أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أبو زينب النجدي - الرِّقُّ ؛ العبوديَّة والأديان الثلاثة .















المزيد.....


الرِّقُّ ؛ العبوديَّة والأديان الثلاثة .


أبو زينب النجدي

الحوار المتمدن-العدد: 5832 - 2018 / 3 / 31 - 01:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



قضية العبيد:

لم يكن ممكنًا للشريعة اليهودية أن تمنع نظام العبودية دُفعة واحدة، لكنها التزمت بتقديم قواعد ونظم تحفظ للعبد حقه الإنساني، وتنزع عنه إلى حد كبير الجانب الإذلالي، ليعيش كإنسان وأخ تحت ظروفه القاسية. ولقد نُشِرَ هذا الخبر في الأهرام سابقًا: "تم وضع الأمريكي William Lloyd Garrison ويليام جاريسون (1805-1879) في السجن "سجن شارع ليفيريت" Leverett Street Jail سنة 1835 لحمايته من مُلَّاك العبيد لأنه كان يدعو للمساواة بين البشر". فإن كان هذا قد حدث في أمريكا سنة 1835 فكم وكم كان الوضع منذ 4000 سنة. ولكن الله استغل وضع العبيد ليشرح كيف أننا استُعْبِدْنَا لإبليس وكيف حررنا.

العبودية عند الوثنيين:

كانت العبودية عند الشعوب الوثنية رهيبة. فالقانون الروماني لم يعط أي حق مدني أو إنساني لهم. ولا يعاقب القانون السيد إن عذب عبدًا أو أمة أو قتل عبده أو اغتصب منه زوجته وكان على العبد أن يشكر سيده لأقل رحمة.


العبودية عند العبرانيين:

يحدثنا هذا الإصحاح عن حقوق العبد العبراني، إذ تميز الشريعة بين العبد غير العبراني والعبد العبراني. والعبودية عند العبرانيين كانت تتم في أحد الظروف التالية:

1. بسبب الفقر قد يبيع الإنسان نفسه أو أولاده (لا39:25 + 2مل1:4).

2. بسبب السرقة، إن لم يكن له ما يوفي فيباع بسرقته (خر3:22).

3. قد يبيع الإنسان ابنه أو ابنته عبيدًا (خر7:21، 17 + نح5:5).

4. قد يصير الإنسان عبدًا بالميلاد إذا كان والده عبدًا.

الحقوق التي قدمتها الشريعة للعبد العبراني والأَمَة العبرانية:

1. يعامل العبد العبراني كأخ وليس في مذلة (لا39:25-43). وبذلك قدمت الشريعة نظرة جديدة للعبد، إنه أخ، شريك في العبودية لله الواحد. فالكل عبيد لله، والسيد عليه أن يعامل عبده على أنه أجير (يعمل بالأجرة) وبدون إذلال.

2. نصت الشريعة على أن العبد يعتق من عبوديته في السنة السابعة من عبوديته أي بعد 6 سنوات. هنا نرى صورة لما صنعه السيد المسيح الذي أعتقنا من العبودية في اليوم السابع "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو36:8).

3. للعبد حق الخيار أن يترك بيت سيده أو يطلب أن يبقى معه كل أيام حياته فإن كان العبد يحب سيده وزوجته وأولاده عليه أن يستعبد نفسه لسيده بمحض إرادته إلى النهاية، فيقدمه سيده إلى الباب ويثقب أذنه، علامة الطاعة الكاملة. وثقب الأذن كان عادة شرقية متعارف عليها، فهم يثقبون أذن العبد. والباب كان يشير للأسرة التي التصق بها العبد. مرة أخرى نجد صورة للمسيح الذي أحب أباه وأحب عروسته (الكنيسة) وأولاده (نحن) (أف25:5-27) فصار من أجلنا عبدًا لكي يرفعنا من العبودية إلى البنوة لله .
وحيث أن ثقب الأذن صار كناية عن العبودية اختيارًا والطاعة الكاملة (لأن الأذن هي عضو السمع) صار قول داود النبي "أذني فتحت (ثقبت)" (مز6:40) نبوة عن قبول المسيح أن يتجسد آخذًا صورة عبد باختياره. هكذا فهمها بولس الرسول (عب5:10-7) تأمل "هل نقبل فتح أو ثقب أذاننا لنخضع ونسمع ونصير عبيدًا لله في حب".

4. في سنة اليوبيل وهي تأتي كل 50 سنة (كل 7 × 7 سنين) يتحرر جميع هؤلاء العبيد حتى الذين لم يكملوا السنوات الست (لا39:25، 40) هذا يرمز لعمل الروح القدس يوم الخمسين الذي يهب الكنيسة كمال الحرية في استحقاقات دم المسيح.

5. لا يخرج العبد فارغًا بعد تحرره، بل يأخذ معه من الغلات والقطيع ومن البيدر والمعصرة (لا43:25). والمسيح لم يحررنا فقط بل وهبنا غني روحه القدوس.

6. يمكن للعبد أن يتزوج ابنة سيده (1أي35:2) كما يمكن للسيد أن يتزوج الأمة أو يعطيها زوجة لابنه، ولا يحق له أن يبيع العبد العبراني أو الأمة لسيد أجنبي (خر7:21-11) بهذا تصير الأمة من أهل البيت لها كل الحقوق كأحد أفراد الأسرة. هذه صورة حيَّة لعمل الله معنا الذي قدمنا نحن عبيده كعروس لابنه، فصار لنا شركة أمجاده السماوية.

7. إن أهمل السيد أو ابنه في حق الأمة التي تزوجها، من جهة الطعام أو الملابس أو حقوقها الزوجية تصير الأمة حرة.

8. ألغيت عادة العبيد العبرانيين وحرمت تمامًا بعد العودة من السبي.

عبودية الأممي (غير العبراني):

غالبًا هم من أسرى الحرب (عد9:31 + 2مل2:5) أو مشترين (تك27:17) أو بالميلاد. لكننا لا نَشْتَّم من الكتاب المقدس ولا من التاريخ أنه كان يوجد سوق للرق عند اليهود. ونرى كيف أن إبراهيم كان ينوي أن يترك ثروته لعبده إليعازر الدمشقي. وحفظت الشريعة للعبيد حقوقهم وآدميتهم:-

1. من يسرق إنسانًا ويبيعه أو يوجد في يده يقتل (خر16:21).

2. جريمة قتل العبد تتساوي مع قتل الحر (لا17:24، 22) وحسب التلمود إذا قتل سيد عبده يُقْتَلْ السيد أما المحدثين من اليهود قالوا يدفع عنه دية.

3. إذا فقد عبد عينه أو يده يعتق (خر26:21، 27) وهذا فيه حماية للعبد.

4. أعطت الشريعة للعبيد أن يعبدوا آلهتهم الخاصة (حرية العقيدة) حتى وإن كانوا مخطئين، على أنه كان من حقْ السيد العبراني أن يختن عبيده.

5. أعطتهم حق الاشتراك مع سادتهم في الأعياد (خر10:20، 12:23).


المسيحية ونظام الرق:

لم تشأ المسيحية إثارة العبيد ضد سادتهم، فقد كان العبيد يمثلون نصف تعداد المملكة الرومانية. بل طالبت العبيد بالطاعة لسادتهم (أف5:6-8 + 1بط18:2-21) ولكنها طالبت العبيد بهذا حتى يكونوا قدوة حسنة وتكون حياتهم المقدسة مؤثرة على سادتهم لعلهم يؤمنون. ولقد أعاد بولس الرسول العبد الهارب لفليمون سيده وكانت الرسالة إلى فليمون السيد أن يحب عبده ويعامله كأخ ويحرره بإرادته المطلقة، وليس بتحريض العبد أنسيموس على الثورة والهروب. وقد حرره فليمون فعلًا. لذلك بدأ نظام الرق في الانهيار وكان هذا من أسباب ثورة الرومان ضد المسيحية. ونلخص وجهة نظر المسيحية عن نظام الرق فيما يلي:

1. ألزمت الكنيسة أولادها أن يعاملوا العبيد كأخوة لهم (1كو21:7، 22 + غل28:3).

2. السادة الذين عاشوا بروح الإنجيل حرروا عبيدهم دون وجود أمر صريح.

3. كثيرين من العبيد نالوا رتبًا كنسية عالية مثل أنسيموس عبد فليمون فقد صار أسقفًا. ومن العبيد من صاروا شهداء وكرمتهم الكنيسة وطلبت شفاعتهم.

4. الكتابات الكنسية شجعت على انهيار هذا النظام بأن طالبت أن يحسب العبد كأخ. ولقد رأى أغسطينوس أن العبودية هي ثمرة للخطية فأول مرة نسمع عن العبودية كانت مع سقوط كنعان في خطيته (تك25:9).
المصدر

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/02-Sefr-El-Khoroug/Tafseer-Sefr-El-Khroug__01-Chapter-21.html


كيف يعطي الله الحق للإنسان في أن يبيع ابنته (خر 21: 7)؟

ج: قال الكتاب المقدَّس "وإذا باع رجل ابنة أمة لا تخرج كما يخرج العبد" (خر 21: 7) والحقيقة أنه بسبب الفاقة أو الدين كان الأب حينذاك يضطر أحيانًا إلى بيع نفسه أو أولاده، كما أن السارق الذي يُضبط وليس لديه ما يُعوِض به عن سرقته كان يباع كعبد " إن لم يكن له يُبع بسرقته" (خر 21: 3) وإذًا بسبب الفاقة قد يبيع الرجل ابنته لكيما ينقذها من المعاناة التي تجوز فيها الأسرة، فتجد أسرة بديلة تخدم فيها وتوفر لها قوتها واحتياجاتها. كما أن الرجل الذي يأخذ البنت كأمة قد يتزوجها أو يُزوجها لابنه، فتسكن مع زوجها طوال حياتها، وإن طلقها يمنحها حريتها. أما إذا بيعت الابنة كأمة ولم تتزوج من رب البيت ولا أحد أبناؤه فأنها تخدم في بيت سيدها كأجيرة، ويُطلَق سراحها بعد ست سنوات أو متى حلت سنة اليوبيل أيهما أقرب.

والسيد الذي يقتني آمة ويتزوجها، فأنه يلتزم بإيفاء احتياجاتها وإلاَّ يطلق سراحها "لا يُنقص طعامها وكسوتها ومعاشرتها. وإن لم يفعل هذه الثلاث تخرج مجانًا بلا ثمن" (خر 21: 10، 11) وإن ساءت في عيني زوجها فأنه يطلقها حرة " إن قبحت في عيني سيدها الذي خطبها لنفسه يدعها تُفك. وليس له سلطان أن يبيعها لقوم أجانب لغدره بها" (خر 21: 8).


https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/677.html



العبودية في الإسلام
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أَعتَقَ رقبة مسلمةً، أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى فرجَه بفرجه» [رواه البخاري ومسلم]. يدعى البعض على الإسلام أنه غير صالح على امتداد الزمان والمكان وذلك لأنه أحل الرق وأقره وهذا لا يناسب سوى العقلية المنغلقة في العصور القديمة، ثم إن الرق قد بطل العمل به وانقطع فكيف لم يذكر الوحي هذا مع افتراض علمه ببطلان الرق مستقبلاً؟! وللإجابة عن هذه الفرية نقول بحول الله وقوته: أولا: نقول أن الرق ليس مشكلة إسلامية فيلقى باللائمة فيها على الإسلام إنما هو مشكلة إنسانية ناتجة عن الصراع والتدافع الإنساني، فلا يوجد نص في القرآن أو السنة يأمر بالرق أو يحث عليه بل نجد النقيض من هذا كما سنرى، فالرق معروف ومعمول به في كل الديانات والمذاهب السابقة للإسلام؛ فقد كان الرق عند قدماء المصريين آلة للعمل كحرث الأرض وعمارتها بالزرع وإقامة الدور وحمل الأثقال، ويعدون الرقيق بمنزلة الدواب. والقرآن وكتب اليهود والتاريخ القديم لا تزال تذكرنا بما سامه فرعون لليهود وهم أرقاء لديه. وعند اليهود: لا يحرم سوى استرقاق اليهود لبعضهم فقط، بينما نرى الكتب المقدس يبيح ليهود استرقاق جميع الأمم "44 و أما عبيدك و إماؤك الذين يكونون لك فمن الشعوب الذين حولكم منهم تقتنون عبيدا و إماء* 45 و أيضا من أبناء المستوطنين النازلين عندكم منهم تقتنون و من عشائرهم الذين عندكم الذين يلدونهم في أرضكم فيكونون ملكا لكم* 46 و تستملكونهم لأبنائكم من بعدكم ميراث ملك تستعبدونهم إلى الدهر و أما إخوتكم بنو إسرائيل فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف* 47" (سفر اللاويين 2544). بل إن الفكر السياسي اليهودي قائم على قضية الرق وهي دعوة نوح على ابنه حام أن يكون ابنه عبدا لأعمامه سام ويافث كما في سفر التكوين 9/ 25- 26 -" ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته ، وقال : مبارك الرب إله سام ، وليكن كنعان عبداً لهم . وفي الإصحاح نفسه / 27 /: "ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبداً لهم". وفي المسيحية لا نرى الأمر يختلف فبولس مؤسس المسيحية ينصح العبيد بحسن السمع والطاعة لأسيادهم ويؤكد فيقول: "أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد، بخوف ورعدة، في بساطة قلوبكم كما للمسيح، لا بخدمة العين كمن يرضي الناس، بل كعبيد للمسيح، عاملين بمشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب، ليس للناس" (رسالة افسس 65). وكما يقول الدكتور "جورج بوست" في (قاموس الكتاب): "إن المسيحية لم تعترض على العبودية من وجهها السياسي ولا من وجهها الاقتصادي، ولم تحرض المؤمنين على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية، حتى ولا المباحثة فيها، ولم تقل شيئاً ضد حقوق أصحاب العبيد، ولا حركت العبيد إلى طلب الاستقلال، ولا بحثت عن مضار العبودية، ولا عن فساوتها ولم تأمر بإطلاق العبيد حالاً، وبالإجماع لم تغير النسبة الشرعية بين المولى والعبد بشيء، بل بعكس ذلك فقد أثبتت حقوق كل من الفريقين و واجباته". ولو تحدثنا عن الرق عند اليونان والرومان والفرس والعرب لطال المقام، وحسبنا أن لا احد يكابر في شيوع الرق في هذه الأمم وسوء معاملته بينهم. أما موقف الإسلام من الرق فينبع من تصوره لهذه المشكلة؛ فالإسلام ينظر إلى الرق باعتباره نتيجة حتمية للصراع بين البشر وهذه النتيجة رسخت في الأذهان والمعتقدات على مر آلاف السنين، ولهذا تعامل معها الإسلام بخطة لا تتجاهل الواقع ولا تقفز عليه.. وأيضا لا تعترف به على النحو الذي فعلته المسيحية. وعلى ثلاثة مراحل استطاع الإسلام أن يقيم نظامه الخاص بالرق وهو أعلى نظام يمكن تحقيقه في واقع البشرية كما سنرى: المرحلة الأولى: تحسن حال الرقيق ورفعهم للمستوى الإنساني. الثانية: تضيق مصادره وحصرها فيما يخرج بالرقيق عن الصفة الإنسانية. وبعد هذه تأتي الخطوة الرئيسية وهي تحرير الرقيق. ففي الجانب الأول: تحسين معاملة الرقيق نظر الإسلام إلى الرقيق لا على أساس دينه، أو لونه، أو عرقه، وإنما على أساس بشريته المحضة، وكل التوجهات والأوامر الإلهية في هذا الصدد ارتكزت على بشرية الرقيق لا غير، وعلى سبيل المثال فبدأ الإسلام بتغير الاسم وتصحيحه. - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي، كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي» [رواه مسلم]. - ثم إيجاد الوضع الاجتماعي المناسب لهم في زمرة الواقع الإنساني وقتها فقال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [سورة النساء: 36]. - ثم إيجاد الكرامة والحرمة الشرعية و الاجتماعية له: عن أبي هريرة قال: قال َ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قذف مملوكه، وهو بريء مما قال، جلد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال» [رواه البخاري]. عن سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ» [مسند أحمد - (41/93]. - ثم ضمان حقهم في الاحتياجات المعيشة بالمستوى الإنساني المطلوب: عن المعرور بن سويد قال: دخلنا على أبي ذر بالربذة فإذا عليه برد وعلى غلامه مثله فقال: "يا أبا ذر لو أخذت برد غلامك إلى بردك فكانت حلة، وكسوته ثوباً غيره؟"، قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليكسه مما يكتسي، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه» [رواه البخاري وأبو داود]. وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين، فإنه ولي علاجه» [رواه البخاري]. وفي الخطوة الثانية قام الإسلام بتضيق المدخل إلى الرق، وتوسيع المخرج منه؛ فالمدخل إلى الرق قبل الإسلام كان مفتوحاً على مصراعيه؛ فهناك الرق بالبيع كأن يبع الإنسان احد أقاربه، والمقامرة كان يؤخذ الخاسر عبدا للفائز، والنهب والسطو على القوافل والضعفاء واسترقاقهم وبيعهم لجني المال، ووفاء الدين كان يؤخذ المدين عبدا للدائن، والحروب كالأسرى وملك اليمين، وقد حرم الإسلام جميع هذه الأوجه؛ جاء في الحديث القدسي يقول الله تعالى: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره» [أخرجه البخاري]. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دباراً - بمعنى بعد خروج وقتها - ورجل اعتبد محرراً» [رواه أبو داود وابن ماجه وضعفه الألباني]. فلم يبقي مدخلا للرق سوى أسرى الحرب، فأتى الإسلام عليهم فوضع لهم ثلاث خيارات بإذن ولي الأمر: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: من الآية4]. فالمن بالطلاق السراح بلا مقابل أو قبول الفداء، وإطلاق السراح أو الاسترقاق وفقا لقواعد الإسلام الإنسانية في التعامل مع الرقيق. ثم قام الإسلام بتوسع المخرج وأسباب العتق ومنها: - جعل العتق من القربات العظيمة إلى الله: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أَعتَقَ رقبة مسلمةً، أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى فرجَه بفرجه» [رواه البخاري ومسلم]. جعل العتق أحد مصارف الزكاة الثمانية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة: 60]. قال يحيى بن سعيد: "بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية، فجمعتها، ثم طلبت فقراء نعطيها لهم، فلم نجد فقيراً، ولم نجد من يأخذها منا، فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس، فاشتريت بها عبيداً فأعتقتهم". - جعل العتق كفارة للطم العبد أو ضربه: عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: «من لطم مملوكاً له أو ضربه فكفارته عتقه» [صححه الألباني]. - جعل العتق واجبا في بعض الكفارات مثل: . في القتل الخطأ: {مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [سورة النساء: من الآية92]. . وفي الظهار: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [سورة القصص: من الآية3]. . وفي الحنث في اليمين: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: من الآية89]. كذلك جواز الزواج من الرقيق، وهو من أهم أسباب العتق: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ...} [سورة النساء: 25]. وقال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، والعبد المملوك إذا أدى حقَّ الله وحقَّ مواليه، ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران» [رواه البخاري ومسلم]. - وأخيرا وضع الإسلام القرار في يد الرقيق أنفسهم فشرع لهم المكاتبة مع المالك للعتق {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: من الآية33]. فما على الرق إذا أراد الحرية إلا أن يأتي سيده ويخبره بما يريد ويتفق معه على قيمه مالية يسددها العبد من عمله الخاص -الذي يفسح له السيد وقتا له - ويكتبا بينهما كتابا يشهد عليه الناس، وبعد سداد الرق للقيمة المالية يكون حراً، ثم تختم الآية الكريمة بما يوضح الهدف من المكاتبة فتقول: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، فالسيد يعطي عبده مالا بعد عتقه ليستعين به على بدْء حياته الجديدة، وهذا يوضح أن المكاتبة ليس الهدف منها المال وإنما اعتماد الرقيق على نفسه في تحرير نفسه لتعظم عنده الحرية فيصونها ويحفظها لنفسه وللمجتمع. ويمضى الإسلام فيما هو أعظم من هذا فينسج علاقة جديدة وفريدة بين المحرر وبين سيده السابق وهي "الولاء" الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: «الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَة النسب» [صححه الألباني]. ليجد المحرر له نسبا وأصلا بين الناس، ووعاءاً اجتماعياً بشرياً يحتضنه ويحتويه كباقي البشر، ويتعدى هذا الوعاء مجرد الاسم المعنوي، ليجد الرقيق المحرر نفسه في قائمة الورثة الشرعيين بترتيبهم الشرعي المعتبر. وأخير نقول: كان سهلا على الإسلام أن يحرر الرقيق بكلمة يقولها، لكن ما النتيجة دون معالجة الحالة النفسية للمجتمع تجاه الرقيق؟! ، وما النتيجة دون ضمان الوضع الاجتماعي لهم بعد التحرير؟!، وما النتيجة دون معالجة الحالة النفسية للرقيق أنفسهم؟! ما زلت أذكر حين قام أبراهام لنكولن بتحرير الرقيق بجرة قلم، لقد ظل السود في أمريكا إلى هذه اللحظة أرقاء أمام المجتمع وأمام الدولة، بل وحتى أمام أنفسهم، ولا نعجب إذا عرفنا أن العبيد في أمريكا قاموا بمظاهرات بعد عتقهم بشهور يطالبون بعودتهم إلى العبودية مرة أخرى لأنهم لازالوا عبيداً أمام أنفسهم وأمام المجتمع، لكن الإسلام بمنهجه المحكم وتشريعاته الحكيمة ومصدره الرباني هو وحده الذي استطاع معالجة هذه الظاهرة. وبعد هذه الرحلة المختصرة يحق لنا أن نتسأل... هل في الدنيا العريضة أعظم من هذا الدين؟
المصدر: طريق الإسلام خالد حربي 36 127,603

رابط المادة: http://iswy.co/e49qg



رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 6
5 أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، فِي بَسَاطَةِ قُلُوبِكُمْ كَمَا لِلْمَسِيحِ
6 لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اللهِ مِنَ الْقَلْبِ،
7 خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ كَمَا لِلرَّبِّ، لَيْسَ لِلنَّاسِ.
8 عَالِمِينَ أَنْ مَهْمَا عَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَيْرِ فَذلِكَ يَنَالُهُ مِنَ الرَّبِّ، عَبْدًا كَانَ أَمْ حُرًّا.



#أبو_زينب_النجدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المانويَّة والعقائد المسيحية . 1


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أبو زينب النجدي - الرِّقُّ ؛ العبوديَّة والأديان الثلاثة .