أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسن الفواز - اديب كمال الدين محاولة في كتابة اللذة















المزيد.....

اديب كمال الدين محاولة في كتابة اللذة


علي حسن الفواز

الحوار المتمدن-العدد: 1481 - 2006 / 3 / 6 - 10:59
المحور: الادب والفن
    


يملك الشاعر أديب كمال الدين هاجسا من طراز خاص للمغامرة الوجودية عبر رغبته الكامنة في محاولة كشف خطابه الشعري على صياغة باطنية حلمية هي اشبه بالإباحة في التصريح وتلمّس ما يهجسه الايحاء من دلالات تتمظهر بين محموله اللغوي و لعبته الرمزية في تداول الحرف كمجس لحركة الرؤيا التي تبحث عن اصل اللذة وتمثلها كمعان وعلاقات يستحضرها الحرف عبر صور خلقه ودلالاته البصرية والايحائية في اللغة والجسد والدين والاسطورة .. فهو حريص على تشكيل علاقة بنائية خاصة في هذا المجال ، يستحضر فيها ما هو مغيب وغائر عبر استحضار الكثير من الثنائيات التي تجعل لعبته الشعرية مجذوبة الى الاستغراق في عملية ترميز متوالية ولعبة توليد لايجف فيها المعنى عن إنتاج صوره ودلالاته في المحسوس والتجريد .
وهذا التمثل الشعري يجد له نسقا ذات شكل ووظيفة هما فضاؤه الاستعاري الذي يشكّل فيه هاجسه في المغامرة مثلما هو مجاله ( الكنائي ) الذي يعيد فيه استعادة لاشعوره وباطنته الداخلية عبر نصوص موازية في نثريتها ،تجعله امام حريته وامام فكرة( الجمال الخالص) مثلما تحيله دائما الى الاشارة والتأويل وطقس اللذة وروح الجسد المتمظهر بقوة الخصب . وبهذا فان الشاعر يتعامل بحساسية فائقة مع دلالات الحرف وشفرته اللغوية باعتبارها المادة الحية التي تحيل الشاعر الى العالم الداخلي الضاج باللانهائي والمكشوف على حدوثات يتشكلن فيها الشعري عبر تركيبات صوتية وصورية محمولة على انتاج دلالات خاصة يضعها الشاعر من خلال استقصائه الصوفي والرمزي في سياق متدفق برؤاه المكشوفة على الاثير الباطني ،كما يقول عبد الله السمطي وهو يبادل ادواره في التعاطي مع السياق الجمالى في المعنى او الصورة .
ان تجربة الشاعر اديب كمال الدين قد وضعت نفسها في فضاء نصوصي عرفاني تتشكل فيه تجليات المعنى كبحث عن جوهر غائب او لذة غائبة هي جزء من مكونه العقائدي ورسالته التي يستحضرها دائما كشرط لذوّي للتعويض او رقية للانقاذ او خطاب للتعلية او خطاب في التقية ،، وهذا كله يتجسد عبر اشتغالات لغوية وعلاماتية تشكّل جملته فيها نوعا من الاستعارة المكتفية بذاتها رغم انتمائها لبيان النسق العام ، فضلا عن ما تحمله من ترجيعات صورية تنسج مرجعياتها من التاريخ النصوصي للمعنى الوارد في الفقه الامامي والاجتهاد الصوفي الذي يجعل الحرف والنقطة في اطار دلالي ورمزي هو اقرب الى حساسية الشاعر في الكشف عن لذته الخالصة للذوبان في طقوس الجسد العرفاني رغم توريته في الجسد الايروسي ..وازاء هذا يجد الشاعر نفسه في فضاء من الدلالات التي تمارس لعبتها في تفكيك بنية الجملة الشعرية الصورية الى بنيات ثانوية يمتزج فيها الهاجس الصوتي مع التشكيل الصوري لينسجا تشكيلا اشبه بتشكيلات الحروفيين في الرسم ، اذ يكتسب الحرف الايقوني والحرف الموصول مع اللون والكتلة صفات حسية وذهنية مثلما يحيل نفسه الى بنية صوتية هي في جوهرها النداء الخفي الذي يلامس المعنى والروح
عجب الحروفي من هذه الحاء
فلقد رآها مرة راقصة اسطورية
ومرة رآها توابيت عارية
ومرة رآها ذهبا وجمرا ودموعا
وسكاكين
فاحتار …….
ان هذه الحيرة هي المقابل لرؤيته القلقة التي تبحث عن مناجم الخارج ومالا يراه الغائب في لذته السرية والتي يمنحها صفات الكائن ،، فهي الراقصة والتوابيت العارية وهي الذهب والجمر والدموع والسكاكين ، وهذه الصفات هي ايضا طقس تعبدي ، لان حيرته مرهونة الى ما يمكن تمنحه ( الحاء) كحروفي من لذة واشباع وحكمة وبرهان .. ان تسارع الشاعر نحو رمزية الحرف وتوظيفه كمجس سحري في الوصول الى الذة والذروة والخصب يمثل استحضارا للتماهي مع طقس انثوي يضفي عليه سمات وعلامات ومحاسن هي في الاغلب جزء من لعبته في تأنيث الخارج ومراوداته اغواء وانشدادا
هذا الذي في داخلي مجنون
يتوسل بالكلمات ليسحرك
وبالنقاط ليفتنك
وبالحروف ،
فاخبريه ان زمننا اميّ
لايحسن القراءة والتهجي
لايحسن شيئا سوى التعري ..
لقد عمد الشاعر اديب كمال الدين عبر هذه التجربة الشعرية التي امتدت من مجموعته الشعرية الاولى ( تفاصيل ) عام 1976 الى مغامرة شعرية لاينقطع فيها النزوع الى استكناه ما يحمله المورث الصوفي من تشيكيلات بصرية وتفاصيل تدفع هذه العبة البصرية الى واجهة المعنى وتوهماته والتي جعلته عند لعبة الصانع الذي يمارس رؤية المكونات والمسافات ويعيد صناعتها تحت هاجس لذة اللامتناهي الذي هو جوهر لعبة الشعر او الحيرة ازاء الوجود ودخوله في تواليات الموت والولادة والخصب والكمون ،
ولعل استغراقه في النزعة الحروفية وتمثله لتشكيلاتها الصورية والبنائية يعكس استغراق رؤيته في البحث عن سرية الذة العرفانية ولذة الخصب وسحرها الكيميائي وهذا ما جعله قريبا من استكناه المكون الحروفي باعتباره الطاقة والقوة الرمزية والذي هو ايضا الشفرة التي تهجس بسرية المعنى وتكشف عن الالتباس ، وبهذا يكون الشاعر اقرب الى كتابة ( اللغة الجسدية ) التي تعيش فتنة الاغواء وترسم التكوين الحروفي بنوع من الاستمناء الداخلي الذي يجعل الشاعر في حالة من الحساسية الدائمة ازاء الجسد الحروفي ، وكأن الحرف يتحول هنا الى ايقونة فتشية كما يقول فرويد يستحضر معه لعبة اللذة ولعبة الاشباع الموهوم ، وهو ما يجعل الشاعر يمارس لعبة الهذيان الحروفي الذي يستجلب معه صيرورة الجسد المعلن والمخبوء ويشيء باكتماله وزواله في ضوء ما يستدعيه مت اشارات هي دالة المحو/ غياب الجسد وفنائه او هي المعنى المجرد الذي يجعله عند نص ( النقطة) باعتبارها البدء والخاتمة او النقيض للعجمة وهو كذلك الدافع للطقس التعبدي الذي يستحضر معه النزوع نحو المعنى النهائي/ السعادة في البكاء عند الولي السعيد كما يقول في قصيدته (محاولة في حقيقة النقطة)
من حقي ان أسأل
انا الذي ضاجعت النسيان على فراش بارد
كيف ظهرت الباء دامعة
وسط الياء والسين؟
كيف ابكي وانا الولي السعيد؟
ان تماهي الشاعر وذوبانه في شخصية الولي السعيد تعكس استعادته لصفات اناسية تجعله منفردا عن غيره في تلمس المعنى عبر سيولة الرمز الدائمة في الذات والشهود وكأنه هو الرؤيا الوحيدة التجعله امام علامية شعرية يختلط فيها الحرف بالمرأة وطقوس العبادة والصحو بتجليات الكائن الذى يبحث عن مباهجه الكبرى ،،واجد ان الشاعر في لعبته تلك لم يسع الى حروفية مجردة كما هي عند بعض السرياليين العرب وانما مارس نوعا فن الانغماس في عتمة الحرف محاولة منه في التماس انوثة اللغة وما يمكن ان تفصح عنه من تنويعات في الخبرة وفي تجليات الرؤيا المفتوحة على العالم مثلما هي مفتوحة على العرفان .. وهذا مايجعل الشاعر امام لعبة لايمكن ان تكون الاّ شعرا ، لانها تستشرف ما هو جوهري وروحاني والتي تجعله في نزوع دائب للقبض على اللذة الغائبة ، لذة التوسل والتعبد ولذة الانكشاف على البرهان ، وهذا على الاغلب يجعل السطوح ، اللغة والجسد والحرف برزخه الذي يؤدى الى حدسية ترى الاشياء وهي قيد التشكل او متورطة في الغواية او الخطيئة!
ايتها النون
عذبني جسدك
قادتني عيناك من صحراء الى صحراء
ومن غيمة خضراء الىغيمة حروف
إن البناء النثري للكيمياء الشعرية عند أديب كمال الدين ينطمس وجهه ألا بلاغي أمام كثافة التصوير والعناية الفائقة لصنعة هذه الصورة بما يجعل الكتابة مفتوحة على احتمال دائم في القراءة والتأويل والتوهم، وهذا ما يمكن عدّه في مقدمات قراءة الشعر الذي يكشف عن مستويات للحسي والذهني وتعويض النظام الصوتي للشعرية التقليدية بلعبة التكثيف التي هي ممارسة في الخرق الشعري !!
ففي قصائد (النقطة) مثلا ثمة حلول تعويضي داخل الجسد اللغوي في استعارة واضحة لخرق نسق الجملة ونسق المعنى من خلال شرط الكتابة التي تستبطن الصوت . وهذا الحلول ليس هو الفناء او التدنيس اوحتى حل عقدة (العجمة ) في الحرف ، بقدر ما هو السعي لاستحضار علاقة بصرية مغايرة تجعل الحرف مجسا في فضاء العتمة ، وهو الذي يهجس بتجليات اللذة والألم مع المرأة والعالم والذات والذي يمكن عده مقابلا للانهائي الذي يمتلك مزية الجريان باتجاه المعنى الواسع المنسوج بمعطيات ما يكشفه الحسي من اغواءات ، لكنها تظل مأ خوذة بنزوع التوحد مع ذات الخلق الالهية
استمر صعود النقطة عشرين عاما
بالتمام والكمال
خلالهاحلقت الطائرات مرتين
واحترقت مرتين
فاستبدلت رائي بالالف
وعيني بالدال ودالي بالياء والباء
واكتشفت الخمرة الالهية بدلا من الخمرة المغشوشة
لقد اكتسبت قصيدة اديب كمال الدين نوعا من الحصانة ازاء مغامرته الحسية الطاعنة بالتجلي واخذت كثافتها صفه التشبيه بالجسد العرفاني الذي يميل رغم حساسيته الى الافصاح عما في الداخل من لغة اخرى هي لغة الذات المتعالية التي تجد لذتها القصوى في كتابة تلك اللذة …



#علي_حسن_الفواز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدت وحيدا الى وجهي
- الثقافة العربية/ موت المركز
- المثقف00تراجيديا الاسئلة وكوميديا الاخطاء
- كيف نرمي الحجر على التكرار؟ كيف نصنع سؤالنا في الحداثة؟
- مراثي الجسد
- مطاع صفدي قراءة في اجندة المثقف الاشكالي
- امال موسى // الكتابة بشروط
- اعلامنا العربي حريات هاربة وحلول مؤجلة
- جمانة حداد الكتابة عند احتمال الحرية
- الشعرية الكوردية الجديدة انكشافات الجسد والمعنى الشاعر ئاوات ...
- ثقافة الاستبداد اوهام الدولة وخواء النخب السياسية
- الشاعرة رنا جعفر ياسين/ محاولة في الكتابة الحية
- هل انتهى عصر اليسار الثقافي
- صدمة الثقافة..اسئلة في صناعة الخيميائي
- عقيق مصري_مجموعة جديدة للشاعر شاكر لعيبي
- خزعل الماجدي_ الشعر الشرقي او الكتابة عند احتمال الجسد


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسن الفواز - اديب كمال الدين محاولة في كتابة اللذة