أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - روزكار محمد - المحزن المضحك















المزيد.....

المحزن المضحك


روزكار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5749 - 2018 / 1 / 6 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


أحب أخي فتاة بشكل مغايرعن العلاقات الغرامية التي تحدث بين الناس لآنه كان يراها دوما ماشية في الطريق وهي عابسة ولم يكن يجرؤ أن يفاتحها بما يختلج في جوارحه بل لم يكن يستطيع حتى أن يسئلها عن سبب حزنها بل أنه خاف أن سئلها عن سبب حزنها تلك أن تصب جام غضبها عليه وبذلك يفقد رؤيته لها والى الأبد
وكان أخي بعكسها هي منطلق الوجه والبسمة لايفارق وجهه أبدا ومرة سئلته :-
- ترى ياأخي لم أعجبت بها من بين كل الفتيات التي عرفتهن؟وخصوصا أنت كاتب مشهور وتتمناك المئات من الفتيات 0
فأجابني أخي وكله منشغل بأمور حزنها
- لأنهن مجرد أشكال متبرجة بمواد التزيين وضحكاتهن ليست نابعة من أعماقهن بل تستخدمهن لأجل الأيقاع بالرجال أما هي فلا فهي شخصية نادرة –لكن الا ترى أنها جعلتك شخصا أخر أي شخصا حزينا مثلها،ومن يدري ربمالو علمت بأنك تودها سوف تكون مثلهن أيضا0
- كلا في هذه الفتاة حزن غامض جعلتها صريحة ولاتهتم بأمور الغرام0
- وماهي تلك السبب ؟
- هذا ما أود أن أعرفه
- وهل تستطيع ؟ وكيف؟
تنفس أخي الصعداء وبعد أن أخذ نفسا عميقا بسبب حزنها المجهول قال
- كوني أستطيع أترك هذا للمستقبل أما كيف فعندما أقوم به سأقول حينها لك0
كان أخي كاتبا مسرحيا ويكتب مسرحيات كوميدية بالأخص ولكنه بعد رؤيته لهذه الفتاة وهي بهذا الشكل الحزين صعبت الأمور عليه بشكل أصبح القلم لايحرك أحداث مسرحياته بشكل كوميدي كما كان في السابق وكنت عندما أراه بهذه الصورة كنت أتضايق جدا حيث كان يسهر ويدخن ليال طوال وكان يسائل نفسه :-
-كيف؟ كيف؟ كيف؟
ولكن سؤاله تلك كانت دون جواب0
وفجأة برق طريقة للخروج من حالتها الصعبة تلك في تفكيري
- أخي لقد وجدت طريقة لكي تخلص الفتاة من أحزانها تلك ومن دون أن تتدخل في حياتها مباشرة وتدخل قلبها بالتالي فقال لي وكله لهفة لمعرفة ما أفكر به 0
- -هيا قل لي بسرعة ماهي تلك الفكرة 0
سوف أراقبها وأتبعها لكي أعلم أين تسكن وعندما أعلم عنوانها سأسئل جيرانها عن حالها وبذلك أعلم ماخطبها ولماذا هي دوما حزينة بهذا الشكل
- ألن يقولوا لم تسئل عنها؟
- سأقول باننا نود ان نطلب يدها لأخي
راقت له الفكرة وبسمة أنتصار أخوية تلوح في عين كلانا0
- ثم تأتي لي بقصتها وأنا ساىشخص حالتها بقلمي ثم 000 ثم 0000
- ثم ماذا ؟ سئلته بعدما التفكير فيها أوقفه عن الكلام عنها 0
- سأدون حالتها في مسرحيتي القادمة وأضع لها الحل وأن نجحت المسرحية سأدفع جميع أرباح العرض لها ولعائلتها وبهذا أكون قد غيرت من حالها السيئ تلك وأنا متيقن بان معضلته الحقيقية هو الفقر والعوز0
تبعتها وعلمت أين تسكن كما أتفقنا مع أخي على ذلك وسئلت جيرانها عن وضعها وكان توقع اخي في مكانه حيث أنها تعمل في أحدى مصانع المدينة وهي معيلة عائلتها والتي تتكون من ثلاث بنات وأربع اولاد وجميعهم طلاب بين المرحلة الدراسية المتوسطة الى مرحلة الجامعة وكانت والداها قد فارقا الحياة منذ زمن طويل 0
وعندما حكيت له حالتها تنبأبماستكون عليها في المستقبل وطائر الحزن ما زال يرقد في عيناه
- هل تعلم لو نجح فكرتنا حينها ستحل مشكلتها ولو أنها حينها0000
خنق الخوف من المستقبل كلامه فسئلته
- حينها ماذا يا أخي ؟
- ربما سيؤدي ذلك أن تترك العمل وتتزوج رجلا من الطبقة الغنية لكي يعيل
عائلتها ولكن المهم أنها ستتحرر من الحزن والأوجاع التي تعانيها0
ولكي أخفف حزن ضياعها منه سئلته :-
- وهل ستقف بوجه هذا الزواج ان حدث ؟ وهل أنت من الذين يستغلون الحالة السيئة للأخرين لكي يحققوا فيهاعن طريقه مأربهم 0
- بدون أدنى شك كلا بل أنني أفضل ان أراها مرتاحة بعيدة عني بدلا عن أن تكون حزينة متعبة وقريبة مني 0
وهكذا بدأت مسيرة تدوين قصة حزنها الصعبة على يديه وأقول صعبة لكونه له جانبان من الصعوبة أوله كون أخي كاتبا كوميديا فكيف يتحدث عن قصة هو في غاية الحزن اما الجانب الثاني والأصعب فهو الخوف من فقدانها- وحتما هذا الحزن في مكانه- وكأنه يكتب نهايته بيديه ولكنه لم يكن أمامه حلا أخر0
ليلة تلو الأخرى كنت أراه وأنا في الخفاء دامع العين وضباب سجائره يلف غرفته ثم كان ينتقل الى الشرفة المطلة على الشارع ودموعه كان يبرق في الوقت الذي كان أضوية المصابيح الكهربائية للشارع يسلط عليه وفي هذه الأثناء كنت أبحث بشكل مضني عن حل لمعضلته ولم أكن لأجده وحينها كنت أسئل نفسي :-
- ما شأنك بها يا أخي ؟ أليست هناك غيرها في هذه الدنيا؟ ثم كنت أعود وأجاوب نفسي في نفس الوقت لو كنت مكانه لكنت فعلت الشيئ نفسه فالقلب عندما يكون فريسة للحب فهذا يعني أن هذا نهايته ،ولكن حالته صعبة جدا فكيف سيستطيع أن يكتب وهو في هذا الحال وكنت أردد مع نفسي :-
- ماذا أفعل ؟ ماذا أفعل ؟
وفجأة واتتني فكرة ما ، لم لاأعقد صفقة سرية مع مخرج مسرحيات أخي بدون علمه فمنذ الوقت الذي بدأ فيه بكتابة مسرحيته التي يتمحور موضوعه حولها كان الكلمات يستعصي عليه بحيث انه عندما كان يقترب من أملاء صفحة منه كان يعوج الصفحة تلك ويقذف به في سلة المهملات خاصته وهكذا دواليك 0
وصفقتي كان بأن أعطي للمخرج تلك الأوراق المعوجة بحيث نكمل ما بدأ به أخي وبهذا يصل الى مبتغاه طبعا مع التعديل في أجزاء رئيسية في الشخصيات وألأحداث بحيث يصبح أخي البطل الحزين والبطلة شخصية في قمة الفكاهة بل نجعلها سيدة ألقاء النكت والتندربشكل كان عائلتها ينتظرون عودتها بفارغ الصبر ليس كي يمدهم بالأكل فحسب بل كانوا يشتهون فكاهتها أكثر،قمت بهذه الخطوة وأنا كما يقولون قلبي في يدي خوفا من أن أثير حفيظة أخي لأنني ظهرته في المسرحية بهذا الشكل ولكنني كنت مجبرا لأنه أن لم أفعل هذا لما كانت المسرحية تتخذ شكلاكوميديا ولما كان سيلاقي النجاح بالتالي 0
وبعد أسبوع متعب من الكتابة أتى ألي أخي واليأس حاكم وجهه قائلا:-
- لم أستطع كتابة النص أنا أفلست يا أخي لقد أفلس أحاسيسي الضاحكة بسبب حزنها0
سئلته وأنا أتصنع الخيبة والحسرة لحاله
- كيف ؟ لايمكن هذ ؟ لايمكن أن تيأس
- بلى !
- حسنا لم لاتكتب شيئا أخر غير الحديث عن حالتها ؟
قالها والحزن لايغادر محياه
- لا ألومك على هذا القول لأنك لو عشت معاناة الكتابة لما كنت تقول هذا0
ثم أردف قائلا
- قلمي هو لساني ولساني لايستطيع أن يزيف أحاسيسي ويتصنع ماهو ليس بواقعي0
- ولكنك في السابق حولت معاناتك الى مواقف مضحكة فلماذا لاتستطيع الأن أن تفعل ذلك ؟
- نعم ! ولكن الأن الأمر مختلف
- ماذا تعني ؟
- أعني بأنني سأعتزل الكتابة وسأبلغ المخرج بذلك لكي يجد كاتباأخر بدلا عني0
كان وقع الخبر علي كالصاعقة ولكنني كنت قد نفذت الصفقة حينها مع المخرج وبهذا أكون قد انقذت موقف أخي الخطير وبدون أن يدري
- لايمكن
- بلى
ثم لكي يصبح فكرة تحوير مسرحية اخي ناجحة بشكل قطعي هتفت بوجهه
- أظن أنني وجدت مايجعل أمر معونتها أمرا ممكنا وبالشكل الذي كنت تريده 0
- ماهو هذا الأمر؟ (قالها وقد بدأ الأمل يتدفق كالدم الى وجهه)
- أنت تعلم بأن مسرحيتك الأخيرة جنت أيرادا عاليا فلم لاتجعل المخرج يستمر في عرضه وبهذا الشكل يكون بديلا للمسرحية التي لم تستطع أن تكتبها وكذلك نجعل مشاهدة العرض للعوائل الفقيرة مجانية وندعوها هي وعائلتها
فربما تكون هذه فرصة أيضا لكي تتعارفا0
- لايمكن هذا أنت مجنون!!! (قالها والفرح يتطاير من عيناه )
عندما دخل أخي بناية المسرح وشاهد ملصق المسرحية (المحزن المضحك) نظر ألي وألى المخرج ثم سألنا
- ماهذا ؟ لم غيرتما عنوان المسرحية ؟
تداركت الموقف بلمحة بصر قائلا
- أعذرني يا أخي أنا الذي فعلت ذلك لكي أغري المشاهدين بحيث يتهيأون نفسيا للضحك قبل أن يبدا العرض أنت تعلم أن هذا جزء من الدعاية0
خصصنا لأخي ولها وعائلتها المقاعد الأمامية ولما جلس أخي في مكانه
كان بوادر الحزن قد ملك ملامح وجهه حيث لم تكن قد أتت وكان هذا أول بادرة أسى 0
بدأ ستائر المسرح تتفتح وبدأ الشخصيات حواراتهم وحينها كنت في الصف الخلفي بحيث ان أخي كان ظهره علي وعلى حين غرة أدار وجهه نحوي ونظرات الغضب والنفور الناريتان تتاججان في عيناه وكنت أدرك ماكان يقوله لي عيناه بحيث أصبحت أحس أن الأرض لايحتمل وقفتي عليه أن موقفي حقا لم يكن يحسد عليه0
و لم يمضي كثيرا حتى تغير الموقف وخصوصا عندما شاهد أخي أخاها الصغير وهو منطلق في ضحكاته اللامتناهية بل أن القاعة بدأت تدوي بضحكات وقهقهات من بينها عيون كانت تدمع من شدة الضحك وبطون تتألم وتكاد تنفجر نتيجة شدة الضحك 0
وعلى حين غرة تحولت أخي نظراته الى نظرات باسمة بل أنه شارك الجمهور ضحكاتهم وبعد أن أسدل الستارعاد الممثلون والممثلات الى واجهة المسرح والجمهور يستقبلهم بالتصفيق والزهور وبعدها صعد المخرج الى منصة المسرح وبعد أن احنوا رؤوسهم للحضور نادى على أخي وهو بدوره صعد المنصة وتوجه الجمهور نحو أخي بين من يطلب أمضاءه على ظهر ورقة ملصق المسرحية وبين من يريد ان يأخذ صورة معه وصعد عائلتها الى المنصة والتقطوا معه صورة جماعية وهو يتوسطهم بوجه باسم وقلب دامع0
أما انا فقد كنت حينها في أحساسي مع قلبه أصفق له وعيناي يضحك ويدمع وشفاهي يرسم دموع الفرح0



#روزكار_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (المعادلة الصعبة)


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - روزكار محمد - المحزن المضحك