أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نضال نعيسة - الزيغة والشلفون: من الثقافة والتراث السوري الساحلي الآرامي القديم؟














المزيد.....

الزيغة والشلفون: من الثقافة والتراث السوري الساحلي الآرامي القديم؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 5770 - 2018 / 1 / 28 - 01:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الزيغة والشلفون: من الثقافة والتراث السوري الساحلي الآرامي القديم؟
نضال نعيسة
هناك الكثير من الكلمات والمفردات والجمل والمصطلحات التي ما زالت سائدة ورائجة في سوريا، ويتكلمها الناس بتلقائية وعفوية في هذه الأرجاء دون معرفة مصدرها، ولها مكان معتبر في العقل والذاكرة والذهن الجمعي العام، وقد دلفت إلينا من آبائنا وحضارتنا السورية القديمة قبل أن تنالها حملات الأسلمة والتعريب والتطهير الثقافي الرعوي التي أتت على تلك الحضارات مع ثقافتها وتاريخها التليد القديم المطمور اليوم تحت طبقة سميكة قاسية من لغة جامدة فظة قاحلة جافة لا يستطيع أحد أن يتكلمها أو يتقنها، وتكاد تكون الفصحى نخبوية جداً جداً ومجرد طلاسم بالنسبة للناطقين بها.

وهناك، أيضاً، مصفوفة طويلة عريضة من هذه المصطلحات المحكية من أصول آرامية أو سيريانية وسورية قديمة ما زالت تحتل مكاناً هاماً في المفردات المستخدمة يومياً والحياة العامة، حتى اسم قرية كبيرة مثلاً "مشقيتا" هي آرامية أو "مسقيتا" وتعني الأرض المروية وقد نجت من سيف التعريب، أو "بشلامة" وتعني بيت السلام أو السلامة والأمان، وبكراما بيت أو "الكرامة" (باللغة الرعوية)،، و"بتغرامو" أرض أو بيت الحب والغرام وهكذا...وهذه دلائل على تأثير الآرامية بالعربية وليس العكس، فكل هذه الكلمات التي باتت "عربية" مسقي، غرامو، كراما (بالألف) شلاما(السلام أو السلامة والأمن)، هي من أصول سورية قديمة....(لاحظوا المستعربين يستخدومون سورية بتاء التأنيث لإخاء أصلها الآرامي وطمسه، أما الأصل الآرامي سوريا شوريا أشيريا ٍAssyriaأو Syriaوذلك لطمس أطولها السيريانية وتعني السيدة

واليوم استذكرت، أو استعملت هذه اللفظة على سبيل الدعابة مع صديق أكاديمي مرموق خارج سوريا، وكان يهم بطبخ "فروج" وقد أرسل لي صورته على الخطب، فتذكرت تلك الحياة الريفية القديمة البريئة العذراء قبل أن تتلوث بلغة وخطاب الرعاة البعثي البدوي الظلامي ولغتهم الفظة الغليظة البعيدة عن القلب، وحين وصلتني الصورة سألته: "ما استووا هالشليفين"، ففقع ضحكة مدوية ضج بها، وزلزل أصداؤها الواتس آب، وقال لي: "العمى بر*ك لك من وان جبتها؟"

وسأركز على كلمتي الشلفون والزيغة، فأما الشلفون، ومصدر الفعل شلف بالآرامي (لا استعمال رسمي أو حتى عامي لها بالعربية وينحصر استخدامها بالساحل فقط) أي رمى من دون تركيز، و"الشلف" أيضا أدواة زراعية، وهناك مثل قائل ضربة المعلم بألف ولو شلفها شلف"، أعتقد التضمين الـConnotation واضح.. فالشلفون Shalfoon هو الديك الذي لم يبلغ أو الديك الفتي وهنا دقة لغوية اصطلاحية تنطوي على ثراء مفهومي إيحائي غاية في الروعة والجمال إذا لا يمكننا إطلاق لفظة الديك على هذا الطير في مرحلة عمرية معينة كما هو الحال بالنسبة للصوص....(قد يشكل موضوع التداخل اللغوي العربي-الآرامي وهذا موضع بحث آخر ومستقل قد نعود له فيما لو توفر الوقت)..

والزيغة، وموجودة بالعربية أيضاً مصدر الفعل زاغ لكن ما هو الأصل؟، ولكنها لا تشير للزيغة، يا طويل العمر هو الدجاجة التي لم تبلغ وفي مرحلة عمرية قبل البلوغ أي أنثى الدجاج المراهقة وكان بعض "الزعران" و"السرسرية" يلطشون الفتيات أيام زمان ويقولون مثلا: "ليك هالزيغة" اللي عم تتمختر" وتزيغ النظر، أو "ما أحلاها هالزيغة بتجنن"، وذلك كناية عن الفتاة الصغيرة التي لم تبلغ مرحلة النضوج الجسدي والنفسي...وكنا نتدر أيام اشباب كثيرا بهذه المصطلحات المتوارثة والباقية من سوريا القديمة ولغتها الجميلة قبل الاحتلال والاستعمار الرعوي الظلامي....
وأما الشلفون الديك "المراهق" الذي لم يبلغ بعد مرحلة النضوج الجسماني ولم يصبح "ديكاً" بشكل رسمي وكانت تستخدم لتسقط أحيانا على البشر تقال للمراهق أو الفتي الذي لم يبلغ ويصبح رجلاً مكتمل الرجولة...وكان يقال: "ليك هالشلفون جاي عم يحكي"، أو "والله شلفن هالولد ولازم نزوجه"، أي بلغ مرحلة المراهقة، ,حين كان يسأل عن عدد الأولاد في الأسرة الواحدة كان يقال: "عنده جوز شليفين وتلات زيغات"، مثلاً أي ثلاث فتيان صغار وبنات مثلهم، وحين كان يريد أحدهم الزواج من فتاة يسمعون بها لكنها لم تكبر بعد فكانوا يقولون: "لا ولو ما خرج لساتها زيغة"، أي ليست صالحة للزواج.....وكانوا يسألون رب الأسرة: "ما شلفنوا هالأولاد وا بو علي مثلاً؟"....
أحيوا لغة أجدادكم السوريين القدما ومن الصباح اذهبوا إلى محل بيع الدجاج وقولوا له أريد أن أشتري هـ"الزيغة" أو هـ"الشلفون"، ومن ثم ترجموا له معناها إن كان من المستعربين أو ممن أجريت له عملية التعريب والتطهير اللغوي الثقافي"...
(هناك قصة قصيرة قديمة لي بنفس العنوان: زيغة وشلفون)
حفظتكم جميعاً الربة عشتار



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزهر ينتفض للثقافة الرعوية: وألف مبروك لتونس والعقبى لدولة ...
- آل سعود: الأحلام الإمبراطورية
- ألم يحن الوقت لإلقاء القبض على وزراء التربية والثقافة والعدل ...
- أنا سوري آه يا شحاري 2
- لا إله إلا براهما...رب العرض العظيم
- لإيلاف قريش: الغزو وعولمة البداوة
- إعلام البعث العروبي الظلامي البغيض وممارسة الفاشية والعنصرية ...
- لماذا بيت هامقداش ليست عربية ولا إسلامية؟
- احذر أن تكون بعثياً أو قومياً عربياً
- إيران: الدور الوظيفي المشبوه في المنطقة
- لماذا هامقداش* في خطر؟
- جعجعة القرن مقابل صفقة القرن
- العلمانية والإسلام: لماذا يرفض المسلم العلمانية؟
- مزاد القدس: احذروا عودة المدينة للعرب والمسلمين
- بلاغ إلى سيادة النائب العام المحترم/ سوريا عن عملية سطو وعدو ...
- السيد رئيس مجلس الوزراء: هل سمعت بهذه السرقة الموصوفة؟ هل سو ...
- قفشات سورية خالدة
- أوثانستان: عاصفة المناهج التربوية
- ثقافة الخوف: الرعب من المخابرات
- لسادة جنرالات الأمن المحترمين


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نضال نعيسة - الزيغة والشلفون: من الثقافة والتراث السوري الساحلي الآرامي القديم؟