أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - «الإسلامفوبيا» و«الويستفوبيا»














المزيد.....

«الإسلامفوبيا» و«الويستفوبيا»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 18:08
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



بتواضعه الجمّ وعلمه الوافر لفت المفكر المغربي عبدالله الساعف، في كلمته المكثفة التي ألقاها خلال حفل تكريمه من مركز الذاكرة المشتركة في «مكناس» إلى أن اللّغة تمثّل ركناً أساسياً في الهوّية، وكأنه يواصل حواراً مفتوحاً منذ عقود من الزمان حول دور اللغة، سواء كان دستورياً وقانونياً أم عملانياً ووظيفياً، لاسيّما إذا ما تناولنا الهوّية بتكوينها الثقافي والأنثربولوجي المتعلّق بالإنسان بالدرجة الأولى، في علاقته مع غيره ممن يشتركون معه في الوطن والدين والمجتمع، من جهة، وعلى صعيد المشترك الإنساني الكوني، من جهة أخرى.
ولعلّ مثل هذا التشخيص ينطلق من رؤية معاكسة للثنائيات المتصارعة، في النظر إلى الآخر، حيث إن مقابل الإسلامفوبيا (الرهاب من الإسلام) هناك الويستفوبيا (الرهاب من الغرب) فكلاهما ينمّان عن مخاوف مسبقة تغذّيها أحياناً معطيات بعضها صحيح يتم التعكّز عليه وبعضها الآخر خاطئ، بل و إغراضي، وهو الذي يتّجه بعيداً عن المشترك الإنساني، مروّجاً لصراع خفي وظاهر يتعلّق بالمصالح بالدرجة الأساسية، حتى وإنْ ارتدت جلباباً ثقافياً، سواء كان غربياً باسم الدفاع عن الحضارة المسيحية وقيم الحداثة والتنوير أم عربياً وإسلامياً، باسم الدفاع عن الحضارة العربية - الإسلامية والأصالة والتراث ورفض الاستتباع. وفي كل الأوقات، كان هناك من يجد مبررات وذرائع مختلفة للاتجاهات الإقصائية والإلغائية، لتأجيج عوامل التناحر.
وعلى سبيل المثال فهناك «الويستفوبيا» مقابل «الويستلوجيا»، وهذه الأخيرة تعني استخدام السياسات الغربية ضد قيم الغرب «المعلنة»، ولاسيّما الثقافية منها، ولعلّ نموذجها الراهن هو ازدراء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأفارقة ولشعوب البلدان النامية، وحديثه المستفِز ضد اللاجئين وضد التزامات واشنطن الدولية التي اتخذت منحىً استخفافياً، في حين أن القيم الغربية تقوم على احترام الآخر والإقرار بالتعددية والتنوّع في إطار النظام الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان والتسامح، وهي قيم إنسانية تتساوق مع مبادئ الحرية والمساواة والشراكة والعدالة.
وتتعارض هذه القيم الإنسانية جملة وتفصيلاً مع السياسات الرسمية الغربية، بما فيها التنظيرات التي تتّخذ الإسلام «عدواً»، خصوصاً باتهامه بالحضّ على العنف والإرهاب، دون تفريق أحياناً بين الإرهابي والمسلم، وبين المسلم والإسلاموي، وبين المسلم والإسلامي، وبين الدين والتديّن، متنكّرة لقيم الإسلام الإنسانية السمحاء، خصوصاً حين تدغمه مع بعض الممارسات العنفية المتعصّبة والمتطرّفة، والتي هي ليست حكراً على المسلمين وحدهم، بل هي موجودة لدى العديد من أتباع الأديان وفي جميع المجتمعات، سواء كانت متقدمة أم متأخرة وإن كان هناك فوارق بينها.
وكان انهيار جدار برلين وانتهاء عهد الحرب الباردة التقليدية (1947-1989) فرصة مناسبة لانتعاش التيارات المعادية للإسلام والمبشّرة ب«نهاية التاريخ» و«صدام الحضارات»، بالتجاوز على معاني «الخصوصية» باسم «الشمولية» واستخدام معايير «ازدواجية» و«انتقائية» إزاء الدول النامية ومنها الدول العربية والإسلامية، وفي أحيان غير قليلة توظيف قواعد القانون الدولي وما يسمّى ب «الشرعية الدولية» لخدمة الأغراض السياسية الأنانية الضيقة.
وقد نظّر فرانسيس فوكوياما منذ العام 1989 لفكرة تقسيم العالم إلى عالمين: عالم تاريخي وآخر ما بعد التاريخ، مؤكداً بأن مشكلات العالم الأساسية الراهنة هي النفط والإرهاب واللجوء، وهذه تمثّل تحدّيات كبرى وغير مسبوقة للغرب الذي تتجسّد فيه العدالة والإنسانية، لاسيّما بعد «ظفر» الليبرالية و«هزيمة» الاشتراكية، كما دعا إلى استبدال البندقية من كتف إلى كتف، وجعل الغرب على أهبة الاستعداد.
أما صموئيل هنتنجتون فقد كتب في مجلة «الفورين أفيرز» عن «صدام الحضارات» منذ العام 1993، معتبراً غياب الشيوعية لا يعني زوال التهديد، داعياً إلى بناء القدرات الدفاعية والأمنية والمخابراتية والفضائية، لأن المشكلة حسب وجهة نظره فكرية بالأساس وتتعلّق بالثقافة والحضارة، وإن الصراع هو حضاري وثقافي بين الغرب والحضارات الأخرى. وبما أن الثقافة سياج الهوّية، فلا بدّ لمن يريد تحقيق الانتصار الكامل والنهائي من اقتلاع وتذويب الثقافات الأخرى المناوئة لليبرالية ومنها الإسلام، لأن خطره قائم من المغرب إلى باكستان، وذلك في محاولة لخلط الأوراق.
ولعلّ مثل هذا المفهوم الإلغائي هو نفسه مفهوم تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن والظواهري وأبو مصعب الزرقاوي، وتنظيم داعش وأبو بكر البغدادي، وجبهة النصرة (جبهة فتح الشام)، الذي نظّر أيضاً لمفهوم الصدام الحضاري مع الغرب، مستخدماً التعاليم الإسلامية السمحاء ضد الإسلام في إطار ما نطلق عليه «الإسلاملوجيا»، مقابل «الويستلوجيا» متناسياً ومتجاهلاً حاجة البشر إلى الحوار والتفاهم والعيش المشترك لتحقيق التعاون والتنمية لما فيه خير الجميع.
فالعرب والمسلمون بحاجة إلى الغرب مثلما هو بحاجة إليهم، ولا يمكنهما الاستغناء عن بعضهما. وإذا كانت حاجة البلدان النامية إلى الغرب علمياً وتكنولوجياً وثقافياً، لأنه يمثل مستودعاً لخير ما أنجزته البشرية من تقدم في المجالات المختلفة، فإنه بحاجة إليها بما تمتلك من موارد ونفط وأسواق وغير ذلك، الأمر الذي يصبح فيه الحوار والتفاهم والتعاون ضرورة ماسة وحاجة ملحّة لا غنى عنها، وخصوصاً على صعيد العلاقات الدولية، والشيء ذاته يمكن أن ينطبق على صعيد العلاقات الداخلية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار الثقافات وأسئلة الهوية
- إشكالية المشترك الإنساني - الهويّة، الثقافة، الذّاكرة
- الهوّيات والدرس الهندي
- أمريكا «العظيمة»
- النجف في وجهها الآخر!
- ثقافة التنمية وتنمية الثقافة
- وعد بلفور في مئويته : وقفة مراجعة
- الامبراطور عار
- ما بعد حل الدولتين
- العنف وفريضة اللّاعنف- شذرات من تجربة شخصية
- التنمية والبيئة العربية
- العلاقات العراقية - الأمريكية : أي تاريخ وأي مستقبل؟
- ثلاثية السياسي والحقوقي والديني
- دوافع قرار ترامب
- لن يكون للسلطة قيمة إذا لم تنحَزْ لخيار الشعب بالمقاومة
- المرأة وعملية بناء السلام
- أبو كَاطع يشرق في بغداد
- الحق في التعليم
- رسالة مفتوحة إلى الراحل آرا خاجادور
- صفقة العصر وثقافة الاعتذار


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - «الإسلامفوبيا» و«الويستفوبيا»