أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - الطفولة موطن للإبداع














المزيد.....

الطفولة موطن للإبداع


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 16:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



في حوار مطول مع الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز أجري عام 1988 ، اعتبر هذا الأخير أن الطفولة لا تمثل نقطة مرجعية بالنسبة له، ولا يمكن الارتكان عليها لخلق عمل إبداعي، ويقول بصريح العبارة: 《 إن نشاط الكتابة لا علاقة له بالعمل الفردي》 ثم يضيف : 《 إن الأدب والكتابة مرتبطان بعمق الحياة》بل 《إن الحياة أكثر مما هو شخصي》(1) انطلاقا من هذا الكلام يفصل دولوز بين فعل الكتابة الذي ينصب حول موضوع معين، والذات الفردية، و الأنكى من ذلك يقول أن الأدب والكتابة مرتبطان بعمق الحياة، وهذه الأخيرة تسمو على كل ما هو فردي وشخصي، بيد أن السؤال الذي يمكن طرحه: هل يمكن أن نتحدث عن عمق الحياة بمنأى عن الفرد ؟ هل نشعر بالحياة ونحن خارج الذات ؟ إذا لم تكن الطفولة بوصلتنا ونقطة ارتكازنا، فما هي نقطة ارتكازنا ؟ يجيب دولوز أن الإنسان صيرورة متغيرة قوامها الترحل من مكان إلى الآخر، وهذا هو عمق الحياة، لذلك لا يجب أن نربط الحياة بشأن خاص وصغير كالطفولة، ولكن أ لهذا الحد نعدم الطفولة ؟ أ لهذا الحد نبيد الطفولة ؟ إن دولوز يربط كل شيء بالصيرورة والتغيير، وبالتالي في نظره الطفولة انحلت وذهبت بلا رجعة، بينما كل ما يتعلق بالعالم هو صيرورة، بما فيها الكتابة، إننا نكتب من أجل هذه الحياة السارية في أعماقنا، هكذا يرى دولوز، لكن كل كاتب يكتب عن حياته الشخصية، هو سيء الحظ، وجدير بالرثاء، بمعنى أن دولوز يرفض كل كتابة أرشيفية ذات بعد ذاتي، إنها تمنع المرء من الرؤية وتسقطه إلى الوراء! ومن ثمة على الكاتب أن يستبعد الحديث عن الطفولة، لأنها بلا شأن أو فائدة، أما من وجهة نظري، فإني لا أتفق مع دولوز، أسأل هذا السؤال: أي شأن للحياة كصيرورة في غياب الطفولة باعتبارها نقطة ارتكاز يرتكز عليها المرء وهو ينحو في مسار الحياة ؟ وإذا كان دولوز يرفض الحديث عن الطفولة، فعلى أية نقطة يمكن للمرء أن يرتكز ؟ يجيب دولوز: الصيرورة! الجواب ليس مقنعا بالنسبة لي، فأنا أرى أن تقييم الإنجازات والأفعال مرتبط بالعودة إلى الطفولة دون المكوث فيها، لأنه لا يمكن للمرء أن يمكث في الطفولة، لأنها ذهبت بلا عودة، ولن يكون رجعيا ولا ماضويا، لأن الطفولة لا تعدو نقطة الانطلاق التي لن نفهمها كما كانت، بل سنفهمها على ضوء ما وصلنا إليه في مسار الحياة، فالماضي لا يستعاد إلا على ضوء الحاضر، لكن دولوز يعتبر من السهل الرجوع إلى الماضي، إلا أن هذا الأخير يبقى ماضيا ولن يستعاد إلا على ضوء تجارب الحياة في الحاضر، بيد أن ما لم يفهمه دولوز أن عمق الحياة لا يكمن فقط في التوجه رأسا إلى المستقبل، بل إن عمق الحياة هو الترحل في كل الاتجاهات، مع الاعتماد على نقطة ارتكاز، كيف نفسر رجوعه إلى دراسة ليبنز وهيوم؟ أليس ذلك رجوعا إلى الماضي ؟ صحيح أنه ليس الماضي الذاتي، ولكن هل يمكن الفصل بشكل مطلق بين الذات والموضوع ؟ ذلك مستبعد، لأن الذات منغمسة في الموضوع انغماسا كليا، لذلك من الصعب أن نفصل بين ذات دولوز وقناعاتها وأفكار هيوم في المتون والكتب التي ألفها دولوز عن دفيد هيوم، ومن ثمة فالذات حاضرة ومبثوثة حتى لو عملنا على قمعها وابادتها، بما فيها الذات الطفولية، وأحلامها ومتمنياتها، إن الطفولة خزان لا ينضب من التجارب، وكلما رجعنا إليها نشعر بعمق بالحياة لا تفاهتها، إن ارتباط طفولتي بالوادي(2 ) ، جعلتني أفهم في الحاضر أن الأحلام لا حدود لها، وكما استطاع الوادي أن يشيد أفقه نحو الحلم الأكبر الذي هو البحر، فإنني كإنسان صيرورة مترحلة لا تتوقف أحلامها، ولئن كان النهر مسارا ، فإني كذات أمثل صيرورة تنحو في كل الاتجاهات. وبالتالي لم تكن الطفولة عائقا لي، بل كانت دافعا قويا للاستمرار، وكلما رجعت بالقرب من النهر، أنهل الطاقة لكي أستمر، لا أبكي بكاء الأطلال وأقول أن الطفولة هي كل شيء .
----------------------------------------
المراجع :
(1 ) يمكن الرجوع إلى هذا الرابط : https://youtu.be/kJyFvNhnRY8

(2 ) وادي نهر النفيفيخ، يتموقع جنوب العاصمة المغربية الرباط بحوالي 60 كلم، وهناك قضى الكاتب طفولته.



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان، الوادي، الآبار، العيون في بني كرزاز (3 )
- الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في بني كرزاز (2 )
- الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في دوار بني كرزاز/ بنسليمان ...
- كلمات les mots
- متى تنزاح الثلوج عن قريتنا ؟
- من مراكش إلى ستي فاظمة
- الصهيونية حركة استعمارية وعنصرية
- قابعون في أديم الأرض
- رحلات مغربية : مذكرات عاشقين مشردين
- ردا على بعض مريدي الزاوية المباركة!
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...
- رحلات مغربية : جلسة مع التصوف (بحث عن الله ) . - نقطة تطوان-
- رحلات مغربية : طنجة في سطور
- رحلات مغربية : من الدار البيضاء إلى طنجة : الأم هي الجذر الذ ...
- لن يتمكنوا من إقبارنا !!
- اسم في الخلود وفعل في الشجاعة
- مشاهد من الشيخوخة
- مشاهد من المراهقة المتأخرة
- مشاهد من المراهقة


المزيد.....




- إيران: استئناف المفاوضات النووية مع الترويكا الأوروبية الأسب ...
- أوسيك يستعيد لقب الوزن الثقيل بفوز ساحق على دوبوا في ويمبلي ...
- ألمانيا تحيي الذكرى الـ81 لمحاولة اغتيال هتلر والانقلاب الفا ...
- الصين.. إجلاء مئات الأشخاص في هونغ كونغ إثر إعصار -ويفا- وسط ...
- مطالبة بتحقيق كامل.. ألمانيا تنتقد توزيع المساعدات في غزة
- ألبانيزي: النازية كانت الشر الأعظم وإسرائيل تتعمد قتل الأطفا ...
- شكوك وقلق أميركي متصاعد إزاء -تصرفات- نتنياهو
- دلالات زيارة البرهان وإدريس للخرطوم وتدشين عودة الحكومة
- هل يغيّر ترامب سياسته مع تصاعد الانتقادات في أميركا ضد إسرائ ...
- فيديو منسوب لـ-تحرك عشائر سعودية إلى السويداء- في سوريا.. هذ ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - الطفولة موطن للإبداع