات والمواقف من خلال الاحتكاك به، أو قراءة كتبه ومقالاته الصحفية، أو الاستماع اليه في محاضراته وبرامجه الاذاعية. فقد دأب خلال مشوار حياته على تسهيل المفاهيم والمصطلحات الاقتصادية للناس غير المختصين من خلال مقالات كان يكتبها في الصحافة المحلية تحت عنوان «من غير مجاملة» أو برامج في الاذاعة السعودية، أو من خلال اصداراته المتنوعة وعلى رأسها كتابه «مبادئ الاقتصاد» المكون من ثلاثة أجزاء.

وهكذا لم يكن غريبا على شخصية كهذه أن تحظى بمحبة الناس وتقديرهم، وأن تـُطلق عليها ألقاب كثيرة مثل: «الاقتصادي الأول» و«أستاذ جيل الاقتصاديين السعوديين»، و«رائد الفكر التصنيعي»، و«عراب الصناعة السعودية»، و«شيخ الاقتصاديين السعوديين»، وغيرها. وفي هذا السياق كتب عنه رفيق دربه الراحل الكبير الدكتور غازي القصيبي رحمه الله قائلا: «كان محسون جلال أول اقتصادي سعودي تبنى خيار التصنيع، وأول اقتصادي شرح أولويات التنمية». غير أن محسون جلال لم تكن تشغله الألقاب بقدر ما كان يشغله العمل من أجل خير وطنه وشعبه، فاختار لنفسه لقب «بزنوقراطي» الذي يحمل في طياته صفة الموظف وصفة العامل في قطاع البزنس، خصوصا بعدما كان قد خلع الروب الجامعي ولبس عباءة رجل الأعمال.

ظل محسون جلال نجما في وسائل الاعلام من خلال حواراته ومساجلاته وآرائه في التنمية والتصنيع طيلة عقدي السبعينات والثمانينات، لكنه اختار أن يتوارى عن الأنظار والأضواء الاعلامية بعد اجرائه لعملية في القلب في عام 1999، علما بأن متاعبه الصحية بدأت في العام 1983. وفي يوم 24 يوليو 2002 غيبه الموت عن عمر ناهز 66 عاما على اثر نوبة قلبية مفاجئة في العاصمة التونسية، التي كان قد اختارها مكانا للعيش وللاشراف على أعمال الشركة السعودية التونسية للاستثمارات التي أسسها وترأس مجلس ادارتها. وقد رثاه الدكتور غازي القصيبي بمرثية طويلة عنوانها «محسون» أدرجها لاحقا ضمن ديوانه «حديقة الغروب» الصادر عن مكتبة العبيكان في الرياض سنة 2007 والذي احتوى على 11 قصيدة عن راحلين أعزاء على قلب الشاعر.

ومما جاء في قصيدة «محسون» لغازي القصيبي:

على قمةٍ ترنو إلى البحر.. ترقدُ

كأنك صقرٌ حيث حلّق.. يُلَحدُ

تخيرت للنومِ الأخير وسادةً

من الغيمِ.. تستدني النجوم.. فتَصعدُ

سمْوتَ.. وأنسامُ الحياةِ رطيبةٌ

وتسمو.. واعصارُ المنونِ يعربدُ

عليك سلام اللهِ.. ما سقط الندى

على جبهةِ الصحراء.. والفجرُ يُولدُ

عليك سلام الله.. ما طابتِ الوغى

لفرسانها.. والنصر يدنو.. ويَبعدُ

عليك سلام الله.. ما قستْ النوى

على كبدٍ مصدوعةٍ تتنهدُ

عليك سلام الله.. ما طافت الرؤى

على «سيدي بوسعيد».. التي تتوسدُ

أتونس هذي؟! أين ما كنتُ أشهدُ؟

أتونس هذي؟! أين ما كنت أعهدُ؟

أتيتُ فلم تشرق لرؤياي بسمةٌ

وجئتُ.. فلم يفرح بلقياي أغيدُ

خليج «قمرتٍ» بالوجوم مسربلٌ

ولونُ الضحى في شمسِ «قرطاج» أسودُ

ولم يبق في «المرسى» من الصحب سامرٌ

ولا ردّد اللحن الموشح مُنشِدُ

معاذ الوفا! ما زلت تونسُ فتنةً

ولكن طرفي بالفجيعة أرمدُ

أسائلُ هذا القبر.. كيف ضَممَته؟

أما كان كالبركانِ يعلو.. ويَخمدُ؟

أما كان في حجم الحياةِ.. بصحوها

وأمطارها.. هل تُحتَوى.. أو تُحددُ؟

وكان عنيفًا كالمحيطِ اذا طغى

وكان رقيقًا مثل طفلٍ يُهدهَدُ

وأعرفُ أن الطينَ يرجُعُ للثرى

ويبلى.. وعمر الروحِ في الغيبِ سَرمدُ

أأبكيك؟! يدعوني إلى الدمع مشهدٌ

حزينٌ.. وينهاني عن الدمع مشهدُ

عهدتُك تأبى الدمع كبرًا.. وترتضي

بدمعٍ حبيسٍ في الضلوعِ يُصَفدُ

تعد بكاء العين عجزًا.. وذلةً

وتبكي بقلبٍ واهنٍ يتفصد

أأبكيك؟! لا أبكيك! أكتم في دمي

بكائي.. ويبدو أنني المتُجلِّدُ

وأخيرا فان وفاة محسون فتحت في السعودية باب المطالبة بتكريم النماذج الوطنية قبل رحيلها، خصوصا وأن الرجل حصل في حياته على أوسمة تكريم من بلدان مثل تونس واندونيسيا ومالي وتايوان وغيرها، ولم يحصل على مثلها من بلده. فمثلا كتب عادل المكينزي في صحيفة الاقتصادية (21/‏11/‏2008) قائلا: «ان الجميع مدعو لأداء بلمسة وفاء لهذا الرجل واذا كنا قد فاتتنا فرصة تكريم رجل بهذه القيمة وهو على قيد الحياة فلا ينبغي أن نستمرئ التقصير ونهمله بعد وفاته. لقد كُرم محسون جلال ونال الأوسمة في عديد من الدول، ومع كل التقدير لهذه البلدان فنحن أولى بتكريم محسون منهم. نتذكر محسون جلال فنتذكر الصبر والمثابرة، فكم كان محسون مليئا بروح التحدي والاصرار، وكم كان شديد العريكة لا تلين عزيمته ولا يستسلم لدعوات التيئيس والاحباط».



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غموض كوريا الشمالية يتبدد
- خسرت الهند في سيشل وربحت في إندونيسيا
- عودة الإرهاب إلى إندونيسيا.. من المسؤول؟
- البشتون يتحدون الجيش الباكستاني
- «المحبوب» و«المحبوس» يغيران المشهد الماليزي
- ارتياح في تايبيه.. وغضب في بكين
- الدفّاع.. من رعاية الغنم إلى رعاية العقول
- القمة التي سرقت منها الكوريتان الأضواء
- النجم.. نغم يسري في وريد البحرين
- درس كوري لأوطاننا العربية الممزقة
- المر.. ثقافة موسوعية واهتمامات لا حصرية
- ماذا تريد طوكيو من واشنطون قبل قمة القرن؟
- من «أنشاص» إلى «الظهران».. قمم عربية عادية وطارئة ومصغرة
- إضفاء الشرعية على حركة ميليشاوية مجرمة
- فاروق لقمان.. اسم خالد في صحافة الخليج الإنجليزية
- بورما.. استقالة رئيس وانتخاب آخر!
- صالح جمال.. صاحب فكرة جمعيات البر
- شي جينبينغ.. إلى أين يأخذ الصين؟
- طامي.. توماس أديسون السعودية
- قمة القرن.. مغامرة؟ مسرحية؟ شراء للوقت؟


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله المدني - صاحب مصطلح «زراعة النفط»