أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الفاتحة البيضاء في قصيدة -سأسلم التاريخ للأجدادِ- يوسف خليف














المزيد.....

الفاتحة البيضاء في قصيدة -سأسلم التاريخ للأجدادِ- يوسف خليف


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5794 - 2018 / 2 / 21 - 00:12
المحور: الادب والفن
    


الفاتحة البيضاء في قصيدة
"سأسلم التاريخ للأجدادِ"
يوسف خليفة
الفاتحة تشير إلى حقيقة الكاتب/الشاعر، إلى ما فيه، إلى ما يحمله في العقل الباطن، فعندما تكون الفاتحة بيضاء فهذا يعني أن الشاعر/الكاتب يحمل داخله الفرح وتمتلئ روحه بالحياة وما فيها من جمال، "يوسف خليفة" يتجه إلى الطبيعة التي ستمنحه فضاء رحب يستطيع من خلاله أن يعبر عما يحمله من فرح:
"فلتكتب الأمجاد عن أمجادي
***عن قلبي المشتاق حضن بلادي
عن زهرة الليمون تتقن عزفها
***للريح تطرب من قصيد سعادِ
الشام أمٌّ للبلاد قصيدتي
***واللوز والزيتون بوح فؤادي" نص مطلق البياض، فإذا ما استثنينا لفظ "للريح" نكون أمام نص مطلق البياض تندمج فيه الفكرة مع اللفظ ليعطي لوحة تنسجم فيها الألوان مع الفكرة، وهذا ما يجعلنا نستمتع بالقصيدة ونتماهى معها، فهي تمنحنا الفرح وتأخذنا إلى عالم من الجمال الأخاذ فيخلصنا/يبعدنا عن واقعنا المؤلم.
وإذا ما عرفنا أن كاتب هذه القصيدة هو شاب، يتأكد لنا أننا أمام شاعر يحمل داخلة الفرح ويسعى نحو الحياة بآفاق واسعة وبروح الانفتاح.
الانتماء والتوحد مع "أجدادي، بلادي، قصيدتي" يشير إلى أن الشاعر ينتمي للإنسان وللأرض وللفعل الحضاري (كتابة القصيدة) وهذا الانتماء يشير إلى التوحد يحمل بين ثناياه حقيقة الشاعر، حقيقة ما يحمله ـ في العقل الباطن ـ من انصهار كامل مع الإنسان والبلاد والكتابة.
والمذهل أكثر ان الشاعر يقدم مقاطع كاملة بيضاء، متحررا من الواقع، ومتجاوزا وقع الحال الذي يعيشه، فهو هو خارج الزمن والمكان؟ أم أن "يوسف خليفة" شاعر يستطيع أن يتوحد مع ذاته كشاعر يمتلك المشاعر المرهفة والاحساس الهادئ، بحيث يستطيع أن يكون ذاته، وذاته فقط، بعيدا عن تلوث الواقع وتشويهات المحيط؟:
"كم كنت أسعى نحوها أدعو لها
***بالخير والأفراح دون حدادِ
كانت تمدُّ إليَّ كفَّ قداسةٍ
***لأشمَّ مسك عبيرها الأخاذِ
وأقبل الكف الطهورةَ مُقبِلًا
***وكأنني أمشي إلى ميلادي
والقهوة السمراء أعشق لثمها
***صبحًا مساءً دون أي بعادِ
عربية هذي المنابر قبلتي
***في كلّ مئذنةٍ أرى أجدادي
كنعان ينحت ظلَّنا بشموسهِ
***بحروف مجدٍ نورُهُ الوقادِ
كم من ممالكَ ثبَّتت عمرانها
***بالخيل والآداب والأجنادِ"
تعمدت أن اضع المقاطع كاملة مرة واحدة لنتأكد بأننا أمام شاعر استثنائي، شاعر يستطيع أن يتحرر ويتجاوز الواقع، فيتماهى مع ما يريد، ويكتب ذاته، بالطريقة والشكل الذي يريد، واعتقد بأن هذا البياض والذي جاء بهذا الحجم وهذا الصفاء لا يصدر إلا ممن يكتب بروح الأمل، وما يدهشنا أننا أمام روح الشباب، الشباب الذي من المفترض أن يتأثر بالواقع أكثر منا نحن الشيوخ، فيكون أثر الواقع عليهم أشد مما يجعلهم يستخدمون لغة القسوة والغضب وبالصوت العالي، لهذا نقول أن "يوسف خليفة" قدم شيء استثنائي بالنسبة لعمره وبالنسبة للواقع.
بعد هذه المقاطع، يبدأ أثر الواقع على الشاعر يأخذ مجراه، فنجده يسقط الفاظ غير التي وجدناها فيما سبق، وهذا أمر طبيعي، فأي شاعر لا بد أن يترك واقعه اثرا عليه:
"مصر الحبيبة نيل موسى عينِيَ
***دمعي يسيل غمامةٌ بوسادي
شريان قلبي من فرات عراقه
***يجري يعانق دجلة الأكبادِ
ويمامةٌ فوق الصليب حزينة
***تبكي المسيح بليلة الآحادِ
تبكي جنودًا يُتَّمًا من قوة
***وسلاحهم صمتٌ من الأصفادِ
حملوا قنابل بؤسهم فتفتحت
***بوجوههم نارا من الأحقادِ
كم رايةٍ رفعت بغير أوانها
***كرصاصةٍ خرجت بغيرِ زنادي
فلتكتب الأحزان عن طفلٍ هوى
***جسدا قتيلًا دعوة لجهادِ
هم من يَحيكُ سرابنا بنبوءةٍ
***تطغى على الألباب والأجسادِ
كانوا صغارًا والدموع رغيفهم
***من أثقل الأوطانَ بالأوغادِ
طيرٌ على كتف المسافة متعبٌ
***يرنو ليقطف نجمةَ الآمادِ
إبليس ما عاد الذي متربصٌ
***بالنور يعلو جبهةَ العُبّادِ
إبليس أخرج أمَّتي من حجرهِ
***أعطى وصايا الشرّ للأحفادِ
ودمُ الخلافة دسَّ في عرق الخنا
***عرقٌ خبيثٌ من دم القوادِ
والشيخ صار كبائعٍ مُتَجوِّلٍ
***يخفي نذير الشؤمِ بالأغمادِ
وطني يباع جريدةً يوميةً
***خبرٌ كذوبٌ عن مصير بلادي
وحروبنا فتنٌ تكدر عيشنا
***قتل تعدى قدرة التعدادِ
سأرتُّل البيت الاخير بركعة
***وأسلِّم التاريخ للأجدادِ
وببسمةٍ تخفي مصائرَ خيبتي
***ألقي القصيدة قاتلًا أنشادي"
إذا ما توقفنا عند الالفاظ السوداء والمضامين القاسية والمؤلمة نجدها تبدأ بالتدريج، وكأن الشاعر يراعي مشاعر القارئ، فلا يريد أن يرهقه بتقديم الواقع الأسود مرة واحدة، وهذا يعد ذكاء من الشاعر الذي يراعي مشاعر واحساس المتلقي.
اعتقد بأن مثل هذه القصيدة تستحق القراءة لما تمنحه من متعة إن كان على مستوى المضمون أم الألفاظ، وحتى أننا نجد المقاطع الأخيرة القاتمة والتي جاءت على دفعات ولم تقدم دفعة واحة تجعل القارئ يشعر بأن الشاعر يحترم مشاعره، وهذا الشعور يخفف من حدة السواد والقتامة التي جاءت في الألفاظ والمضمون.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاتحة والخاتمة في قصيدة - سبعون عشقا- عمار خليل
- التألق في رواية حياة رجل فقد الذاكرة -الحمراوي- رمضان الرواش ...
- الاسطورة والطبيعة في قصيدة - اطَرِّزْلِكْ- سمير أبو الهيجا
- الأم في قصيدة -ملح ومي- سمير ابو الهجا
- قصيدة -الأب- سمير أبو الهيجا
- البساطة والعمق في -أكتب كي لا ينام الحلم في الفراغ- نافذ الر ...
- مناقشة مجموعة قصائد للشاعر محمد علي شمس الدين
- الشاعر في ديوان -طائر الغربة- محمد عرموش
- بين حالتين القمع والتخلف
- الرواية التاريخية --حمام العين- عزام توفيق أبو السعود
- التجربة الاجتماعية في رواية -بقلبي لا بعقلي- سامي محريز
- اللغة في مجموعة -أبعاد- خليل إبراهيم حسونة
- الصور والأسئلة في -حافة الشغف- لمحمود السرساوي
- الحكاية في -رواية لكاتبها- -أخرج منها يا ملعون- صدام حسين
- الفرح الأسير في قصيدة -اختناق- عبد صبري ابو ربيع
- دار الفاروق تناقش -مريم البلقاء- لعلي السباعي
- تعدد الرواة في رواية -نار البراءة- محمود شاهين
- الدليل في رواية -النهر المقدس- محمود شاهين
- المعرفة في رواية -أبناء الشيطان- محمود شاهين
- واقع الفلسطيني في قصة -زاوية اليقين- سعادة أبو عراق


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الفاتحة البيضاء في قصيدة -سأسلم التاريخ للأجدادِ- يوسف خليف