طريق الشعب – آذار 2003
سكرتير اللجنة المركزية لـ "الاتحاد" وكردسات"
القضية قضيتنا، والكثير يعتمد على كيفية التغيير
نريد تمكين العراقيين من تقرير مصيرهم بانفسهم
قال الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ان الحزب الشيوعي العراقي من القوى التي تؤمن عن قناعة تامة بضرورة التغيير، والخلاص من النظام الدكتاتوري، واقامة عراق ديمقراطي تعددي برلماني فيدرالي موحد.
واضاف موضحاً ان ما ارتكبه النظام الدكتاتوري من جرائم لم يبق مجالاً للتهادن معه او التساوم، وان لا حل جذرياً لمعاناة العراقيين الا بالتغيير.
جاء ذلك في حديث ادلى به الرفيق حميد مجيد موسى يوم 25 شباط 2003 لجريدة "الاتحاد" الاسبوعية، الناطقة بلسان الاتحاد الوطني الكردستاني ولفضائية "كوردسات" التلفزيونية التي تبث من مدينة السليمانية. وقد اجاب فيه على اسئلة مندوب الجريدة والفضائية السيد سوران الداودي، التي تتعلق بموقف الحزب الشيوعي العراقي من اجتماع "لجنة التنسيق والمتابعة"، في بلدة صلاح الدين بمحافظة اربيل، ومن بعض جوانب العمل لتوحيد صفوف القوى المعارضة. كما تتناول الموقف من قضية الحرب كوسيلة للتغيير، وعواقبها، ومن التهديدات التركية باجتياح كردستان العراق، ومن الفيديرالية، وقضايا اخرى.
واعتبر الرفيق حميد موسى الذي كان يتحدث في عشيّة اجتماع لجنة التنسيق والمتابعة، ان مهمة الاجتماع هي تعزيز دور المعارضة العراقية في عملية التغيير، وفي حماية شعبنا من المخاطر التي تتهدده، ومساعدته في الخلاص من المحنة التي طال أمدها. وعبّر عن تمنياته للمشاركين في الاجتماع بان يتوفقوا في انجاز هذه المهمة، مضيفاً ان الكثير المتعلق بتفعيل دور المعارضة او تهميشها، يعتمد على ذلك، خصوصاً وان الاجتماع يعقد في ظل اوضاع بالغة الخطورة والتعقيد والتشابك.
واكد ان "القضية التي نواجهها هي قضيتنا اولاً وقبل كل شيء، وان استحقاق التغيير قديم وليس مهمة جديدة".
واشار الى ان اطراف المعارضة كانت قد ناقشت هذه القضايا منذ وقت طويل، وتوصلت الى قواسم مشتركة غير قليلة تتيح لها بناء وحدتها. الا ان جملة من العوامل والمؤشرات حالت دون تحقيق هذه الوحدة، بل وتركت بصماتها الكابحة التي حالت دون الوصول الى هذه الوحدة لاحقاً، وان "هذا ما نعانيه... حتى الان".
ورداً على سؤال حول امكان انضمام الحزب الشيوعي العراقي الى لجنة التنسيق والمتابعة، التي كانت تتهيأ لعقد اجتماعها في صلاح الدين، عاد الرفيق سكرتير اللجنة المركزية الى امتناع الحزب عن المشاركة في مؤتمر لندن، واكد مجدداً ان الحزب كان يرى الطريق الى الوحدة، غير الطريق الذي ارتأته الفصائل المشاركة في المؤتمر.
وقال ان الخلاف لا يدور قطعاً حول ضرورة التغيير، وانما يتعلق بكيفية تحقيقه وطريقة الوصول اليه.
واوضح ان الحزب الشيوعي كان ومازال يعتقد ان الشعب العراقي هو صاحب المصلحة في التغيير، وهو القوة الاساسية المؤهلة لتحقيقه، بما يضمن الديمقراطية والفيدرالية والمصالح الوطنية.
لذلك ينبغي الاعتماد في العمل من اجل التغيير، على قوى الشعب نفسه، وبقيادة المعارضة الموحدة، وباسناد دولي شرعي وفق قرارات الامم المتحدة.
نحن .. والدعم الدولي
وشدد في هذا الصدد على ايمان الحزب بالحاجة الى الدعم الدولي، وألّا صحة لما يقال احياناً عن رفضه هذا الدعم، ولكن "نحن نريد الدعم الدولي شرعياً، يحترم استقلالية قرار المعارضة الوطنية العراقية".
واشار في هذا الخصوص الى ان افكاراً وتصورات متنوعة تطرح اليوم في الساحة حول عملية التغيير، وان الطاغي من بينها حالياً هو التغيير عن طريق الحرب.
لكن خيار الحرب - كما قال مضيفاً - هو أسوأ الخيارات، وسيجلب للبلاد الدمار والخراب، ويكبدها خسائر بشرية ومادية يصعب حصرها. ثم ان الحرب لا يمكن ان تأتي بالديمقراطية، ونحن لا نستطيع القبول بها لاسباب مبدئية واخلاقية ايضاً. "لذلك نبحث عن خيارات اخرى لا تقل اهمية، وتحقيقها هي ايضاً بحاجة للدعم الدولي، مثل تفعيل القرار 688".
وبيّن ان تفعيل هذا القرار سيهز اركان الدكتاتورية ويسلبها القدرة على ممارسة الارهاب، ويتيح للقوى الوطنية العراقية المعارضة فرصة النهوض بمهمة التغيير، وذلك حتى عبر انتخابات تشرف عليها الامم المتحدة. "وبذلك يمكن ان يتحقق التغيير بدون الحرب".
واشار الى ان القرار 688 موجود منذ اثني عشر عاماً، وان اوضاع العراق كانت ستختلف تماماً لو ان النظام أُجبر على تنفيذه، بممارسة ضغوط عليه مماثلة للضغوط التي ترغمه اليوم على تنفيذ القرار 1441.
وقال الرفيق حميد مجيد موسى ان من غير الصحيح الاكتفاء بالحديث عن ضرورة التغيير، وعما بعد التغيير، وان الكثير الكثير في ترتيب الامور بعد التغيير، سيعتمد على الكيفية التي يتم بها هذا التغيير، وعلى آليته.
وتمنى على المساهمين في اجتماع لجنة التنسيق والمتابعة ان يتخذوا قراراً واضحاً وحازماً، يؤكد مرة اخرى رفض الاحتلال والحكم العسكري، واتاحة المجال للعراقيين كي يقرروا مصير بلدهم بانفسهم، ومن دون ان يعني ذلك تجاهل مصالح الاخرين.
الحزب ولجنة التنسيق
وفي جوابه على سؤال حول ما اذا سيستجيب الحزب، في حال وجهت اليه دعوة للانضمام الى لجنة التنسيق والمتابعة، اشار اولاً الى ان للحزب حلفاء واصدقاء شاركوا في مؤتمر لندن، وفي مقدمتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق.
واضاف ان مابين الحزب والاطراف المشاركة في لجنة التنسيق ليس عداءً او تناحراً، وانما هو اختلاف وتباين في الاجتهاد، وهو ما يمكن ان يعالج بالحوار.
واكد انه اذا كانت هناك رغبة في عدم استبعاد الحزب الشيوعي العراقي او تهميشه، "فنحن مستعدون للحوار".
واوضح ان انضمام الحزب الى اللجنة "يرتبط اولاً بايجاد مخرج سياسي للخلاف...(القائم)، وثانياً بان يجري التعامل مع الحزب بالارتباط مع موقعه الحقيقي، مع دوره الحقيقي في عملية التغيير، سابقاً ولاحقاً".
وشدد من جانب آخر، وهو يجيب على سؤال لاحق، على ان اموراً كهذه يجب ان تحسم قبل الانضمام. واشار في هذا الشأن الى انه حين تتجه النية الى اقامة جبهة مثلاً، فان الاطراف المعنية تتشاور مسبقاً وبجدية حول القواسم المشتركة، وتصيغ التوافق، وفي ضوء ذلك يمكن ان يتم التعاقد والاتفاق.
واستطرد قائلاً ان من الممكن الوصول الى التوافق "اذا فعّلنا الحوار، واحترم بعضنا الآخر، وحققنا مصلحة الجميع".
واوضح ان هذا قانون عام، وان الحزب الشيوعي ليس مطالباً وحده ان يقوم به، علماً ان الحزب ايجابي ومستعد للتفاهم.
وتمنى ان يجري الانفتاح على الاحزاب الاخرى التي لم تساهم في اجتماع اللجنة، وان يجري حوار جاد معها، يضع في الاعتبار طروحاتها السياسية، وان يتم التعامل معها بالاحترام الضروري بين الاصدقاء والحلفاء.
نعم للانتفاضة، لا للحرب!
وفي رده على سؤال آخر يتعلق بالحرب، وسبب رفض مساعدة القوات الامريكية للشعب العراقي، وهي التي حررت الشعبين الايطالي والالماني في الحرب العالمية الثانية، اكد الرفيق حميد موسى ان للشعب العراقي كل الحق في الانتفاض والثورة وممارسة كل اساليب الكفاح. وذكّر في هذا الصدد بالكفاح الانصاري المسلح الذي خاضه الحزب الشيوعي سنوات عديدة بالتعاون مع الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. وقال: "اننا الان لا نحرّم ذلك على انفسنا. بالعكس، نحن ندعو الى انتفاضة شعبية، والى تدخل القوات المسلحة لتخليص العراقيين من هذا الكابوس.. وهذا كله يحتاج الى تضحيات والى دماء".
لكنه بيّن ان "هذا شئ، وهو من حقنا وواجبنا. اما ان تأتي قوة خارجية لتنوب عنا في القيام بذلك، فهذا شئ آخر".
وقال ايضاً ان حالتنا لا تماثل الحالتين الايطالية والالمانية. ففي الحالتين المذكورتين كانت تدور حرب بين دول، وقد تمت ملاحقة المعتدين الى عقر دارهم درءاً للجريمة والعدوان، ولان المعتدي ظل يقاوم حتى اللحظة الاخيرة.
واكد مرة اخرى ان الشيوعيين العراقيين لا يتعالون على العامل الدولي، لكن الفرق كبير بين ان يأتي الدعم الخارجي لتمكيننا، نحن العراقيين، من انجاز عملية التغيير بانفسنا، وان ننتظر مخلّصاً اجنبياً يأتينا من الخارج، ويقوم بالتغيير. فلهذا مستحقات سياسية وابعاد كبيرة وكثيرة.
وقال ان على من يتحمل مسؤولية ازاء الشعب، ويمتلك القدرة على النظر ابعد، ان يبعد نظره الى ما يلي تغيير كهذا، اذا حصل فعلاً، ويستشرف النتائج التي ستترتب عليه!
وتناول من ناحية اخرى حقيقة ان امكانات وفرصآً كبيرة تهيأت للمعارضة، خلال الاثني عشر عاماً الماضية، كي توحد قواها، وعلينا ان نتساءل عن سبب عدم انجازها هذه المهمة، ومن تدخل لمنعها من ذلك، وما دور حتى الادارة الامريكية في هذا الشأن?
واشار الى ان حلفاء للادارة الامريكية يتحدثون الان بصراحة عن عروض قدموها لها في السنين الماضية، مبدين استعدادهم للتعاون معها في انجاز التغيير في العراق، فكانت ترد بالرفض.
واعرب عن اعتقاده انه ليس من الخطأ الاستعانة حتى بامريكا، لكن السؤال هو: كيف تكون هذه الاستعانة? وما شكل وطبيعة العلاقة التي نقيمها معها (ومع الدول الاجنبية عموماً) ونطلب المساعدة على اساسها?
ابّان الحرب نكون مع الشعب
وفي شأن الموقف في حال اندلاع الحرب، قال الرفيق حميد موسى: نحن غير قادرين موضوعياً على درئها، والعالم كله غير قادر على منعها. لكن الواجب الاخلاقي يفرض علينا، كعراقيين، ان نقول انها اذا قامت فان من يتحمل مسؤوليتها اولاً هو النظام القائم، الذي وفر كل الاسباب والذرائع لشنها. ويتحمل المسؤولية ثانياً كل من لم يفكر في اعتماد خيارات اخرى متاحة، ويمكن ان تحقق التغيير، وبثمن بشري ومادي اقل، ويمكن ان تؤسس للمرحلة اللاحقة بصورة افضل مما تؤسس الحرب. ذلك ان التغيير في هذه الحالة يأتي عبر مساهمة الشعب، وهذه المساهمة هي الضمانة الاكبر لاقامة النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي والمجتمع المدني.
واكد في السياق نفسه، انه اذا وقعت الحرب فعلاً "سنكون مع الشعب وجماهيره"، وان ذلك تم تأكيده في اجتماع اللجنة المركزية للحزب، الذي انعقد قبل ذلك بايام.
واختتم سكرتير اللجنة المركزية هذا الجزء من المقابلة بدعوة الجميع: جماهير، وقوات مسلحة، واحزاباً وطنية، وبضمنهم الاخوة الذين كانوا يتهيأون للاجتماع في لجنة التنسيق والمتابعة، الى التكاتف والتعجيل في تخليص العراق من الكارثة، والى تشديد العزم على رفض الاحتلال والحكم العسكري، والعمل على تسليم الحكم الى حكومة ديمقراطية ائتلافية، تساهم فيها الاحزاب والقوى الوطنية على اساس برنامج وطني ديمقراطي، يؤمّن مصالح شعبنا العراقي.
وفي جانب آخر من المقابلة اجاب سكرتير اللجنة المركزية على سؤال حول الموقف من احتمال اجتياح القوات التركية منطقة كردستان العراق، فاوضح اولاً ان هذه القضية لا تعني الشعب الكردي وحده- وهو صاحب الحق في ان يقول كلمة جليّة، وان يتمتع بحقوقه وتقرير مصيره- بل تعني الشعب العراقي بأسره، وهو "المغيّب، في كل هذه العمليات الجارية".
التهديد التركي ثمرة لخيار الحرب
وشدد على ان مسألة الاجتياح التركي "هي احدى منتجات خيار الحرب" فلولا هذا الخيار، واعتماد هذه الآلية في التغيير، لما اتيحت فرصة للعسكريين وللطامعين من الحكام الاتراك، ان يتدخلوا بهذا الشكل الفظ في الشأن العراقي، ليحرموا الشعب العراقي، وفي المقدمة الشعب الكردي، من حقه في ممارسة حقوقه الديمقراطية، واقامة الدولة العراقية على اساس فيدرالي.
وتساءل عن سبب تخوف الحكام الاتراك من الديمقراطية في العراق، وترجمتها الفيدرالية في حل القضية القومية في كردستان، وهم يدعون الديمقراطية والعلمانية!
كما تساءل عن حق تركيا في ارسال قوات مسلحة الى كردستان العراق، فيما تمنع الاحزاب الكردستانية من ممارسة حقها وتريد تجريدها من السلاح، وعن مشروعية مطالبتها بان يكون لها عضو في اللجنة الاستشارية التي يراد تشكيلها بعد التغيير، وان تكون لها حقوق في النفط العراقي!?
واعتبر التدخل التركي غير مقبول ومرفوضاَ، ودعا الى اتخاذ مواقف صريحة وواضحة بادانته وعدم القبول بما يترتب عليه.
وقال ان التذرع بحماية الاخوة التركمان هو حجة واهية، واضاف: "نحن والتركمان اخوة وابناء شعب واحد، ومشاكلنا تحل في اطار بيتنا العراقي الموحد. لهم ما لكل عراقي، عربياً كان ام كردياً ام كلدانياً-آشورياً، من حقوق، يجري تأمينها في اطار الديمقراطية".
واكد ان الحركة الوطنية العراقية لم تعجز عن ايجاد المعالجات او الحلول الناجعة في خصوص العلاقة بين التركمان والقوميات الاخرى في بلادنا، او للمشاكل التي تحدث بين هذه او تلك من الاحزاب في الوقت الحالي.
نريدها فيدرالية سياسية - قومية
وفي اجابته على سؤال عن نظرة الحزب الشيوعي العراقي الى موضوع الفيديرالية، قال الرفيق حميد موسى ان التعامل مع القوميات غير العربية في العراق وحقوقها، شكل معضلة سياسية كبيرة الحقت الاذى بكيان الدولة العراقية. فهي لم تحل بطريقة عادلة، باعتماد مبدأ حق الامم في تقرير مصيرها، او بتطبيق ميثاق الامم المتحدة وشرعة حقوق الانسان. والسبب يكمن في طبيعة الحكومات المستبدة والدكتاتورية، التي شنت الحروب وجرائم الابادة، وبلغ ذلك ذروته في حلبجة والانفال وغيرهما.
وبيّن ان تحقيق الاستقرار في العراق، واعتماد الديمقراطية في المجتمع العراقي، يرتبط وثيقاً بالحل الديمقراطي الجذري والعادل للقضية القومية، لاسيما قضية حقوق الشعب الكردي في بناء حياته، وبناء حتى علاقته مع الشعب العربي والقوميات الاخرى في المجتمع العراقي.
واضاف ان الحزب الشيوعي العراقي توصل منذ سنين الى الاقتناع، بان الفيدرالية هي الشكل الامثل لتأمين حق تقرير المصير للشعب الكردي في الظروف الملموسة الحالية. فنحن نريدها فيدرالية سياسية قومية، لا فيدرالية ادارية- جغرافية، لان هناك مشكلة قومية قديمة متأججة تلحّ في طلب الحل. وليس صحيحاً استنساخ تجارب بلدان اخرى لا تعاني المشكلة نفسها.
وذكر في هذا الصدد مثال المانيا. فهي دولة فيدرالية، لكن شعبها واحد هو الشعب الالماني، والفيدرالية فيها هي شكل من الحكم اللامركزي ينسجم مع واقعها، ويضمن المشاركة الديمقراطية لمناطقها. كذلك النظام الفيدرالي الامريكي ينسجم مع ظروف امريكا.
لكن ايّاً من هذين النظامين الفيدراليين لا يشكل حلاً للعراق، حيث التركيبة القومية للشعب العراقي مختلفة، وينبغي اخذ خصوصيتها بعين الاعتبار.
وتساءل عن سبب الخوف من الفيدرالية التي تؤمن لكردستان وجوداً سياسياً- قومياً معيناً في اطار الوحدة العراقية، وتضمن للقومية الكبرى الثانية في العراق حقوقها، وتمنحها الشعور بالرضا والالتحام بالمجتمع العراقي، والتعاضد مع القوميات الاخرى. "اليست الوحدة المبنية على اساس القناعة والرضا،والبعيدة عن القسر والاكراه، هي الوحدة المتينة? فلم التخوّف منها?".
الحزب والاتحاد والاطراف الاخرى
وردّ الرفيق حميد موسى اخيراً على سؤال حول علاقات الحزب الشيوعي العراقي مع القوى العراقية والكردستانية، خاصةً مع الاتحاد الوطني الكردستاني، فقال انها جيدة ومتطورة مع الغالبية العظمى من قوى المعارضة، وان الاختلاف في الاجتهاد بصدد امور معينة لا يفسد للود قضية. فالاختلاف رحمة، خصوصاً اذا كانت وراءه مصلحة الشعب العراقي وقضية تطوره ومستقبله.
واستطرد مضيفاً ان الاحداث الاخيرة تتطلب التقارب بين القوى الصديقة والحليفة في المعارضةالعراقية، وان العلاقة التي تربط الحزب الشيوعي العراقي بالاتحاد الوطني الكردستاني بالذات، هي علاقة تحالفية صريحة وواضحة تقوم على اتفاقيات تحظى برضا الطرفين وقناعتهما.
واكد رغبة الجميع في ان يكونوا اقرب الى بعضهم، واكثر ايجابية تجاه بعضهم، وان يعتمدوا الحوار والتشاور وتبادل المعلومات، ليكونوا في الموقع الصحيح القادر على التأثير في مجرى الاحداث المتعلقة بالعراق.
واعرب عن الامل في ان تتسع التحالفات لتشمل قوى اخرى الى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني، لاسيما الحزب الديمقراطي الكردستاني والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، مشيراً الى وجود اشكال من التنسيق مع هذه او تلك من احزاب المعارضة، كما هو الحال بالنسبة الى لجنة الاحزاب الاربعة في السليمانية، ولجان التنسيق الناشطة في لندن وهولندا والسويد وغيرها، حيث يترجم اعضاء وكوادر الاحزاب المنضوية، العلاقات التحالفية المتبادلة، في نشاطات للتعريف بقضية شعبنا العراقي ونضاله ونضال قواه المعارضة من اجل العراق الديقراطي الفيدرالي الموحد.
طريق الشعب- آذار 2003
النظام ما زال يحتجزهم في سجون سرية
خطة آثمة لإبادة السجناء السياسيين
حــــــال انـدلاع الحـرب
بغداد – "طريق الشعب"
على رغم التأكيدات المتكررة لسلطات النظام، انها افرغت السجون تماماً في اعقاب الاعلان عن "العفو" في 20 تشرين الاول الماضي، عن السجناء كافة، وبضمنهم السجناء السياسيون، فان دلائل عديدة ظلت تشير الى ان الغالبية العظمى من السجناء السياسيين لم يطلق سراحهم، وانهم على ما يبدو نقلوا قبل العفو المزعوم الى سجون غير معروفة، ما زالت جدرانها تطبق عليهم حتى اليوم.
وخلال الاشهر القليلة الماضية، وفيما فشلت محاولات الكثير من ذوي السجناء السياسيين الذين لم يتم الافراج عنهم، الحصول على معلومات في شان ابنائهم ومعرفة شيء من اجهزة الامن ذات العلاقة، عن مصائرهم، ظلت تتواتر اخبار من مصادر مختلفة، بعضها وثيق الصلة بالاجهزة الامنية، تؤكد الاعتقاد العام ان اعداداً كبيرة من السجناء السياسيين ما زالوا احياء محتجزين في سجون ومعتقلات سرية لا يعرف شيء عنها وعن مواقعها. وان اعداداً جديدة من ابناء الشعب المعارضين للنظام، او ممن تشك الاجهزة الامنية في ولائهم له، يضافون باستمرار الى جيش السجناء السياسيين المغيبين المذكور، ويتعرضون مثلهم الى المعاملة الوحشية والتعذيب والامتهان.
وافاد احد هذه الاخبار ان النظام استورد لمؤسساته الامنية وسجونه، في الآونة الاخيرة بالذات، جهازاً جديداً للتعذيب يعتمد احدث التكنولوجيا.
ويطلق هذا الجهاز موجات صوتية بالغة الازعاج، تتواصل دون انقطاع وبرتابة، ويصعب على الانسان تحملها طويلاً.
ويوضع الجهاز في غرفة خاصة، يساق اليها السجناء والمعتقلون المراد ارغامهم على الاستلام والرضوخ، وتطلق فيها، بعد إحكام اغلاقها، الموجات المذكورة، التي يستطيع الجلاد التحكم في ارتفاعها وشدتها.
لكن اخباراً اخرى دقت ناقوس خطر داهم يتهدد حياة السجناء السياسيين جميعاً.
فقد ذكرت معلومات من جهاز الامن الخاص، ان المسؤولين في النظام يدرسون كيفية التخلص من السجناء السياسيين، في حال تعرض العراق الى ضربة عسكرية. واللافت ان البدائل المطروحة ليس بينها اطلاق سراحهم، وتنحصر في اختيار الطريقة "الافضل" لازهاق ارواحهم: بمتفجرات يجري زرعهاداخل السجون والمعتقلات، وتطلق عند وقوع الضربة، ام بوضع السموم في الماء الذي يشربونه!
ووفقاً لمعلومات اخرى، شكلت اواخر السنة الماضية بناء على امر صادر من جهات عليا، مجموعات خاصة من القتلة مكلفة بالتصفية الجسدية للسجناء السياسيين، فور اندلاع الحرب.
وتم تشكيل هذه المجموعات بايعاز واشراف مباشرين من قصي صدام حسين، واستلم افراد المجموعات اوامر خطية تحدد المهمة الموكلة اليهم.
الا ان المخاوف استبدت بهم اثر تسرّب معلومات مفادها انهم سيتعرضون بدورهم الى الابادة على يد فرق اخرى من القتلة، بعد ان يكونوا قد انتهوا من تنفيذ المذابح الجماعية للسجناء السياسيين.
وذكر ان بعض هؤلاء عبروا امام آخرين عن مخاوفهم هذه، فتم القبض عليهم ولم يعرف عنهم شيء منذ ذلك الحين. ويسود الاعتقاد انه تم القضاء عليهم، للحيلولة دون انكشاف خطة النظام الرهيبة عن طريقهم.
واوردت المعلومات من بين هؤلاء المدعو عبد السميع الجنداري، الذي كان يشغل منصب مسؤول سجن في معتقل الرضوانية، والذي اختفت آثاره منذ اوائل كانون الثاني الماضي.
وتؤكد هذه المعلومات جميعاً ضرورة التحرك العاجل لمواجهة هذا الخطر الحقيقي المحيق بارواح ابناء شعبنا من السجناء السياسيين، الذين تبقى اعدادهم والسجون التي يحتجزون فيها مجهولة.