أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - ثقافة التنمية وتنمية الثقافة














المزيد.....

ثقافة التنمية وتنمية الثقافة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 27 - 12:07
المحور: المجتمع المدني
    



في إطار مهرجان «القرين» الثقافي السنوي في دولة الكويت، التأمت ندوة مهمة نظّمها «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب» بعنوان «اقتصادات الثقافة العربية ودور الكويت في تنمية المعرفة». والحقيقة أن العنوان يحمل تفاصيل عدة، ومتفرّعات كثيرة، يتداخل فيها دور القطاعين العام والخاص في «تنمية الثقافة»، وفي «ثقافة التنمية»، كما يندرج تحت العنوان ذاته دور الهيئات الثقافية الرسمية وشبه الرسمية في نشر الثقافة من جهة، وفي تعزيز اقتصادات الثقافة من جهة أخرى، بما فيها الثقافة الإلكترونية (النشر الرقمي)، خصوصاً أن السؤال يتعلق بالمستقبل، فهل الثقافة سلعة، أم خدمة مساعدة ترفد التنمية؟
وإذا كانت اقتصادات الثقافة في العالم وصلت إلى آفاق رحبة، وحققت نجاحات باهرة على هذا الصعيد، فإنها في العالم العربي لا تزال في بداية الطريق، ويكفي أن نشير إلى أن نسبة الإنفاق في البلدان العربية لا تزيد على 3 في الألف من الدخول القومية، بل إن بعض البلدان أقل من ذلك بكثير، على الرغم من أن الدساتير العربية، جميعها تقريباً تشير، وبدرجات متفاوتة ومختلفة، إلى مسؤولية الحكومة في رعاية الثقافة، باعتبارها «حقاً» لكل مواطن تكفله الدولة، وتلتزم بدعمه.
ولعلّ هذا الأمر يستوجب إجراء مراجعة مسؤولة من جانب الحكومات والقوى الفاعلة في المجتمع حول قيمة الثقافة كحاجة روحية للإنسان، خصوصاً حين تقترن بالمعرفة، إنتاجاً ونقلاً وتلقياً، مثلما تمثّل مورداً أساسياً للدخل يمكنه أن يعود بمردود مادّي ومعنوي على الدولة والمجتمع والفرد، بما يتفاعل مع عملية التنمية.
وإذا كان على الدولة أن تلعب دوراً محورياً في التنمية الثقافية، بتخصيص الموارد والبيئة الحاضنة لتفجير طاقات المجتمع والفرد، فلا بدّ لها من التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ومع قطاع أصحاب الأعمال، ومهما يكن دور المؤسسات الثقافية في التعبير عن الواقع المعيش وحياة الناس، لكن مسؤولية الدولة تبقى أساسية، سواء في سن القوانين وتشريع الأنظمة، أو في ضمان كفالة الثقافة وحمايتها لتحقيق السلام المجتمعي باعتبارها جزءًا حيوياً ومهماً من التنمية.
وقد أصبحت الثقافة مجالاً واسعاً وكبيراً للاستثمار، حيث توجد بلدان تقوم اقتصاداتها على الثقافة بجميع جوانبها، ابتداء من موروثها الثقافي إلى الحقول العلمية والتقنية، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي «الروبوتات»، ويتعلق الأمر بتنمية المعرفة كجزء من الثقافة بما فيها الخيال الذي هو حسب عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين «أهم من المعرفة» حيث ينضوي تحت لوائه: الإبداع، والابتكار، والتميّز، والتجديد.
والثقافة بهذا المعنى هي أحد الأسلحة الناعمة والمؤثرة في عملية التنمية بمفهومها الإنساني الشامل والمستدام، ولا نقصد بذلك «النمو الاقتصادي» فحسب، بل «توسيع خيارات الناس» في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية والتربوية والصحية والبيئية والنفسية، لإحداث التطوّر والتغيير المطلوبين. ومن الصعب تصوّر تحقيق التنمية المستدامة من دون ثقافة، الأمر الذي يقتضي الربط بين التنمية والثقافة، لأن أحدهما يكمّل الآخر، بل هما وجهان لعملة واحدة، وهناك علاقة جدلية ومصيرية ووجودية بين الثقافة وأي مشروع تنموي.
وإذا كانت الثقافة هي نتاج لكل الناس، فينبغي أن يكون استهلاكها لكل الناس أيضاً، لأنها لم تعد محصورة بالنخبة فحسب، والإبداع هو كل ما يشمل التعبير عن إحساس المجتمع بالجمال والحرّية والهوّية الإنسانية، وهذا جزء من الاقتصاد، فالسينما والمسرح والفنون والآداب والسياحة، بما فيها السياحة الدينية والآثارية، تمثل استثمارات اقتصادية كبيرة للجميع، بما توظّفه من خدمات، ونقل، وأماكن إقامة، وغيرها من الفرص الكبيرة لخلق وظائف لآلاف الناس.
واستناداً إلى ذلك، فالثقافة ليست مجرد هامش تعبير، بقدر ما هي مكوّن أساسي من مكوّنات التنمية، ولكنها اختُزِلت في ظل الأيديولوجيات الشمولية ليقتصر دورها على الإرشاد والتوجيه والدعاية، وحتى اليوم فالتعامل معها يُنظر إليه من باب الإلحاق والتبعية، بل إن الصراعات السياسية المحمومة على تولّي المناصب «السيادية»، لا تضع الثقافة في صلب اهتماماتها، حيث دائماً ما يُنظر إليها نظرة استصغارية.
أما أهم الكوابح التي واجهت الثقافة والمثقف على المستوى العربي فهي: شحّ الحريات والثيوقراطيات الدينية، والانقسامات والصراعات الطائفية، إضافة إلى العادات والتقاليد البالية، وقلّة التخصيصات المالية من جانب الحكومات، فضلاً عن تحكّم رأس المال في التوجهات الثقافية، تضاف إلى ذلك محاولات فرض استتباع خارجي لتعميم نمط الثقافة السائدة ذات المضمون المعولم، لاسيّما بتسليع الثقافة، من دون أن ننسى ما للتعصّب والعنف والإرهاب من تأثيرات سلبية في الثقافة والتنمية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي تدارسته «ندوة القرين» التي ضمّت نخباً فكرية وثقافية عربية متنوّعة، وحثّتهم على تبنّي الدعوة لبناء مشروع ثقافي عربي لمواجهة التحدّيات والاختراقات التي تواجهها الأمة العربية، مشفوعة بالدعوة لتأسيس مجلس أعلى للثقافة العربية يجمع بين الجهات الحكومية والمفكرين والمثقفين العرب، وممثلين عن القطاعين الخاص والعام، لإطلاق مبادرات ثقافية جامعة تكون جهة تواصل وتفاعل بين الجهات المختلفة المعنية بتنمية الثقافة وبثقافة التنمية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعد بلفور في مئويته : وقفة مراجعة
- الامبراطور عار
- ما بعد حل الدولتين
- العنف وفريضة اللّاعنف- شذرات من تجربة شخصية
- التنمية والبيئة العربية
- العلاقات العراقية - الأمريكية : أي تاريخ وأي مستقبل؟
- ثلاثية السياسي والحقوقي والديني
- دوافع قرار ترامب
- لن يكون للسلطة قيمة إذا لم تنحَزْ لخيار الشعب بالمقاومة
- المرأة وعملية بناء السلام
- أبو كَاطع يشرق في بغداد
- الحق في التعليم
- رسالة مفتوحة إلى الراحل آرا خاجادور
- صفقة العصر وثقافة الاعتذار
- الطفولة الملغومة
- تحديات ما بعد داعش!
- حافة الحرب
- هل تستمر دبلوماسية -القوة الناعمة-؟
- الإمام الحسني البغدادي.. مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ...
- «ذاكرة مياه المحيط».. التنوّع والتسامح


المزيد.....




- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - ثقافة التنمية وتنمية الثقافة