ياعم هنية..الحالة صومالية..!!

توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1497 - 2006 / 3 / 22 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الشارع الفلسطيني المبتلى بأمراض مزمنة من فلتان في عضلة ‏القلب الى فساد شديد في القولون الى مغص دائم في الذاكرة الى ‏نزيف حاد في الكرامة بعد عملية أريحا ..!!‏
بات الآن مهددا بما هو أعتى وأشد فكما قال تارك بن زياد في ‏مؤتمره الصحفي الاسبوعي" حصار القمح من أمامكم وانفلونزا ‏الطيور من خلفكم "والله يستر..!!‏

أتأمل بسم الله ماشاء الله صورة العم هنية الملونه في وهو يلوح ‏بعلامة النصر في الجريدة..وأتأمل لمة أولادي الذين يهزمون يوميا ‏ثلاثين رغيفا بيتيا من العيار الثقيل..اللهم لا حسد وأقول في سري ‏ماذا سيحدث لكم يا مساكين بعد اسبوع أو اسبوعين من حملة ‏التجويع الاسرائيلية المرتبة تعبيرا عن عواطفها الجياشة نحو ‏حركةحماس..!!‏
أستغفر الله واتعزبل من أولمرت..‏
ومع ذلك..‏
تقفز الى ذاكرتي صور الاطفال الصوماليين وهم جلد على عظم ‏في مجاعات يفخر بها العالم المتحضر فأقفز داخلي وأصرخ كريفية ‏مصرية فقدت للتو زوجها " يالهووووي..ياخراب بيتي.."‏

انفلت لساني أمام جار لي كان معمرا الطاسة ع الآخر ومشتر ‏لدماغه فقال بتؤدة توفيق الحكيم وثقة الشيخ القرضاوي :‏
وليش زعلان..بلاش خبز..ما يوكلو شيبسي..!!‏

أقول حسبنا الله ونعم الوكيل على الذين رتبوا لنا سلاما مزوقا من ‏ثلج ولما طلعت شمس الحقيقة ساح
واليوم بعد التضحيات والنضالات على مدار قرن من الزمان ‏
ماذا كسبنا ..؟!! وماذا خسرنا..؟!!‏
ماذا نستطيع ..؟!! وماذا لا نستطيع..!!‏
اترك تعداد المكاسب والانجازات لغيري من المتحمسين الذين ‏لازالوا يفطرون على شعار"امجاد ياعرب أمجاد " ويتغدون بأغنية ‏‏" ثورة على الصهيونية " ويتعشون على دقات طبول "من النهر ‏الى البحر"‏

وأقول وبكل تجرد للاسف من باب الواقع وليس اليأس أننا نسحل ‏رجوعا سياسيا وعسكريا واقتصاديا الى ماقبل المربع الاول فنحن ‏الآن نعيش وضعا أسوأ بكثير مما كان عشية هزيمة 67 برغم كل ‏التضحيات حيث تتكالب علينا الاجتياحات والاغتيالات والحواجز ‏والمعابر والفلتان والفساد والجدار العنصري وتلوث الارض والمياه ‏ولعبة الكهرباء وبلادة العالم...والاتهام اليومي بالارهاب و....و.....‏
وأسأل نفسي ..أين الخلل..؟!!‏
هل هو في تضحياتنا..أم في قياداتنا..؟!!‏
لقد تهكم أحد المفكرين يوما واصفا الزعامات العربية والفلسطينية ‏باختصار "أنهم أسوأ محامين عن أعدل قضية"‏
وهذه فعلا حقيقة..وحقيقة مرة
لقد كان بالامكان أحسن مما كان..لو أخلصنا لقضيتنا وشعاراتنا ‏وعرفنا قدراتنا جيدا ووظفناها لخدمة أهداف واقعية قابلة للتنفيذ ‏لكننا تمزقنا عبر تاريخنا الطويل الي تيارات وحركات وجبهات ‏وولاءات وصراعات وكل يخلص لتشرذمه ..يتفرد..ويجرب ‏ويخرب ويخون ويخرق القارب كما يشاء

انني والحالة هذه بما تحمل من نذيرسوء فوق سوء أشفق على ‏حماس وأخشى ان لاتستطيع بمفردها اخراجنا من بطن الحوت ‏مهما تحلت بالذكاء السياسي والفهم الواقعي وأعتقد أننا سنمر في ‏أيام أسود من قرن الخروب ونحتاج فعلا الى معجزة في زمن لم يعد ‏يؤمن بالمعجزات..‏

نعم سنعاني ونعرى..ونجوع ..ونتألم أكثر في عهد هنية وسنخسر ‏ربما السروال والطاقية ولكن لابأس فهو المنتخب وبطريقة شرعية ‏وعلى أسرائيل والعالم الديمقراطي أن يحترما هذا الاختيار خاصة ‏وان الشعب الاسرائيلي مقبل على انتخاب زعيمه القادم ولن يكون ‏أكثر من هنية اعتدالا وحكمة..!!‏
وما يلوح به قادة اسرائيل يوميا من تهديدات بتصفية هنيه وشركاه ‏ليس الا وقاحة أحادية الجانب تنم عن افلاس سياسي و ضعف ‏مكشوف في الثقة بالنفس. ‏

ومن جهة أخرى فقد ارتحت كوني كادر معتزل لقرار الجبهة ‏الشعبية عدم المشاركة في الحكومة الخضراء بقيادة أبو العبد ليس ‏كرها أو حبا في حماس ووليس رفضا لشعار حكومة الوحدة ‏الوطنية وانما كرها أولا في النفاق السياسي بين ضرتين..!! الفرق ‏بينهما كالفرق بين حبة البركة والبيرة المثلجة..!!‏
وثانيا لايليق بتاريخ الجبهة الشعبية أن تكون مجرد ذيل أوكومبارس ‏في عرس اسلامي خالص ولايليق بها ان تخسر أكثر مما خسرت ‏من أجل وزارة أو وزارتين على هامش المراسيم .‏
فقط علينا ان نبارك لحماس تشكيل الحكومة التي ستتبوأ مقاعدها من ‏المشاكل المستعصية مع اني أسمع همسا عن وزراء يبدون كمن ‏يلبس ثوب أبيه..!! ولكن المهم ليس الثوب وانما النجاح في تحدي ‏القادم .‏

في النهاية وكما توقعت كمواطن فلسطيني عربي مسلم فقد هبت ‏جارتنا مصر لنجد تنا وفك حصار القمح وانقاذ أولادي وأولاد غزة ‏من مجاعة صومالية محققة فابني الصغير لا يستطيع مهما غنيت ‏له من شعارات الامتناع عن مداعبة رغيف البيتا الى مابعد انتهاء ‏الانتخابات العبرية وتتويج ملك جديد لاسرائيل ..!!‏

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل