أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - نصب الحرية المظلم














المزيد.....

نصب الحرية المظلم


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5831 - 2018 / 3 / 30 - 12:53
المحور: الادب والفن
    


قبل سنوات قادتني قدماي وأنا أُعاني الإغتراب في داخل وطني إلى نصب الحرية المضاء دائماً أو هكذا رسخ في خيالي . كان الوقت مساء والسماء وردية إمتلأت بالشهب ولا أدري هل هي ساقطة من السماء أم من الأرض . أقتربت من صندوق ذكرياتي وإقتربت رويداً رويداً ، تمعنت في وجه كل فرد من أعضاء نصب الحرية ، كان الكل بعين واحدة وبالكاد إلتقطت تقاطيع وجوههم ، كانت الوجوه مظلمة رغم الإنارة التي من حولها ، لكن الشارع كان معتماً وخاوياً كبيت مهجور ، تسمع فيه نبض قلبك تختلط بأصوات الصراصير الصيفية . كان تحت النصب قطة تموء تنفش ركام المزبلة . كنت أظن هذا الشارع لن تتجول فيه الكلاب بعكس شوارع بغداد المظلمة إلا أني سمعت من بعيد عواءهم . فتحت كامرتي لكن العواء إشتد فأقفلتها ورحت أعدو سريعاً نحو السيارة . كان عليّ العودة لوحدي ، لم يرافقني أحد والكل إعتقد بأني متهورة منذ سنوات ، ومع أني عشت الغربة كاملة أخرج لوحدي وآكل وحدي وألعن من أرسلني إلى هنا ، أرتجف برداً وحدي ، إلا أنني ما زلت أتذكر شمس العراق الدافئة والتي كنت أتمنى أن تسقط يوماً فوق غرفتي . كنت ودودة مسالمة إلا أني كنت أجمع في داخلي كماً من الغضب يكفي لأن يحرق بلداً ، كان من حولي الكثير من الوحوش الكواسر ، ولم أكن أملك غير مفتاح غرفني ، وحينما قررت العودة لكي أشم رائحة الطيب العراقي لم أستطع تمييز الرائحة بين روائح الحرائق والمزابل ، وعدت وكأني أخطأت العنوان ، وقد أنزلتني الطائرة في كوكب آخر لا أعرف فيه أحد . كان الغبار يُعتم الوجوه ولم أستطع أن أرى من أحبه ولا ما أحبه ، وكل ما رأيته كرهته لأنه لا يشبه ما كان ولا ما تمنيت . كنت أود أن أودع النصب الذي طالما بهرني وأخشعني إلا أنني لم أجده ، لم يتبق سوى الأعمدة الحديدية ولا يُسمع من حوله سوى صوت صدى الهتافات من شارع قديم يسكنه المهمشون ، كنت أعتقد وأنا صغيرة بأن وجوه النصب هي من الذهب الخالص من شدة لمعانها ، تمتمت مع نفسي بكلمات أحرقت أحشائي .
من أي زاوية أنظر إليك
هل أنت وحي ومضى
أو سحاب الغيث في شعر المتنبي
من أي زاوية أهرب
ربما منك إليك
إن روحي تكره الظلمة دوماً
لذا قررت النزوح
كان يوماً ثلجياً لا حب فيه
كان دمعاً قاتماً من عين أمي
كان دمعاً لا يجف
ظل عقوداً وعقود
حتى إمتلأت منه مدينة السلام
وأغرق وادي السلام ورُفاة الميتين
ذلك الدمع لم يجف
قالوا إنه نضح السماء
لكنه كان دمعاً لا يجف فوق أشلاء المدينة
كان يوماً آخراً ثلجياً
يوم قررت التلاشي نحو بيت في جبل
فهنا غربة تقتلني
وهناك بيتي في جبل صنعت منه وطن



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال التوحد هم نتاج صراعاتنا
- قراءة نقدية للمجموعة القصصية ( غسل العار ) للقاصة صبيحة شبر
- حين بكى البابا على فقراء المسلمين .
- الإرجوحة
- لونوا العالم بالبرتقالي
- حين ضاعت المرأة العراقية على طاولة الصراع البرلماني
- الأطفال وقود النزاعات
- لماذا نقتل أطفالنا
- الجذور التحتية للقاعدة وداعش
- أمهات الدواعش
- واقع المرأة العربية المعاصرة
- قراءة نقدية لكتاب قواعد العشق الأربعون
- الولد الذئبي
- عرس الدم في الموصل
- لماذا تُختن المرأة في المجتمعات الشرقية
- لماذا يُدمن الشاب العراقي على المخدرات
- حينما يُظلِم المرء من الداخل هل يبحث عن البريق
- لماذا يضع الإرهابيون اللثام
- جيل الملاجيء
- لماذا لا يتخلص العرب المحدثون من سيف تأبط شراً .


المزيد.....




- جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط ...
- عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل ...
- الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة ...
- رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت ...
- أدب إيطالي يكشف فظائع غزة: من شرف القتال إلى صمت الإبادة
- -بعد أزمة قُبلة المعجبة-.. راغب علامة يكشف مضمون اتصاله مع ن ...
- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- صدر حديثا ؛ إشراقات في اللغة والتراث والأدب ، للباحث والأديب ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - نصب الحرية المظلم