أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - روزكار محمد - الشر والحق فطرة أم عادة مكتسبة















المزيد.....


الشر والحق فطرة أم عادة مكتسبة


روزكار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5841 - 2018 / 4 / 10 - 08:51
المحور: الادب والفن
    


(الشروالحق فطرة أم عادة مكتسبة)
عندما كان هو وصديقه في مرحلة المراهقة كانا يتناقشان هذه الفكرة دوما ومفاده :-
(هل الأنسان محب للخير بطبيعته ام المجتمع يدفع البشر للشر والقتل والتدمير) ، وكان يحتدم الجدال بينهما بحيث كان يصل الى أشبه ما يكون بالملاكمة أو كانوا يقاطعون بعضهما لآسابيع لعدم أقناع أحدهما للأخر 0
- الا ترى كل أسلحة التدمير تلك كيف اوجدت ؟ أليس عن طريق العلم ؟
وكان يجيب صارخا في وجهه
- الذي أوصل الأنسان الى القمر هو العلم أيضا
أجابه متهكما ضاحكا
- وما نتيجة تلك ؟ السفر جلب لنا مرض الكاركارين وثم فعلوا ذلك لأجل أن يدمروا القمر أيضا كما فعلوا مع الأرض
- حسنا ماقولك حول الشعراء والأدباء والسياسيين في الدول التي يحكمها الأنظمة المستبدة لأجل نيل الحرية؟
فيجيبه ساخطا من ذكر أسمهم
- أن هم ليسوا سوى شرذمة يستخدمهم تلك الأنظمة ذاتها لتجميل صورتها
ومن دون ان يعلموا بذلك 0
كان جدالهما يستمر ويستمر ومن دون أن يصلا الى أية نتيجة 0
كلاهما كبرا على هذه الأحاديث والمجادلات ولكن لم يحسبوا كون هذه الأفكار وأصرار كلاهما على فكرته سيؤثرعلى حياتهما المستقبلية ، وبعد مرور سنوات مات والد جمال ولم يمضي وقت طويل على وفاته حتى تزوجت أمه وكان تعامله مع جمال سيئا جدا مما دفعه الى ترك البيت بحيث
كان يسكن بين فينة وأخرى في بيت أحدى أصدقائه ومن ضمنهم عادل صديقه الند فكريا وعلى الرغم من معاداة بعضهما للأخر فكريا الأ أنهما لم يكونا ليتحملا العيش احدهما من دون الأخر 0 وقد أسعف الخيال جمال بحيث جعله رساما يكسب قوته من خلال بيع لوحاته الذي كان يرسمها وكان يتسم لوحاته على الأغلب بالسوداوية وكان ينتمي الى المدرسة السريالية والذي يتركزفكرته على لاجدوائية هذه الحياة وكان اغلب الذين يشترون لوحاته هم
اصدقائه وبالخصوص صديقه عادل والذي أصر على أن يسكن معه للآبد
ولكن تنافرهما الفكري جعل تقبل دعوته بالسكن معه وشرائه للوحاته أمرا مدعاة للشك بل ان يأسه من الحياة دفعه الى ان يتصور بأنه يفعل كل هذا
لأجل أن يتنازل عن فكرته ويتقبل فكرته وبالتالي لكي يحمل راية الأستسلام العقائدي
والذي جعله يترسخ عنده هذه الفكرة هو رؤيته للوحاته الذي أشتراه منه عادل وقد كان مخبئا خلف دولاب ملابسه وقد حط عليه الغبار0
أحس بالتقزز من نفسه واحتقر نفسه لأنه ينتمي الى بني البشر وهذه الفكرة نغص عليه العيش ولكن دون أن يبوح ذلك لأحد أماعادل فقد كبر على عشق أبنة عمه سيماء والتي كانت لاتطيق رؤيته لآن أباها قد قرر منذ نعومة أظفارهما أن يكونا لبعض وقد قررت التحدي والرفض وذلك بأكمال دراستها الجامعية بل لم تقف عند هذا الحد حيث انها بنت علاقة عاطفية مع أحد أصدقائه وذلك لكي تقطع الشك باليقين برفضها القاطع له أما هو فقد كان يرفض فكرة عمه الرجعية تلك جملة وتفصيلا وكان يفضل أن تختاره
عن طريق الحب وليس الكره وعلى الرغم من أستمرار عمه في دعوته له
بالزواج منها بسرع، وطلب منه ان يراقبها في مكان دراستها خوفا من أن
ينال منها شخص أخر وقد قبل طلب المراقبة على مضض وكان تخوف عمه في مكانه فقد كان هناك حقا شاب يريد ان يؤذيها وينال منه وعلم بأنه زير نساء ويعتبرها نزوة عابرة بالنسبة له و لم يخبر عمه بذلك ولم يعلم ماذا يفعل فلو لم يعلمه فحينها ستضيع منه الى الآبد وسيتهمه عمه بأنه أضاعها لأنه لم يخبرها وأن فعل فسيزوجه عمه منه بالقوة لدفع البلاء ويحقق أمنيته
الرجعية وهو سيخسرها قلبا وجسدا لآنه لايريد أحدهما منها دون الآخر0
- لنأخذ ابنة عمك كمثال لمصداقية فكرتي أنت الذي تستحق ان تنال قلبها وليس ذاك السافل الذي يود السوء بها0
- هي حرة في أختيار من تريد 0
- ولذلك أنا أقول بأنني على حق0
استمرا في مناقشتهما ودون أن يصلا الى نتيجة كعادتهما0
- سيماء أود ان أتحدث أليك في موضوع ما0
كلما كانت تراه كانت تتمنى أن ينشق الأرض وتبلعها ولاتراه فكيف بالتحدث معه، حقا أنها لاتتطيقه 0
- هيا أستعجل قل ما تريد0
قالتها وهي تنظر الى مكان أخر لشدة ضيقها منه 0
- أود ان أحدثك في موضوع هام يتعلق بك ولو أنني متيقن من انك لن تصدقي
ما سأقوله لك0
- هيا قل ماتريد وبأسرع ما يمكن،أختصر كلامك وكفاك لفا ودوران وأعلم حتى لو لم يبقى على وجه هذا الآرض رجلا أخرغيرك فلن أتزوجك0
(قالتها وكلها أستهزاء بأحاسيسه المعذبة)
أستفردت بها في حديثه في غرفتها لكي لايحس بهم أحد 0
- أرجوك ان لم تصدقي ما سأقوله لك فان عاقبته سيكون وخيمة جدا عليك
- أذا كنت واثقا من أنني لن أصدقك فلماذا أذن تقولها لي ؟
(قالتها متهكمة)
- لكي أريح ضميري
- ياعيني على الضمير
(قالتها ضاحكة ساخرة)
- أرجوك لاتسخري من كلامي
نظر اليها وقلبه يتوجع ويحترق نتيجة تناقض جمال ابتسامة وجههاالجميلة وقباحة مشاعرها الساخرة في الوقت ذاته

- أعلم بانك لك علاقة عاطفية لزميل لك في الدراسة0
نظرت أليه وعيناها تقدح شرر الغضب والكره وأردفت قائلة
- أذن أنت تراقبني ؟
- أرجوك دعيني أكمل كلامي
قالت وهي تصرخ في وجهه غاضبة
- لن أسمعك الأ أذا جاوبت على سؤالي
- نعم كنت أراقبك
جنت جنونها وهي تصرخ وتضرب بقبضة يدها على كتفه متسائلة

- من أعطاك هذا الحق ؟ قل لي من أعطاك هذا الحق؟

_ أبوك

- كم أكرهك وأكرهه

ثم أردفت قائلة وهي تماسك أعصابها شيئا فشيئا بالتلويح بيديها لنفسها

- حسنا !! حسنا!! أذن أنت جئت الأن لكي تهددني بأستخدامك هذه الورقة لكي تضغط علي وأخاف ومن ثم أقبل الزواج منك بالتالي0

- صدقيني أنت مخطئة أنا جئت كي أحذرك بالأبتعاد عن هذا الرجل لأنه زير نساء0

- لن أصدقك لا لن أصدقك ، حتى لو فرضنا أنه بهذا الشكل فلن أبتعد عنه أتدري لماذا ؟ لأنك أنت وأبي من جعلوني أبني معه علاقة 0

-صدقيني أنا لن أتزوجك رغما عنك مهما حاول عمي ذلك ولكنك أبتعدي عنه أرجوك لأنك لو لم تفعلي ذلك فستضيعين وتضيعينني معك أيضا0

قالها بقلب كسير ولكن لاسمع لمن تنادي لقلب تحجر بفعل الأرتجاع0

- أخرج من غرفتي هيا بسرعة

قالتهاوهي تؤشربيدها نحو الباب0

لم يحس أن درجة كرهها له وصل الى هذه المرحلة بحيث لاتحس بضياع نفسها فهي لم ترى أختلافا يذكر بين أن ينتهك جسدها صديقها الدراسي أو أن يتزوج أبن عمها بالأكراه ففي كلا الحالتين قد أغتصبت حياتها قبل أن تغتصب جدسدها0

أما صديقه جمال فهو أيضا قد أخذ اليأس منه مأخذه وهو أيضا رأى فيه

سببا رئيسيا لمعاناته الشديدة تلك سواء لشفقته عليه واشراكه في العيش معه وشرائه للوحاته ومن ثم أخفائه كأشارة له بضعفه المادي ثم بالتالي الفكري ومن جهة أخرى رؤيته له وهو يعاني الأمرين بسبب أبنة عمه التي لاتستحبذه ونتيجة ذلك أخذ يمتنع عن بيع لوحاته له أما مسألة مبيته
فهذا الذي لم يكن يجد له حلا، الأ ان شدة قنوطه أوصله الى فكرة أنهاء حياته0
ولو علم عادل بحاله تلك لما كان يتركه في ذلك المساء وحيدا في غرفته لكي
يقضي على نفسه وقد دبر خطة ضياع نفسه بدقة حيث طلب من عادل أن يدعه
ويترك له الغرفة لكي يكمل أهم لوحة في حياته لوحة الموت وهوبذلك قصد
أنهاء حياته وليس اللوحة وقبل أن يبلل البطانية الذي لف به نفسه بالنفط ترك
له رسالة الوداع خارج الغرفة التي أحترقت فيما بعد وكان مفاد الرسالة هي كالتالي :-
(عزيزي عادل اعذرني على فكرة أنتحاري والذي ٍسأنفذه بعد أكمال رسالتي
تلك ، أرجوك لاتؤنب نفسك ولاتلمني فأن هذه الحياة التي يتشبث الأخرون بها امثالك أصبحت عندي غير ذي معنى و لأن الذين يعيشونها هم نفسهم الذين يدمرونها0)
كان غرفة عادل في الطابق الثاني وعندما شم وشاهد أهله رائحة الدخان المتصاعد واللحم المحترق لجسد صديقه أتصلو به فلما عاد وبعد أن كان
الأطفائيون قد أطفئوا الحريق وأخذ أهل جمال جسده للدفن رأى صديقه قد
أكمل لوحة الموت السوداوية المتفحمة تلك على أكمل وجه بحيث ان مادة
الخام كان غرفته هذة الغرفة الذي لم يبقى منه شبر دون أن يرسمه بخطوط سوداوية والذي رسمه بفرشاةجسده وقبل أن يدخل الغرفة –المحرقة- كان دموعه
يتمرد عليه في الخروج ومما شاهده قطع الخشب المحترقة للوحاته و التي أشتراه منه وخبئه وبادر في ذهنه سؤال :-
- يا هل ترى عندما أشترى منه تلك اللوحات المتشائمة وخبئه عنه هل منعه
من الأصرارفي قتل نفسه أم أنه جعله يندفع نحو تنفيذ خطوته تلك بشكل أوثق؟ لربما كان التوجه الثاني هو الأصح0 وعندما كان يراوح في تحاليله
لسبب فعل صديقه النكراء تلك خرج الدموع من عينيه بهنيهة كأنهم ضباط
يحققون معه وقد اخذوا منه مذكرة أعتراف بكونه أحد مسببات تنفيذ فكرة
الأنتحار تلك وهو على هذا الحال وعيناه الدامعتان يرمقان اللوحات المحترقة قال :-
- لماذا فعلت بنفسك هذا ياصديقي ؟ لماذا؟
ثم أكمل كلامه وهو يصيح في الغرفة ويبكي
- جاوبني لم فعلت ذلك ؟ ثم لماذا جعلتني أترك غرفتي لكي أدعك تقتل نفسك؟
قل؟ جاوبني ؟ هيا0
حاول أهله أن يفتحوا الباب عنوة بعدما كان قد أغلقه على نفسه حينما دخل الغرفة لكن دون جدوى 0
وراودت أخته شيرين فكرة ما وهي بان تتصل بسيماء وتطلب منها النجدة لآسعاف أخيها ولم يمضي الكثير من الوقت حتى لبت هي وأهلها النداء وعندما صعدت لوحدها السلم ووصلت غرفته دقت بطرقات هادئة ثلاث مرات باب الغرفة كأنها كانت سمفونية تدق وسط نيران المدافع والقنابل في
الحروب ثم نادت عليه بصوت هادىء مرتين بحيث عندما سمع صوتها
أهتز أركان جسده وأصابته بالقشعريرة 0
- عادل !!! عادل !!!
ثم أصبحت القشعريرة كرها عميقا بعدما كان سماع صوتها يمثل له أملا عتيقا0
- عادل جاوبني ارجوك
أجابها بصوت باكي
- هل أتيت للمواساة ؟ ام أشفاقا بحالي
- عادل أنا حزين لموت صديقك وأسف لآنني لم أصد000000000
قاطع كلامها ولأول مرة يصيح وهو يشعل نارغضب رحيل صديقه في وجهها قائلا :-
- أرحلي من هنا !!! أذهبي !!! أنت وأمثالك هم من أوصلوه للموت 0
ثم كرر ليحول غضبه الى بكاء
- أرحلي !! أرحلي !!أرحلي !!
- أنا 000 أنا000
لم تستطع أكمال كلامها حيث بدأت هي أيضا بالبكاء
أما هو فقد أستلهم من دموعها القوة فصرخ وقال :-
- لاأود منك شيئا فقط أتركيني 00 أتركيني
أماهي فقد شبعت دموعها بالصياح عندما قالت
- أنا أسف 00 أنا أسف 00 أنا أسف 00 أنا أسف
أما أهليهما في ألأسفل فقد كانوا يستمعون لهذا التماوج البكائي وأحاسيس يتراوح بين عمه الذي لايستطيع كبح أبتسامته المختبئة في شفاهه والذي خبئه شارباه
أما أباه فقد كان يبكي بحرقة كأبنه لرحيل صديق أبنه
- ومن قال بأنني أقبل أسفك ؟ ومافائدة الأسف ؟ لقد رحل 00 لقد رحل 00
أما هي فقد أعتصمت أمام باب غرفته فهي أيضا مجنونة بحبه لذا كانت تصرخ وتبكي وتقول
- لن أتركك !!! أتدري لماذا؟ لآنني أحبك
أستمرا في ترنيمة البكاء الحزين والنشاز
- كاذبة !!! أعلم لماذا تقولين هذا لكي لاأفعل بنفسي مثلما فعل صديقي بنفسه
لاأودك 0
ثم ضرب بكلتا يديه باب الغرفة الشبه محترق وقد أردف قائلا:-
- أتركيني 00 أتركيني
وبدأت هي أيضا تدق الباب بكلتا يديها قائلة
- لن أتركك 000 لن أتركك لأنني أحبك
حينها أصبح وجود عازل الباب أمرا غير ذي معنى
لذلك فتح الباب وأعتروا من كل شيئ في داخلهما سوى دموعهما ، فما كان
لهما سوى أن يحتضنا بعضهما البعض بقوة وهما مازالا يبكيان بحرارة
بكاء عودة بعضهما لبعض وبكاء رحيل جمال وقالت وهي واضعة رأسها
على كتفه وهي مبللة العينان مغمضة الأجفان :-
- عندما سمعت خبر موت صديقك خفت كثيرا أن أفقدك وحينها فقط علمت كم أحبك 0






















-


(الشروالحق فطرة أم عادة مكتسبة)
عندما كان هو وصديقه في مرحلة المراهقة كانا يتناقشان هذه الفكرة دوما ومفاده :-
(هل الأنسان محب للخير بطبيعته ام المجتمع يدفع البشر للشر والقتل والتدمير) ، وكان يحتدم الجدال بينهما بحيث كان يصل الى أشبه ما يكون بالملاكمة أو كانوا يقاطعون بعضهما لآسابيع لعدم أقناع أحدهما للأخر 0
- الا ترى كل أسلحة التدمير تلك كيف اوجدت ؟ أليس عن طريق العلم ؟
وكان يجيب صارخا في وجهه
- الذي أوصل الأنسان الى القمر هو العلم أيضا
أجابه متهكما ضاحكا
- وما نتيجة تلك ؟ السفر جلب لنا مرض الكاركارين وثم فعلوا ذلك لأجل أن يدمروا القمر أيضا كما فعلوا مع الأرض
- حسنا ماقولك حول الشعراء والأدباء والسياسيين في الدول التي يحكمها الأنظمة المستبدة لأجل نيل الحرية؟
فيجيبه ساخطا من ذكر أسمهم
- أن هم ليسوا سوى شرذمة يستخدمهم تلك الأنظمة ذاتها لتجميل صورتها
ومن دون ان يعلموا بذلك 0
كان جدالهما يستمر ويستمر ومن دون أن يصلا الى أية نتيجة 0
كلاهما كبرا على هذه الأحاديث والمجادلات ولكن لم يحسبوا كون هذه الأفكار وأصرار كلاهما على فكرته سيؤثرعلى حياتهما المستقبلية ، وبعد مرور سنوات مات والد جمال ولم يمضي وقت طويل على وفاته حتى تزوجت أمه وكان تعامله مع جمال سيئا جدا مما دفعه الى ترك البيت بحيث
كان يسكن بين فينة وأخرى في بيت أحدى أصدقائه ومن ضمنهم عادل صديقه الند فكريا وعلى الرغم من معاداة بعضهما للأخر فكريا الأ أنهما لم يكونا ليتحملا العيش احدهما من دون الأخر 0 وقد أسعف الخيال جمال بحيث جعله رساما يكسب قوته من خلال بيع لوحاته الذي كان يرسمها وكان يتسم لوحاته على الأغلب بالسوداوية وكان ينتمي الى المدرسة السريالية والذي يتركزفكرته على لاجدوائية هذه الحياة وكان اغلب الذين يشترون لوحاته هم
اصدقائه وبالخصوص صديقه عادل والذي أصر على أن يسكن معه للآبد
ولكن تنافرهما الفكري جعل تقبل دعوته بالسكن معه وشرائه للوحاته أمرا مدعاة للشك بل ان يأسه من الحياة دفعه الى ان يتصور بأنه يفعل كل هذا
لأجل أن يتنازل عن فكرته ويتقبل فكرته وبالتالي لكي يحمل راية الأستسلام العقائدي
والذي جعله يترسخ عنده هذه الفكرة هو رؤيته للوحاته الذي أشتراه منه عادل وقد كان مخبئا خلف دولاب ملابسه وقد حط عليه الغبار0
أحس بالتقزز من نفسه واحتقر نفسه لأنه ينتمي الى بني البشر وهذه الفكرة نغص عليه العيش ولكن دون أن يبوح ذلك لأحد أماعادل فقد كبر على عشق أبنة عمه سيماء والتي كانت لاتطيق رؤيته لآن أباها قد قرر منذ نعومة أظفارهما أن يكونا لبعض وقد قررت التحدي والرفض وذلك بأكمال دراستها الجامعية بل لم تقف عند هذا الحد حيث انها بنت علاقة عاطفية مع أحد أصدقائه وذلك لكي تقطع الشك باليقين برفضها القاطع له أما هو فقد كان يرفض فكرة عمه الرجعية تلك جملة وتفصيلا وكان يفضل أن تختاره
عن طريق الحب وليس الكره وعلى الرغم من أستمرار عمه في دعوته له
بالزواج منها بسرع، وطلب منه ان يراقبها في مكان دراستها خوفا من أن
ينال منها شخص أخر وقد قبل طلب المراقبة على مضض وكان تخوف عمه في مكانه فقد كان هناك حقا شاب يريد ان يؤذيها وينال منه وعلم بأنه زير نساء ويعتبرها نزوة عابرة بالنسبة له و لم يخبر عمه بذلك ولم يعلم ماذا يفعل فلو لم يعلمه فحينها ستضيع منه الى الآبد وسيتهمه عمه بأنه أضاعها لأنه لم يخبرها وأن فعل فسيزوجه عمه منه بالقوة لدفع البلاء ويحقق أمنيته
الرجعية وهو سيخسرها قلبا وجسدا لآنه لايريد أحدهما منها دون الآخر0
- لنأخذ ابنة عمك كمثال لمصداقية فكرتي أنت الذي تستحق ان تنال قلبها وليس ذاك السافل الذي يود السوء بها0
- هي حرة في أختيار من تريد 0
- ولذلك أنا أقول بأنني على حق0
استمرا في مناقشتهما ودون أن يصلا الى نتيجة كعادتهما0
- سيماء أود ان أتحدث أليك في موضوع ما0
كلما كانت تراه كانت تتمنى أن ينشق الأرض وتبلعها ولاتراه فكيف بالتحدث معه، حقا أنها لاتتطيقه 0
- هيا أستعجل قل ما تريد0
قالتها وهي تنظر الى مكان أخر لشدة ضيقها منه 0
- أود ان أحدثك في موضوع هام يتعلق بك ولو أنني متيقن من انك لن تصدقي
ما سأقوله لك0
- هيا قل ماتريد وبأسرع ما يمكن،أختصر كلامك وكفاك لفا ودوران وأعلم حتى لو لم يبقى على وجه هذا الآرض رجلا أخرغيرك فلن أتزوجك0
(قالتها وكلها أستهزاء بأحاسيسه المعذبة)
أستفردت بها في حديثه في غرفتها لكي لايحس بهم أحد 0
- أرجوك ان لم تصدقي ما سأقوله لك فان عاقبته سيكون وخيمة جدا عليك
- أذا كنت واثقا من أنني لن أصدقك فلماذا أذن تقولها لي ؟
(قالتها متهكمة)
- لكي أريح ضميري
- ياعيني على الضمير
(قالتها ضاحكة ساخرة)
- أرجوك لاتسخري من كلامي
نظر اليها وقلبه يتوجع ويحترق نتيجة تناقض جمال ابتسامة وجههاالجميلة وقباحة مشاعرها الساخرة في الوقت ذاته

- أعلم بانك لك علاقة عاطفية لزميل لك في الدراسة0
نظرت أليه وعيناها تقدح شرر الغضب والكره وأردفت قائلة
- أذن أنت تراقبني ؟
- أرجوك دعيني أكمل كلامي
قالت وهي تصرخ في وجهه غاضبة
- لن أسمعك الأ أذا جاوبت على سؤالي
- نعم كنت أراقبك
جنت جنونها وهي تصرخ وتضرب بقبضة يدها على كتفه متسائلة

- من أعطاك هذا الحق ؟ قل لي من أعطاك هذا الحق؟

_ أبوك

- كم أكرهك وأكرهه

ثم أردفت قائلة وهي تماسك أعصابها شيئا فشيئا بالتلويح بيديها لنفسها

- حسنا !! حسنا!! أذن أنت جئت الأن لكي تهددني بأستخدامك هذه الورقة لكي تضغط علي وأخاف ومن ثم أقبل الزواج منك بالتالي0

- صدقيني أنت مخطئة أنا جئت كي أحذرك بالأبتعاد عن هذا الرجل لأنه زير نساء0

- لن أصدقك لا لن أصدقك ، حتى لو فرضنا أنه بهذا الشكل فلن أبتعد عنه أتدري لماذا ؟ لأنك أنت وأبي من جعلوني أبني معه علاقة 0

-صدقيني أنا لن أتزوجك رغما عنك مهما حاول عمي ذلك ولكنك أبتعدي عنه أرجوك لأنك لو لم تفعلي ذلك فستضيعين وتضيعينني معك أيضا0

قالها بقلب كسير ولكن لاسمع لمن تنادي لقلب تحجر بفعل الأرتجاع0

- أخرج من غرفتي هيا بسرعة

قالتهاوهي تؤشربيدها نحو الباب0

لم يحس أن درجة كرهها له وصل الى هذه المرحلة بحيث لاتحس بضياع نفسها فهي لم ترى أختلافا يذكر بين أن ينتهك جسدها صديقها الدراسي أو أن يتزوج أبن عمها بالأكراه ففي كلا الحالتين قد أغتصبت حياتها قبل أن تغتصب جدسدها0

أما صديقه جمال فهو أيضا قد أخذ اليأس منه مأخذه وهو أيضا رأى فيه

سببا رئيسيا لمعاناته الشديدة تلك سواء لشفقته عليه واشراكه في العيش معه وشرائه للوحاته ومن ثم أخفائه كأشارة له بضعفه المادي ثم بالتالي الفكري ومن جهة أخرى رؤيته له وهو يعاني الأمرين بسبب أبنة عمه التي لاتستحبذه ونتيجة ذلك أخذ يمتنع عن بيع لوحاته له أما مسألة مبيته
فهذا الذي لم يكن يجد له حلا، الأ ان شدة قنوطه أوصله الى فكرة أنهاء حياته0
ولو علم عادل بحاله تلك لما كان يتركه في ذلك المساء وحيدا في غرفته لكي
يقضي على نفسه وقد دبر خطة ضياع نفسه بدقة حيث طلب من عادل أن يدعه
ويترك له الغرفة لكي يكمل أهم لوحة في حياته لوحة الموت وهوبذلك قصد
أنهاء حياته وليس اللوحة وقبل أن يبلل البطانية الذي لف به نفسه بالنفط ترك
له رسالة الوداع خارج الغرفة التي أحترقت فيما بعد وكان مفاد الرسالة هي كالتالي :-
(عزيزي عادل اعذرني على فكرة أنتحاري والذي ٍسأنفذه بعد أكمال رسالتي
تلك ، أرجوك لاتؤنب نفسك ولاتلمني فأن هذه الحياة التي يتشبث الأخرون بها امثالك أصبحت عندي غير ذي معنى و لأن الذين يعيشونها هم نفسهم الذين يدمرونها0)
كان غرفة عادل في الطابق الثاني وعندما شم وشاهد أهله رائحة الدخان المتصاعد واللحم المحترق لجسد صديقه أتصلو به فلما عاد وبعد أن كان
الأطفائيون قد أطفئوا الحريق وأخذ أهل جمال جسده للدفن رأى صديقه قد
أكمل لوحة الموت السوداوية المتفحمة تلك على أكمل وجه بحيث ان مادة
الخام كان غرفته هذة الغرفة الذي لم يبقى منه شبر دون أن يرسمه بخطوط سوداوية والذي رسمه بفرشاةجسده وقبل أن يدخل الغرفة –المحرقة- كان دموعه
يتمرد عليه في الخروج ومما شاهده قطع الخشب المحترقة للوحاته و التي أشتراه منه وخبئه وبادر في ذهنه سؤال :-
- يا هل ترى عندما أشترى منه تلك اللوحات المتشائمة وخبئه عنه هل منعه
من الأصرارفي قتل نفسه أم أنه جعله يندفع نحو تنفيذ خطوته تلك بشكل أوثق؟ لربما كان التوجه الثاني هو الأصح0 وعندما كان يراوح في تحاليله
لسبب فعل صديقه النكراء تلك خرج الدموع من عينيه بهنيهة كأنهم ضباط
يحققون معه وقد اخذوا منه مذكرة أعتراف بكونه أحد مسببات تنفيذ فكرة
الأنتحار تلك وهو على هذا الحال وعيناه الدامعتان يرمقان اللوحات المحترقة قال :-
- لماذا فعلت بنفسك هذا ياصديقي ؟ لماذا؟
ثم أكمل كلامه وهو يصيح في الغرفة ويبكي
- جاوبني لم فعلت ذلك ؟ ثم لماذا جعلتني أترك غرفتي لكي أدعك تقتل نفسك؟
قل؟ جاوبني ؟ هيا0
حاول أهله أن يفتحوا الباب عنوة بعدما كان قد أغلقه على نفسه حينما دخل الغرفة لكن دون جدوى 0
وراودت أخته شيرين فكرة ما وهي بان تتصل بسيماء وتطلب منها النجدة لآسعاف أخيها ولم يمضي الكثير من الوقت حتى لبت هي وأهلها النداء وعندما صعدت لوحدها السلم ووصلت غرفته دقت بطرقات هادئة ثلاث مرات باب الغرفة كأنها كانت سمفونية تدق وسط نيران المدافع والقنابل في
الحروب ثم نادت عليه بصوت هادىء مرتين بحيث عندما سمع صوتها
أهتز أركان جسده وأصابته بالقشعريرة 0
- عادل !!! عادل !!!
ثم أصبحت القشعريرة كرها عميقا بعدما كان سماع صوتها يمثل له أملا عتيقا0
- عادل جاوبني ارجوك
أجابها بصوت باكي
- هل أتيت للمواساة ؟ ام أشفاقا بحالي
- عادل أنا حزين لموت صديقك وأسف لآنني لم أصد000000000
قاطع كلامها ولأول مرة يصيح وهو يشعل نارغضب رحيل صديقه في وجهها قائلا :-
- أرحلي من هنا !!! أذهبي !!! أنت وأمثالك هم من أوصلوه للموت 0
ثم كرر ليحول غضبه الى بكاء
- أرحلي !! أرحلي !!أرحلي !!
- أنا 000 أنا000
لم تستطع أكمال كلامها حيث بدأت هي أيضا بالبكاء
أما هو فقد أستلهم من دموعها القوة فصرخ وقال :-
- لاأود منك شيئا فقط أتركيني 00 أتركيني
أماهي فقد شبعت دموعها بالصياح عندما قالت
- أنا أسف 00 أنا أسف 00 أنا أسف 00 أنا أسف
أما أهليهما في ألأسفل فقد كانوا يستمعون لهذا التماوج البكائي وأحاسيس يتراوح بين عمه الذي لايستطيع كبح أبتسامته المختبئة في شفاهه والذي خبئه شارباه
أما أباه فقد كان يبكي بحرقة كأبنه لرحيل صديق أبنه
- ومن قال بأنني أقبل أسفك ؟ ومافائدة الأسف ؟ لقد رحل 00 لقد رحل 00
أما هي فقد أعتصمت أمام باب غرفته فهي أيضا مجنونة بحبه لذا كانت تصرخ وتبكي وتقول
- لن أتركك !!! أتدري لماذا؟ لآنني أحبك
أستمرا في ترنيمة البكاء الحزين والنشاز
- كاذبة !!! أعلم لماذا تقولين هذا لكي لاأفعل بنفسي مثلما فعل صديقي بنفسه
لاأودك 0
ثم ضرب بكلتا يديه باب الغرفة الشبه محترق وقد أردف قائلا:-
- أتركيني 00 أتركيني
وبدأت هي أيضا تدق الباب بكلتا يديها قائلة
- لن أتركك 000 لن أتركك لأنني أحبك
حينها أصبح وجود عازل الباب أمرا غير ذي معنى
لذلك فتح الباب وأعتروا من كل شيئ في داخلهما سوى دموعهما ، فما كان
لهما سوى أن يحتضنا بعضهما البعض بقوة وهما مازالا يبكيان بحرارة
بكاء عودة بعضهما لبعض وبكاء رحيل جمال وقالت وهي واضعة رأسها
على كتفه وهي مبللة العينان مغمضة الأجفان :-
- عندما سمعت خبر موت صديقك خفت كثيرا أن أفقدك وحينها فقط علمت كم أحبك 0






















-





#روزكار_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل من زمن أخر
- المحزن المضحك
- (المعادلة الصعبة)


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - روزكار محمد - الشر والحق فطرة أم عادة مكتسبة