|
كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5882 - 2018 / 5 / 24 - 20:59
المحور:
كتابات ساخرة
كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير
يُقالُ أنّ الحكومة العراقيّة كانت قد استعانَتْ بخبراء على مستوى عالٍ ، متخصّصين في تنظيم المرور ، من الولايات المتّحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى والمانيا واليابان ، بهدف إيجادِ حَلٍّ لمشكلة الازدحام ، المُتَفاقِمِ صباح كُلَّ يوم ، عند تقاطع حيّ "الطُعْمَة" الشهير ، مع شارع "المصافي" الكبير ، في مدينة "الدورة" العظيمة. و يُقالُ أنّ جهود جميع هؤلاء الخبراء ، قد باءت بالفشل. سببُ الفشل هو تكدّس سيّارات "الكيّا" المُقدّسة في الشارع العام ، عند مدخَل "الطُعْمَة" الشهير ، بهدف اقتناص الركّاب ، مهما كان الثمن ، ومهما كانت التضحيات ، ومهما كانت العواقب وخيمة. اليومَ صباحاً .. تَمَتْرَسَ سائق "كيّا" (كان يبدو من سحنته المُكْفَهِرّة أنّهُ يُساعِدْ على الاشْتِعال ، ولا يَشْتَعِلْ) في منتصف الشارع العام الضيّق (عند مدخَل "الطُعْمَة" الشهير)، ليستحوذَ بذلك على نصف الشارع ، تاركاً لسيّارات عباد الله الصالحين ، وغير الصالحين ، نصفه الآخر. سبب "التَمَتْرُس" ، أو "التَخنْدُقْ الكَيّوي" الغادِر ، هو وجود امرأة على بعد 500 متر من "الكيّا" ، داخل حيّ الطُعمة الشهير ، كانت تُلَوِّحُ بيديها الكريمتين ، كإشارةٍ ربّانيّة على رزقٍ قادمٍ مقدارهُ 500 دينار لا غير. أحد الركاب ، وكانت تبدو عليه الوجاهة كأنّهُ "استاذ جامعي" حديث التوظيف ، قال للسائق: لقد تأخَرْنا كثيراً منذُ ركَبْنا "كَيّتَك" ، وانذَبَحْنا من الحرّ ، لذا أرجوك أن تترك هذه المرأة ، وتمشي، وسأدفعُ لك اجرتي مُضاعفة . التفتَ اليهِ السائقُ كالأسِدِ الجريحِ ، و زَمجَرَ في وجههِ قائلاً : شوف استاذ . آني ما أكَدّي الكَرْوة من حضرتك. وهذا باب رزق من ربّ العالمين لا تسُدَّهُ عَلَيّ ، وأكرمنا بسكوتك بلا زحمة عليك. في هذه اللحظة المفصليّة من الحوار "الكَيّوي" المُتأزِّم ، جاء شرطي مرور يمتطي درّاجة ضخمة وانيقة ، وطلبَ من السائق التحرّكَ على الفور ، وإلاّ .. فَلا . فرَمَقَهُ السائقُ بنظرة خارقة حارقة ، كرصاص الكلاشينكوف الروسيّ الأصل ، جعلَتْ شُرطيّ المرور الباسل يُوَلّي الأدبار على الفور. المُهِمّ .. وصلتْ المرأة المنشودة . كانت ضخمة وطاعنة في السنّ ، ترتدي اربع "جُبَبْ" ، وست ربطات رأس ، و "عباية" ، وتزِنْ 250 كيلوغرام على الأقلّ. أخيراً تحرّكَتْ "الكَيّا" بعد تأخُّرٍ عن الاقلاع دام رُبْعَ ساعة. التَفَتَ السائق الى المرأة ، وصاح: الكروة حِجِّيَة . أجابتْ المرأة: والله ولَيدي ما عندي كَرْوَة . آني مريضة ، وزوجي مفقود ، وابني شهيد ، وبنتي أرملة،عمرها 20 سنة ، وعِدْها 10 جَهّالْ ، وحفيدي نايم بالانعاش،ورايحة اشوفه!!. هنا تحَوَّلَ السائق بنظرته القاتلة الى "الأستاذ" ، و مِنْ بين أنيابهِ الحادّة قال له : إنتَه مو كَلِتْ آني أدفَعْ كَرْوَة الحجيّه ؟ عاطَ الأستاذ في وجه السائق قائلاً: إي كَلِتْ . بس قبل نُصْ ساعة. وهسّه ما ادفع كَرْوَة هاي المَرَه ، لو يجي الله . أنا شخصيّاً كنتُ قد وصلتُ الى كليّة الفارابي الجامعة ، مقابل مدخل "أبو طيّارة" الشهير . وقبل أنْ تقع واقعة عصيبة اخرى ، هتفتُ بأعلى صوتي : نازِلْ .. نازِلْ . مَدّتْ "الحِجِيّة" يديها الجبّارتين ، لتسمحَ لجسدي المُكتَنِزْ بالمرور ، وفتحَتْ باب "الكيّا" بسلاسةٍ يُحْسَدُ عليها لاعبو الجمباز المُحترِفون . وعندما اصبحتُ في الشارع ، اكتشفتُ أنّ نصف سترتي المخمليّة ، من "قاطي" التركي الباذخ ، المعروف جيّداً لدى جميع موظََّفي واساتذة وطلاّب و طالبات الكُليّة ، كان قد استَقَرَّ في حضن "الحجيّة" المُبارَك .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غسيل الأموال .. و تبييض الوجوه
-
ليسَ كما يجب
-
يا لها من سياسة .. يا لَهُ من عراق
-
رومانس الجوع والعطش
-
كثيرون .. كثيرون
-
لا بيتَ لك
-
التعليم في العراق : يا لها من مهنة .. يا لها من محنة .. يا ل
...
-
قصص انتخابيّة قصيرة جداً
-
هذا الخراب العميق
-
مولانا خام برنت
-
صندوق قلبي القديم
-
الطالب يتحرّى والأستاذ يشعر بالحَرّ !!!!!
-
لافتات انتخابيّة
-
حاضنات النكوص في المجتمعات المُهترئة
-
صيصان السياسة
-
عن السمسميّة العراقية و سمسميّة شيخ البزّوريّة السورية
-
قبلَ النومِ العظيم
-
ماذا سيحدث لو جاء السيّد كارلوس غصن ليعملَ في العراق؟
-
نماذج تعريفية بالمُرَشَّحين للدورة البرلمانية القادمة ، كما
...
-
موجز أخبار العار
المزيد.....
-
أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه
...
-
سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
-
“لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة
...
-
معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ
...
-
فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن
...
-
أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
-
الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
-
وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو
...
-
فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن
...
-
مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|