أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - حوار الثقافات وأسئلة الهوية














المزيد.....

حوار الثقافات وأسئلة الهوية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5780 - 2018 / 2 / 7 - 19:05
المحور: حقوق الانسان
    


لا يكاد يمضي يوم إلّا ونحن نشاهد حادثاً أو نسمع خبراً أو نقرأ فكرة جديدة تضاف إلى منظومة الجدل الدائر بشأن حوار الثقافات وأسئلة الهوّية. فمنذ نحو أربعة عقود من الزمان غدت الإشكالية مطروحة بشدّة، لاسيّما في ظلّ تحديات تكاد تكون مصيرية لعدد من الأطراف والجماعات والشعوب والدول، خصوصاً حين يصل فائض القوة إلى مستويات عالية، حيث تتصارع سلمياً أو عنفياً الرغبة في فرض الاستتباع على الآخر باستغلال عناصر ضعفه من جهة، أو بمحاولة التحلّل منه تشبثاً بالخصوصية والتمايز.
ومنذ انهيار الكتلة الاشتراكية في أواخر الثمانينات، وانتهاء عهد الحرب الباردة التي ابتدأت بصيحة ونستون تشرشل ضد خطر الشيوعية العام 1947، ارتفع منسوب الحديث عن صراع الحضارات، وذلك ارتباطاً بانبعاث الهوّيات، خصوصاً تلك التي كانت تشعر بالتمييز والاستلاب، الأمر الذي قاد إلى تفتيت دولها وتوزّعها إلى كيانات متنافرة ومتنازعة، وغالباً ما كان يبدأ الصراع بالمفاهيم ليصل إلى مآلات أخرى، بين ما يسمّى هويات «كبرى وصغرى» وهوّيات «تابعة ومتبوعة» وهوّيات «عليا ودنيا»، وهوّيات «قوية وضعيفة» وهوّيات «عامّة وفرعية» وهوّيات «صلبة ومرنة» وهوّيات «منفتحة ومنغلقة» وهوّيات «ثابتة ومتحرّكة» وهوّيات «متساكنة ومتناحرة».
وكان التساؤل يكبر ويتطاول تحت عناوين مختلفة: هل تتشكّل الهوّية عبر معطى تاريخي ثابت وكامل وغير قابل للتغيير، أم أنها تتطوّر وتتراكم وتتفاعل بانفتاح مع غيرها؟ لاسيّما في ظلّ العولمة وانزياح الكثير من معوّقات الاتصال والتواصل؟ وإذا كان قد أصبح الإقرار بالتعدّدية والتنوّع الثقافي والقومي والديني واحترام حقوق الهوّيات الأخرى وخصوصياتها مسألة كونية، فإن ذلك شجّع المجاميع الثقافية على المطالبة بحقوقها وكيانيتها الخاصة التي تتفرّع منها، خصوصاً وأن البيئة الدولية أصبحت داعمة لها والظروف الجديدة مناسبة موضوعياً وذاتياً.
ولهذه الأسباب ارتقى «جدل» الهوّيات، الذي اتّخذ أحياناً بُعداً تناحرياً، إلى مصاف «نزاعات كبرى» و«حروب أهلية» أحياناً، مثلما ترك ندوباً وجراحات وحواجز نفسية على علاقاتها مع بعضها بعضاً وفي محيطها، وحتى الهوّيات التي كانت «متساكنة» في الماضي، أو هكذا بدت في ظل الدولة المركزية الشديدة الصرامة والنظام الشمولي العمودي ذي الصلاحيات التي تكاد تكون مطلقة، نمت في داخلها على نحو منظور وغير منظور عوامل الاحتراب والإقصاء، بحيث تحوّل التهميش إلى إقصاء والتسيّد إلى إلغاء، يقابله انكفاء وانغلاق وضيق أفق يستبعد المشتركات الإنسانية والتاريخية.
كيف يمكن أن تتشكل الهوّية، وما معناها وسياقاتها، وكيف يمكننا الحديث عن هوّية واحدة أو هوّية موحّدة في بلد متعدّد الثقافات؟ وبمعنى آخر كيف يمكن أن تكون العلاقة بين الهوّيات المختلفة؟ أهي علاقة «مغالبة» تحت مبررات «الأكثرية والأقلية»، وذيولهما أم ينبغي أن تقوم على أساس المساواة والشراكة والمشاركة ومبادئ العدل واحترام حقوق الإنسان؟
وإذا كنتُ ميّالاً باستمرار لهذه الأخيرة لما تمثله من قيم إنسانية، فإن الشعور بالمظلومية وهضم الحقوق خلق نوعاً من الانعزال وعدم الثقة وقاد إلى الابتعاد عن المشترك الإنساني الذي يمثل البعد الثقافي في العلاقة بين الهوّيات والثقافات، الأمر الذي يحتاج إلى معالجات من نوع جديد بوضع القيم الإنسانية المشتركة أساساً لعلاقة متكافئة ومتعافية، لاسيّما بالاحترام المتبادل.
ولن يتأتى ذلك دون حوار ونقد ونقد ذاتي ومصارحة وصولاً إلى مصالحة مع النفس ومع الآخر تمهيداً للإقرار بالحق في الاختلاف والتنوّع والتعدّدية، ولعلّ مثل هذا الحوار يتخذ أبعاداً داخلية وخارجية، سواء كان بين أتباع الأديان أم الطوائف أم القوميات والإثنيات واللغات، أم بين دول وحكومات وقوى ومؤسسات دولية.
وإذا كان التنوّع والتعدّدية الثقافية مصدر غنًى، فإن التحدي الذي تواجهه بلداننا بشكل خاص هو غياب «ثقافة الحوار»، الأمر الذي ينجم عنه التعصّب ووليده التطرّف، وإذا انتقل التطرف كسلوك وممارسة من التنظير إلى التنفيذ، فسيتحوّل إلى عنف، وذلك حين يقوم المرتكب باستهداف الضحية التي يعرفها لأسباب دينية أو إثنية أو لغوية أو سلالية، مثلما يمكن أن يتحوّل إلى إرهاب إذا كان العمل عشوائياً يستهدف إنزال أكبر الخسائر بالناس لغرض إرعابهم.
ويعتبر الإرهاب ومتعلّقاته: العنف والتعصّب والتطرّف والعنصرية أخطر المعضلات الحضارية، التي تقود إلى إشعال حروب خارجية أو تفجير نزاعات داخلية، وتأجيج صراعات دينية ومذهبية وإثنية، وهذه ليست مقتصرة على شعب أو أمة أو قومية أو لغة أو منطقة جغرافية، ولكنها بفعل العولمة فإنها أصبحت ظاهرة كونية.
[email protected]
نشرت في صحيفة الخليج (الاماراتية) الاربعاء 7/2/2018



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية المشترك الإنساني - الهويّة، الثقافة، الذّاكرة
- الهوّيات والدرس الهندي
- أمريكا «العظيمة»
- النجف في وجهها الآخر!
- ثقافة التنمية وتنمية الثقافة
- وعد بلفور في مئويته : وقفة مراجعة
- الامبراطور عار
- ما بعد حل الدولتين
- العنف وفريضة اللّاعنف- شذرات من تجربة شخصية
- التنمية والبيئة العربية
- العلاقات العراقية - الأمريكية : أي تاريخ وأي مستقبل؟
- ثلاثية السياسي والحقوقي والديني
- دوافع قرار ترامب
- لن يكون للسلطة قيمة إذا لم تنحَزْ لخيار الشعب بالمقاومة
- المرأة وعملية بناء السلام
- أبو كَاطع يشرق في بغداد
- الحق في التعليم
- رسالة مفتوحة إلى الراحل آرا خاجادور
- صفقة العصر وثقافة الاعتذار
- الطفولة الملغومة


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - حوار الثقافات وأسئلة الهوية