أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - من مظاهر عهر التدين الظاهري .














المزيد.....

من مظاهر عهر التدين الظاهري .


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 5844 - 2018 / 4 / 13 - 15:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من باريس
على الرغم من كون المسيحية هي أكبر ديانة في فرنسا إلا أنه نادرا ما نصادف من يتمظهر فيها بسمات التدين بهدف تحقيق المكانة الجماهرية المؤثرة ، سياسيا أو اجتماعيا، أو لكسب ثقة الناس واحترامهم ، وبالتالي قلما نجدهم يفرطون في الحديث عن الدين ويتركون الناس تراه في تصرفاتهم وسلوكاتهم المعبرة عن إيمانهم الحق بمعتقداتهم النابعة عن علمهم ومعرفتهم بدينهم ، الذي يدعو –كما أي دين آخر-إلى التحلي بمكارم الأخلاق وجميل الصفات والتمسك بأفعال الخير ، بخلاف التدين الشكلي "المظهري" الذي يمارسه الكثير من اصحاب النفوس المريضة الذين يتقمصون شخصية الرجل المسلم الزاهد التقي الملتحف برداء الدين، ويعملون على تكريس هذا المظهر لدى أوساط العامة والخاصة، عبر بعض المظاهر التي وقفت عند واحدة منها بل واخطيرا والتي صارت في غفلة منا ومن التاريخ مرضا مزمنا يحتاج للدراسات المعمقة لمعرفة أسبابها ودوافعها ونتائجها وكل ما له صلة بها ،والمتمثلة في تديين كل شيء ، وتحويل أي نقاش علمي او عقلي حول أي موضوع في أي مجال من مجالات الحياة ، السياسة ، الفكر، الاقتصاد، الاجتماع، التعليم، الثقافة، الادب ، والفنن ، إلى نقاش ديني وتبريره حسب الرؤية الدينية المتخلفة و نسبه للدين بدون علم ، وضدا في أمر الله سبحانه وتعالى في الإسراء 36 : "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " الهواية التي تستهوي الكثير من المتشددين ، وخاصة حينما يتعلق النقاش بالمرأة والحجاب وضرب الزوجة ، وتحريم الاختلاط ، ومنع زواج المسلمة من غير مسلم ، وقضايا الردة ، والجهاد ، والسبي ؛ السلوك الذي يواجهنا اينما ولّينا وجوهونا، حيث أننا وبمجرد أن نفتح أي نقاش ، أو نحاور أي أحد إلتقيناه في أي مكان من منطقتنا الموبوءة ، حد التخمة، بـ "التدين الظاهري" ، الذي جرفه علينا الربيع العربي وخلفته جراح التطبيق الحرفي للنص والتأويل السلفي للتراث ، الذي يعيق العقل العربي ويشل قدرته على التطور والإبداع والتجدد ، نتفاجأ ونصاب بالذهول والحيرة ، أمام إنحراف محدثنا بموضوع النقاش ، دون وعي منه أو بوعي ، إلى نقاش ديني ، حسب الفهم السائد لديه عن الدين المحرف والمعزز بالفتاوى فوضى الفتاوى التي تهدد استقرار المجتمع وتمزق نسيجه بالتحريض على الكراهية والمذهبية ، والشروحات والتفاسير المستوردة من ثقافة القبور التي يزخر بها ثرات السلف المزور للحقائق الدينية والمشوه لها ، والبعيد كل البعد عن الفهم الصحيح للدين والمنطلق من الدراسة الموضوعية للقرآن الكريم .
ولكي لا نختبئ خلف أصبعنا ، وحتى يعي من له شك فيما قلته ازاء هذه الظاهرة المعقد - التي ربما لم يلق عليها الضوء الكاف ، أو لم يلق عليها أي ضوء على الإطلاق - وما لها من خطورة في خدش صفاء الدين الحنيف ، أورد هنا بعض النماذج الصارخة لسلوكيات أولئك الذين يدعون الالتزام الديني في مقالاتهم ، ويواظبون على افساده بأفعالهم و أخلاقهم ، والذين قال فيهم ابن تيمية: "فلا يغرنكم من قرأ القرآن ، إنما هو كلام نتكلم به ، ولكن انظروا من يعمل به"، كما هو حال رجال الدين الشرفاء الصادقين ، وأئمة المسلمين المعروفين بالنخوة والكرم والإباء والشهامة الإسلامية ومخافة الله ، الذين تبعدهم سلوكياتهم عن هذا "العهر التديني" الذي نصطدم بجدار حقيقته في حياتنا اليومية ، والتي سأكتفي منها بهذا النزر القليل على سبيل المثال لوفرتها : حيث أنك لا تدخل أي مقهى أو أي متجر أو أي مصلحة عمومية أو أي عيادة طبيب ، إلا وتسمع القرآن الكريم ، ولا تركب الترام أو الحافلة أو التاكسي ، إلا تسمع صداح الهواتف بالآذان والتكبير أو بالأذكار والأناشيد الدينية ، ولا تلج مدرسة ، إبتدائية أو إعدادية، إلا وتجد أن مسابقات تجويد القرآن من أهم أنشطتها ، بدل المسابقات الثقافية والفنية والرياضية، وحتى الحضانات ورياض الأطفال لا تلقن للأطفال الصغار إلا الأحاديث النبوية بدل الأناشيد ، ولا ترمق أي سيارة فارهة كانت أو مترهلة ، إلا و قد كتب على نوافذها الخلفية عبارات : "لا تنس ذكر الله" أو "هذا من فضل ربي" وغيرها كثير من الشعارات الدينية التي يراهن بعض أصحابها على تغطية بعضا من فسادهم وفسوقهم ، الحالة التي تستوجب منا العديد من الأسئلة والاستجوابات المهمة حول هذا الفساد التديني، والذي غابت معه ثمار التدين في الأزمنة المتأخرة ، وخرج ، أو خرج شطر كبير منه على الأقل ، عن معاملة الله التي هي الأصل ، إلى محاباة المجتمع والدولة والفقهاء والمذاهب والجماعات الدينية المختلفة ، الانحراف التديني الذي يكاد يجهل عموم الناس ممن لا يعلمون حقيقة ما هم عليه ، بأنه أسوأ من التقصير والعصيان المؤدي إلى الانقطاع عن الله ، والذي هو وبال عليهم وعلى مجتماعتهم بما ينشره فيها من عداوة وعنف وإقتتال حتى بين أصحاب الدين الواحد والمذهب الواحد.
إن الغاية من هذا المقال ليس هو النقد لمجرد النقد ، كما يمكن أن يتبادر لبعض الأذهان ...، وإنما هو للتنبيه إلى وجود ظاهرة خطيرة منتشرة على نطاق واسع في المجتمعات العربية والإسلامية وحدها من غير أمم وشعوب العالم التي عبرت منذ قرون مسألة الفهم الديني ، وحسمت امرها بشأنه وتجاوزوته الى غير رجعة ولم تعد تشكّل عندها اشكالية ، وهو لتحفيز وعي الفرد بمخاطر التدين الظاهري ، الذي تعمل الحركات الإسلامية على تصيعد حدته بيننا في الآوانة الأخير ، في ظل صمت المجتمع المدني‮، وغفلت الصحافة، ‬‬وتراجع الدولة، أو على اقل تقدير،‮ "‬إسترخاؤها‮" في تطبيق القانون،‬ وسكوت وزارة الأوقاف الظاهري !!المعني الأول بالتصدي لهذا المسخ المشوه للدين ، وكأنهم سلبت منهم الإرادة ، أو أُلجمموا ،هم أيضا، بلجام من تلك الأفكار، أو فقدوا نباهتهم السياسية المعهودة.



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المساءلة أساس كل إصلاح.
- مكتبات الشارع المجانية.
- دعابة لاسعة من باريس !!
- العاطفة الوطنية !!
- على متن الخطوط الملكية المغربية
- موسم الفضائح الجنسية !
- شؤم الأرقام وقضية بوعشرين !!
- كل منتقدات اليوم ستصبح مألوفة ومتعرف بها غدا..!!!!
- فضائح الاغتصاب المتكررة !!
- متعة عوالم الأحفاد السحرية..
- كلنا متسولون !!
- رد على اتهام بمعاداة الدين !!
- مخيرون نحن أم مستلبون؟؟؟
- وداعا السي حميد الهزاز حارس مرمى الماص
- اللحى المستأجرة
- ..هل يستقيم الظل والعود أعوج؟؟
- هل هذه هي نتائج تطوير التعليم؟؟
- تفاعلات كارثة سيدي بوعلام
- معركة حزب الاستقلال ، واجهة لصراع فاسي/فاسي ب غطاء -سوسي صحر ...
- يوم الفصل في مؤتمر حزب الاستقلال..


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - من مظاهر عهر التدين الظاهري .