أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - عشق الخالدين ( رومانسية سياسية ليست من وحي الخيال )














المزيد.....

عشق الخالدين ( رومانسية سياسية ليست من وحي الخيال )


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5896 - 2018 / 6 / 7 - 07:41
المحور: الادب والفن
    


بقلم: محيي الدين ابراهيم
كاتب وإعلامي مصري

كان يداعبها بقوله: وجهك كأنه منحوت من ابتسامة الخالق .. حتى وأنت حزينة .. يظل وجهك .. وكأنه منحوت من ابتسامة الخالق ! .. تلقي برأسها فوق كتفه وكأن قلبها تحول لقلب ( نبي ) وهي تهمس في أذنه: معك .. أنت .. لا حزن .. ولا خوف .. تمسك بيده منبسطة لتضعها فوق أحشائها فيربت برفق على ثمرة حبهما معاً.
أنت بين الطغاة لا حيلة لك .. فالثورات تقوم دوماً بين طغاة وطغاة .. أحدهما حتماً سيستولي على عرش أخيه ..أما أنت .. تحت حكم من ينتصر .. ستظل كما أنت .. فالثورات وقودها أنت والحجارة .. أنت في كل ثورة .. هامش .. منسحق .. ضال .. ولو أشعروك بأبواق إعلامهم أنك تعيش ( من خلال حكمهم الرشيد ) هامش من حرية !!
حينما اشتدت وطأة الخلاف بين الطغاة والطغاة اندلع القتال .. لم يتركوا بيتاً إلا خربوه .. نهبوه .. حولوه لكومة من تراب بعد أن أخرجوا أهله من ديارهم.
المدهش .. رغم الحزن والموت الذي يحيط بالمكان .. كان وجهها .. وكأنه منحوت من ابتسامة الخالق ! .. حتى وهي خائفة .. يظل وجهها .. وكأنه منحوت من ابتسامة الخالق !
قرر أن ينجو بها .. لا أن ينجو بنفسه .. هذه المرأة الحياة .. لابد لها أن تعانق الحياة .. انطلقوا ( حفاة ) معاً .. هربا معاً .. كانا حتى تحت قصف المدافع معاً .. لا يحملان إلا جنيناً في أحشاء المستقبل .. وقليل من خبز جاف.
كان الظلام حالكاً .. وضاقت عليهم الأرض بما رحبت .. كانت خائفة .. كانت تتشبث بذراعه كما يتشبث الرضيع الجائع بثدي أمه .. ارتمت فجأة من شدة التعب والبرد فوق كثبان رملي .. تمنى لو مزق جسده ليدثرها به فيقيها من البرد .. وحين غفت وضع رأسها فوق ساقه وأخذ يتأمل وجهها النائم .. وجهها .. وكأنه منحوت من ابتسامة الخالق ! .. ( هي ) وقود الحياة الوحيد الذي سيعينه على الاستمرار.
حين استيقظت قرر حملها فوق كتفه ويسير .. هذا الجمال .. هذا الكائن ( الدقيق ) لا يحتمل مرارة السير في الصحراء .. سار بها يومين ( حافياً ) .. وكانت هي ( منغرسة ) في جسده بقدميها المعقوفتين فوق صدره من شدة الخوف .. وذراعاها ملتفتين حول عنقه .. كانت تصحو وتغفو وتطلب منه دوماً أن يستريح .. لكنه .. لم ينهكه حملها .. ولن ينهكه حملها .. إنما ما ينهكه هو فكرة أنه يسير على غير هدى.
كانت خطواته تتباطأ .. وقلبه يتسارع .. وحين أقترب الوقت من اليوم الثالث في منتصف الليل .. رأى عند مدى بصره نور .. قبس وكأنه الهُدى .. طوق نجاة وكأنه سفينة نوح .. خلود الجنة وكأنه في معية الصالحين .. جثا على ركبتيه حين سمع موتور سيارة تتجه نحوهما .. كانت نقطة عسكرية لحدود دولة مجاورة .. أنزل ( زوجته ) من فوق كتفه .. احتضنها وكأنه يخفيها ليس منهم ولكن من أي هاجس خوف قد ينتابها هي ويخشى هو عليها منه .. أخذ يرقب ما ستئول إليه الدقائق القادمة بإعياء شديد .. وقفت السيارة ووجهت أضوائها الأمامية نحوهما .. نزل منها خمسة جنود مدججين بالسلاح المصوب إليهما .. اقتربوا منهما .. علموا من هيئتهما ما هما عليه .. وما هو عليه وطنهم .. أعاد الجنود بنادقهم خلف ظهورهم بينما هرع آخر ليأتي بقارورة ماء للرجل الذي أهلكته الصحراء حاملاً امرأته فوق ظهره .. كان مازال ينظر إليها بكل العشق الذي يعرفه .. يحتضنها بقلبه .. بحواسه .. بروحه .. كان لا يريد أن يتشتت بصره بالماء الذي أتاه الجندي عن رؤية ذلك الوجه الذي لطالما عشقه عشق الخالدين .. حاول الجندي أن يضبط من جسده المنهك ليلقي في فمه بضع قطرات من ماء .. كانت عيناه جامدتين على وجهها لا تبرحانه .. كانت عالمه الذي لا يريد أن يغادره .. كان وجهها الذي لطالما رآه وكأنه منحوتاً من ابتسامة الخالق هو آخر ما أراد أن يحتضن رؤيته قبل رحيله الأخير .. مبتسماً وهي فوق صدره تبكيه بينما كفه الأيسر منبسطاً ناعماً فوق أحشائها .. فوق ثمرة عشقه الوحيد .. في وداع صامت .. وقصة لا يعرفها أحد !!



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأراجوز - من القصص السياسي
- فيلم شيء من الخوف أم .. الخوف كله ؟؟
- مصادر وتاريخ الموسيقى العربية
- قصة فيلم الزوجة الثانية
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الرابع )
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الثالث )
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الثاني )
- على هامش ماحدث بمصر يوم 28 يناير 2011 ( الجزء الأول )
- لماذا تثور الشعوب – في ذكرى ثورات الربيع العربي
- النبي يقوم من الأموات في .. طوكيو !
- تلقيح الكلام المصري ومسائل أخرى
- أنا الضايع ( وإبن الكلب ) والغلطان
- مجروح العبيط .. قصة من رابع المستحيلات
- على وجه الخلوص
- كلمات عبثية جداً
- غناوي من وحي الرباعيات
- أنا ربكم الأعلى - ( مجموعة قصص قصيرة جداً )
- مثواها الأخير .. مجموعة قصص قصيرة جداً
- اليوم العالمي للحمير .. مجموعة قصص قصيرة جداً
- ضاق الكل حتى اتسع الفراغ! - مجموعة قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - عشق الخالدين ( رومانسية سياسية ليست من وحي الخيال )