أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رواء الجصاني - رواء الجصاني : الجواهريّ، يصمتُ مدوياً.. ويتصدى!















المزيد.....

رواء الجصاني : الجواهريّ، يصمتُ مدوياً.. ويتصدى!


رواء الجصاني

الحوار المتمدن-العدد: 5859 - 2018 / 4 / 29 - 02:36
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الجواهـريّ، يصمتُ مدوياً.. ويتصدى! -
توثيق وكتابة: رواء الجصاني
-------------------------------------------------------
على امتداد تاريخه المديد، أتخـذ الجواهري (محمد مهدي:1898-1997) مواقف المجابهة، والتصدي والتنوير، لحالات وظواهر اجتماعية وثقافية وسياسية، كان بعضها غايةً في التشدد والمصارحة والصراحة، وقد تحملّ، وحُمّلَّ بسبب ذلك نتائج مرهقة، وقسوة مباشرة: ضيقاً في العيش واعتقالاً وسجناً واغتراباً، وغيرها، وجميعها لم تنلْ منه، فواصل المسير دون هوادة.

والى جانب التحدى والتمرد والثورة، أنتهج الجواهري في مسيرته فلسفة / لغة الصمت ايضاً، ولك ليس من منطلق الرهبة أو الخوف، بل الثورة والتمرد والتفرد، ليواجه بتلك الطريق، ويردّ ويبيّن ويحرضُ ويُنهض .. وقد ضم قصيده العامر اظهارات عديدة وبصور شتى لذلك السبيل، وعلى جوانبهِ، مع خلاصات، ومؤشرات ذات صلة، وقد يحتاج الأمر حقاً لدراسة معمقة، وليست خواطر وتوثيق عجول كالتي نحاولهما في هذه الكتابة، والتي لها متعلقات ببعض الواقع اليوم في البلاد العراقية، بهذا الشكل والقدر، أو ذلك.

وفلسفة / حديث الصمت، أو لغته، رافقت الشاعر الخالد سنوات طوال كما سبق القول، ، وقد اعتكفَ فترات طويلة نسبيا بعيداً عن الشعر والنثر والنشر، ثم يُسأل ويجيب، ويحاور ويسبـبُ صمته، ويدعو علانية لأعتماده نهجاً مُفضلاً في بعض الاحايين والظروف، وستبيـّن لنا الشواهد التاليات شيئاً مما نريد الاستدلال به، والتنوير من خلاله .

ومن شواهدنا حول الامر، وبالاعتماد على الذاكرة وحسب، نشير الى ما جاء في داليته الفريدة "جمال الدين الافغاني" التي ألقيّت في حفل اقيم ببغداد عام 1944 بمناسبة نقل رفاة ذلك المصلح الكبير الى افغانستان، يقول فيها مخاطبا الرجلَ المنور، ورائياً في سكتة / صمت الموت ترفعاً عما آالـت اليه الأمور، وأوضاع الدنيا وشرقها خصوصا :
هويتَ لنصرة الحقّ السُهادا، فلولا الموت لم تطقْ الرقادا..
ترفعْ ايها النجمُ المسجى، وزدْ في دارة الشرف إتقادا
ودرْ بالفكر في خَلـدِ الليالي، وجلْ في الكونِ رأياً مستعادا
وكنْ بـ"الصمت" أبلغ منك نطقاً، وأورى في محاججةٍ زنادا..

ويعود الجواهري بعد خمسة اعوام على القصيدة السالفة، وفي عام 1949 تحديداَ، متبنياً فضيلة / دوي الصمت، حين يكثر التهافت .... فيضمّنّ في قصيدته البائية الشهيرة، الموسومة "هاشم الوتري" والتي القاها الشاعر الكبير في حفل تكريمي لذلك النطاسي المتميز، ومطلعها : "مجدتُ فيك مشاعرا ومواهبا، وقضيتُ فرضاً للنوابغ واجبا"..
ويضيف، في متن بائيته، مخاطبا الوتري، وهو عميد دار كلية الطب، ومشفاها ببغداد، ليعلى من قدر السكوت- الصمت، في حالات تستوجبه، وقد أعتمده الشاعر الخالد، مفتخراً ومتعالياً بذلك الموقف، ومبيناً مسبباته :
أيه عميدَ الدار شكوى صاحبٍ طفحت لواعجهُ فناجى صاحبا
نبئتُ انــك لست تبرح سائــلاً عني، تناشدُ ذاهباً أو آيبـــا
وتقول كيف يظل "نجمٌ" ساطعٌ ملئ العيون، عن المحافل غائبا
الآن انبيكَ اليقينَ كما جلا وضحُ "الصباح" عن العيون غياهبا
فلقد "سكـتّ" مخاطباً اذ لم أجدْ من يستحقُ صدى الشكاةِ مخاطبا ...

وفي عام 1977 يردّ الجواهري محاوراً ومجيباً، وبابياتٍ ثرة، كان بيت قصيدها كما ندعي، الجدال في فضيلة السكوت، حديثاً ونطقاَ، فيقول عبر مواقف واجابات، ولربما على تساؤلات متنطعين، طواعية أو كرهــاً! :
قالــوا "سكـــتَ" وانتَ أفظـعُ ملهـــبٍ وعيّ الجمـوعِ لزندهــا قداح ِ
الحرفُ عنــــدك من دمٍ، وسبيلــــهُ يوم الصــراعِ إلى دم ٍ نضاح
حتى على غرر الملاح قلائـــدٌ ، للشعـــــر من غرر ٍ لديــك ملاحِ
فعـلامَ أُبدلَ وكـــر نسر ٍ غاضــبٍ، حرد ٍ بعـــش البلبـــل الصداح ِ
فأجبتهم : أنا ذاك، حيثُ تشابكت هامُ الفوارسِ تحت غــابِ رماح
قد كنــتُ ارقـــب ان أرى راحاتهم مُــدتْ، لأدفعَ عنهمُ بالــــراحِ
لكنْ وجدتُ سلاحهم في عطلةٍ، فرميتُ في قعـرِ الجحيمِ سلاحي

ثم، وفي عام 1981 يجيبُ الجواهري على مناشدة للزعيم الكردي العراقي جلال طالباني، الذي حاول ان يحرضّ فيها الشاعر الخالد، لكي يتجاوز الصمتَ الذي كان قد اعتمده..بل ودعاه لأن (يغني!) دعماُ لمواقف وسياسات.. فردّ - الجواهري في قصيدة/ رسالة، أو رسالة/ قصيدة، اعابَ فيها تلك المناشدة، غاضباً، ومن ابياتها، مخاطباً طالباني :
ناشدتني ولبعـــــــضِ النشـدِ معتبـــة، وربّ معتبـةٍ من سئ الظنــــنِ
ان لا أزمّ – كما عَودتُ- من شفة، لم تلفَ مزمومةً يوماً، ولم تكنِ ..
ماذا أغني، وبي جمرٌ على شفتي، ومن أغني؟ وما من معشرٍ أذنِ...
من ذا أغنــي أأشتاتـــــاً موزعةً، على التمـزقِ والثارات والأحـــنِ ..
فهل تراني مزماراً يـُثار به، لهوَ الخلائــف من اعقابِ" ذي يـزن" ...
"فلن اغنــي" بأعراس مهللـــة، ولن أنوحَ على موتى بلا كفــــــــنِ ...


ويحلّ عام 1983 وحال البلاد والأمة راكنة في سباتها، بل وفي تغافٍ مستمر، ومتزايد، وذلك ما لا يقدر ان (يسكت) الشاعر الخالد عليه، فيتفجر صامتاً! ليكتب ميمية جديدة، يلهب بها، ويلتهبُ شعراً وفلسفة ومواقف، ومن ابياتها:
لم يبـــقَ عنديَّ ما يبتـزهُ الألمُ، حَسبي من الموحشاتِ الهــمُّ والهـرَمُ
لم يبــــقَ عندي كفـاءَ الحادثـات أسىً، ولا كفاءَ جراحاتٍ تضِّـــجُ دمُ
وحين تَطغَى على الحرّان جمرتهُ، فالـ"صمتُ" أفضلُ ما يُطوَى عليه فمُ..

وفي مناسبة سياسية، او لنقل مواقف سياسية، يردّ الجواهري عام 1985 على الشاعر السوري صابر فلحوط ( أبي مهند) الذي دعاه بابيات شعرٍ لكي يقول شيئا.. فأستجاب الجواهري ولكن بثورة جامحة، منوراً في مطولةٍ فريدة، وفيها يُسببُ صمتاً اراده وسيلة للدويّ، على ما آلت اليه الامور، ناقداً وكاشفاً في ثورة "صمته" المقصود احتجاجاً، على شأن البلاد العربية وشعوبها – وربما قبل حكامها!- فقال في ميمية جامحة:
أأبا مهندَ والجراح فمُ، وعلى الشفاه من الجراحِ، دمُ ...
عندي لواعجُ تستفز دمي، وتحزُّ من جلدي وتقتحمُ
أبداً تعاودني وساوسها، ويرج فيها اليقظةَ الحلمُ
حتى إذا حاولت الفظها، عاصى بها القرطاسُ والقلمُ...
أأبا مهندَ ربّ عافية، خرساءَ يحمدُ عندها السقمُ ..
أفأمة تلك التي هَزلت، وتناثرت وكأنها رممُ..

ان من المؤكد في ظني، وجود عديد آخر من الابيات الجواهرية، في قصيده الثري، اراد من خلالها ان يُثبت فضيلة / لغة الصمت، وبلاغته في دويٍ مقصود. ولعل مراجعة شاملة للديوان العامر ستوفر للمتابع، وطالبِ الاستزادةِ، ما يرسخ الذي أردنا الحديث عنه ايجازا ...

وقبل الختام بقي عليّ ان اقول ان هذه التأرخة / التوثيق ذات صلة، وأكثر، بكتابتين نشرتهما قبل ايام معدودات(*) عن بعض آراء ومواقف بشأن دور وكتابات المثقفين العراقيين، والسياسيين منهم بشكل خاص، في ازمة البلاد المبتلاة بالطائفية والارهاب، والتدخلات الاقليمية والخارجية، وغيرها من تأثيرات وتأثرات.. ومن أهم ما أستهدفته تينك الكتابتان، الدعوة لاعتماد لغة الحوار الموضوعي والنقد الهادف، والجدال الحضاري، الابتعاد عن الغلو والقسوة في التعاطي مع الاحداث، وعن الشخصنة والتشنج وما الى ذلك. اي وبأختصار: اعتماد اليراع النبيل، والواقعية، ونبذ التحريض على العنف.. واذا ما فهم البعض خلافَ ذلك الهدف والمبتغى، فهو المسؤول عن اية تفسيرات أخرى، مسبقة الغايات.

أخيراً، وفي متابعة سجالية حول الامر، واستشفافاً من بعض القراء، والمعنيين، ، بدا لي – ويبدو- ان ذلك الطموح الذي يُعولُ عليه، والذي أوجزتهُ بحكمة / مقولة "ايقاد شمعة، أفضل الف مرة من كيل السباب والشتائم للظلام- بعيد المنال بسبب التعود، ومن ثم التطبع، وتواتر الاحداث في بلاد ما حول النهرين، منذ عقود، بل وقرون. وهكذا جاء في الذهن بديلاً لربما أكثر واقعية مما يُطمح اليه، ألا وهو اللجوء الى فضيلة الصمتِ، وتلكم هي فلسفة بحد ذاتها كما أظهرته ابيات الجواهري في الفقرات اعلاه... منوهاُ ايضا الى ان ذلك المرتجى – اي نبل اليراع، وموضوعية النقد- صعبُ القياد والتنفيذ ايضاً، وأستدرك لأقول: ولكن ليس بالنسبة للمثقفين القادرين طبعاً !!.
------------------------------------------------------
(*) الكتابتان المعنيتان، منشورتان في العديد من وسائل الاعلام، وعلى شبكة الانترنيت، وعنوانهما، لمن يبتغي المزيد:
- الاولى في اذار 2018 وعنوانها " نموذجٌ عن ترويج بعضِ “المثقفين“ للطائفيةِ والاحترابِ والغلّــو".
- الثانيةفي نيسان 2018، موسومة بــ " مثقفونَ بكاؤون وندّابـونَ، بلا نَظير !".



#رواء_الجصاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفونَ بكاؤون وندّابونَ، بلا نَظير !
- رواء الجصاني : شهاداتٌ، وسيرة ٌ، ومسيرة... في الذكرى السبعين ...
- رواء الجصاني : نموذجٌ عن ترويج بعضِ “المثقفين“ للطائفيةِ وال ...
- رواء الجصاني : هذا بعض ما كان بين الجواهري والشيوعيين؟!
- رواء الجصاني : الجواهريّ، حينَ تقتلهُ الاحزانُ !!!
- شهداء وراحلون عراقيون في ذاكرة سياسية وثقافية
- رواء الجصاني : شهداء أماجد، وراحلون نيّرون، في ذاكرة سياسي.. ...
- رواء الجصاني : شهداء أماجد، وراحلون نيّرون، في ذاكرة سياسي . ...
- رواء الجصاني : على اعتاب الذكرى 84 للحزب الشيوعي العراقي // ...
- مع فالح عبد الجبار، وعنه، في براغ - رواء الجصاني
- رواء الجصاني: شهادات عراقية، في تاريخ اتحاد الطلاب العالمي ( ...
- رواء الجصاني : براغ تحتضن لقاءً عراقياُ زاهياً، لاستعادة بعض ...
- رواء الجصاني : جميعُ العراقيين -سائرون- (2-2)
- أسرتا الجصاني والجواهري تنعيان
- رواء الجصاني : جميعُ العراقيين -سائرون- (1- 2)
- رواء الجصاني: الجواهري ... وأرا خاجادور/ علاقات حميمة ... ود ...
- صدى القضية الفلسطينية في شعر محمد مهدي الجواهري
- مآثر الامام الحسيّن، في شعر، ونثر الجواهري//
- رواء الجصاني : أحدثكمْ عن -واحدٍ- من ابناءِ العراق //
- رواء الجصاني : حدث ذلك في موسكو، صيف عام 1985


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رواء الجصاني - رواء الجصاني : الجواهريّ، يصمتُ مدوياً.. ويتصدى!