أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهور العتابي - من أرشيف العناية المركزة ( ٣)















المزيد.....

من أرشيف العناية المركزة ( ٣)


زهور العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 5774 - 2018 / 2 / 1 - 02:18
المحور: الادب والفن
    


العناية المركزة في الشهيد عدنان أفضل بكثير من نظيرتها في مدينة الطب ليس من ناحية الرعاية والاهتمام فالكوادر الطبية هنا و هناك كانوا بذات الحرص والمسؤوليه..الفرق فقط في المكان ف(rcu ) في الشهيد عدنان صمّم أساسا كعناية مركزة...الطابق ال(١٥) برمته هو عناية مركزة فالمكان هنا واسع ونظيف...كل سريرين وضعت بمكان واحد فيه حمام اضافة الى تواليت وهذه خاصة لمرافقي السريرين حصرا ...وهذه وحدها كافية لراحة المرافقين...ولا يوجد امامك أسرة لمرضى اخرين بل هناك كاونتر يقف خلفه الستاف وطبيب الخفر للمراقبة ..كما يحوي الطابق مطبخ خاص فيه كل المستلزمات لإعداد طعام المرضى (حساءهم الخاص) بدلا من اعداده في البيت.. من أجل هذا وبصراحة شعرت أنا بالراحة هنا اكثر....
من هذا المكان وفي صباحات أحد الأيام استنفرت الكوادر الطبيه بشكل كثيف لدخول خمس حالات في ان واحد... سيطرة للشرطة تعرضت لهجوم مسلح من قبل الجماعات التكفيرية فاستشهد من استشهد وجرح من جرح ..فجيء بالجرحى إلى العناية....فبينا انا كنت اطعم فرات اقبل د وليد نحوي وقال( ام فرات ممكن اطلب منك طلب ..قلت.. تفضل دكتور ..قال (اليوم اكيد عرفتوا جتنه حالات هواية اغلبها حرجه...واكو حالة اخرى لشاب مجهول الهوية بعمر ابنك فرات كلت اجيبه هنا يمك ادرين بالج عليه لان هذا مسكين ماعنده مرافق و..و) قال هذا فقاطعته ام نور تلك التي تقاسمني المكان مستنكره(دكتور وليد لعد اني وين تنقلني اني مرتاحه بمكاني الله يخليك.. قال مقاطعا ام نور الحالة تتطلب هالشي .ثم كل المكانات وحدة بالعناية شنو الفرق انتو لازم تتعاونون ويانه ..قال هذا بامتعاض ثم التفت الي مستكملا (ام فرات اني اختاريتك انتي لان اعرف حرصك وطيبتك...يمك اطمان عالمريض اكثر ام فرات ...وطبعا الستاف راح يساعدك...ها شنو رايك ؟) قلت له( دكتور ماعندي اي مانع بالعكس اني هاي اتمناها تمني) فاجابني( بارك الله فيك ام فرات هذا ما اتوقعته والله) صاح.. يله بشار ..محمد يله انقلوا ام نور بسرعة يم ابو عباس حتى تجيبون المربض هنا ...ما ان ذهب حتى صاحت ام نور معاتبة (هسة يا ام فرات ليش راسا وافقتي...اني شنو ذنبي راح ينقلوني من مكاني)...قلت( ام نور انتي شفتي د وليد شلون حاير ...ثم هذا خطية ماعندة مرافق لازم اني و انتي و الكل نداريه ) لم يسرها ما قلت وراحت تلملم أغراضها على عجالة لتغادر المكان ...وماهي إلى دقائق حتى جيء بمجهول الهوية مع .د.وليد وطبيب الباطنية ومجموعة من الممرضين زوّد بتيوب الانعاش ووضع على الاجهزة...مافهمته انه تم العثور عليه فجر اليوم ملقى على قارعة إحدى الطرق الخارجية وقد اصيب بطلقات نارية ..حملوه الى المستشفى و أجريت له عملية جراحية فاستوجبت حالته وضعه على أجهزة الإنعاش ..و بعدما اكمل الجميع عملهم همّوا بالخروج خاطبني أحد المعاونين الطبيين( ام فرات خلي بالك زين قاطعه د.وليد ( مو ام فرات الي تتوصه هيه تعرف شغلها .. اصلا هذا الانسان محظوظ اجه يم ام فرات ) .. بعد أن خرج الجميع دنوت من المريض ونظرت إليه طويلا ..شاب بعمر فرات مرتب واضح انه ابن ناس ..تالمت لحاله كثيرا قلت في نفسي (ياترى امك تدري بالي صار بيك!؟) قلت هذا وانا افتح الستارة التي تفصل بيننا وبينه وجعلت الكرسي في المنتصف.. جلست واخذت ارقب حالته.. تارة انظر إليه وأخرى الى الحبيب فرات.. شباب بعمر الورد يرقدون هكذا على هذه الأجهزة لاحول لهم ولا قوة..وولدي الذي كان يجب أن يكون هو الطبيب المعالج يرقد عليلا ميؤس من حالته !! شعرت برغبة شديدة في البكاء فاسدلت كل الستائر لأبكي لوحدي و يشهد الله لم اذق الطعام ذلك اليوم ابدا ....كانت الأيام الثلاثة الأولى علي صعبة جدا لان حرارة المريض ارتفعت كثيرا مما تطلب مني أن السهر وعمل الكمادت بصورة متواصله و مراقبة تيوب الإنعاش الذي في فمه لان هذا التيوب غالبا ما يزعج المريض واقل حركة منه لا ارادية فيها خطورة عليه اذ ربما يخرج عن مكانه المخصص فينقطع الأوكسجين عن الرئة فيحدث ما لايحمد عقباه وهو تلف الدماغ !! لذا كنت غاية في الحذر حتى اني اضطررت بعد يومين ان اربط يديه على جانبي السرير..وذاك ما كان يفعله الستالف في هكذا حالات ..كانت فعلا أيام صعبه .. في اليوم الاول اتصلت بولدي خلدون ليأتي العناية ويساعدني في المهمة فعلا جاء على وجه السرعة وبقي معي يوما بطوله... كنت اعتني به كعنايتي بفرات بل على العكس هو اكثر لان وضعه يتطلب متابعة. .البسته من تيشيرتات فرات ..اغسل له وجهه ويداه و..و كنت بمنتهى الراحة وانا افعل كل هذا ..حتى ان د.وليد كان يشيد بي كلما مر لمعاينته..هو طبيب حريص جدا على مرضاه. لذا كان بين فينه وأخرى يأتي ليطمان على وضعه ويقول ها ام فرات بشري مفاق مريضنه ؟ الأيام الأولى مرت دون نرى اي علامه لافاقة اي نعم انه بات يتحرك اكثر لكنها براي الاطباء حركات لا ارادية إلى أن جاء ذلك اليوم وحدث هذا منتصف اليل كنت اقرا القرآن سمعت شيء من التنهدات نظرت اليه فوجته يفتح عينيه..و بين الدهشة والفرح دنوت نحوه قلت له ( ها شلونك هسه ) أجابني بايماءه من رأسه..انه جيد ...المعروف عن تيوب الإنعاش الذي يوضع في فم المريض لا يجعل المريض قادرا على الكلام لانه يدخل حتى بداية القصبة الهوائية ..المهم ايماءته هذه اسعدتني جدا لأنها تعطي دلاله على ان وعيه جيد وبالتالي دماغه سليم ....قلت له( تعرف انت وين )..هز راسه نعم ..لكنه اشر إلى القران باصبعه فهمت انه يريد أن أسمعه القران ..فعلا سحبت الكرسي بجواره واخذت اقرا القرآن...اغمص عينيه ليسمع بخشوع ..بعد ان اتممت وضعت القران جانبا وبدأت اتكلم معه كيف عثر عليه و..و ..وسالته عن اسمه ...حاول أن يقول لكنه لم يستطع لفعل التيوب اتيته بورقة وقلم وطلبت منه أن يكتب اسمه .. رقم الموبايل .قلت له حتى نتصل بأهلك..استجمع قواه بصعوبة وبدأ يكتب.... اسمه عبد الرحمن واهله في الرمادي وكتب العنوان ....وما أن حل الصباح حتى بدأت بالعمل الدؤوب غيرت للاثنين التيشيرتاتو الشراشف فحين جاء موعد (التور ) كان المكان بمنتهى النظافة والترتيب. ..حضر دكتور وليد مع الستاف كالعادة كان وقتها عبد الرحمن نائما ..قال كعادته المكان الوحيد الي يريح هو مكان ام فرات ..ماشاءالله النظافة ..الريحة ..عاشت ايدج ام فرات شلونه مريضنه؟ قلت...لا دكتور بعد لتكول مريضنه كول شلونه عبد الرحمن ...صاح فرحا يا الله صحه!! ..تقدم نحوه ..قال احدهم ( ام فرات ليش مخبرتينه احنه جنّه كاعدين قاطعه د.وليد ..بالعكس زين سوت جان التمّن الحبايب..ياعيني كعد ...منا حكاية منا حكاية يتبعون المريض ...والله عفية زين سوت ام فرات ) ضحك الجميع ...صح دكتور فعلا خفت من هالشي وايضا ردت اول واحد اخبره هو انت ...تقدم نحوه محاولا ايقاضة فتح عبدالرحمن عينيه واخذ يكلمه وسط فرحة الجميع.....على وجه السرعة تم تبليغ اهل عبدالرحمن ... وصلت عائلته عصرا..امه وأبوه وثلاثة من اخوته وعلت اصواتهم المكان ما بين الهلع والقلق ودموع الفرح كونه على قيد الحياة .شدني مشهد اللقاء...كيف ان امه احتضنه وهي تبكي ثم جلست على الأرض غير مصدقه ...لم استطع إخفاء دموعي انذاك سحبت الستارة التي بين وبين عبدالرحمن لاعود لخصوصيتي بعد أن اصبح في أيدي أمينه بين احبته.. اهله وإخوته .....لم يمضي أسبوعان تماثل بعدها عبدالرحن للشفاء بعد ان تناوب على رفقته اخوته والذين رايتهم بمنتهى الخلق وكانوا يسألوني في كل صغيرة وكبيره حرصا وخوفا عليه..... خرج عبدالرحمن بعد اكتسابه الشفاء التام ...قبل خروجه دنا من فرات وبكى كثيرا وهو يقبله ماسكا بيده وهمس في اذنه (انهض فرات انت بطل ..اكعد .فرّح امك..تدري فرات انت عندك ام رائعة و..و ) ابكى الجميع وابكاني لكلماته لاعحب فهو انسان مميز ..طالب ماجستير بالهندسة الميكانيكية...ثم دنا نحوي وسلم وملأ عينيه دموع قال (امي ما اعرف شلون اجازيج ..راح افتقدك امي افتقد صوتك وانتي تقريلي القرآن .ابدا اني مسويت شي المهم كمت بالسلامة...خرج الجميع ..تركوني لدموعي التي خرجت عن الصمت هذه المرة.. نعم بكيت بحرقة وانا انظر إلى فرات اخاطبه ( فرات ماما بعد شتشوفني اكثر ).....
بقي أن اقول لكم ان عبد الرحمن لم ينقطع عن زيارتي ابدا ..لم يمر شهر إلا وهو أمامي وكل مرة كان يحمل ما لذ وطاب من طعام وفاكهة و..و طلبت منه اكثر من مرة أن لا يأتي خوفا عليه لان الطائفية على اشدها انذاك ...لكنه لم يابه لما اقول ..كان ياتي وكعادته يجلس وينظر لفئات طويلا و يقبله ويكلمه بذات الكلمااات الرقيقة المؤثرة تلك التي لم تختزلها ذاكرتي إلى اليووووم.....



#زهور_العتابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سخريات القدر ٢
- من سخريات القدر ....!!
- الحمدلله ....!!!
- من ارشيف العناية المركزة ( ٢ )..حالة الطفله لقاء ....
- قصص من الارشيف ...من الrcu .. ...قصة رقم (١)
- أيام وذكريات لا تُنسى .......
- صِحينَه ....
- نسينَه .....
- انتخابات... أم ماذا !!؟؟
- انَه موش انَه .......
- ارضَ بالنصيب ..وايّاك ان تحلم (٢)
- اقبل بالنصيب ..وايّاك ان تحلم
- هواي طيبين .....
- يا وطن يحبيّب..ابد لا تعتب..
- ندم .....
- ليتكِ تكوني قوية
- ماكو واهس
- يا وطن تعال نعيش...٢٠١٨
- وجع الفراق.... ٣١/١٢/٢٠& ...
- كون تمطر


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهور العتابي - من أرشيف العناية المركزة ( ٣)