أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حبش كنو - دراسة عن تنظيم القاعدة والعمال الكردستاني كنموذجين في الحرب السورية















المزيد.....


دراسة عن تنظيم القاعدة والعمال الكردستاني كنموذجين في الحرب السورية


محمد حبش كنو

الحوار المتمدن-العدد: 5829 - 2018 / 3 / 28 - 20:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع إنطلاقة أحداث الربيع العربي جهزت كل التشكيلات التي كانت تعمل في الظل نفسها ليكون لها دور في التغييرات الجديدة التي تحدث في المنطقة ومن أهم هذه التنظيمات حركة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وحزب العمال الكردستاني وحزب الله والحوثيون .

الأرض السورية كانت المسرح الأكبر والأبرز للتغييرات الجديدة في المنطقة وكان أهم اللاعبين الذين تم استدراجهم هم تنظيم القاعدة وحزب العمال الكردستاني والذين اصطدما ببعضهما و خاضا معارك كبرى على الأرض السورية وسندرس هاتين الحالتين كنموذجين بما حققاهما من نجاحات وفشل طوال سبعة أعوام من الأزمة .

بداية كان من مصلحة النظام أن يستدعي تنظيم القاعدة ويخرج قادتها من السجون مع إنطلاقة الأحداث ثم يسلم المناطق الكردية لحزب العمال الكردستاني ثم يوجد الإصطدام بينهما وينقل الأزمة التي نشأت في خاصرته إلى المناطق الشرقية والشمالية وعندما تدخلت الدول الخارجية في الأزمة السورية اعتمدت هي أيضا على التشكيلات الموجودة على الأرض بما أنها واقع مفروض وحاول كل طرف أن يستميل فصيلا ما إلى جهته بالتمويل والسلاح لتنفيذ أجنداته بما يناسب مآربه .

بالنسبة لتنظيم القاعدة فقد استطاع أن يخترق صفوف المعارضة السورية وانقسم عدة تقسيمات كما تنقسم الخلية الواحدة داخل جسم الإنسان وذلك في أسلوب ذكي بحيث يكون له دور ما مهما تم استبعاد إحدى التقسيمات ورغم أن طرفه الأكثر تطرفا ( تنظيم داعش ) قد فشل في كسب الشرعية إلا أن التشكيلات الأخرى التي أنشأها استطاعت أن تكسب شرعية حقيقية وشكلت تكتلات وتحالفات مع فصائل أخرى منشقة عن الجيش السوري أو مشكلة من طرف الإخوان المسلمين وقد أنشأت حركة أحرار الشام بيد القاعدة بالتعاون مع حركة الإخوان المسلمين وغيرت جبهة النصرة من اسمها وجلدها عدة مرات حتى اضمحلت داخل تشكيلات المعارضة السورية ونجحت في ذلك إلى حد بعيد .

كل فصائل المعارضة السورية لم تخرج عن نهج القاعدة سواء بالفكر أو التوافق اللوجستي واغلب زعماء الفصائل كانوا من قيادات الجماعات الإسلامية التي حاربت سابقا في أفغانستان ومصر والجزائر وعدة دول أخرى .

العجيب هنا أن القاعدة استطاعت كسب شرعية مهمة وأصبح لها جهة سياسية هي الإئتلاف ودول داعمة وشخصيات يتم أخذها للمؤتمرات الدولية مثل جنيف لتفاوض النظام على إيجاد حل في سوريا وهذا ما فشل فيه حزب العمال الكردستاني ولم يتم استدعاؤه حتى الآن إلى أي مؤتمر دولي ليكون جزءا من الحل رغم كل الإنتصارات التي حققها على الإرهاب ولعل هذه النقطة تحتاج شرحا مستفيضا لمعرفة الأسباب .

البرنامج الدولي في المنطقة فيما يبدو أنه لم تكن لديه مشكلة في أن تكون هذه التشكيلات الموضوعة في قائمة الإرهاب الدولية جزءا من الحل في المنطقة لكن شريطة أن تكسر قوقعتها الأيديولوجية وتغير من جلدها وللتخلص من الإشكاليات القانونية لا بأس أن تغير من اسمها أيضا وهذا ما فهمه تنظيم القاعدة سريعا أو ما فهمته المعارضة السورية سريعا فسعت إلى إقناع تنظيم القاعدة بتغيير نفسها وهو المبدأ الذي تكلم عنه معاذ الخطيب في مؤتمر الدار البيضاء حين كان رئيسا للإئتلاف وسماه بمبدا المناصحة حيث دافع عن جبهة النصرة وقال بأنهم سيجرونهم للإعتدال بمبدأ النصح والإرشاد وقد استطاعت المعارضة فيما بعد تأمين غطاء شرعي للقاعدة في سوريا حيث أن كتائبها متداخلة ولا يمكن فك ارتباطها عن بعضها أبدا واستطاعت جبهة النصرة الذوبان في هذه التشكيلات وأصبحت لأحرار الشام وجيش الإسلام الذين يعجان بأفراد القاعدة والمتحالفين مع النصرة تمثيل في المحافل الدولية .

تم اختيار نفس النهج لحزب العمال الكردستاني وأصبح هناك شيئ في سوريا اسمه حزب الإتحاد الديمقراطي ( ب ي د ) وقوات لها شرعية اسمها وحدات حماية الشعب الكردية التي أصبحت لها سمعة دولية ومحلية وشعبية جيدة جدا وأصبح الغرب يدافع عنها في المحافل الدولية وينفي ان تكون لها علاقة بحزب العمال المردستاني وحدثت بين الغرب وتركيا بسبب ذلك صولات وجولات واتهامات لكن حزب العمال الكردستاني أحرج الغرب كثيرا وأصر في كل مرة ليس فقط على ارتباطه بحزب الإتحاد الديمقراطي بل بأنهما كتلة واحدة لا تنفصلان .

خلال سبع سنوات من الأزمة السورية لم يستطع حزب العمال الكردستاني كسر قوقعته الأيديولوجية ولا إيجاد شرخ بسيط فيه ولا تغيير إسمه ولا شعارته ولا راياته ولا نظامه الداخلي ولا طريقته الإعلامية ولا كوادره تماشيا مع التطورات الدولية الجديدة التي تحدث في المنطقة خاصة أن المجتمع الدولي جعله جزءا من الحل في خارطة الشرق الأوسط الجديد .

معركة كوباني كانت مرحلة جديدة للتعاطي الدولي مع حزب العمال الكردستاني حيث دعمه الغرب إعلاميا وعسكريا بما لم يدعم به أحدا من قبل ومن بعد وجند له الدول الخليجية بما فيها قطر والسعودية والإمارات والأردن وستين دولة لدعمه جويا بطائراتها ضمن قوات التحالف وكذلك تمويل المعارك ضد داعش ولم يقترب من امبراطوريته المالية وجند له البيشمركة وقوات من فصائل المعارضة وأجبر تركيا على خدمته في معارك كوباني وجند له الأرض والسماء بما فيها قوات كوماندوس فرنسية وأمريكية و هي التي نفذت غالبية المعارك على الأرض لكن الحزب الأم تناسى كل ذلك وأصر أن كل هذه الإنتصارات جاءت بسبب رجل مسجون في جزيرة معزولة ربما لا يدري شيئا أساسا عن سير هذه الأحداث .

استغل الحزب كل ذلك للدوران حول نفسه والإصرار على أن زعيمه المسجون عبدالله أوجلان أهم لديه من كل ذلك وفي كل مظاهرة كانت تخرج في الداخل او في دول الغرب كان رفع صور القائد أهم من رفع لافتات تدل على سبب المظاهرة حتى أن أيقونة كردية مثل بارين كوباني والتي تم التمثيل بجسدها من قبل مرتزقة أرضوغان لم يتم رفع صورها في أية مظاهرة لهم رغم التعاطف الدولي معها ومن الجدير بالذكر أن أنصار القاعدة لم يرفعوا صور بن لادن في مناطق نفوذهم إلا في حالات ضيقة لا تذكر وكان ذلك وعيا سياسا منهم أما في حالة العمال الكردستاني فمن المؤكد أن هذا لم يكن جهلا بل شيئا مقصودا حيث إنهم بذلك يوجهون رسالة للمجتمع الدولي بأهمية هذا الرجل عندهم أكثر من كل الإمتيازات التي منحها المجتمع الدولي لهم أو للشعب الكردي وفيما يلي سنعرض الأخطاء الكارثية التي ارتكبها حزب العمال الكردستاني طوال سنوات الأزمة .

قبل البدء في ذكر هذه الأخطاء لا بد من مقارنة وضع هذا الحزب قبل سنوات بوضعه الحالي لتبيان كيف أدت أخطاؤه إلى تحجيم نفوذه فقبل سنتين حقق إنجازات انتخابية ضخمة داخل تركيا و اصبح مسيطرا على مساحات كبرى داخل العراق وسوريا و غدا له ثقل في محاربة داعش وعلاقات قوية مع روسيا حيث عقدت روسيا قبل عام تحديدا اتفاقية مع قوات الحماية الشعبية في عفرين على دعمها وتدريبها على المهارات القتالية الحديثة وإيصال عددها إلى مئة ألف مقاتل وحدثت أزمة بين تركيا وروسيا بسبب ذلك بينما كان الدعم الأمريكي بلا حدود حيث تتدفق الأسلحة بلا انقطاع وقبل فترة وجيزة كان من المقرر إنشاء قوة حدودية مدربة قوامها ثلاثون ألفا لحماية الحدود لكن اليوم تم تحجيم الحزب واعتقال قيادات حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا وخسارة عفرين ومناطق مهمة في حلب وكذاك خسارة نفوذه في شنكال بينما انحسر داخل شرق الفرات مع تفاهم أمريكي وغربي للعمليات التي أطلقتها تركيا ضده و عدم وضوح الرؤية الأمريكية للدفاع عنه شرق الفرات وفيما يلي الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع :

1 - التمرغ في وحل اليسار الماركسي الثوري

يعلم الجميع أن الحركات اليسارية الثورية قد انقرضت من جميع دول العالم وخاصة بعد انهيار الإتحاد السوفيتي الذي انتهج هو نفسه برنامجا غربيا رأسماليا وانفتح على الغرب لكن العمال الكردستاني لم يتخل عن هذه الأيديولوجية رغم أنه يعلم جيدا أن الغرب عمل كل ما في وسعه للقضاء على هذه الحركات بما فيها دعم الحركات الراديكالية الإسلامية في آسيا والعالم الإسلامي لتكون حائط صد ضد الشيوعية كما حدث في أفغانستان ثم إطلاق يد الوهابية في الجمهوريات السوفياتية بعد انهيارها حتى لا تعود للشيوعية ما يدل على أن الحركات اليسارية أشد خطرا لدى الغرب من الحركات الإسلامية ولذلك يضع جهاز الإستخبارات السويدي حزب العمال الكردستاني على رأس قائمة أخطر المنظمات الإرهابية في تقريرها كل عام حتى في عز تمدد دولة داعش فإنها لم تأخذ الأولوية منها في تقريرها السنوي .

الجمود الذي أصاب الحزب بعد اعتقال أوجلان وتحكم الطغمة اليسارية المؤدلجة فيه وخاصة منظمة أوروبا للحزب وتحالفهم مع أفشل الأحزاب اليسارية في الغرب والتي لا تملك غالبا عضوا واحدا في البرلمانات الأوربية أفقده الفعالية داخل المجتمعات الأوربية وظل يعمل كاحزاب الظل من وراء الكواليس .

2 - الفشل الإعلامي

رغم ان الحزب يمتلك قاعدة إعلامية ممولة جيدا إلا أنها لم تضف جديدا إلى ظرف المرحلة وظل بشكله الخشبي القديم موجها إلى الطبقات الدنيا من المجتمع بينما لم يستطع مخاطبة الغرب حيث لا يمتلك الحزب حتى الآن رغم كل موارده في أوروبا موقعا واحدا ينطق باللغة الإنكليزية أو الألمانية سواء كان راديو أو تلفزيون أو حتى صحيفة أو موقع إلكتروني بينما إعلامه الناطق باللغة الكردية موجه في غالبيته لمحاربة الأحزاب الكردية الأخرى و محاولة بناء عقلية إستفرادية للحزب الواحد والحاكم الواحد وإنشاء جيل من المبرراتية مصابة بالعمى الأيديولوجي تهاجم كل من ينتقد الحزب حتى لو كان ذلك الإنتقاد في صالح الحزب نفسه .

3 - إفشال المشروع الغربي في بناء نسخة مطورة ومحدثة من حزب العمال الكردستاني .

حين رضي الغرب بأن تكون مفاتيح المناطق الكردية في سوريا بيد العمال الكردستاني فإنه أراد ان يخلق نموذجا جديدا عنه هو حزب الإتحاد الديمقراطي وقوات جديدة وكما أسلفنا فقد دافع المسؤولون الغربيون بشدة عن هذه التشكيلات الجديدة واعتبروها غير مرتبطة بالعمال الكردستاني لأن ذلك سيسبب الحرج لأمريكا وأوروبا كونها تدعم تنظيما إرهابيا و كم رأينا ديفيد بولوك اليهودي الأمريكي مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى والناطق باللغة العربية يدافع عن الإتحاد الديمقراطي وينفي أية صلة له بالعمال الكردستاني وكذلك فعل كبار المسؤولين في العالم بمن فيهم المسؤولون الأمريكيون الذين صرحوا في أكثر من مناسبة بعدم وجود هذه العلاقة لكن الحزب أفشل هذا المخطط الغربي وأحرجهم وأصر دائما على رفع صور أوجلان بكثرة في المناطق الكردية بمناسبة وبدون مناسبة بما فيها رفع صورة كبيرة له في ساحات الرقة والتي أخذت ضجة إعلامية كون العالم كله كان يراقب إعلان الإنتصار في الرقة وكان ذلك بمثابة إرسال رسالة و إعلان نهائي أن حزب العمال الكردستاني هو صاحب القرار في كل شيئ خاصة أن صالح مسلم والذي من المفروض أنه يمثل الإتحاد الديمقراطي لم يكف في أية محاضرة من محاضراته في أوروبا عن الزج باسم أوجلان والتركيز الأكبر على فلسفته وهو ما سبب الإحراج لدوائر القرار الغربية ما جعل الغرب يصرح الآن ويقول بأننا فشلنا في فك هذا الإرتباط وفي اعتقادي أن الحزب كان يحاول فرض نفسه بصيغته القديمة كمحاولة لرفع إسمه من قائمة الإرهاب الدولية مع أنه لم يكن محتاجا لذلك لو اضمحل في التشكيلات الجديدة فالنتيجة واحدة في كل الأحوال وهو لم يقدم ما يخرجه من دائرة الإرهاب سوى تقديم نفسه للغرب بأنه يحترم حرية المرأة وتناسى أن الغرب موجود على الأرض ويرى أيضا مسألة تجنيد القاصرات .

4 - الإعتماد على الفاسدين وتهميش الكوادر المتعلمة

لا شك أن أكبر خطأ وقع فيه الحزب هو اعتماده على الكوادر السيئة في إداراتها وتهميش المتعلمين والأكاديميين رغم ان الكرد السوريين قد حدثت عندهم طفرة تعليمية منذ التسعينات وأصبحنا أمام كم هائل من أصحاب الشهادات العليا لكن الحزب جعل المناطق الكردية في سوريا رهينة لكوادره التي كان يرسلها من قنديل وهم في غالبيتهم أميون أو حاصلون على الشهادة الإبتدائية على أكثر تقدير بينما ظل المسؤولون في الإدارة الذاتية من الكرد السوريين مجرد ديكور شكلي و هيمن من يعملون في الخفاء على كل القرار وظل الفساد هو السمة الأبرز للإدارة وفي كل نقاشاتنا مع قياداتهم كانوا يقولون بأن هذه حالة مؤقتة كوننا في حالة حرب وسيتم الإصلاح مستقبلا لكنهم تناسوا أن الفاسد ربما يبيع وطنا في حالة الحرب فاللصوص ابدا لا يحمون الأوطان .

5 - توزيع البيض على السلال

سياسة توزيع البيض على السلال سياسة تتبعها الدول القوية المتمكنة وليست الأحزاب التي لم تصل إلى الحكم بعد كما حال العمال الكردستاني الذي أبقى على علاقاته مع روسيا والنظام وإيران وأمريكا وأوروبا والخليج والدولة العراقية والشيعة والسنة وكل المتصارعين على الأرض السورية بكل ما يحملون من تناقضات ما جعل كل جهة تحجم من نفوذه على حدة إنتقاما من الطرف الآخر لان هذه السياسة سياسة ذو حدين فإما ان تنجح فيها أو تنقلب ضدك وحتى بعض الدول الكبرى تفشل فيها لذلك تبقي دول عظمى بيضها كله في سلة واحدة كما هو حال اليابان وكوريا الجنوبية مع أمريكا ولو وقف العمال الكردستاني مع جهة واحدة كتحالف استراتيجي في الأزمة السورية لكان أنجع له حتى لو كانت هذه الجهة هي النظام السوري كما فعل حزب الله بشكل واضح وصريح وللعلم فقد ادت هذه السياسة إلى إيجاد أجنحة موالية لكل دولة داخل الحزب وهذا ما أدى إلى خسارات كبيرة مثلما فعلت الجهات الموالية لروسيا وإيران في عفرين من صفقات مشبوهة ربما تتكشف في قادم الأيام ويؤدي صراع الأجنحة الموالية أحيانا إلى عمليات تصفية واغتيالات تقيد غالبا ضد مجهول لكن الرسالة تصل للجهة المستهدفة .

6 - عدم الخروج من الظل إلى النور

أثبتت التجربة ان الأحزاب التي عملت كتنظيمات سرية لا تستطيع الخروج سريعا إلى النور فيما لو أتيح لها العمل بحرية ووصلت إلى الحكم وقد كانت تجربة حكم الإخوان المسلمين في مصر شيئا من هذا القبيل فرغم نجاحهم في الوصول إلى الحكم فإنهم ظلوا يتصرفون كحزب سري وليس كدولة وسعوا إلى أخونة المجتمع كما سعى الإتحاد الديمقراطي في سوريا إلى أبوجة المجتمع وظهر أن القاعدة الحزبية أهم لديهم من القاعدة الجماهيرية رغم أن الشعب بدأ يتعاطف معهم في إنتصاراتهم على الإرهاب ويتغاضى عن كل ممارساتهم بحجة الوصول إلى الحقوق الكردية الكاملة لكنهم لم يقبلوا هذا التعاطف إلا إذا كان تماشيا كاملا مع منظومة الحزب ما جعلهم يخسرون الحاضنة الشعبية واهتموا بالحاضنة الحزبية ولعل هناك نقطة مهمة هنا أيضا وهي عدم وضوحية صاحب القرار في الحزب فهذا الحزب المتشعب وهذه الإدارات التي أقيمت في سوريا لا يعلم حتى الآن من الذي يتخذ القرارات فيها وهناك حالة ضبابية كبيرة جعلت الشعب لا يعلم من أين تأتي القرارات وهذا أيضا من نتائج عدم الخروج من الظل رغم أنهم باتوا إدارة تعمل في النور وتدعمها مختلف دول العالم .

7 - محاولة إنشاء سلطة شمولية غير تشاركية

حاول الحزب إنشاء سلطة شمولية دكتاتورية تحكم بمنطق الحزب الواحد والقائد الواحد متناسيا أن كل مشاكل المنطقة وهذه الثورات والحروب والدماء هي بسبب هكذا أشكال من أنظمة الحكم ومتناسيا أيضا ان الغرب تدخل لإسقاط كل الأنظمة اليسارية الإشتراكية القمعية كأنظمة الحكم في أوروبا الشرقية و سلطة صدام حسين والقذافي وأضعف سلطات شبيهة أخرى في كوبا وفنزويلا وأرجعها للحضن العالمي المعتدل بالتدرج ولعل هذه كانت قراءة خاطئة جدا للوضع الإقليمي والدولي خاصة أنه لا يمكن مطلقا إقامة نظام حكم فردي تسلطي غير تشاركي مع وجود عشرات اللاعبين فنفس المنطقة التي يريد الحزب إنشاء نظامه الشمولي فيها هي منطقة نفوذ للخليجي والأمريكي والأوروبي ومنطقة طاقة حيوية تعج بالنفط والغاز وكذلك تسعى الاحزاب الكردية الأخرى ان يكون لها موطئ قدم وبالتالي لا يمكن خلق نظام شمولي مع وجود العشرات من اللاعبين وسيسعون حتما إلى إضعاف الحزب فيما لو خرج وقفز فوق قواعد اللعبة .

8 - إختراع فكرة فلسفة أوجلان

إن فكرة فلسفة أوجلان هي فكرة طارئة على الحزب وأتت بعد اعتقاله وفي اعتقادي أنهم لو اخترعوا كلمة النهج الأوجلاني لكانت أصح وأفضل لأن النهج كان قبل اعتقاله أما الفلسفة فقد أتت بعد اعتقاله وبالتالي فإن هذه الفلسفة ستخرج إلى النور بعد المرور على كنترول الميت التركي وهذه لا تحتاج ذكاءا كبيرا لمعرفة أن أية دولة عندما تعتقل قائدا فإنها تعتقل فكره لا جسده لأن أجساد البشر كلها واحدة ولو لم يكن المقصود هو الفكر لاعتقلت تركيا أي رجل كردي عادي وانتهى الأمر وعليه فكيف يعقل أن تسمح تركيا بأن تخرج أفكار هذا القائد من سجنه لتنير درب أنصاره إلا إذا كانت لصالح المخابرات والدولة التركية ولذلك كان من الأجدى السير على نهجه لا فلسفته لأنه كان ناجحا برغماتيا في نهجه ولو كان موجودا في هذه الأحداث لأوجد تغييرات بنيوية ضخمة في مسيرة الحزب وكلنا رأينا كيف أزال رمز الشيوعية ( المطرقة والمنجل ) من على علم حزبه بعد انهيار الإتحاد السوفيتي بل تماشى مع التطورات أكثر وأنشأ داخل جسم الحزب الحركة الإسلامية الكردستانية بقيادة عبدالرحمن الدرة في التسعينات بعد انتشار حركات الإسلام السياسي في تركيا والتي كانت تلعب على العاطفة الدينية لكرد تركيا واستطاعت هذه الحركة كسب الكثيرين من أكراد تركيا وهذا يدل على وعي مبكر من قبل أوجلان ببنية المجتمعات والتماشي مع التطورات لكن الحزب بعد اعتقاله دمر حركة عبدالرحمن الدرة ولم يوجد أي تغيير في بنيته طوال سنوات هذه الأزمة وظل يتمرغ في نفس الشعارات .

في المحصلة حتى أكبر تنظيم إرهابي متطرف في العالم كتنظيم القاعدة استطاع أن يكسب الشرعية في سوريا وأوجد تغييرات بنيوية في جسده وحتى السعودية بدأت تتخلى عن الوهابية وتحدث إصلاحات جذرية بينما ظل العمال الكردستاني على نفس الخطاب ونفس الرايات ونفس الصور ونفس القوقعة الأيديولوجية التي عفى عليها الزمن وكأنه منفصل عن واقع التطورات الجيوسياسية وصراع الطاقة وخطوط النفط والغاز وموارد المياه والثروات التي أتت دول عظمى من أقصى الأرض لأجلها وربما يلجأ في قادم الأيام إلى إنشاء حزب تشاركي جديد شرق الفرات يدعي معها أنه لا علاقة للحزب الأم به فإذا نجح وعلا نجمه سنجده يرفع من جديد صور أوجلان ليضعف الحزب كما أضعف حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا بعد أن ساهم في إعلاء نجمه وهكذا سيستمر في تكرار نفس الأخطاء ونفس التوجهات ومن العجيب أن المستندين إلى نصوص دينية ترجع مرجعيتها إلى الله مباشرة قد بدؤوا بتغييرها بينما لم يستطع هذا الحزب إيجاد شرخ في فكره الذي ثبت أنه أكثر صلابة من الأديان .



#محمد_حبش_كنو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقض الصراعات الداخلية الأمريكية تلقي بظلالها على مشاريعها ...
- وداوها بالتي كانت هي الداء .. عفرين وآخر أوراق الكرد
- ماذا وراء سقوط الطائرات في سوريا ..؟؟
- حين تلمع الفاتيكان وجه القاتل
- موناليزا الكرد بارين كوباني
- نواة الحماية الذاتية .. الإستراتيجية الرابعة لإقليم كردستان
- تصحيح مسار الإعلام .. الإستراتيجية الثالثة لإقليم كردستان
- إصلاح هيكلية البيشمركة .. الإستراتيجية الثانية لإقليم كردستا ...
- ليس للكردي إلا المكر والدهاء .. الإستراتيجية الأولى لإقليم ك ...
- حين سيطر الإخوان في غفلة من الزمن
- دراسة عن إستفتاء كردستان من وجهة نظر أعمق
- مئة عام تأخر الإستفتاء فمتى يكون وقته مناسبا ..؟؟
- هل خالفت تونس حقا شرع الله ..؟؟
- هل تستطيع الهروب من الله ..؟؟
- إنتهت الأزمة و هذا ما يلوح بالأفق في سوريا
- العرس في الرقة والطبل في عفرين .. ماذا تريد تركيا من عفرين . ...
- شريف باشا باق ويتمدد ..!!!
- ماذا يقصد فورد بقوله سيندم الأكراد على ثقتهم بأمريكا ..؟؟
- الجذور الخفية لعلاقة بريطانيا بالجماعات الإسلامية المتطرفة
- الإسلام في زمن الكوليرا


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حبش كنو - دراسة عن تنظيم القاعدة والعمال الكردستاني كنموذجين في الحرب السورية